2024-11-05 08:40 م

تعذيب وحرمان من النوم-غوانتانامو الإسرائيلي.. قاعدة تعتقل فيها تل أبيب آلاف الغزيين..

2024-06-07

 كشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير أعده باتريك كينغزلي وبلال شبير، عما يجري في قاعدة عسكرية سجنت فيها إسرائيل آلاف الغزيين.

وقالا إن قاعدة سيد تيمان مليئة بالمعتقلين المعصوبي العيون، والمقيدين، ممن اعتقلتهم القوات الإسرائيلية بدون توجيه تهم لهم.

وقد جلس الرجال المعتقلون في صفوف، وهم معصوبو العيون ومقيّدو الأيدي، بدون قدرة على رؤية الجنود الذين كانوا يراقبونهم من الجانب الآخر من السياج. وهم ممنوعون من رفع أصواتهم، ومنعوا من الوقوف، أو النوم، إلا إذا طلب منهم ذلك. وبعضهم ركع كمن يصلي، وكان هناك معتقل يفحصه أحد المسعفين. وسمح لآخر بأن يزيل القيد ولو لفترة وجيزة لكي يغسل نفسه. مئات الغزيين جلسوا صامتين، وهم مقطوعون عن العالم، ومنعوا، ومن أسابيع، من الاتصال بالمحامين، أو أقاربهم.

وكان هذا هو المشهد، نهاية أيار/مايو، في قاعدة سيد تيمان، جنوباً، والتي تحولت إلى معتقل للفلسطينيين من غزة. وبحسب الجيش الإسرائيلي؛ فقد تم إحضار معظم الغزيين الذين اعتقلوا منذ بداية الحرب، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، للتحقيق معهم.

 وسمح الجيش الإسرائيلي الذي لم يسمح بزيارة القاعدة من قبل لنيويورك تايمز بزيارة قصيرة لأجزاء منها، ومقابلة قادتها والمسؤولين الآخرين، بشرط عدم الكشف عن هويتهم.وكانت قاعدة سيد تيمان مرةً ثكنة عسكرية معروفة، ولكنها تحولت الآن إلى مركز تحقيق مؤقت، ومركز اتهامات وإساءة للمعتقلين، واعتقال أشخاص تم التحقق لاحقاً ألا علاقة لهم بـ “حماس”، أو الجماعات المسلحة الأخرى. وفي مقابلات مع معتقلين سابقين وصفوا الضرب والانتهاكات الأخرى في القاعدة العسكرية. وبنهاية أيار/مايو، كان في القاعدة  4,000 غزي، قضى بعضهم أشهراً دون معرفة مصيرهم، بمن فيهم عدد من المعتقلين الذين تم احتجازهم في هجوم “حماس” ضد إسرائيل، حسب قادة عسكريين إسرائيليين قالوا إن نسبة  70% منهم ينقلون بعد التحقيق الأولي إلى سجن بني خصيصاً لمواصلة التحقيق وتوجيه التهم. أما البقية الذين تم التحقق من أنهم مدنيون، وعددهم 1,200 شخص، فقد أعيدوا إلى غزة بدون اتهامات، أو اعتذار، أو تعويض. وقال محمد الكردي (38 عاماً)، وهو سائق سيارة  إسعاف، وأكد الجيش أنه معتقل في سيد تيمان: “لم يعرف زملائي إن كنت ميتاً أو حياً”، و “اعتقلت 32 يوماً”، كما قال في تشرين الثاني/نوفمبر، بعد محاولة قافلة سيارات إسعاف المرور عبر نقطة تفتيش في مدينة غزة. ووصف مدة الاعتقال “بأنها بدت وكأنها 32 عاما”.

وقامت صحيفة “نيويورك تايمز” بتحقيق استغرق 3 أشهر، وقابلت فيه معتقلين سابقين وضباطاً إسرائيليين وأطباء وجنوداً عملوا في الموقع، وشمل أيضاً زيارة للموقع وبيانات قدمها الجيش عن المعتقلين الذين أفرج عنهم. ووجد أن 1,200 مدني قضوا في قاعدة سيد تيمان حوالي 75 يوماً في ظروف سيئة، وبدون فرصة للدفاع عن احتجازهم أمام قضاة. وحرم المعتقلون من المحامين، ولحوالي 90 يوماً، ولم يكشف عن مكان اعتقالهم من منظمات حقوق الإنسان، وكذا من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فيما يراه خبراء في حقوق الإنسان خرقاً للقوانين الدولية. وقال ثمانية معتقلين سابقين، أكد الجيش اعتقالهم في القاعدة العسكرية، إنهم  تعرضوا للتعذيب باللكم والركل والضرب بالهراوات وأعقاب البنادق وأجهزة الكشف عن المعادن المحمولة .

