2024-11-22 02:15 م

التطبيع بين السعودية والاحتلال بمراحله النهائية وهذا هو العائق

يبذل البيت الأبيض جهودا مضاعفة لتحقيق اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي، حيث يسعى بايدن للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي طويل الأمد في الأشهر المقبلة.

ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرًا ترجمته "عربي21"، يسلط الضوء على جهود البيت الأبيض للتوسط في تحقيق هذا الاتفاق، وأشار التقرير إلى أن مسؤولين أمريكيين وسعوديين صرحوا بأن إدارة بايدن تسعى للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي يضغط على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبول التزام جديد بإقامة دولة فلسطينية مقابل اعتراف الرياض دبلوماسيا بإسرائيل.

وللاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي، يعرض البيت الأبيض على الرياض علاقة دفاعية أكثر رسمية مع واشنطن، والمساعدة في الحصول على طاقة نووية مدنية، والدفع مجددًا لإقامة دولة فلسطينية - وهي حزمة يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم في المراحل النهائية من التفاوض عليها.

أكدت الصحيفة أن هذه الجهود تقدم للاحتلال جائزة طالما سعى إليها: اتفاق تطبيع تاريخي مع الرياض، أقوى جار عربي له.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الجهود الناجحة التي بذلتها عدة دول لإسقاط الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية يوم السبت يوضح لإسرائيل أن أمنها ضد التهديدات القادمة من طهران يمكن تعزيزه من خلال التكامل الوثيق مع السعودية.

وبالنسبة للرئيس بايدن، فإن هذه المناورة توفر فرصة لتحقيق انفراجه دبلوماسية كبيرة في منتصف سنة الحملة الرئاسية، وهذا من شأنه أن يوسع اتفاقيات التطبيع التي أبرمها خصمه دونالد ترامب عندما كان في منصبه، والتي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب.

وأفادت الصحيفة بأن إقناع نتنياهو بتبني محادثات بشأن إقامة دولة فلسطينية لا يزال يمثل عقبة صعبة؛ حيث يعارض الأعضاء اليمينيون في حكومته والكثير من الجمهور ذلك بعد هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.

لعقود من الزمن قال قادة السعودية إن إقامة دولة فلسطينية أولوية بالنسبة لهم، وقال كبار دبلوماسييها إن إيجاد طريق لحل الدولتين هو جزء من ثمن التطبيع، وأشار مسؤولون سعوديون سرًا للولايات المتحدة الآن بأنهم قد يقبلون تأكيدات شفهية من الاحتلال الاسرائيلي بأنها ستشارك في محادثات جديدة بشأن الدولة الفلسطينية لتأمين الأجزاء الأخرى من الصفقة التي تهم الرياض بشكل أكبر.

وقال مسؤولون سعوديون إن الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة قد يساعد إسرائيل أيضًا في استراتيجية خروج محتملة من غزة بمجرد انتهاء الصراع، وقد رسمت الولايات المتحدة خطة لما بعد الحرب من شأنها أن تعتمد على قوات من الدول العربية لتأمين غزة.

لكن العديد من المساهمين العرب المحتملين يقولون إنهم لن يفكروا في المشاركة دون تحركات علنية من جانب إسرائيل نحو إنشاء دولة فلسطينية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض ضد قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع السلطة الفلسطينية من الحصول على عضوية الأمم المتحدة، ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل هذا الإجراء بأنه سابق لأوانه، قائلا إنه "لن يحقق إقامة دولة للشعب الفلسطيني".

وإذا أكملت الولايات المتحدة صفقة مع الرياض وامتنع الاحتلال عن دعم قيام دولة فلسطينية، فقد يلقي مسؤول أمريكي كبير خطابًا يوضح الفوائد التي يمكن أن تحصل عليها الكيان الاسرائيلى إذا قبلت الحزمة الدبلوماسية، وفقًا لإحدى الأفكار التي تتم مناقشتها داخل إدارة بايدن.

أوضحت الصحيفة أن المناقشات الأمريكية مع السعودية بشأن التطبيع تهدف إلى تسوية عدة قضايا، بما في ذلك الترتيبات الأمنية بين واشنطن والرياض، والمساعدة الأمريكية في الحصول على الطاقة النووية المدنية، والمضي قدمًا نحو إنشاء دولة فلسطينية، والتي قال مسؤولون أمريكيون إنها يجب أن تشمل إصلاح السلطة الفلسطينية.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الهدف الآخر لهذه المناقشات هو الحد من نفوذ الصين في المنطقة وزيادة عزلة إيران من خلال ربط الرياض بشكل أوثق بأقرب حليف لواشنطن في المنطقة.

