2024-11-25 03:16 م

"غوانتانامو النقب".. ماذا تعرف عن المعتقل الإسرائيلي الدموي؟

يستخدم الجيش الإسرائيلي قاعدته العسكرية بصحراء النقب معتقلاً دموياً لاحتجاز الأسرى الذين اعتقلهم من قطاع غزة خلال عدوانه عليها. وكشفت وسائل إعلام عبرية تعرض الأسرى الفلسطينيين لشتى أنواع التعذيب وظروف الاعتقال القاسية، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم.
في مشاهد أكدت مجدداً لا أخلاقية الاحتلال الإسرائيلي، عرض الجيش الإسرائيلي في 14 ديسمبر/كانون الأول الجاري صوراً لمن قال إنهم العشرات من "مقاتلي" المقاومة الفلسطينية، عراة، عيونهم معصوبة وآثار التعذيب واضحة على أجسادهم، تحملهم الشاحنات العسكرية إلى وجهة غير معلومة.

وبعد انتشار هذه الصور والفيديوهات تداولت وسائل إعلام عبرية تقارير تكشف أن الجيش اقتاد الأسرى الفلسطينيين إلى قاعدة عسكرية في صحراء النقب، يستخدمها معسكرَ اعتقال، وصفتها هيئات حقوقية بأنها "غوانتانامو جديدة"، إذ يجري احتجازهم في ظروف لا إنسانية، وتعنيفهم بشكل مستمر، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم.

غوانتانامو النقب

وحسب تقرير نشرته صحيفة هآرتس العبرية فإن مئات الفلسطينيين الذين اعتُقلوا في غزة خلال الحرب الحالية مُحتجَزون منذ أسابيع في منشأة اعتقال في القاعدة العسكرية سدي تيمان قرب مدينة بئر سبع جنوب البلاد.

وحسب الصحيفة، يظل المعتقلون معصوبي الأعين ومكبلي الأيدي معظم ساعات النهار، وتضاء الأضواء في المنشأة طوال الليل، وتسمح لهم الأصفاد بحركة محدودة وبالقدر الذي يمكنهم من تناول الطعام، وينامون على مراتب رقيقة على الأرض في واحد من ثلاثة معتقلات منفصلة في القاعدة، إذ يتسع كل معتقل لنحو 200 سجين.

وحسب شهادات لمعتقلين سابقين بالمنشأة، قالوا إنهم قضوا مدة 23 يوماً مكبلين ومعصوبي الأعين، ولم يكن هناك حمامات ولا ومياه ولا أي وسائل نظافة شخصية. ويروي أحدهم: "لم يكن هناك أكل، كانوا يعطوننا رغيفاً صغيراً كوجبة في اليوم (...) وكل يوم كان يأتي الشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) ويضربوننا، ويقولوا لنا: أنتم حماس.. لكننا مدنيون، ليس لنا علاقة بالمقاومة".

وفي تصريحاته لصحيفة إندبندنت عربية، شبّه رئيس هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدورة فارس معتقلات الجيش الإسرائيلي بـ"معسكرات الاعتقال النازي أو غوانتانامو". وقال فارس: "هي معسكرات اعتقال شبيهة إلى حد بعيد بغوانتانامو، وشبيهة أيضاً بالمعسكرات التي كان يُحتجز فيها اليهود في أوروبا (...) سواء من حيث التكتم على أعدادهم وأسمائهم وأوضاعهم الصحية، أو في ما يتعلق بمعاملتهم".

وأضاف المسؤول الفلسطيني: "الأسرى مقيدون، سواء في سدي تيمان وعاناتوت والنقب وعوفر، أعداد هؤلاء المعتقلين ليست معروفة، لكنهم مكبلون طوال الوقت ولا يتناولون وجبات منتظمة، يضربون ويعتدى عليهم، وتسلط عليهم الإنارة ليل نهار لحرمانهم من النوم".

في ذات السياق قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيان له يوم الاثنين، إنّ قوات الاحتلال حوّلت معسكر سدي تيمان الإسرائيلي الذي تحتجز فيه الأسرى من قطاع غزة إلى سجن غوانتانامو جديد.

