2024-11-25 04:30 ص

من النيل إلى الفرات.. ما آثار حرب غزة على تحقيق الحلم الإسرائيلي؟

يتضح جلياً يوماً بعد آخر أن حجم تداعيات الحرب التي تجري على أرض غزة، منذ ستة أشهر، تزداد مع ازدياد أيامها؛ ليصل إلى حدّ الرعب بين الإسرائيليين وداعميهم على مستقبل "الحلم اليهودي" بالشرق الأوسط.

الإسرائيليون، ومن ضمنهم المتدينون وغير المتدينين، يعتقدون أن وعداً إلهياً لا بد أن يتحقق بامتلاكهم "دولة عظيمة كبيرة المساحة" تمتد من مصر إلى العراق.

خوف إسرائيلي
أحدث إشارة إلى الخوف الإسرائيلي من عدم تحقق حلم "إسرائيل الكبرى" كانت عبر مقال في صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية، كتبه ديفيد هيرست، استعرض فيه بعضاً من أبرز الأحداث الأخيرة التي تعدّ جزءاً من تداعيات الحرب في غزة.

هيرست تحدث عن مظاهرات ليست عادية تشهدها بلدان عربية، ذكر أهمها تلك التي تجري في الأردن، محذراً من خطورتها، وتمتد إلى بلدان أخرى وصولاً إلى المغرب العربي.

الكاتب البريطاني يصف هذه المظاهرات بـ"الثورة"، ويقول إنها "تجري في القلوب العربية".

ويذكر أن معارضين للرئيس الأمريكي جو بايدن في الكونغرس يقولون: "إن كان بايدن يعتقد جدياً أنه، وسط الفوضى التي أحدثتها حرب إسرائيل، يكفي التوقيع على قطعة من الورق لوقف هذه الثورة، فهو أكثر وهماً من ذلك".

ويواصل قائلاً: "من الواضح ما الذي يحدث، وماذا سيحدث إذا سُمح لإسرائيل بمواصلة هذه الحرب لمدة ستة أشهر أخرى".

ويضيف: "يتطلب الأمر الكثير للاعتراف بأن حلم العمر المتمثل في وطن لليهود في الشرق الأوسط يتحول إلى كابوس. ولكن بالنسبة لجميع أولئك الذين يدعمون هذا المشروع فإن هذا هو ما يحدث".

حلم الدولة
حلم الدولة الواسعة في الشرق الوسط التي تمتد من مصر إلى العراق، ازداد ذكره مع اندلاع الحرب في غزة.

ورغم كل الاحتجاجات العالمية والرفض الدولي لهذه الحرب البشعة وما خلفته من مجازر بحق الفلسطينيين، فإن الإسرائيليين يستمرون في ارتكاب مزيد منها، في مسعى لتحقيق الغاية دون أن يجعلوا للدم الفلسطيني أي أهمية، أو للشعب الفلسطيني أي قيمة إنسانية.

من بين الأمثلة التي تضرب في هذا السياق ما قالته دانييلا فايس، الزعيمة بحركة الاستيطان الإسرائيلية بالضفة الغربية، في حديث لمجلة "نيويوركر" الأمريكية، بعد أكثر من شهر على الحرب على غزة، حول أن "حدود وطن اليهود تمتد من نهر النيل للفرات".

اعتبرت فايس أن "الإسرائيليين متفضلون على الفلسطينيين حين يسمحون لهم بالبقاء داخل المدن التي يستوطنونها"، مشيرة إلى أن "الفلسطينيين يمكن أن يبقوا في المستوطنات الإسرائيلية، لكن بشرط أن يقبلوا بسيادة اليهود عليها".

وعد مزعوم
في العقيدة السياسية الإسرائيلية، المبنية على تفاسير توراتية اعتبرها علماء الدين المسلمون غير دقيقة، يزعمون أن حدود "إسرائيل" من النيل إلى الفرات، كما وعد الله إبراهيم -عليه السلام- في الكتاب المقدس؛ أن يعطيه أرض الموعد من النهر إلى النهر، في إشارة إلى النيل والفرات.

وتمتد حدود أرض "إسرائيل الكبرى" في المنطقة العربية، كما يزعمون، إلى أطراف مترامية داخل الدول العربية تشمل مصر والمملكة السعودية والأردن وسوريا ولبنان وأجزاء من العراق.

بناء على ذلك، يبني السياسيون الإسرائيليون اعتقاداتهم وخططهم بالتوسع، ولديهم طروحات علنية في ذلك، وهو ما يؤكده وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق إيجال آلون، عام 1975: "أعتقد أنه في المنطقة ما بين البحر الأبيض المتوسط في الغرب والحدود العراقية في الشرق؛ يجب أن تكون هناك دولتان إحداهما يهودية تُعرف باسم إسرائيل، بالطبع مع إضافة أقلية عربية كبيرة، كما لدينا في التلمود، ودولة عربية يمكنك تسميتها فلسطين- الأردن، ويمكن تسميتها فلسطين أو أي شيء يرغبون فيه، وينبغي التفاوض على الحدود بين هذين الكيانين".

هذا الحلم اليوم يصطدم بغزة ومقاومتها، وخسائر كبيرة تكبدتها "إسرائيل"، وانشقاقات داخلية، خاصة من قبل المتدينين اليهود "السفارديم"، الذين هددوا بمغادرة "إسرائيل" بعد أن أصرت الحكومة على فرض التجنيد الإجباري عليهم.

ولاحقاً كشفت صحيفة "ذي ماركر" العبرية أن تهديدات أخرى من شخصيات إسرائيلية وازنة من رجال أعمال وأطباء بمغادرة "إسرائيل" تجعل الفرار من "الوطن المزعوم" أشبه بالكابوس الذي يطارد قادته، في الوقت الذي يفكرون فيه بإنشاء حلم الدولة المزعوم.

المشروع قائم
الكاتب والباحث السياسي ياسر عبد العزيز الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، يقول إن الحرب في غزة أجلت حلم الإسرائيليين بتحقيق دولتهم المزعومة.

ولا ينفي عبد العزيز أن ما يدعيه الإسرائيليون "وعداً ربانياً"، لافتاً إلى أن "الظروف السياسية والاقتصادية تفيد بأن هذه الدولة قادمة، لكنها ستتأخر".

مشروع هذه الدولة -وفق عبد العزيز- "ستتأخر، لكنها لن تتلاشى، أما مشروع حل الدولتين فسيواجه صعوبة على الرغم من ازدياد الدعوة إليه".

وعلى الرغم من الأحداث والتداعيات التي تشهدها المنطقة فإن عبد العزيز يرى أن مشروع الدولة الكبيرة لـ"إسرائيل" سيظهر، وقد يكون بناء على "ترضيات"، مضيفاً: "في النهاية المشروع سيبقى قائماً حتى بعد الصمود الأسطوري للمقاومة والدعم الشعبي العالمي بعد الشهور الستة الماضية".

المصدر: الخليج اون لاين