2024-11-25 11:50 م

الصهيونية الدينية بوجه التمرّد «الحريدي»: كل الخيارات مرّة

قوبلت أقوال الحاخام الرئيس لإسرائيل، و«الأول لصهيون»، يتسحاق يوسف، الذي هدّد بهجرة أبناء تياره من إسرائيل إذا ما أُجبر الشباب «الحريديون» على أداء الخدمة العسكرية، بضبط نفس «مثير للدهشة»، في أوساط الائتلاف الحاكم. أمّا السبب وفقاً لموقع «واينت»، فهو «الخشية من زعزعة الائتلاف أو تفكّكه»، أو بسبب اتفاقيات دينية معيّنة، بينها تعيين الحاخام الرئيس الجديد خلفاً للحالي، أو تعيين حاخامات مدن مختلفة، الأمر الذي دفع صنّاع القرار إلى «المحافظة على صمتهم»، فيما أولئك الذين انتقدوا تصريحات يوسف «فعلوا ذلك بطريقة منضبطة».وفي هذا الإطار، بدا كل من وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، اللذان تهرّبا في الأسابيع الأخيرة من التطرّق إلى قانون التجنيد ومسألة المساواة في الأعباء، حذرَين جداً في التعاطي مع التصريحات التي أدلى بها يوسف في توقيتٍ حساس. ولم يعبر بن غفير عن أي موقف باستثناء طرحه لحل دمج «الحريديين» الذين لا يدرسون في المعاهد الدينية في منظومة الشرطة و«الحرس القومي». أما سموتريتش الذي رد على يوسف، فرأى مناصروه أن ردّه كان «منضبطاً جداً ولا يعكس مزاج الجمهور الذي يمثله»؛ إذ كتب عبر حسابه على منصّة «إكس»: «التصريحات مخالفة للتوراة ومؤذية وتضيف إلى القلب جرحاً فوق جرح، أتمنى على من قالها فهم خطئه والتراجع عنه والاعتذار».
هكذا، يبدو الصراع الذي يتخبط فيه الوزيران واضحاً؛ فمن جهة، هما يمثلان جنود الاحتياط من الصهيونية الدينية، والذين وُضعوا كرأس الحربة في الحرب الحالية. ومن جهة ثانية، «هما من عالم التوراة وجمهور المؤمنين الذي يشعر باضطهاد متواصل منذ سنوات». وطبقاً للموقع، «ليس من الضروري أن يكون المرء لاعباً سياسياً أساسياً حتى يفهم ما يمكن أن تفعله هذه القضية بالائتلاف الحاكم (المكوّن من 64 عضواً)، والذي منذ تنصيبه لم يهنأ بلحظة صمت واحدة». ورغم أن «أحداً لا يرغب في إضافة المزيد من الوقود إلى النار، ورغم محاولة الابتعاد عن الموضوع قدر الإمكان، فإن الحرب الطائفية القديمة بين اليهود المتشددين والصهاينة المتدينين تضع بن غفير وسموتريتش للمرّة الأولى في واحدة من أصعب معضلاتهما، وربما حتى في اختبار حاسم». وبحسب الموقع فإنه «في مواجهة نفاد صبر الشباب الصهيوني المتديّن في ما يتعلق بميزانيات المدارس الدينية والخدمة في الجيش، سيتعين على سموتريتش وبن غفير أن يقررا مع أي جانب سيقفا»؛ إذ إنّ لكل قرار من قراراتهما عواقب سياسية واسعة النطاق قد تطالهما أو تطال الائتلاف.
أمّا الصوت الوحيد الذي خرق المشهد تقريباً فكان صوت عضو «الكنيست»، أوهاد طال من «الصهيونية الدينية»، والذي هو أساساً جندي في الاحتياط. إذ فضّل طال الرد على يوسف بحدّة، قائلاً إنه «محزن بل ومعيب أن يصرح الحاخام الرئيس هكذا، وخصوصاً في زمن الحرب». وأضاف أنه «في حرب الميتزفة يخرج كل شيء، حتى العريس من غرفته والعروس من حجابها»، في إشارة إلى «الحرب المقدسة التي على جميع شعب إسرائيل التجنّد لها». وليست هذه هي المرة الأولى التي «يشذّ» فيها طال عن العقلية التي تحكم حزبه. فبينما يستسلم غالبية أعضاء «الكنيست» في الحزب للاعتبارات الائتلافية، يعبّر طال عن صوت غالبية ناخبي التيار الصهيوني الديني. وهو الذي دعا منذ مدّة إلى قطع الميزانيات عن المدارس الدينية التي لا يخدم طلابها في الجيش، في تصريح كان سيفضي، في ما لو قاله سموتريتش، إلى أزمة سياسية حادة.
من جهته، قارن عضو «الكنيست»، سيمحا روثمان، وهو أحد أبرز الشخصيات في «الصهيونيّة الدينيّة»، تصريحات الحاخام الرئيس بتلك التي سمعت من الجانب الآخر من الخريطة، أو مع منظمات مثل «إخوة السلاح». ورداً على سؤال حول استمرار ولاية الحاخام وما إذا كان ينبغي إنهاؤها، رفض الإجابة، بحجة أن ولايته على وشك الانتهاء على أي حال، ونقاش ذلك عديم الفائدة، وخصوصاً أنّ أي حاخام رئيس آخر سيأتي من بعده، سيواجه القضية ذاتها. أما بقية أعضاء «الصهيونية الدينية» فالتزموا الصمت، أو أطلقوا شعارات عامة حول «إيمانهم بأرض إسرائيل»، فيما دافعت الأحزاب «الحريدية» عن تصريح يوسف، وكتلة «شاس»، التي خدم عدد من أعضائها الحاليين والسابقين وأبناؤهم في الجيش، فضّلت مهاجمة يائير لابيد، الذي شجّع صمته أثناء مدة الاحتجاجات ضد «الانقلاب القضائي»، المحتجين على الاستمرار. وبالنسبة إلى «الليكود»، فقد اختفى أعضاؤه تقريباً، مواصلين صمتهم، باستثناء وزير التربية والتعليم، يوآف كيش، الذي كتب في حسابه على منصة «إكس»: «الخدمة في الجيش هي امتياز عظيم. والعيش في دولة إسرائيل هو امتياز عظيم بالقدر نفسه. لقد انتصر جيلنا لأنه يستطيع حماية شعب إسرائيل والدولة. وعندما نناضل من أجل حقنا في العيش هنا، يجب على كل شعب إسرائيل أن يوضع تحت النقالة»، في إشارة إلى تقاسم العبء.
إلا أن «واينت» رأى أنه «ليس من قبيل الصدفة أن الذين انتقدوا أقوال الحاخام كانوا قلّة... فقد وصل تصريح يوسف إلى المنظومة السياسية في وقت حسّاس جداً: من جهة، جمهور كبير من الخادمين في الجيش أعصابه متوترة، ومن جهة ثانية، ائتلاف متمسّك بأظفاره، وقضية كهذه يمكن أن تضعضعه إلى حدّ التفكّك». وخلص إلى أن بن غفير يتمسك بسياسة شد الحبل، فيما من الواضح تماماً أنه لن يتخلى عن موقعه حول طاولة الحكومة، «غير أن المسائل الدينية هي برميل بارود يمكن أن ينفجر في أيّ لحظة، وشاس عموماً ليسوا بن غفير، وخصوصاً أن شرف الحاخام يوسف واحترامه ليسا قضية يمكن مقارنتها بأزمات ائتلافية أخرى».

