2024-11-23 04:33 م

تجارب الأسلحة الإسرائيلية الجديدة في ميدان غزة

من أبرز التداعيات التي أفرزتها شراسة المعارك الجارية منذ أكثر من 160 يوماً في جبهات قطاع غزة المختلفة هو لجوء "الجيش" الإسرائيلي إلى إدخال أنواع جديدة من الأسلحة إلى هذه الجبهات لم يسبق أن تم استخدامها قتالياً من قبل، وهو توجه ربما يرتبط في بعض جوانبه بإمكانية استغلال الظروف القتالية الحالية لتجربة هذه الأسلحة، إلا أنه يرتبط في جوانب أخرى بالتأثيرات التي أفرزتها الصعوبات المتراكمة أمام الألوية الإسرائيلية التي تقاتل في قطاع غزة، سواء ما يتعلق بطبيعة ميدان القتال أو التكتيكات المتنوعة التي اتبعتها فصائل المقاومة على الأرض. 

كانت العربات المدرعة على رأس المنظومات الجديدة التي أدخلها "الجيش" الإسرائيلي إلى ميدان القتال في قطاع غزة، وتحديداً مركبة الجيل القادم القتالية "CARMEL"، فقد ظهر خلال أحد التسجيلات المصورة التي بثتها كتائب القسام في الخامس والعشرين من شباط/فبراير الماضي لعمليات استهداف المركبات الإسرائيلية المدرعة ناقلة جند من نوع "M-113"، بدا أنها مختلفة في تجهيزاتها عن التجهيزات المعتادة لناقلات الجند المدرعة من هذا النوع، واتضح أن هذه الناقلة هي إحدى منصات برنامج مركبة القتال المستقبلية، وهو البرنامج الذي أعلنت عنه مديرية أبحاث وتطوير الدفاع في وزارة الدفاع الإسرائيلية عام 2016.

منظومة "الحرب المستقبلية" تدخل إلى قطاع غزة
يركز برنامج "CARMEL" على تطوير منصات مدرعة ذاتية القيادة تستخدم الذكاء الاصطناعي المعزز والقدرات الذاتية والتلقائية لسيناريوهات القتال الحالية والمستقبلية والقدرة على المناورة في البيئات الحضرية، على ألا يتعدى طاقمها التشغيلي جنديين يقومان عبر منصة تحكم داخلية مزودة برؤية بانورامية للمحيط الخارجي بالإشراف على تشغيل مجموعة كاملة من أجهزة استشعار الوعي الظرفي ورصد الأهداف واستهدافها، إلى جانب التدابير الإلكترونية المضادة والمنصات غير المأهولة المساعدة.

وقد طلبت وزارة "الدفاع" الإسرائيلية في العام نفسه من أكبر 3 شركات إسرائيلية، هي شركة الصناعات الجوية وشركة "إلبيت" وشركة "رافاييل"، تطوير نماذج أولية خاصة تمثل رؤية كل منها لهذا البرنامج، على أن يتم اعتماد ناقلة الجند المدرعة الأميركية "M-113" كمنصة مؤقتة لاختبار هذه النماذج التي تستهدف بشكل أساسي تحويل وتحديث الجزء الداخلي من المركبات القتالية التابعة للجيش الإسرائيلي إلى قمرة قيادة متقدمة مماثلة لقمرات القيادة الخاصة بالطائرات المقاتلة.

اتبعت كل شركة نهجاً مختلفاً لإعداد نموذجها الخاص باستخدام التكامل عالي المستوى، ودمج أجهزة الاستشعار، واستقلالية السيارة، والذكاء الاصطناعي. وبالفعل، قدمت الشركات الثلاث مفهومها الخاص لهذا البرنامج بعد ثلاث سنوات من التخطيط بهدف الوصول إلى حلول ميدانية للتعامل الفعال مع التحديات التي يفرضها القتال في بيئات غير متماثلة، وخصوصاً القتال في المناطق المدنية كثيفة الكتلة السكنية، وتم اختبار النماذج الثلاثة في أغسطس عام 2019، حيث تم إخضاع كل نموذج لعمليات اختبار على أربعة سيناريوهات قتالية مختلفة على مدار أسبوع كامل، شملت العمليات القتالية الليلية والنهارية.