بالنسبة للسعوديين، يعد الحصول على المزيد من الالتزامات الدفاعية الملموسة من الولايات المتحدة هدفًا مهمًا، لأن مساعدة البنتاغون للرياض في تعزيز دفاعاتها ضد الصواريخ والطائرات مسيرة الإيرانية هي مجال اتفاق محتمل، لكن تفاصيل المحادثات حول المساعدة الدفاعية والنووية لم يتم الإعلان عنها.

وقد ناقش وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن التطبيع مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارة إلى جدة في 20 أذار/مارس، وقال في اليوم التالي إن الاتفاق يبدو في متناول اليد.

ويقول المسؤولون العرب إن وقف إطلاق النار المؤقت في غزة من شأنه أن يسهل على السعوديين إتمام الجزء الخاص بهم من مسودة الاتفاقية التي توسطت فيها الولايات المتحدة، لكن المحادثات المنفصلة بشأن وقف القتال وإطلاق سراح الرهائن تواجه وضعًا حرجًا.

وأضافت الصحيفة أن الاحتلال الإسرائيلي عازم أيضًا على بدء عملية عسكرية في الأشهر المقبلة في رفح، المدينة القريبة من الحدود المصرية؛ حيث لجأ أكثر من مليون فلسطيني هربًا من القتال.

وقد أجرى مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان محادثات يوم الخميس مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، ورئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي حول مخاوف الولايات المتحدة بشأن عملية رفح وبشأن الجهود المبذولة لتعزيز دفاعات إسرائيل "مع مجموعة واسعة من الشركاء العسكريين".

وقد حثت إدارة بايدن الاحتلال الاسرائيلي علناً على الامتناع عن القيام بعملية برية كبيرة في رفح، خشية أن تلحق الضرر بالمدنيين وتزيد من عزلة إسرائيل في الرأي العام الدولي، بما في ذلك في العواصم العربية حيث تجري محادثات حساسة حول التطبيع وترتيبات ما بعد الحرب في غزة.

وتابعت الصحيفة بأن نتنياهو يعارض بشدة إنشاء دولة فلسطينية، بحجة أن ذلك من شأنه أن يقوض أمن الكيان، وفي شهر كانون الثاني/يناير، قال إنه يجب أن يحافظ على السيطرة الأمنية على غزة والضفة الغربية في المستقبل المنظور.

لكن نتنياهو خفف من معارضته لإقامة دولة فلسطينية عدة مرات خلال فتراته السابقة كرئيس للوزراء تحت ضغط من واشنطن، ومع ذلك من المرجح أن يتطلب القيام بذلك هذه المرة إعادة تنظيم ائتلافه الحاكم الحالي، والذي يضم أحزاب اليمين المتطرف.

وكان أكثر المؤيدين لاتفاق التطبيع السعودي داخل حكومة الاحتلال هو الوزير بيني غانتس، وهو عضو في حكومة الحرب المكونة من ثلاثة أعضاء ومنافس سياسي لنتنياهو، وتظهر معظم استطلاعات الرأي أن غانتس هو الزعيم الأكثر شعبية في إسرائيل اليوم.

وأكدت الصحيفة أن الاحتلال والسعودية يتعاونان سرًا بالفعل في قضايا أمنية وقضايا أخرى. وقال غانتس إن الاعتراف الدبلوماسي الرسمي سيساعد في تشكيل تحالف ضد إيران، التي اتهمها بمحاولة إشعال حرب إقليمية، ورغم أنه تجنب الحديث عن قضية الدولة الفلسطينية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، فإنه كثيرا ما تحدث عن المصالحة والسلام بمجرد انتهاء القتال في غزة.

ويخشى بعض القادة داخل الاحتلال، حتى أولئك الذين دعموا في السابق حل الدولتين للفلسطينيين، أن يُنظر إلى الموافقة على إقامة الدولة الآن على أنها مكافأة للفلسطينيين على هجوم حماس، لكن المسؤولين الأمريكيين يرون أن توفير مسار سياسي للتطلعات الفلسطينية أمر ضروري كبديل غير عنيف.

ووفقاً لاستطلاع للرأي العام أجري مؤخرًا في شهر كانون الثاني/يناير، فإن 59 بالمائة من الإسرائيليين يعارضون أي اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، حتى لو أدى ذلك إلى اتفاقيات مع الدول العربية.