2024-11-25 07:32 م

ما سر ضخ عشرات المليارات في مصر تزامناً مع حرب غزة؟

في غضون 10 أيام فقط، انتقلت مصر من حافة الكارثة الاقتصادية إلى إطلاق سراح أكثر من 40 مليار دولار من الاستثمارات والقروض من الإمارات وصندوق النقد الدولي، مع احتمال وصول المزيد من السعودية وغيرها.  وفي يوم الأربعاء، وكجزء من ذلك، قامت بأكبر زيادة في أسعار الفائدة على الإطلاق وسمحت لعملتها بالانخفاض بنسبة تزيد عن 38% في عملية التعويم التي طال انتظارها.  وكانت هذه التحركات تتويجاً للجهود العالمية، بقيادة دول الخليج الغنية بالنفط وصندوق النقد، وبدعم من الولايات المتحدة، لتحقيق الاستقرار في بلد يعتبر استقراره أمراً حاسماً بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وقد تضرر من ارتفاع التضخم والأزمة المالية.  ويشيد المستثمرون الأجانب بالفعل بهذا التحول ويقولون إنهم يتوقعون أن تجتذب مصر مليارات الدولارات من تجار السندات في الأشهر المقبلة، وفقاً لتقرير أوردته شبكة "بلومبيرغ" الأميركية اليوم الخميس.  وقد تكون الخطوة التالية للبلاد التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة، استثماراً بمليارات الدولارات في الأراضي من السعودية.

وتُجري السلطات المصرية والسعودية محادثات أولية بشأن حقوق تطوير منطقة ساحل شمال البحر الأحمر المعروفة باسم "رأس جميلة"، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لأن المفاوضات ليست علنية، فيما لم تستجب السلطات السعودية لطلبات التعليق.  وإذا تم الاتفاق على الصفقة، فسوف تتبع المملكة الإمارات المجاورة، التي أعلنت عن استثمار بقيمة 35 مليار دولار – وهو الأكبر في تاريخ مصر. وسيكون معظم ذلك لتطوير شبه جزيرة على ساحل البحر الأبيض المتوسط تسمى رأس الحكمة.  وقالت كبيرة الاقتصاديين في "بنك أبوظبي التجاري ش م ع" مونيكا مالك: "وصلت مصر إلى نقطة الانهيار وحجم صفقة رأس الحكمة أظهر عمق الأزمة"، مضيفة: "لا تريد الإمارات ولا دول الخليج الأخرى رؤية ربيع عربي آخر أو اضطرابات سياسية في مصر".  وقد بدأت أحدث موجة من الاضطراب الاقتصادي في مصر في عام 2022، عندما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية ورفع تكلفة القمح والوقود المستوردين. وفرّ مستثمرو السندات بالجملة، وسحبوا نحو 20 مليار دولار من البلاد.  وأدى العدوان المتواصل على غزة إلى تفاقم الضغوط، فابتعد بعض السياح عن شواطئ مصر ومواقعها الأثرية، في حين تسببت هجمات الشحن التي شنها الحوثيون في البحر الأحمر في تراجع حركة المرور عبر قناة السويس، وهي مصدر دخل مهم لمصر.

وكانت مصر، إلى جانب الولايات المتحدة وقطر، وسيطا رئيسياً في محادثات وقف إطلاق النار، وتحاول إدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع رغم مقاومة دعواتها لاستقبال مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين من غزة. وتقول إن ذلك من شأنه أن يقوض قضيتهم من أجل إقامة دولة مستقلة ويشكل تهديداً أمنياً.  وأفادت المصادر بأن المفاوضات بين السلطات المصرية والسعودية بشأن رأس جميلة، الموقع الذي يقع بالقرب من منتجع شرم الشيخ في سيناء وعبر البحر الأحمر من مشروع نيوم الضخم في السعودية، لا تزال في مراحلها الأولى وقد تفشل.  والموقع أصغر بكثير من رأس الحكمة، الذي يناهز تقريباً 3 أضعاف حجم مانهاتن. ومع ذلك، فإن أي اتفاق قد يصل إلى عدة مليارات من الدولارات، بحسب المصادر.  ولفت بعض الأشخاص إلى أن تحركات الإمارات في مصر، بما في ذلك الاستحواذ على حصص في الشركات المملوكة للحكومة، دفعت السعودية، التي تعتبر نفسها صاحبة الثقل السياسي الإقليمي، إلى تسريع محادثات الصفقة الخاصة بها.  وقال كبير محللي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة "أوراسيا" عمر منيب: "من المرجح أن تتبع الصفقات الاستثمارية الأخرى مع المزيد من الشركاء الخليجيين الصفقة الإماراتية".

ومن المفترض أن توفر هذه الأموال، بالإضافة إلى المزيد من الأموال المتوقعة من أمثال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لمصر ما يكفي من النقد للحفاظ على استقرار عملتها المعومة حديثا والوفاء بالتزامات ديونها. وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى رفع التصنيف الائتماني لمصر، التي تقع في منطقة غير مرغوب فيها، وبالتالي خفض تكاليف الاقتراض، وفقاً لمنيب.  وكانت دول الخليج الغنية بالطاقة منذ فترة طويلة مصدرا للدعم لمصر. لكن هذه الأموال أصبحت أكثر مشروطة حيث سعت الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر إلى تأمين استثمارات جذابة بدلا من مجرد تقديم الصدقات.  وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن الحرب في غزة جعلت الوضع أكثر إلحاحاً، فيما ذكر رئيس توقعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة "بانجيا-ريسك" الاستشارية بلال بسيوني أن "الأزمة المحيطة بغزة أعادت التأكيد على النفوذ الجيوسياسي لمصر. لقد جعل الدول تركز بشكل أكبر على تحقيق الاستقرار في مصر بالنظر إلى "حجمها وتأثيرها على الديناميكيات السياسية الإقليمية".

المصدر: العربي الجديد