في تشرين الأول/أكتوبر 2021، اختارت وزارة الدفاع الإسرائيلية النموذج الخاص بوحدة "ELTA" التابعة لشركة الصناعات الجوية، والذي كان مسلحاً بمحطة قتالية تضم رشاشاً آلياً يتم التحكم فيه عن بعد، و8 صواريخ مضادة للدروع من نوع "LAHAT"، كما تم تزويده بمنصة داخلية تحتوي شاشة تعرض كامل محيط المدرعة، متوافقة مع خوذة الرؤية المتقدمة التي بدأ تعميمها على بعض أنواع المدرعات الإسرائيلية. 

هذه المنصة يقوم من خلالها طاقم مكون من جنديين بالتحكم في الأنظمة المختلفة التي يحتوي عليها هذا النموذج، والتي ترتكز بشكل أساسي على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتشمل نظام رادار لرصد الأهداف، وراداراً آخر لرصد اتجاهات الإطلاق المعادية، إلى جانب أنظمة للحرب الإلكترونية وأنظمة تشغيل الأنظمة الجوية والبرية غير المأهولة.

النموذج الذي اعتمدته وزارة "الدفاع" الإسرائيلية من هذه المنظومة هو النموذج الذي تم إدخاله إلى قطاع غزة وظهر في التسجيل المصور لكتائب القسام، مع ملاحظة أن عدداً كبيراً من التجهيزات التي كانت مثبتة على متن هذه المنظومة قد تم إزالته، وتم الإبقاء فقط على المدفع الرشاش الخاص بالمحطة القتالية المتحكم بها عن بعد، وبالتالي يمكن القول إنه تم الدفع بهذه المنظومة لاختبارها في بيئة قتال حقيقية، وخصوصاً أن تل أبيب تطمح أن تطور هذه المنظومة لتصبح قادرة على الرد بشكل تلقائي وآلي على الأهداف المعادية، إلى جانب تمكّنها من التحرك والتمركز بشكل ذاتي، بحيث يتم الاستغناء بشكل كامل عن الأطقم البشرية.

الحرب البرية وإدخال منظومات قتالية للمرة الأولى
أدخل "الجيش" الإسرائيلي أيضاً أنواعاً أخرى من المدرعات وناقلات الجند الجديدة إلى الميدان في قطاع غزة، من أهمها الجيل الأحدث من ناقلات الجند المدرعة "NAMER" المسمى "NAMER-1500". 

تم الإعلان لأول مرة عن هذا الجيل من الناقلات في حزيران/يونيو 2023، وهو تطوير للنموذج الأساسي من ناقلات "NAMER" الذي بدأ إنتاجه عام 2008، اعتماداً على هيكل دبابات "MERKAVA-4"، بهدف استبدال ناقلات الجند المدرعة القديمة "M-113". 

الميزة الرئيسية للجيل الأحدث من هذه الناقلة هي تزوده بمحرك تبلغ قوته 1500 حصان، وإمكانية نقله 8 مقاتلين بكامل عتادهم، إضافة إلى طاقم مكون من 3 أفراد. إضافة إلى ذلك، تم تجهيز هذه الناقلة بمحطة قتالية تعمل عن بعد مسلحة بمدفع رشاش ثقيل، كما تم تزويدها بنظام الحماية النشط "Trophy" لمواجهة الصواريخ المضادة للدبابات.

وقد تلقى "الجيش" الإسرائيلي أول دفعة من هذا الجيل من ناقلات "NAMER" في حزيران/يونيو الماضي. وتعتبر العمليات العسكرية الجارية حالياً في غزة التجربة الميدانية الأولى لهذا الجيل، علماً أن النسخة الأساسية من هذه الناقلات شهدت استخدامات قتالية متكررة منذ عام 2014، وتم الدفع بها أيضاً في الوقت الحالي إلى قطاع غزة، وتعرضت إحداها للتدمير بشكل كامل في بداية العمليات البرية في غزة، ما أسفر عن مقتل 11 جندياً إسرائيلياً، إذ استهدف عناصر المقاومة خلال هذه العملية إحدى أهم نقاط الضعف في هذا النوع من المدرعات، ألا وهو الباب الخلفي، بقذيفة صاروخية، ما أدى إلى التدمير الناجح لهذه المدرعة، رغم أن "إسرائيل" ادعت أن القذيفة أصابت قاذفاً مضاداً للدبابات من نوع "ماتادور" كان على متن المدرعة، ما أدى إلى انفجار أكبر بداخلها.

