2024-11-25 06:53 م

تغذية الفوضى و "الفلتان" الأمني-كيف يسعى الاحتلال للإطاحة بحكم حركة حماس في غزة؟

أعلن قادة حكومة الاحتلال الإسرائيلي منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أنّ الحرب تهدف لتحقيق عدد من الأهداف، أبرزها القضاء على حركة حماس والإطاحة بحكمها في القطاع.

وتدير حركة حماس الحكومة في قطاع غزة منذ فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، وتدرجت مستويات هذه الإدارة وفق المباحثات الفلسطينية الداخلية لإنهاء الانقسام الحكومي بين غزة والضفة الغربية، وصولا إلى تشكيل لجنة إدارية عام 2017، لإدارة الوزارات والمؤسسات الحكومية في القطاع.

وحاول الاحتلال خلال حربه المستمرة للشهر السادس على التوالي، تكثيف عمليات قصف وتدمير المؤسسات والوزارات الحكومية، إلى جانب الاستهداف المباشر لشخصيات حكومية في غزة.

لكن هذا الاستهداف لم ينجح في وقف العمل الحكومي في غزة، وواصلت طواقم حكومية العمل على صُعد مختلفة، للتخفيف عن الفلسطينيين آثار العدوان الإسرائيلي الوحشي، الذي تجاوز كل الحدود، ووصل إلى تدمير المستشفيات والقطاع الصحي.

أولويات لجنة الطوارئ الحكومية
وأكدت مصادر حكومية بغزة لـ"عربي21" أن لجنة الطوارئ العليا في غزة، تضع ثلاثة ملفات كأولوية للعمل خلال العدوان الإسرائيلي المستمر لليوم الـ158 على التوالي.. الأول يتعلق بحفظ الأمن ومواجهة محاولات الاحتلال بنشر الفوضى، عبر استهدافه المباشر لدوريات الشرطة ورجال الأمن.

والملف الثاني يتعلق بإغاثة الفلسطينيين سواء النازحين المكتظين في جنوب ووسط القطاع، أو المحاصرين في مدينة غزة وشمال القطاع، وذلك بالتنسيق والتعاون مع مؤسسات الإغاثة الدولية والمحلية.
والواقع الصحي المتدهور في قطاع غزة واحدة من الأولويات الثلاث، التي تضع لجنة الطوارئ الحكومية جُلّ اهتمامها للمساهمة في الحد من تدهوره، خاصة أنّ جيش الاحتلال يتعمد استهداف المستشفيات والطواقم الطبية بشكل مباشر.

وفي ظل هذه الجهود، يحاول الاحتلال جر قطاع غزة إلى مربع الفوضى والفلتان الأمني، عبر طرحه خطة جديدة لتمكين العشائر والعائلات الكبيرة من إدارة شؤون القطاع، بدلا عن لجنة المتابعة الحكومية التابعة لحركة حماس.

وتسعى سلطات الاحتلال من هذه الخطوة لخلق ظروف مواتية لتمكين إدارات محلية تدير غزة، ضمن مساعي الإطاحة بحكم حركة حماس.

تواصل مع بعض العشائر

 وكشف مصدر عشائري لـ"عربي21" أن مكتب منسّق حكومة الاحتلال، الذي يترأسه الضابط في "الجيش" غسان عليان، تواصل مع شخصيات من بعض العشائر في قطاع غزة، في محاولة للدفع قدما في خطة حكم المناطق التي تتواجد فيها، إلا أنه لم يلق تجاوبا حتى الآن.

ولفت المصدر إلى أن "عليان" الذي يتحدث اللغة العربية، يركز في تواصله على عشائر بعينها، وتحديدا في منطقة الصبرة والزيتون والشجاعية، جنوب وجنوب شرق مدينة غزة، خاصة من تلك التي كان لها خلافات مع "حماس" على خلفية نزع سلاح العائلات في أعقاب أحداث الانقسام عام 2007.
وعلمت "عربي21" من مصدر موثوق أن حركة حماس على علم بتحركات الاحتلال ووكلائه الدوليين بخصوص تمكين العشائر، خصوصا في مناطق جنوب وجنوب شرق غزة، وأنها تتعامل مع هذا الأمر بحزم.

وقال المصدر، إن قياديا كبيرا في الجناح العسكري للحركة كلف بمهمة متابعة هذا الملف مع العشائر والعائلات في شمال قطاع غزة، وإن الحركة بالفعل شكلت لجانا خاصة للتعامل مع هذا الموضوع، بهدف عدم إتاحة الفرصة للاحتلال لإعادة حالة الفوضى والفلتان إلى قطاع غزة.

تغذية الفوضى وخلق الفراغ

من جانبه، رأى المحلل السياسي إبراهيم المدهون أن الاحتلال يسعى إلى تجاوز أي كيان فلسطيني رسمي، بما في ذلك حركة حماس والسلطة الفلسطينية، بهدف تغذية الفوضى وخلق الفراغ.

وأضاف المدهون أن "الاحتلال لا يرغب في تعزيز كيان فلسطيني موحد يربط بين غزة والضفة، لذلك فهو يرفض إدارة السلطة لغزة بعد الحرب، ولا يقبل بقاء حكم حماس، خشية من تكرار معركة طوفان الأقصى".

وبحسب تقدير المحلل السياسي، فإن الاحتلال لن ينجح في تشغيل العوائل والعشائر بسبب رفضها وعدم تجاوبها، إلى جانب ارتكاز القوة في غزة على الفصائل الفلسطينية.

ورجح أن يفشل الاحتلال في محاولاته الاعتماد على العشائر والعائلات الفلسطينية، بديلا عن حكم حركة حماس.

وكان مفوض عام العشائر الفلسطينية في قطاع غزة عاكف المصري، قال في تصريح سابق لـ"عربي21" إن "جيش الاحتلال حاول التواصل مع العشائر في غزة حول توزيع المساعدات وإدارة شؤون القطاع، ولكن العائلات ‎رفضت التعاطي مع هذا الطلب".
وأكد المصري أن "الهيئة العليا لشؤون العشائر في قطاع غزة لديها موقف واضح وصريح، وهو عدم التعاطي مع الاحتلال الإسرائيلي بخصوص أي ترتيبات في قطاع غزة"، مشيرا إلى أن "إدارة القطاع هي شأن فلسطيني داخلي ولا أحد يحدد مصير قطاع غزة غير الفلسطينيين".

وشدد على أن "الاحتلال يحاول عبر حصار العائلات إرغامها على التعامل معه، مستخدما في ذلك سلاح التجويع بجانب القصف والقتل وقنص المواطنين على طوابير استلام المساعدات".

وتابع قائلا: "الاحتلال يسعى لتنفيذ مخطط خبيث لخلق الفتنة في المجتمع الفلسطيني، ولكن هذا المخطط مكشوف ومفضوح وشعبنا الفلسطيني وعائلاتنا العريقة المناضلة ممثلة بالهيئة العليا لشؤون العشائر ستفشل كل هذه المخططات، وشعبنا الفلسطيني وعائلاتنا الفلسطينية لديها الوعي الوطني الكافي لإفشال كل هذه المخططات".

ودعا المصري كل الأطراف الفلسطينية إلى الإسراع في إنهاء الانقسام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية بشكل عاجل إلى حين إجراء الانتخابات العامة، لتفويت كل الفرص على مخططات الاحتلال.