تحوُّل مهم فرضته المقاومة الفلسطينية ليل السبت 25 مايو الجاري، بالإعلان عن عملية أسر جديدة لجنود إسرائيليين خلال عملية استدراج وقعت في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة، قال إن مقاتلي الكتائب نفذوا عملية مركبة شمال غزة عصر أمس السبت، استدرجوا خلالها قوة "إسرائيلية" إلى أحد الأنفاق، وأوقعوا أفرادها بين قتيل وأسير.
عملية الأسر الجديدة التي وثّقتها الكتائب في غزة، صفعة جديدة لحكومة الحرب الإسرائيلية، تضعها في مأزق حقيقي، وأمام خيارات صعبة، فما السيناريوهات المحتملة لما بعد هذه العملية؟
صيد ثمين
في 11 مايو الجاري أعلن جيش الاحتلال تنفيذ عمليات في جباليا شمال قطاع غزة، بعد أن طلب من السكان إخلاء منازلهم، بحجة استعادة أسراه من أيدي المقاومة، وضرب البنية التحتية لـ"حماس".
لكن وبعد أسبوعين نجحت المقاومة في أسر عدد من جنود الاحتلال الذين ذهبوا لاستعادة الأسرى، في واقعة- بلا شك- سيكون لها تأثير على مجريات العمليات العسكرية في قطاع غزة، وعلى المشهد السياسي في "إسرائيل".
فأَسر الجنود الإسرائيليين، بعد مضي 231 يوماً على العدوان، وفي جباليا التي سبق أن دخلها جيش الاحتلال وانسحب منها قبل أشهر، يؤكد أن المرحلة المقبلة من الحرب ستكون أكثر صعوبة.
المتحدث باسم "القسام" أبو عبيدة، أشار إلى أن "مقاتلي الكتائب أوقعوا أفراد القوة الإسرائيلية في كمين داخل أحد أنفاق جباليا، حيث اشتبكوا معها في مدخل النفق من مسافة صفر، وأوقعوا أفرادها ما بين قتيل وجريح وأسير، واستولوا على العتاد العسكري".
لكن جيش الاحتلال نفى وقوع أي عملية أسر أو "اختطاف لجنوده" في غزة، إلا أن المشاهد الحيّة التي بثتها المقاومة تؤكد الواقعة، ما يعني أن الواقعة تمثل عنواناً للفشل الإسرائيلي في غزة.
عمليات الأسر تأتي بعد أيام من تصريحات أطلقها رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي من جباليا، والتي تعهد خلالها باستعادة الأسرى وجثث من قُتلوا منهم.
سيناريو التصعيد الميداني
حتى اللحظة ليس ثمة تحرك إسرائيلي غير اعتيادي، فجيش الاحتلال يواصل هواية القتل وارتكاب المجازر منذ 7 أكتوبر، كما أنه نفى الليلة الماضية، في بيان، واقعة الأسر التي أعلنت عنها كتائب القسام.
ويبدو أن جيش الاحتلال وقع في ورطة بعد بيان كتائب القسام الأخير؛ ففي حال كتم الحقيقة فإن مأزقه الداخلي أمام المعارضة وأمام عائلات الأسرى والجبهة الداخلية سيصبح ثقيل الوطأة، وفي حال اعترفت حكومة الاحتلال بالواقعة فلا بد لها أن ترد، وهذا ما يذهب إليه المحلل السياسي الفلسطيني، عصمت منصور.
وقال منصور في تصريح لـ"الخليج أونلاين": "إذا ثبت ما بثته كتائب القسام، فإن جيش الاحتلال قد يبدأ حملات انتقام، وقصف عشوائي للتغطية على هذا الانكسار، رغم أنه في قرارة نفسه، سيدرك أن الوقت قد حان لعقد صفقة".
من جانبه، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي حاتم الفلاحي، أن "عملية أسر الجنود الإسرائيليين عملية فارقة في هذه الحرب، لأن من جاء لإنقاذ الأسرى أصبح أسيراً! وهذا يؤكد فشل استراتيجية التصعيد العسكري التي أقرتها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".
سيناريو انفجار الجبهة الداخلية
وما إن أعلن المتحدث باسم كتائب القسام عن عملية الأسر الجديدة للجنود الإسرائيليين، وبثه مشاهد حية تُظهر أحدهم مضرجاً بدمائه، حتى استشاط الشارع الإسرائيلي غضباً، وخرجت مسيرات غاضبة في تل أبيب ومدن أخرى.
وردَّد المتظاهرون شعارات منددة بحكومة نتنياهو، ومطالبة برحيلها والتوجه سريعاً لعقد صفقة عاجلة لاستعادة الأسرى، وإنهاء الحرب، وحماية أرواح الجنود.
وحرصت كتائب القسام على توجيه رسالة دقيقة إلى عائلات الأسرى الإسرائيليين، وخاطبتهم قائلةً: "نقول لعائلات الأسرى: ترقبوا ما سننشره حول ما يفعله جيشكم بأبنائكم بأوامر من نتنياهو".
ووفقاً للمحلل السياسي عصمت منصور، ستكون هناك "تداعيات معنوية وعملياتية خطيرة، خاصةً أن أهالي الجنود لم يعودوا يثقون بالجيش وبأنه يتعامل بنزاهة ومصداقية مع جنودهم".
تعزيز موقف المقاومة
ويعتقد المحللون على نطاق واسع أن هذه العملية ستشكل دفعة معنوية كبيرة سياسياً وعسكرياً وميدانياً للمقاومة، وكذلك للشعب الفلسطيني، الذي خرج في أرجاء الضفة الغربية محتفلاً بإعلان أسر مزيد من الجنود الإسرائيليين.
ويقول عصمت منصور، إن هذه العملية التي أعلنت عنها المقاومة "ستمنح دفعة معنوية لحركة (حماس) والمقاومة، وقطعاً ستنعكس على المفاوضات التي يتم التحضير لإطلاقها مجدداً".
ويشير إلى أن "عملية الأسر الجديدة تمثل تاريخاً جديداً يضاف لنكسات إسرائيل في هذه الحرب بعد 7 أكتوبر، وكذلك 27 أكتوبر تاريخ بدء العملية البرية في غزة".
كما يعتقد أنها تمثل "الرصاصة الأخيرة التي تطلق على رأس العملية البرية الإسرائيلية"، موضحاً أيضاً أنها "تثبت فشلاً ذريعاً عسكرياً واستخباراتياً وأمنياً للجيش الإسرائيلي وقواته في قطاع غزة".
المصدر: الخليج اون لاين