كذلك، أدخل "الجيش" الإسرائيلي إلى الميدان القتالي في غزة للمرة الأولى أول ناقلة جند مدولبة في ترسانته، ألا وهي الناقلة المدرعة ثمانية الدفع "EITAN"، التي كشفت عنها إدارة المركبات المدرعة في وزارة "الدفاع" الإسرائيلية للمرة الأولى في أيلول/سبتمبر 2016، وهي نتاج عمليات تصنيع مشتركة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، وبدأ إنتاجها بشكل كمي منذ عام 2020، لكنها لم تدخل تجربة قتالية فعلية إلا خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية الجارية حالياً في قطاع غزة.

كان الهدف من تطوير "EITAN" هو استبدال ناقلات الجند القديمة في التشكيلات المدرعة الإسرائيلية، لتستطيع نقل ما يناهز 9 جنود في قمرتها الداخلية، إضافة إلى طاقم مكون من 3 أفراد، وتتسلح بمحطة قتالية عمل عن بعد مزودة بمدفع رشاش من عيار 30 ملم.

 اللافت هنا أن "الجيش" الإسرائيلي اضطر بعد بدء العمليات القتالية في قطاع غزة إلى الدفع بناقلات الجنود الأقدم في ترسانته - "M113" - نظراً إلى عدم كفاية الأعداد التي دخلت إلى الخدمة من ناقلات "EITAN"، ومن الجيل الأحدث من ناقلات"NAMER".

من الملاحظات الهامة فيما يتعلق بالمناورة البرية للقوات المدرعة الإسرائيلية في قطاع غزة، أن أولوية التقدم على الأرض كانت للجرافات الثقيلة من نوع "D-9"، التي تم استخدامها بنسق مشابه لنسق استخدام كاسحات الألغام، إذ تقوم بتمهيد الأرض أمام الدبابات وناقلات الجند المدرعة، بجانب تجريف فتحات الأنفاق التي يتم اكتشافها، لكن كان الدور الأهم في هذه العملية منوطاً بالنسخة الأحدث من منظومات اختراق حقول الألغام "CARPET"، وهي عبارة عن راجمات تم تزويد العربات الهندسية المتخصصة "PUMA" بها، ليتم استخدامها كوسيلة لتدمير المباني والعوائق الخرسانية. 

يتكون هذا النظام الذي تنتجه شركة "رافاييل" من راجمة مقطورة تحتوي 20 صاروخاً من صواريخ الوقود الجوي المتفجر من عيار 265 ملم، يتم إطلاقها منفردة أو متتابعة عن طريق وحدة تحكم موجودة في العربة المدرعة القاطرة لهذه الراجمة، وتستطيع هذه الراجمة تطهير مساحة من الألغام يبلغ طولها 100 متر وعرضها 8 أمتار.

وعلى الرغم من أن أول استخدام عملي لهذه المنظومة كان في حرب لبنان الثانية عام 2006، وكذلك خلال عملية الجرف الصامد - "العصف المأكول" - في قطاع غزة عام 2014، فإن الاستخدام الأول للجيل المحدث من هذه المنظومة، والذي تم البدء في إنتاجه عام 2017، كان خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية الحالية في قطاع غزة، إذ تم تطوير آلية التشغيل والإطلاق الخاصة بهذه المنظومة بشكل يجعل من السهل على جنود المشاة غير المتخصصين استخدامها وتشغيلها.

منظومات الدفاع الجوي وعدة تجارب لافتة
في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تحدثت التقارير العسكرية الإسرائيلية عن الاستخدام القتالي الأول لمنظومة الليزر الدفاعية "IRON BEAM"، لمواجهة صواريخ المقاومة المنطقة من قطاع غزة، وهو ما ألقى الضوء بشكل أكبر على التوجهات الإسرائيلية التي بدأت منذ سنوات لدمج التقنيات الليزرية في دفاعاتها الجوية، بشكل يجعلها تعمل بشكل منسق مع منظومات الدفاع الصاروخي ووحدات الحرب الإلكترونية. 

الإعلان الأول عن هذه المنظومة كان عام 2014، حين قدمتها شركة "رافاييل" للصناعات الدفاعية كمنظومة مستقلة لتدمير الصواريخ قصيرة المدى وقذائف المدفعية وقذائف الهاون والطائرات بدون طيار، في مدى يصل إلى 7 كم، باستخدام شعاع ليزر عالي الطاقة، تبلغ قدرته 100 كيلووات، بحيث يمكن أن تعمل هذه المنظومة بشكل مستقل أو ضمن تشكيلة من منظومات الدفاع الجوي الأخرى.

