2024-11-26 05:31 م

لماذا يؤخر جيش الاحتلال هجومه على رفح؟

رغم تواصل التهديد والوعيد الإسرائيلي بالهجوم البري على محافظة رفح، تحت ذريعة القضاء على آخر معاقل حركة حماس، إلا أن أسبابا جوهرية تقف عائقا أمام الهجوم المرتقب، منها ما يتعلق بجاهزية "الجيش"، وأخرى بتوفير الغطاء الدولي للعملية التي تواجه تحذيرات متواصلة، خشية التكلفة البشرية الباهظة.

لماذا يصر نتنياهو على تنفيذ العملية؟

يرى الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي أن إصرار رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو على الهجوم في رفح، يرجع إلى فشل جيشه في حسم معركة القضاء على المقاومة في كل المناطق التي دخلها سابقا، فلقد دخل منطقة الشمال ومنطقة لواء غزة، ثم دخل في المنطقة الوسطى ثم منطقة خانيونس ولم يتوصل إلى تحقيق أهداف الحرب التي حددها في الفترة الماضية، ولم يتمكن من الوصول إلى قيادات حماس السياسية والعسكرية، أو العثور على الأسرى الذين يتجاوز عددهم أكثر من 130 شخصا.

ويضيف الفلاحي في حديث خاص لـ"عربي21" أن البنية التحتية للمقاومة في رفح "لا زالت قوية، ونستطيع أن نقول بأنها متكاملة، فلذلك هو يريد أن يذهب إلى هذه المعركة ثم بعد ذلك إذا لم يتوصل إلى القيادات أو إلى الأسرى عندئذ يفكر مليا في مسألة إبرام صفقة مع حماس، وطالما لديه خيار لن يذهب إلى التفاهم مع حماس حول أي صفقة خلال هذه الفترة". وفق الخبير العسكري.
يعتقد الخبير العسكري، حاتم الفلاحي، أن هناك أسبابا عسكرية واستراتيجية عديدة أدت إلى تأجيل معركة اقتحام رفح حتى الآن، منها:

أولا: التكلفة الإنسانية كبيرة جدا نتيجة الكثافة السكانية التي تتواجد في رفح، فأكثر من مليون و400 ألف شخص يتواجدون في هذه المنطقة وبالتالي إذا لم يحصل نتنياهو على الدعم المطلق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية فلن يستطيع الذهاب إلى هذه المعركة لأنه لن يتحمل التداعيات الإنسانية لهذه المعركة.

ثانيا: القطاعات العسكرية الإسرائيلية متعبة ومنهكة ومُستنزفة في المعارك السابقة، وجزء من هذه القوات تم تسريحها نتيجة ضعف الاقتصاد، والقسم الآخر تم تحريكه إلى الجبهة الشمالية نتيجة تصاعد العمل العسكري على الجبهة اللبنانية.

ثالثا: تصاعد العمليات في الضفة الغربية بشكل ملحوظ، فأكثر من 18 هجوما وعملية فدائية نُفذت منذ بدء العمليات العسكرية في غزة، وهذا يستنزف قوات الاحتلال.

رابعا: دخول معركة رفح في شهر رمضان يثير الكثير من المسلمين في جميع أنحاء العالم، مما قد يؤدي إلى تداعيات لن تتحملها الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا في الأمن الإقليمي والدولي.

خامسا: مخاوف إسرائيلية من فقدان الدعم الدولي من قبل الولايات المتحدة والغرب عموما، حال أقدمت على دخول معركة رفح دون أخذ المخاوف الدولية بعين الاعتبار.

سادسا: نقص في الذخائر ونقص في عتاد المدفعية 155 ملم، ونقص عتاد الدبابات 120 ملم، يُضاف إلى ذلك الخسائر الكبيرة على مستوى الأفراد والمعدات.

سابعا: الانقسام السياسي والعسكري في مسألة اليوم التالي للدخول لأن هذه القطاعات التي دخلت الشمال والوسط تحولت إلى قوات شُرطية لا هي قادرة على الانتشار والسيطرة ولا هي قادرة على البقاء في المنطقة نتيجة للعمليات التي تتصاعد عليها، فلذلك هناك إشكالية في هذا المجال.
القتال على جبهتين

ورأى الفلاحي أن جيش الاحتلال لا يستطيع القتال على جبهتين، فهو مستنزف في قطاع غزة الآن، ولكن ماذا لو فُتحت جبهة الشمال، كيف سيكون وضع الجيش؟، مضيفا أن "هناك إشكالية حقيقية لدى الجيش خصوصا وأنه سحب الكثير من القطاعات في الضفة الغربية والكثير من القطاعات في الجبهة الشمالية وتم تحويلها باتجاه الجنوب، مما يعني بأنه استنفد الكثير من القطاعات العسكرية".

وذكر أن "الجيش الصهيوني كان يُحاكي مسألة القتال على عدة جبهات وكانت هناك مناورات سماها مناورات عربات النار في الفترة الماضية تُحاكي قتالا على عدة جبهات، ولكن المعركة أو الحرب التي جرت في غزة أثبتت فشل الجيش الصهيوني في إمكانية المواجهة على عدة جبهات فلذلك نرى بأنه لن يستطيع أن يفتح جبهة الشمال طالما أن جبهة غزة مفتوحة".

كثافة بشرية عالية

الخبير العسكري نضال أبو زيد يعتقد أن "إسرائيل لا تأخذ بالحسبان أي ردات فعل دولية على هجوم رفح،  لكن في نفس الوقت هي تدرك أن حجم الخسائر سيكون كبير جدا إذا ما اتجهت لتنفيذ العملية، وتدرك أيضا أنها لا تملك القوة الكافية لشن عملية عسكرية جديدة في رفح".
وحول ربط تأخير العملية بعمليات سفر الفلسطينيين من معبر رفح حاليا، واعتبار الاحتلال ذلك تفريغا جزئيا للسكان، لا يعتقد أبو زيد أن ذلك سبب رئيسي للتأجيل، بل يرى أن الكثافة السكانية العالية في رفح، والتي يقدر أعداد النازحين فيها بنحو مليون وأربعمئة ألف هي من تعيق العملية العسكرية حاليا.

وتابع في حديث خاص لـ"عربي21" أن رفح "فيها كثافة بشرية عالية جدا وإحصائيات أممية أشارت إلى أن رفح أصبحت أعلى منطقة كثافة سكانية في العالم". مشددا على أن هذه الكثافة هي محدد رئيسي يضغط على الاحتلال فيما يتعلق بتنفيذ عملية رفح.

وبالتوازي مع العمليات العسكرية، قال أبو زيد إن الاحتلال حاول اللعب على ورقة الحاضنة الشعبية للمقاومة منذ بدء العملية العسكرية. ومؤخرا زاد من الضغوط على الحاضنة الشعبية من خلال قصف المناطق المدنية وقصف المدنيين وسياسة التجويع التي اتبعها، وسط محاولاته لإيجاد وحدات أو مجموعات من الصحوات تابعة للعشائر في قطاع غزة، لكن جميع هذه الخطط فشلت في تأليب الحاضنة الشعبية على المقاومة.

وتواصل قوات الاحتلال ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ 174 على التوالي، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، والأحزمة النارية مع ارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.
المصدر: عربي ٢١