وفي تقرير آخر كشفت صحيفة هآرتس أن ستة معتقلين فلسطينيين لقوا مصرعهم داخل معسكرات احتجاز الجيش. ووفق تقارير التشريح الذي حصلت عليها الصحيفة فإن جثتين على الأقل كانتا مصابتين بكدمات، وفي حالات أخرى توجد أدلة على العنف قبل الوفاة، أو الإهمال الطبي.

وأضافت الصحيفة أنه في إحدى الحالات تشير شهادة أحد السجناء المفرج عنهم وملخص تشريح الجثة إلى أن العنف قد كان السبب في وفاة المعتقل.

وأوضح رئيس هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدورة فارس، في تصريحاته المذكورة، أن "الأرقام التي نشرتها هآرتس أقل مما يقع في الحقيقة، وأن أعداد الأسرى الذين قضوا في المعتقلات الإسرائيلية أكثر من ذلك".

ويلات السجون الإسرائيلية مستمرة

ومنذ اندلاع الحرب على غزة ضاعف الاحتلال الإسرائيلي حملات اعتقالاته للفلسطينيين، كما ضاعف تعذيبه ومعاملته الانتقامية للأسرى، بالإضافة إلى معسكرات الاعتقال لأسرى غزة، التي تعمل بموجب قانون "المقاتلين غير الشرعيين" الذي يمنح أجهزة الأمن الضوء الأخضر للتعذيب وانتهاك حقوق المعتقلين.

وتتضارب الأرقام بخصوص الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال الحرب الجارية. وحسب رئيس هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدورة فارس فإن "الأعداد بالآلاف، وقد تتجاوز 4 آلاف أسير".

ووفق بيانات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فإن القوات الإسرائيلية تحتجز أكثر من 8000 فلسطيني، بينهم نحو 1200 إلى 1400 من قطاع غزة جرى اعتقالهم عقب اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال المرصد في بيانه إنّ الأسرى الفلسطينيين يواجهون معاملة لا إنسانية، "وفور اعتقالهم يعمد الجيش الإسرائيلي إلى تجريد المعتقلين من ملابسهم، وتقييد أياديهم، وإجبارهم على الجلوس على ركبهم في مناطق مفتوحة، فيما تُمارَس ضدهم أشكال مختلفة من الضرب والمضايقة والحرمان من الاحتياجات الأساسية".

وأشار البيان إلى أن أعداد الفلسطينيين المحتجزين رهن الاعتقال الإداري، الذي تستخدمه إسرائيل بهدف الاعتقال المفتوح دون توجيه ملف تهم محدد، "وصلت إلى مستوى تاريخي، ولا يزال مصير ومكان احتجاز عديد منهم مجهولاً"، وأن الاحتلال "قد زاد بشكل كبير من استخدامه للاعتقال الإداري، ووسع نطاق إجراءات الطوارئ التي تسهل المعاملة غير الإنسانية والمهينة للمعتقلين".

وفي تقرير سابق نقلت وكالة الأناضول عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية تأكيدها أن إدارة السجون الإسرائيلية فرضت جملة من الإجراءات التنكيلية الإضافية منذ بدء الحرب على غزة، ضمن سياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي.

وأشارت إلى أشكال العقوبات والتضييقات المتبعة بحق الأسرى في السجون، من بينها بقاء نوافذ الغرف مفتوحة 24 ساعة، إذ يكون البرد قارساً، خصوصاً في ساعات الليل، وسحب الأغطية والملابس من الأسرى، بالإضافة إلى عدم زيارة الأطباء للأسرى منذ أكثر منذ 40 يوماً رغم وجود حالات مَرَضية حرجة ومزمنة وبحاجة إلى متابعة دائمة، وتوقيف الأدوية عن 70% من المرضى الأسرى، والاكتفاء بالمسكنات وبكميات محدودة جداً.

ويأتي ذلك بالإضافة إلى الاعتداءات المتكررة على الأسرى في الغرف على أقل الأسباب وحتى دون سبب، والاقتحامات المتكررة لوحدات التفتيش والقمع بشكل وحشي وهمجي. كما لا يسمح للأسرى بشرب المياه الصالحة للشرب، وتجري تعبئة الماء من صنبور مياه الحمام، وحرمانهم من الوجبات الأساسية.

TRT عربي