وقد بدأت وزارة "الدفاع" الإسرائيلية بدءاً من عام 2016 بتمويل عمليات تطوير هذه المنظومة بشكل كامل بهدف تعزيز قدرات الدفاع الجوي الحالية للجيش الإسرائيلي، وكذلك توفير بدائل أكثر "اقتصادية" من المنظومات الدفاعية الحالية باهظة التكلفة لمواجهة الطائرات بدون طيار والصواريخ قصيرة المدى، مع ملاحظة أن الهدف الاستراتيجي من تطوير مثل هذه المنظومات يكمن في جعلها جزءاً من جدار متكامل من منظومات الدفاع الجوي المختلفة الأنواع، بحيث يتكامل بعضها مع بعض، وخصوصاً أن المنظومات التي تعتمد على الليزر تتميز بعدة ميزات، أهمها انخفاض تكاليف التشغيل والإطلاق، على عكس الصواريخ الاعتراضية باهظة الثمن، إذ تقدر تكاليف استخدام المنظومات الليزرية بنحو 2000 دولار أميركي فقط، ناهيك بانخفاض القوة البشرية اللازمة لتشغيلها.

والجدير بالذكر هنا أن "تل أبيب" نفذت في حزيران/يونيو 2021 تجربة نوعية لإسقاط طائرة بدون طيار عبر شعاع ليزر تم إطلاقه من طائرة، بالتزامن مع بدء شركتي "إلبيت" و"رافاييل" برنامجاً لتطوير منظومة ليزر أرضية، تحت اسم "درع النور"، للتصدي لجميع أنواع التهديدات الجوية في نطاق يتراوح بين 8 و10 كيلومتر. وقد بدأت كلا الشركتين في تنفيذ تجارب على هذه المنظومة مطلع عام 2021، ويتوقع أن تدخل إلى الخدمة قريباً.

ونبقى في منظومات الدفاع الجوي، إذ شهدت المواجهة الحالية بين فصائل المقاومة و"إسرائيل" الاستخدام الأول للجيل الثالث من منظومات الدفاع الصاروخي بعيد المدى "حيتس"، والتي يصل مداها إلى 2400 كيلومتر، والتي تعتبر أساس التعاون العسكري بين "تل أبيب" وواشنطن في مجال الدفاع الجوي، إذ أطلقت واشنطن برنامج إنتاج هذه المنظومات في أيار/مايو 1986، بعد عام واحد من قرارها إدخال "إسرائيل" ضمن برنامج "حرب النجوم" التسليحي الأميركي، الذي كان قسم كبير منه يتمحور حول الدفاعات الجوية متعددة الطبقات ضد الصواريخ.

وقد تعاونت ضمن هذا البرنامج عدة مؤسسات أميركية وإسرائيلية، من بينها شركة "بوينج" الأميركية، ووكالة الدفاع الصاروخي الأميركية، وشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، وإدارة بحث وتطوير الوسائل القتالية التكنولوجية "حوما"، وهي إحدى الإدارات التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية. كان الهدف من هذا البرنامج إنتاج منظومات للدفاع الصاروخي بعيد المدى تخصص للتصدي للصواريخ البالستية التي تمتلك القدرة على التحليق على ارتفاعات شاهقة.

قدمت الولايات المتحدة الأميركية على مدار المراحل الأربع لهذا البرنامج نحو 80% من الموازنة المالية المخصصة له، وكانت البداية بمنظومة "حيتس-1" بين عامي 1992 و1994، و"حيتس-2" بين عامي 1995 و2008، ثم منظومة "حيتس 3"، التي تم الإعلان عنها عام 2008، وأجريت عليها في الولايات المتحدة الأميركية و"إسرائيل" العديد من التجارب منذ عام 2009، وصولاً إلى أحدث تجربة تمت على هذه المنظومة في يناير الماضي، وصولاً إلى الإعلان عن النسخة الأحدث من هذه المنظومة "حيتس-4" في شباط/فبراير 2021.

تم استخدام نسختين من هذه المنظومة خلال العمليات الجارية حالياً في قطاع غزة، الأولى هي النسخة "حيتس-2"، التي تم إطلاق صاروخين منها على هدف جوي قادم من اليمن أواخر تشرين الأول/أكتوبر الماضي. أما النسخة الثانية، فهي "حيتس-3"، التي دخلت إلى الخدمة الفعلية مطلع عام 2017، وتم استخدامها قتالياً للمرة الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لاعتراض صاروخ قادم من اليمن نحو مدينة إيلات جنوبي فلسطين.

