2024-11-24 09:38 م

بدائل أميركية لاجتياح رفح.. سوء الفهم يتعمق بين واشنطن وتل ابيب

ثارت ثائرة "إسرائيل"، وكأنها قد هُزمت في الحرب. لم تحتمل مدلّلة الغرب والشرق، أن لا يحظى مشروع قرار يطالبها بوقف إطلاق النار، بـ"فيتو" أميركي، تحسبه تل أبيب في الجيْب. وكما حين صدر قرار «محكمة العدل الدولية»، قبل أشهر، وطالب "إسرائيل" بإجراءات واضحة، من دون حتى أن يتّهمها بتنفيذ أعمال «إبادة جماعية»، وجدت دولة الاحتلال نفسها في خانة الاتهام الدولي، وهو موقف تعتبر نفسها منزّهةً عنه، وليس في العالم من يستطيع وضعها فيه، فضلاً عن محاكمتها ومحاسبتها عليه. وليس ذلك، سوى بالاتكال على الحضور الأميركي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وسوط «الفيتو» الأميركي الذي لطالما أمّن الغطاء والحماية للكيان.

وبعد صدور مشروع القرار الموزمبيقي، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار الفوري خلال شهر رمضان، وإطلاق سراح «جميع الرهائن»، من دون أن يربط بين الأمرين، بامتناع أميركي عن التصويت وموافقة 14 عضواً آخرين، خرج رئيس الحكومة "الإسرائيلية"، بنيامين نتنياهو، ليعلن أنه لن يرسل الوفد "الإسرائيلي" السياسي والأمني الذي كان سيتوجّه إلى واشنطن لإجراء مناقشات مع الأميركيين حول العملية العسكرية المفترضة في رفح، والبدائل منها، كردّ فعل على ما اعتبره «تراجعاً أميركياً».

بدا وكأن نتنياهو وجد ضالّته التي سيرمي كل فشل الحرب والثغرات التي تعانيها سياسته، والتعثّر المستمرّ للمفاوضات، والفشل في تحرير الأسرى "الإسرائيليين"، عليها.

وبالفعل، اعتبر رئيس حكومة العدو أن «التراجع (الأميركي) يمسّ أيضاً بالجهود الحربية، وبالجهود للإفراج عن المخطوفين، لأنه يُعطي حماس الأمل بأن الضغوط الدولية ستسمح لها بالحصول على وقف لإطلاق النار من دون الإفراج عن مخطوفينا»، في حين نقلت «القناة 13» عن مصدر سياسي مقرّب من نتنياهو، قوله إن «ترحيب حركة حماس بقرار مجلس الأمن، يقول كلّ شيء».

وفي المقابل، أشارت تقارير إعلامية أميركية و"إسرائيلية"، إلى «غضب في البيت الأبيض بسبب نتنياهو»، حيث قال مسؤولون أميركيون كبار، إنه «خلافاً لادّعاءات مكتب نتنياهو، لا توجد علاقة بين القرار في الأمم المتحدة وأزمة المفاوضات بشأن صفقة الرهائن». وأشار هؤلاء إلى أن «ربط إسرائيل بين عدم استخدام واشنطن للفيتو، وجمود المفاوضات، أغضب البيت الأبيض». وعبّروا عن رفضهم المزاعم "الإسرائيلية"، التي هي «سلوك غير عادل تجاه الرهائن وعائلاتهم».

وفي السياق نفسه، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن «ردّ حماس جاء قبل التصويت في الأمم المتحدة، وليس بعده». وكانت الحركة أعلنت، أول من أمس، أنها أبلغت الوسطاء رفضها مقترحات "إسرائيل" التي وردت في مفاوضات الدوحة، بسبب رفض العدو مطالب المقاومة الأساسية، وحمّلت نتنياهو وحكومته مسؤولية تعمّد إفشال المفاوضات.

وفي سياق متصل، علّق المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، على عودة الوفد "الإسرائيلي" من الدوحة، قائلاً: «تستمرّ المناقشات الفنية بين الطرفين كجزء من المفاوضات، ولا يوجد إطار زمني محدّد للمحادثات، ولكننا نواصل مع شركائنا جهود الوساطة».

ورغم عودة رؤساء الوفد "الإسرائيلي" إلى تل أبيب، أفادت صحيفة «هآرتس»، بأن «صفقة التبادل لم تنهر، ووفد "إسرائيلي" جزئي لا يزال في قطر لإجراء محادثات بشأن إطلاق سراح الرهائن»، فيما كشفت قناة «كان»، نقلاً عن مصادر مطّلعة، أن «الولايات المتحدة وقطر ومصر، تعمل على مقترحات جديدة لصفقة تبادل الأسرى»، في حين «تبقى القضية الخلافية الرئيسية، هي عودة النازحين إلى شمالي قطاع غزة».

 ونقل موقع «أكسيوس»، بدوره، عن مسؤول "إسرائيلي" قوله إن «العمليات "الإسرائيلية" في غزة، والضغوط الدبلوماسية التي يمارسها الوسطاء، لم تغيّر مواقف حماس، وخاصّة لناحية السماح بالعودة الكاملة للمدنيين إلى شمال غزة». كما اعتبر المسؤول أن «نتنياهو والوسطاء أخطأوا في تقدير موقف الحركة».

في موازاة ذلك، تابع وزير الحرب "الإسرائيلي"، يوآف غالانت، زيارته لواشنطن، حيث التقى، أمس، وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الذي حثّه «على تعزيز منافذ المساعدات إلى غزة وضرورة منح الأولوية لحماية المدنيين».

وبحسب ما نقلت وسائل الإعلام عن مصدر في «البنتاغون»، فإن «الأفكار والبدائل التي طرحها أوستن، لقيَت آذاناً صاغية لدى الوفد الإسرائيلي». ووفقاً للمصدر، فإن «البدائل التي طرحها أوستن تتعلق بتأمين الحدود بين مصر وغزة والاستهداف الدقيق لقادة حماس».

وفي هذا السياق، علمت «الأخبار»، أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ناقش مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، «خطّة أمنية تتعلّق بالمنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة في رفح أو ما يُعرف بمحور فيلاديلفيا».

وبحسب المعلومات، «تقوم الخطة على مجموعة من الإجراءات والأعمال الهندسية من تجريف وبناء موانع وحفر خنادق وما شاكل، بما يضمن منع تهريب الأسلحة من مصر لصالح الفصائل الفلسطينية في القطاع». كما كشفت المعلومات، أن «بلينكن ناقش الخطة مع المسؤولين "الإسرائيليين" في تل أبيب، بشكل موجز، على أن يجري نقاشها بشكل مفصّل في واشنطن مع الوفد "الإسرائيلي" الذي كان يُفترض أن يكون في واشنطن اليوم»، قبل أن يعلن نتنياهو إلغاء الزيارة.

ووفق المعلومات، فإن «دولة الإمارات أبدت موافقة مبدئية على تمويل الخطة الأميركية المزعومة، على أن يتمّ التنفيذ بإشراف أميركي مباشِر». وبذلك، «يقتضي التصوّر الأميركي لما يسمّيه بدائل من عملية عسكرية كبرى في رفح، بأن يجري تطبيق الخطة الحدودية، توازياً مع تنفيذ الجيش "الإسرائيلي" عمليات من نوع مكافحة الإرهاب، تكون عبارة عن عمليات سريعة وخاطفة ومحدودة ومركّزة».

المصدر: الاخبار اللبنانية