2024-11-23 01:14 م

مخاوف من استخدام إسرائيل الرصيف الأمريكي العائم كستارة لغزو رفح

نشرت صحيفة ” الغارديان” تقريراً أعدّه مراسلها في واشنطن جوليان بورغر قال فيه إن الرصيف البحري الذي تبنيه القوات الأمريكية قبالة شاطئ غزة لن يكون سوى “ستار دخان” لغزو إسرائيل مدينة رفح، وسط قلق من المنظمات الإنسانية على الحالة الإنسانية في قطاع غزة، وخاصة شماله، حيث استطاعت إسرائيل حرف اتجاه الرصيف عن الشمال الذي يواجه مجاعة.

 ومع قرب انتهاء بناء الرصيف العائم الضخم في شرق البحر المتوسط، حيث سيتم ربطه بشاطئ غزة، تزايدت المخاوف من أن المشروع الأمريكي لن يكون مهماً ومساعداً في احتواء المجاعة التي تعاني منها غزة.
وأشار الكاتب إلى مظاهر القلق بين منظمات الإغاثة الإنسانية، وأن إسرائيل قد سيطرت على خطط الرصيف الذي أعلن عنه الرئيس جو بايدن لتخفيف المعاناة الإنسانية في القطاع، حيث قال مسؤول في الإغاثة إن المشروع في خطر التحول لستار إسرائيلي وغزو مدينة رفح المخطط له.

وقامت سفن البحرية الأمريكية ببناء الرصيف العائم، ومن المتوقع أن يبدأ العمل في بداية أيار/مايو، وبحسب عدد من مسؤولي الإغاثة، فإن الخطة الحالية لا تهدف لتوجيه الرصيف نحو شمال غزة، حيث يعاني السكان من تهديد المجاعة، ولكن نحو نقطة تقع في منتصف غزة، حيث يوجد للجيش الإسرائيلي حضور قوي.

وهذا يعني مرور المواد الإغاثية من الرصيف عبر معبر نتساريم، وهو طريق عسكري يقوم بقسم القطاع إلى شطرين، ويمثل نقطة اختناق للمساعدات الإنسانية إلى الشمال من القطاع.

ويخشى مسؤولون في الأمم المتحدة، وفي الإغاثة الإنسانية، من استخدام الرصيف لحرف المواد الإنسانية عن الشمال إلى الجنوب، وتقديمها لأكثر مليون نسمة لجأوا إلى رفح، حيث تريد إسرائيل منهم الانتقال إلى مناطق أخرى، لكي تقوم بعملية ضد ما تقول إنها كتائب لـ “حماس” في هذا الجزء الجنوبي من القطاع.

وتعني الحملة العسكرية المخطط لها إغلاق معبر رفح وكرم أبو سالم، ولو مؤقتاً، أمام المساعدات الإنسانية التي تنقل براً. وعليه سيستخدم الرصيف العائم الأمريكي كبديل، وفي نفس الوقت تخفيف الضغط عن إسرائيل لكي تفتح معابر الشمال من أجل دخول المواد الإنسانية الضرورية.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة: “إحدى نقاط الجدل لبناء الرصيف هي جعله قريباً من الشمال حتى تصل المواد الإنسانية مباشرة إلى هناك”، و”لكن ما هو مقترح هو مجرد ستار دخاني بشكل يعطي إسرائيل القدرة على غزو رفح”.

وتقول الصحيفة إن مقترح بايدن للرصيف العائم جاء في خطابه عن حالة الاتحاد، في 7 آذار/مارس، وقدّمه على أنه خطوة حاسمة لإيصال المساعدات الإنسانية: “سيساعد هذا الرصيف المؤقت على زيادة كبيرة لحجم المساعدة الإنسانية الداخلة لغزة كل يوم”.

وقدمه مسؤول أمريكي، في حينه، بأنه خطوة لتوصيل المساعدات بدون تدخّل القوات الإسرائيلية: “لن ننتظر الإسرائيليين” لتقديم الإذن عبر المعابر، كما قال. وبدا من الواضح أن تأثير إسرائيل الأمني في غزة منحها الفرصة لكي تحدد مكان الرصيف.

وتشير الصحيفة إلى أن ضرب قافلة للمطبخ المركزي العالمي، في 1 نيسان/إبريل، جعل الأمن من أهم المعوقات أمام أي عملية إغاثة إنسانية مستقلة. وتشمل الخطة الأمريكية رصيفاً عائماً مثبتاً بقاع البحر، حيث تفرغ السفن حمولتها، ورصيفاً مرتبطاً بالشاطئ بطول 500 متراً، حيث تقوم القوارب الصغيرة بنقل الشحنات من الرصيف إلى المرسى على الشاطئ. والخطة هي تحميل 200 شاحنة كل يوم محمّلة بحوالي 2 مليون وجبة إلى غزة من البحر.

إلا أن الولايات المتحدة لم تجب على سؤال من سيقوم بتوزيع الطعام في غزة، حيث ظل السؤال محلاً للنقاش حتى أسابيع، عندما أعلنت وكالة المساعدة الأمريكية “يو أس إيد” عن اتفاق مع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة للقيام بالمهمة. لكن الاتفاق كان مثار جدل داخل الأمم المتحدة نفسها، حيث اتفقت وكالاتها في السابق على ضرورة تمرير كل المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا، وهي المنظمة التي تحاول إسرائيل تهميشها. ويبدو أن إعلان الجمعة لم يكن النهائي، وأن هناك الكثير من التفاصيل الواجب ترتيبها.