وقال أحدهم إن أضلاعه تكسرت بعدما ركع على صدره. وقال معتقل ثان إن أضلاعه تكسرت بعد ضربه بأعقاب البنادق، وهو ضرب، وقال معتقل ثالث إنه حدث أمامه.

وقال سبعة من المعتقلين إنهم أجبروا على ارتداء حفاظات أطفال، وثلاثة قالوا إنهم تعرضوا للصعق الكهربائي أثناء التعذيب.

 وتشبه الاتهامات تلك التي جمعتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والتي قابلت عشرات من المعتقلين العائدين، وتحدثوا عن انتهاكات واسعة في سيد تيمان والمعتقلات الإسرائيلية الأخرى، بما فيها الصعقات الكهربائية.

 وتحدث جندي إسرائيلي عمل في القاعدة أن زملاءه تفاخروا  دائماً بضرب المعتقلين، وشاهدَ إشارات عن تعرض عدد من الأشخاص لسوء معاملة. وقال الجندي إن معتقلاً عولج في المستشفى الميداني الملحق بالقاعدة، وأُخذ آخر خارج القاعدة وعاد بأضلاع تنزف. وقال الجندي إن شخصاً مات في سيد تيمان متأثراً بجراح في الصدر، ولا يعرف إن كان أصيب قبل أو بعد وصوله القاعدة.

ومات 35 شخصاً اعتقلوا في القاعدة من بين 4,000 يحتجزهم الجيش منذ تشرين الأول/أكتوبر، أو بعد إحضارهم لمستشفيات مدنية قريبة. وقال الضباط إن بعضهم مات بسبب جروح أصيبوا بها قبل احتجازهم أو أمراض. ويقوم المدعي العسكري بالتحقيق في الوفيات. وقال الأطباء للصحيفة، أثناء الزيارة الشهر الماضي، إنهم لم يعاينوا أبداً إشارات تعذيب، وقال القادة إنهم حاولوا معاملة المعتقلين بإنسانية قدر الإمكان.

وبدأت القاعدة، في الأسابيع الماضية، تجذب انتباه الإعلام، وبخاصة تحقيق سي أن أن الذي أشار إليه البيت الأبيض والمحكمة الإسرائيلية العليا التي بدأت بالاستماع لعرائض مقدمة من منظمات حقوق الإنسان تطالب بإغلاقها. وردت الحكومة الإسرائيلية بأنها تقوم بتخفيض عدد المعتقلين في القاعدة، وتعمل على تحسين الظروف فيها، وأنشأت لجنة تحقيق. ورد الجيش الإسرائيلي على تحقيق الصحيفة ببيان طويل أنكر فيه “انتهاكات منظمة” في سيد تيمان، وأن ما ورد فيه “غير دقيق ولا أساس له”، وربما اختلق بضغط من “حماس” بدون تقديم تفاصيل إضافية.

وفي رده، أكد جهاز الأمن الداخلي “شين بيت”، في بيان مقتضب، أن كل التحقيقات تمت بناء “على القانون”.

وقال يوئيل دوشين، الطبيب في الموقع، إنه لا يعرف لماذا اعتقل الجنود الإسرائيليون الكثير من الأشخاص الذين عالجهم هناك، وبعضهم لا يحتمل أنهم مقاتلون، وأحدهم مقعد، وثان وزنه 300 رطل، وثالث يستخدم، منذ ولادته، أنبوب تنفس مزروعاً في رقبته: “لماذا أحضروه، لا أعرف”.

وقال فادي بكر، طالب قانون في مدينة غزة، إنه اعتقل في 5 كانون الثاني/يناير قرب بيت عائلته. ونزح بسبب القتال، حيث عاد بكر (25 عاماً) إلى حيّه بحثاً عن الطحين، ليعتقل وسط القتال، ويجرح. وكان ينزف بعد توقف القتال، وجرده الجنود من ملابسه، وصادروا هاتفه وما لديه من مال، وضربوه بشكل متكرر، واتهموه بأنه مقاتل نجا من المعركة. وهُدِّد بكر من الجنود: “اعترف وإلا أطلقنا النار”. وتذكر بكر وهو يقول للجنود: “أنا مدني”.

