2024-11-30 12:40 م

مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة... النيّات لا تكفي أمام تعنّت إسرائيل

2024-06-09

في ظل ظروف كارثية خلفتها حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وفي وقت حساس يستدعي تضافر الجهود الدولية لتخفيف المعاناة وتقديم الدعم اللازم، يعقد، غداً الثلاثاء، في الأردن، مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزّة بدعوة من العاهل الأردني عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بمشاركة قادة دول ورؤساء حكومات ورؤساء منظمات إنسانية وإغاثية دولية.

ويأتي عقد المؤتمر مع مواصلة إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، الذي خلف عشرات آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، ونحو عشرة آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، متجاهلة قراراً من مجلس الأمن يطالبها بوقف القتال فوراً، وأوامر من محكمة العدل الدولية تطالبها بوقف هجومها على رفح، واتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، و"تحسين الوضع الإنساني في القطاع". 

آمال بمشاركة فعالة
وبحسب بيان لوزارة الخارجية الأردنية أخيراً، فإن مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة يهدف إلى إيجاد خطوات عملية تضمن إيصال المساعدات الإنسانية والطبية الطارئة بشكل فوري ومناسب ومستدام، وتسريع وتنظيم عملية توفير المساعدات، وتحديد سبل تعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية في غزة، وتلبية الاحتياجات العملياتية واللوجستية ومختلف أنواع الدعم اللازم، وتأكيد الالتزام باستجابة جماعية منسقة للتعامل مع الوضع الإنساني الحالي في غزّة، واستدامة خطوط المساعدات وتهيئة ظروف تفضي إلى الإيصال الآمن لها وحماية المدنيين.

ويتطلع المنظمون إلى مشاركة فعالة من الدول والمنظمات المدعوة إلى مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة، بما يضمن تحقيق أهدافه وتوفير المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة للفلسطينيين الذين يعانون كارثة إنسانية غير مسبوقة جرّاء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وسيتضمن مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة ثلاث مجموعات عمل، ستركز نقاشاتها على توفير المساعدات الإنسانية للقطاع بما يتناسب مع الاحتياجات، وتجاوز التحدّيات التي تواجه إيصالها إلى غزة وحماية المدنيين، وأولويات التعافي المبكر.

إسرائيل عقبة
وفي هذا الإطار، يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات، لـ"العربي الجديد"، إن مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة ضروري جداً لأكثر من سبب، أهمها الحالة الكارثية التي وصل إليها الوضع في القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي، ومنع دولة الاحتلال وصول المساعدات الإنسانية والصحية إلى السكان، واستهدافها المرافق الحياتية، كالمؤسسات الصحية والتعليمية والخدمية، والبنى السكنية وغير ذلك، فهي التي تسببت بوصول الأوضاع إلى ما هي عليه الآن.

وبرأيه، فإن نجاح مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزّة يحتاج إلى موافقة إسرائيل بالدرجة الأولى على دخول المساعدات الإنسانية ومختلف المستلزمات التي يحتاجها القطاع، وهو ما لا يتوفر حالياً، بالإضافة إلى كيفية إدارة الفلسطينيين هذه المساعدات ووصولها إلى مستحقيها. ويعتبر شنيكات أنه يجب أن يكون هناك ضغط أميركي لنجاح مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة. لكنه يشير إلى أن واشنطن تعطي الأولوية القصوى لملف المحتجزين الإسرائيليين توازياً مع القضاء على حركة حماس، فيما عملية إدخال المساعدات لا تلقى اهتماماً كبيراً لديها، وهذا ما يفسر عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بالشكل الصحيح حتى اليوم، وهو الأمر الذي تسبب في تفاقم المجاعة وانتشار الأمراض.

مطالب دولية إشكالية
وفي هذا السياق، يقول الباحث الاستراتيجي الأردني عامر السبايلة، لـ"العربي الجديد"، إن حجم التوقعات من مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة يجب ألا يكون كبيراً، خصوصاً أن حجم الخلافات والتباين في الرؤى وعدم الوضوح كبير، وبالتالي إذا كنا نتفق على أن هناك أولويات، فيجب أن تكون في فكرة وقف الحرب وتوفير الإغاثة الانسانية المطلوبة، وإعادة الإعمار.
ويضيف: "يعقد مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة فيما لا تزال الأمور غير واضحة على الأرض، فجيش الاحتلال الإسرائيلي مستمر بعملياته". ويعتبر أنه على الرغم من أنه قد يكون من السابق لأوانه الحديث اليوم عن فكرة كيفية إنهاء الحرب، فإنه، في المقابل، من المهم وضع إطار عام وخطة مستقبلية للوصول إلى توافق دولي ومظلة دولية وتوفير تمويل للخطوات المقبلة، وهذا من الممكن أن يكون أهم نتائج يمكن الخروج بها من مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة في الأردن.

ويقول النائب الأردني السابق نبيل غيشان، لـ"العربي الجديد"، إن مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة هو الثاني من نوعه الذي تطرحه عمّان لمساعدة غزة. ويوضح أنه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، جرى في الأردن البحث، مع منظمات أممية ودولية، في سبل تنسيق الاستجابة الإنسانية، وبعد ذلك، بدأ وصول المساعدات إلى القطاع. وأشار إلى أن الهدف الأساسي الذي يدعو إليه ملك الأردن مع الشركاء هو مأسسة تقديم المساعدات.

ويتابع غيشان: اليوم قطاع غزة منطقة منكوبة تعرضت لإبادة وحشية، وهي بحاجة إلى مساعدات مستدامة لسنوات عديدة، ولا بد من ربط ذلك بإعادة الإعمار، ولذلك جرت دعوة أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية للمشاركة فيه. ويشير إلى أنه لم تبق في قطاع غزة مستشفيات أو مدارس أو مؤسسات خدمية قادرة على أداء دورها، فكل الإنجازات التي تحققت لم تعد موجودة على أرض الواقع.

ويرى أن الولايات المتحدة معنية بهذا الأمر، لأنها تريد أن تكون هناك يد دولية ترسل المساعدات وتنظم دخولها، وهي التي توزعها على الأرض، لأن الإشكالية اليوم في المطالب الدولية هي "اليوم التالي" بعد انتهاء الحرب، فالولايات المتحدة وأوروبا لا تريدان يداً للمقاومة أو حتى السلطة (الفلسطينية)، حيث تريان أنها عاجزة عن أن يكون لها دور في توزيع المساعدات على اللاجئين والمتضررين الفلسطينيين.

ويشير غيشان إلى أن الولايات المتحدة تعلم أن الاستقرار مستقبلاً يحتاج إلى تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي لأبناء غزة، وليس فقط الخدمات، بل الرعاية الاجتماعية والنفسية، فالشخص الذي أبيدت أسرته أو تعرض لإعاقة بحاجة إلى كل شيء، وهي تدرك أنه للمساعدة في التهدئة والذهاب إلى حل سياسي يرضي الفلسطينيين، لا بد من تحسين الوضع المعيشي.

المصدر: العربي الجديد