وبحسب متحدث باسم “يو أس إيد”: “لا يزال الحوار العملياتي متواصلاً مع برنامج الغذاء العالمي، وللتأكد من سلامة وديمومة المساعدة الإنسانية للفلسطينيين في غزة بطريقة مستقلة وحيادية”، وأضاف: “هذه عملية معقدة تتطلب التنسيق بين عدد من الشركاء والحوارات مستمرة”.

وكان برنامج الغذاء العالمي أكثر حذراً، حيث قال المتحدث باسمه: “وافقت الأمم المتحدة للعمل مع الولايات المتحدة وبقية الشركاء  في الممر البحري كطريق إضافية لمساعدة غزة، وبشرط التأكد من المبادئ الإنسانية، وتوسيع الممرات البرية”.

وتشعر منظمات الأمم المتحدة بالعصبية للعمل في آلية يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. وقال مسؤول في الأمم المتحدة: “سيكون المفهوم الذي ستخلقه بأن الإغاثة الإنسانية تعمل مع الجيش الإسرائيلي، وبأي طريقة، مدمراً لسمعة الإغاثة الإنسانية في غزة. وسيُنظر إلينا كمتعاونين”. و”ستترك بالطبع أثرها في ما يتعلق بالسلامة، والقبول داخل غزة”.

ويقول ستيفن موريسون، نائب مدير المركز للدراسات الإستراتيجية والدولية، إن الأمم المتحدة قاومت، وبشدة، الفكرة، و”لكن يتم شدّهم وجذبهم”، و”ما هو غير واضح، هل سيقود هذا لإضعاف وتهميش أكبر لأونروا؟”.

وفي الوقت نفسه، هناك بدائل موازية تحت النقاش، واحدة تقدمت بها شركة اسمها فوغبو، والتي يشترك فيها جنود سابقون في القوات الخاصة وضباط في سي آي إيه ودبلوماسيون سابقون ومدراء سابقون في صناديق استثمارية ومسؤولون سابقون في الأمم المتحدة. وتقوم خطة فوغبو على استخدام ثلاث عبارات تستطيع حمل 175 شاحنة، وتبحر مباشرة من قبرص إلى شاطئ غزة. وستصل عبارات فوغبو إلى الشاطئ قريباً من الرصيف الأمريكي والمحيط الأمني الإسرائيلي، ولكن شمال معبر نتساريم.

 وتتطلع الشركة للتعاون مع رجال أعمال فلسطينيين، بمن فيهم بشار المصري، للمساعدة في تخزين الطعام وتوزيع المساعدات.

 وتشكلت فوغبو في عام 2022 بفكرة تقديم مساعدة إنسانية خاصة في ظروف صعبة، وتم تناسي الفكرة ليتم العودة إليها في 2023 بعدما أصبح الوضع في غزة كارثياً. ومع أن عملية فوغبو ستكون الأولى، إلا أن طاقمها لديه خبرة، على ما يعتقد، بالعمل اللوجيستي في الظروف الصعبة.

ويقول موريسون من المركز للدراسات الإستراتيجية والدولية: “هؤلاء هم من النوع الأمريكي الفظ، ويمكنهم التعامل مع المفتشين الإسرائيليين، ويمكنهم التعامل مع الفلسطينيين، والتحدث مع القبارصة، وباستطاعتهم تنظيم حمولة السفن، ويمكنهم التواصل مع الولايات المتحدة”.

وأنشأت فوغبو فرعاً إنسانياً لها في جنيف، ويديره دبلوماسي أمريكي سابق، وهو كاميرون هيوم.

وتجوّل فريق الشركة حول العالم من أجل الحصول على الدعم، ويعتقدون أنهم حصلوا على تعهدات من دول الخليج وأوروبا.

وعمل معظم طاقم فوغبو في إسرائيل أثناء عملهم للحكومة الأمريكية، ويحاولون استخدام علاقاتهم مع الجيش الإسرائيلي لإنشاء ممر بحري خاص إلى غزة، وربما أداروا الرصيف العائم حالة انسحب الجيش. وربما منحت فوغبو بديلاً لإسرائيل عن أونروا أو السلطة الوطنية اللتين لا تريد التعامل معهما.

إلا أن عمال الإغاثة الإنسانية يشعرون بالقلق من دخول شركة خاصة إلى ساحة العمل الإنساني، حيث ستتنافس على المصادر النادرة من الشاحنات والسائقين لتوزيع الطعام حول غزة، وكذا الوقت والاهتمام للتفتيش الذي تشرف عليه  إسرائيل في ميناء لارنكا القبرصي.

ولو بدأ العمل في الرصيف الأمريكي، فسيفرض تحديات كبيرة ومكلفة للغاية وبطئاً في توزيع المواد الإنسانية.

ويقول زياد عيسي، مدير السياسة في منظمة “أكشن إيد يو كي”، إن مشاركة القطاع الخاص مهمة لدعم منظمات الإغاثة الإنسانية، لكن يجب احترام مبادئ الدعم الإنساني. وأضاف أن المشكلة الحقيقية هي من سيقوم بتوزيع المواد الإنسانية على الأرض، كما أن الوقت الذي يستغرقه جعل هذا الممر عملياً لن يفي باحتياجات الجياع الآن.

ويرى عمال الإغاثة أن هناك طريقاً أرخص وأسهل لنقل المواد الإنسانية إلى شمال غزة، وبراً، حالة فتح المعابر الشمالية إليه، لكن إسرائيل تواصل الحصار، ومنعت الشاحنات من الدخول.

وتقول جولييت طعمة، مديرة الاتصالات في أونروا: “هناك طريقة أسهل وأسرع وأفعل وأرخص للوصول إلى الناس في الشمال”، و”هي سهلة جداً وواضحة، وكل ما تحتاج إليه هو الإرادة السياسية”.

المصدر: القدس العربي