الأنظمة غير المأهولة الجديدة في ميدان غزة
دشن سلاح الجو الإسرائيلي في آب/أغسطس 2022 السرب "144" المعروف باسم "فينكس"، وهو أول سرب مخصص بالكامل للطائرات بدون طيار، ويتخذ من قاعدة "حتسور" الجوية مقراً له. 

في ذلك التوقيت، قال سلاح الجو الإسرائيلي إن هذا السرب سيتسلح بعدد من الطائرات المسيرة الجديدة، على رأسها طائرة أطلق عليها اسم "SPARK"، وستكون جزءاً من منظومة "Storm Clouds" التي يستهدف سلاح الجو من خلالها تكوين سلسلة متصلة من الطائرات بدون طيار التي تتكامل عملياتياً وقتالياً خلال المعارك لتنفيذ كل المهام الجوية، سواء كانت هجومية أو استطلاعية.

وقد تلقى هذا السرب أول دفعة من طائرات "SPARK" في أيلول/سبتمبر 2023 وسط تعتيم كبير على قدراتها، لكن المعروف عن خصائصها أنها مزودة بمحرك كهربائي، وتمتلك القدرة على الإقلاع العمودي، وتبلغ زنتها 55 كيلوغراماً، وباع جناحيها 5 أمتار، وتعتبر المنصة الرئيسية لطائرات "الجيل الخامس" المسيرة في سلاح الجو الإسرائيلي، وهي في الأساس طائرة استطلاعية، لكن تم تخصيصها بشكل كبير لمهام الكشف عن الأنفاق.

من أنواع الطائرات بدون طيار الجديدة التي تم استخدامها في ميدان غزة هي الذخيرة الجوالة "FireFly"، وهي ذخيرة إقلاع عمودي تستخدم بشكل أساسي خارج خط البصر في المناطق الحضرية الكثيفة التي تقل فيها فعالية الدعم الناري بسبب التلاحم المباشر بين الأطراف المتقاتلة على الأرض.

هذا النوع من الذخائر الجوالة تم استخدامه للمرة الأولى في كانون الأول/ديسمبر الماضي في كل من مدينة جنين في الضفة الغربية، وحي الشجاعية في مدينة غزة.

تنتج هذه الذخيرة شركة "رافاييل" الإسرائيلية منذ عام 2020، وهي مزودة بمنظومة للطيران الآلي، وتحتوي على باحث كهر وبصري مزدوج يعمل بالأشعة تحت الحمراء، ويمكنها التحليق داخل النوافذ والأبواب، ويبلغ وزنها نحو ثلاثة كيلوغرامات، وتصل زنة رأسها الحربي المتفجر إلى 350 غراماً، وسرعتها القصوى تبلغ نحو 70 كيلومتراً، وتستطيع الطيران المتواصل لمدة نصف ساعة، ويصل مداها العملياتي إلى 1 كيلومتر عن محطة التحكم فيها.

على صعيد المراقبة والرصد، استخدمت "إسرائيل" بشكل مكثف على مدار السنوات السابقة عدة آليات للمراقبة الجوية، بما في ذلك مناطيد المراقبة، لكنها أعلنت في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 عن قرب إطلاقها المنطاد الأكبر على مستوى العالم لكشف ورصد التهديدات الجوية المختلفة على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.

وبالفعل، تسلم "الجيش" الإسرائيلي في آذار/مارس 2022 منطاد المراقبة "SKY DEW" الذي طورته إدارة البحث والتطوير في وزارة الدفاع الإسرائيلية بالتعاون مع وكالة الدفاع الصاروخي الأميركية، وهو عبارة عن نظام كشف وإنذار يتكون من منطاد يصل ارتفاعه إلى 115 متراً، يحلق على ارتفاعات تصل إلى 3 كيلومترات، ويتم تثبيته بواسطة كابل إلى منشأة أرضية. ويحمل هذا المنطاد رادار رصد بعيد المدى، وأنظمة رادار إضافية لرصد عمليات إطلاق الصواريخ ومراقبة الترددات اللاسلكية، إلى جانب منظومات مراقبة كهروبصرية.

بعد استلام "الجيش" الإسرائيلي هذا المنطاد، تم اختباره على الأرض لمدة تناهز عاماً ونصف عام، ثم تم تشغيله عملياتياً للمرة الأولى على الحدود الشمالية لفلسطين في السابع من كانون الثاني/يناير الماضي، بهدف رصد الطائرات بدون طيار والصواريخ الجوالة ذات المقطع الراداري الصغير، والتي يصعب تتبعها عن طريق الرادارات الأرضية. ويعيب هذه التقنية تكلفة تشغيلها الباهظة التي تبلع ما يناهز مليوناً ونصف مليون دولار شهرياً، إلى جانب حجمه الكبير الذي يجعل من السهل رصده وتتبع تحركاته، وربما استهدافه أيضاً.