وتشبه ظروف اعتقال بكر تلك التي اعتُقل فيها آخرون اشتبه بهم الجنود واعتقلوهم في مناطق اعتقد الجيش أن مقاتلي “حماس” يختبئون فيها. واعتقل يونس الحملاوي (39 عاماً)، الممرض الكبير، في تشرين الثاني/نوفمبر، بعد مغادرته مستشفى “الشفاء”، الذي قالت إسرائيل بأنه مركز لـ “حماس”، واتهمه الجنود بعلاقات مع “حماس”. ووصف المعتقلون الثمانية اعتقالهم بنفس الطريقة، فقد تم تعصيب أعينهم، وتقييد أيديهم بقيد بلاستيكي، وجردوا من ملابسهم، باستثناء ملابسهم الداخلية.

 وقال معظمهم إنهم تعرضوا للتحقيق والضرب على الوجه والركل وهم في غزة. وقال بعضهم إنهم ضربوا بأعقاب البنادق. وبعد ذلك تم حشرهم مع بقية المعتقلين في شاحنة عسكرية، ونقلوا إلى سد تيمان. وقضى بعضهم وقتاً في السجون الإسرائيلية، فيما أعيد الآخرون إلى غزة مباشرة. وتعرض بكر لتحقيق مستمر لمدة أربعة أيام: “أعتقد أنها أسوأ أيام في حياتي”.

 وكانت قاعدة سيد تيمان مركزاً لاعتقال عدد من الغزيين في الحروب السابقة، وهي مركز للعربات العسكرية، واختيرت لأنها قريبة من غزة. وتم احتجاز عدد ممن اعتقلوا أثناء هجوم “حماس” على إسرائيل، في تشرين الأول/أكتوبر.

 وبنهاية أيار/مايو، تطورت القاعدة لمركز اعتقال يشمل على مكان المعتقلين ومستشفى ميداني لمعالجة المرضى منهم وخيمة للتحقيق. ويتم احتجاز من قالت إنهم “مقاتلون غير قانونيين” في سيد تيمان لمدة 75 يوماً، بدون حقوق قانونية، و90 يوماً بدون الحصول على محامين أو محاكمة.

وقال القادة إن الترتيبات توافق ميثاق جنيف لمعاملة الأسرى، وإن حرمان المعتقلين من المساعدة القانونية كان ضرورياً لمنع المعتقلين إرسال رسائل لقادتهم في غزة. وبعد الانتهاء من التحقيق يتم تحويل من يشتبه بهم بأن لهم علاقات بالمسلحين إلى موقع آخر، والمدنيين للسجون المدنية الإسرائيلية.

 ولم تكن الحياة سهلة في معتقل سيد تيمان، حيث قال بكر إنه  أجبر ومئات من المعتقلين على الجلوس على بساط والقيود في أيديهم لمدة 18 ساعة في اليوم، وعرضة للمطر والبرد وتحت أعين الحرس. وكان كل المعتقلين بالقيود، باستثناء شخص واحد يعرف بـ “الشاويش”، الذي يعمل كوسيط بين الحرس والمعتقلين، حيث يساعد المعتقلين على الذهاب إلى الحمام.

وقال قادة القاعدة إن المعتقلين يسمح لهم بالوقوف كل ساعتين، والنوم ما بين 10 مساء إلى 6 صباحاً، والصلاة في وقتها. وسمح لهم بفك قيودهم لفترة، قبل أن تعاد بسبب عدم التزام المعتقلين بالأوامر.

وبسبب التعب بعد الرحلة من غزة نام بكر وهو جالس، ما أدى لاستدعائه وضربه من ضابط، قائلاً: “هذا جزاء أي شخص ينام””. وذكر آخرون عقوبات مماثلة ولأتفه الأشياء، مثل رفيق ياسين (55 عاماً)، الذي ضرب على بطنه لمحاولته النظر من تحت عصابته، وصار يتقيأ الدم، وعولج بمستشفى في بئر السبع.