مُفجّر مبنى جامعة الإسراء لن «يعاقَب»
قرّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، عدم معاقبة قائد الفرقة العسكرية 99، العميد باراك حيرام، الذي أصدر أمراً بتفجير مبنى جامعة الإسراء في غزة، قبل نحو شهرين، مكتفياً بتسجيل «ملاحظة قيادية» في الملف الشخصي للضابط، وفقاً لما أعلنه الجيش. وسُجّلت الملاحظة التي لا تمنع ترقية حيرام، بسبب عدم حصوله على موافقة قائد المنطقة الجنوبية، يارون فينكلمان، للقيام بما قام به. وطبقاً لإذاعة الجيش، قال فينكلمان لحيرام إنه «لو تقدمتَ بالطلب لتدمير الجامعة لصادقتُ عليه». وبالتالي فإن الملاحظة التي سُجلت، كانت بسبب إصداره الأمر من دون أن تكون لديه صلاحية لذلك، وليس بسبب تفجير مبنى الجامعة وتسويته بالأرض. وادعى حيرام أن التفجير سببه أن «الجنود شعروا بالخطر، بناءً على معلومات استخبارية عن وجود أنفاق في الجامعة»، علماً أنه لم يُعثر على أنفاقٍ هناك. في المقابل، قد تحبَط ترقية حيرام بسبب إصداره أمراً إلى قائد دبابة، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بقصف منزل في «كيبوتس بيئيري»، ما أسفر عن مقتل 12 إسرائيلياً، واستشهاد عناصر «القسام» الذين كانوا داخله، وهي الحادثة التي لا يزال يُجرى فيها تحقيق.

المصدر: الاخبار اللبنانية