منظومات برية وبحرية جديدة أخرى تم الدفع بها إلى ميدان غزة
نفذت البحرية الإسرائيلية عمليات قتالية من البحر باتجاه قطاع غزة، واستخدمت خلالها بشكل رئيسي الكورفيتات الصاروخية "ساعر-5" و"ساعر-4.5"، لكنها أدخلت للمرة الأولى على المستوى العملياتي أحدث الكورفيتات الصاروخية في ترسانتها - "ساعر-6" - إلى الميدان البحري في قطاع غزة بداية من كانون الأول/ديسمبر الماضي، إذ تمتلك 4 كورفيتات من هذا النوع، اكتمل تجهيز 3 منها بالأنظمة القتالية الكاملة، وتم الدفع باثنين منها للمشاركة في العمليات قبالة ساحل قطاع غزة، في حين تم الدفع بالكورفيت الثالث إلى قبالة ساحل فلسطين الجنوبي في البحر الأحمر.

تم تصميم هذه الكورفيتات بشكل أساسي لحماية المنطقة الاقتصادية الخالصة قبالة ساحل فلسطين المحتلة، والتي تشمل حقول الغاز، وتتزود بنحو 18 نظاماً قتالياً متطوراً، وتبلغ إزاحتها الكلية 1900 طن، وتتسلح بـ16 خلية إطلاق عمودي لصواريخ الدفاع الجوي "باراك-8"، و40 خلية إطلاق النسخة البحرية من منظومة الدفاع الجوي "القبة الحديدية"، و16 صاروخاً مضاداً للسفن من نوع "جابرييل-5".

على المستوى البري، دفعت الوحدات المدرعة الإسرائيلية بالنسخة الأحدث من دبابات "ميركافا"، وهي الجيل الخامس "باراك"، ضمن عملياتها في قطاع غزة مؤخراً، وهي أحدث ما تم ضمه إلى الترسانة الإسرائيلية، إذ دخلت إلى الخدمة في الوحدات المدرعة الإسرائيلية في أيلول/سبتمبر 2023. 

يتميز هذا الجيل بتزود طواقمه بخوذات خاصة مطابقة للخوذات التي يرتديها طيارو مقاتلات "إف-35"، توفر لكل فرد من أفراد الطاقم القدرة على المعرفة الفورية بكل المعلومات الفنية الخاصة بحالة الدبابة وذخيرتها، إضافة إلى استخدام تقنية "الرؤية الحديدية" التي تمكن قائد الدبابة من الرؤية بزاوية 360 درجة حول الدبابة.

كذلك، تحدثت تقارير إسرائيلية عن بدء تجربة نوعين جديدين من أنواع الصواريخ الكتفية المضادة للدروع، هما "هوليت" و"ياتيد" في معارك غزة، إلى جانب الاستخدام الأول لنوع جديد من أنواع قذائف الهاون عيار 120 ملم، تسمى "Iron Sting"، تزن القذيفة الواحدة نحو 17 كيلوغراماً، وتستخدم التوجيه بالليزر ونظام تحديد المواقع العالمي لتحقيق إصابات دقيقة، ويصل مداها إلى 10 كيلومترات.

يلاحظ هنا أن عدة تجارب تمت على التجهيزات المساعدة للأسلحة الفردية خلال المعارك الحالية في قطاع غزة، مثل الجيل الثالث من نظام التصويب "Smash"، وهو نظام تصويب تتزود به الأسلحة الفردية لمساعدة جنود المشاة على تحديد الأهداف والتنشين عليها بدقة أكبر، وتجهيزات الرؤية الليلية "Edo" التي يتم تثبيتها على الخوذات القتالية، والتي تتيح لجنود المشاة رسم صورة ثلاثية الأبعاد للمناطق التي يتحركون فيها، حتى في الأماكن المغلقة والمظلمة تماماً. 

وكذلك منظومة تصويب دقيقة تمت تجربتها على أسلحة القنص والرشاشات المتوسطة، يتم من خلالها التصويب باستخدام كاميرات متقدمة مثبتة على السلاح الذي يوضح في منصة خاصة أعلى العربات المدرعة، وهي منظومة ما زالت قيد التجربة الميدانية، ولم تتم تسميتها حتى الآن.


محمد منصور | الميادين نت