2024-11-25 01:43 م

وزير اوقاف فلسطين: قرار منع دخول المصلين للاقصى يصب الزيت على النار

انتقد وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني، الدكتور حاتم البكري، القرار الأخير الذي أصدرته إسرائيل بالحد من وصول ودخول الفلسطينيين من القدس والداخل (أراضي 48) إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، قائلا: "هذه الخطوة تمس مشاعر ملياري مسلم حول العالم، وإسرائيل بذلك تصب الزيت على النار المشتعلة، وتأخذ المنطقة كلها إلى حرب دينية".

وأضاف البكري، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "علاقتنا بالمسجد الأقصى علاقة مقدسة، ولن يستطيع أحد النيل منها، والاحتلال يتحمل المسؤولية الكاملة عن إجراءات منع المصلين من دخول المسجد الأقصى المبارك".

ولفت إلى أن "الاعتداء على المساجد والكنائس في قطاع غزة بدأ في اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي؛ فمنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر دمّر الاحتلال عددا كبيرا من المساجد، وقد بلغ عدد المساجد المُدمّرة أكثر من 200 مسجد تدميرا كاملا، بالإضافة لمئات المساجد التي دمرت بشكل جزئي، وبنسب تدمير متفاوتة".

ودعا وزير الأوقاف الفلسطيني، دول العالم إلى "الوقوف مع الشعب الفلسطيني ولجم هذا الاحتلال الغاشم"، مُشدّدا على ضرورة "الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على الأماكن المقدسة".

وإلى نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

هل هناك رصد بأعداد المساجد والكنائس التي قام الاحتلال الإسرائيلي بتدميرها حتى الآن خلال عدوانه الحالي؟

الاعتداء على المساجد والكنائس في قطاع غزة بدأ في اليوم الأول للحرب على غزة؛ فمنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر دمر الاحتلال عددا كبيرا من المساجد، وقد بلغ عدد المساجد المُدمّرة أكثر من 200 مسجد تدميرا كاملا، بالإضافة لمئات المساجد التي دمرت بشكل جزئي، وبنسب تدمير متفاوتة، لكن نستطيع القول بأن أكثر من 1000 مسجد (من أصل 1200 مسجد) في قطاع غزة قد تضررت بشكل جزئي أو كلي.

أما الكنائس فقد تضرّرت كما تضرّرت المساجد نتيجة الاستهداف، وتدمّرت بشكل جزئي، أما التدمير الشامل والكلي فكان من نصيب المساجد التي تعرّضت لقصف متواصل، وتدمير، وتحطيم كامل، ولا نستطيع حصر الأعداد بشكل دقيق لأن القصف متواصل، والاعتداء مستمر.

لماذا تعمدت إسرائيل قصف أماكن العبادة برأيكم؟

إسرائيل تشنّ الاعتداءات على كل شيء، وكان للمساجد حظ كبير ووافر من تلك الاعتداءات المتواصلة؛ فهي التي ينطلق منها الناس للتعبير عن سخطهم تجاه هذا الاحتلال، بالإضافة إلى الرمزية الدينية التي تُمثلها المساجد في قلوب الناس، فلذلك حاولت ضرب هذه الرمزية من خلال الاعتداء عليها، وتحطيمها، وكذلك حتى لا تكون ملاذا آمنا للمواطنين في قطاع غزة خلال الحرب.

وبالإضافة إلى المساجد فقد قصفت دولة الاحتلال كل شيء؛ فاعتدت على جميع المؤسسات الفلسطينية سواء كانت مسجدا، أو وزارة، أو هيئة، أو مكانا للالتقاء، بالإضافة إلى مؤسسات التربية والتعليم كالجامعات والمدارس والمؤسسات التربوية، وتدمير كل شيء في قطاع غزة.

كيف ترى الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي، وهل ستنجح إسرائيل في مخططها بخصوص تغيير واقع المسجد الأقصى؟

المسجد الأقصى المبارك له رمزية دينية كبيرة في تاريخ الشعب الفلسطيني، والاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك لم تتوقف منذ عام 1967، وقد بدأت بحرقه عام 1969، ولا زالت الاعتداءات متكررة وممنهجة منذ ذلك الوقت وحتى الساعة.

وقد رأينا أن الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك قد زادت وتيرتها منذ عدة أعوام، لكن في ظل الحرب التي يشنّها الاحتلال على قطاع غزة، رأى الاحتلال أن الفرصة سانحة له حتى يقوم بالاعتداء على المسجد الأقصى المبارك، وإجراء التغيير على وضعه الزماني والمكاني، لذلك حالت قوات الاحتلال بين المصلين والمسجد الأقصى المبارك؛ فقامت بتقليل أعداد الراغبين في الصلاة فيه، وفرضت سنا معينا لدخوله، ومنعت عددا كبيرا من الشباب من الصلاة فيه، كما منعت دخول النساء، والمرابطين والمرابطات.

وبعد أن فرضت حصارا كبيرا على المسجد الأقصى المبارك، فرضت حصارا على البلدة القديمة في القدس، ثم حصارا على مدينة القدس، وهكذا نرى أن الاعتداء قد نال حظا كبيرا منه المسجد الأقصى المبارك.

والمسجد الأقصى المبارك له رمزية دينية كبرى، وتحاول إسرائيل بهذه التصرفات أن تفرض واقعا جديدا على المسجد الأقصى كما هو الواقع السيئ الذي حصل مع الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، من حيث السيطرة على البُعد المكاني والزماني فيه، لذا هي تحاول أن تكرر الأمر مع المسجد الأقصى المبارك، لكن باعتقادي أن هذا لن ينجح بإذن الله سبحانه وتعالى، وأن المسلمين يتنبهون إليه.

والمقدسيون والشعب الفلسطيني أيضا يتنبه جيدا إلى هذه النقطة، لذا يحاول أن يتواجد دوما في المسجد الأقصى المبارك، سواء بأعداد قليلة أو كثيرة، حتى تفشل خطة الاحتلال في تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانيا أو مكانيا.

إسرائيل قرّرت مؤخرا تقييد والحد من وصول ودخول الفلسطينيين من القدس والداخل (أراضي 48) إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، استجابةً لتوصية وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.. ما تداعيات تلك الخطوة؟

الوزير «بن غفير» منذ أن قدم إلى هذه الحكومة وهو يحاول أن يفرض لنفسه وجودا في القرارات التي من شأنها أن تكون نقطة اشتعال للمنطقة، وقد حاول بكل الطرق والوسائل الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك، وأن يبيح اقتحامه، فهو يدرك -وأمثاله– قيمة المسجد الأقصى الكبيرة عند الشعب الفلسطيني، وعند الأمتين العربية والإسلامية، ويحاول الضغط على هذه النقطة.

ويحاول السيطرة على المسجد الأقصى من خلال إقناع المستوطنين بأن لهم الأحقية في دخول المسجد الأقصى المبارك، والاعتداء عليه، والاقتحامات المتكررة للمسجد ما هي إلا فكرة من أفكاره، ويحاول أن يظهرها بشكل متواصل وعلني، كما يُحرّض على منع المسلمين من دخول المسجد الأقصى المبارك، من خلال تقييد تواجدهم، وحركتهم، وتقييد حريتهم في العبادة، كما يحاول أن يبرز قوة الاحتلال في التعامل مع مثل هذه القرارات المتعلقة بالمسجد الأقصى المبارك.

وقرار الاحتلال الأخير بالحد من دخول الفلسطينيين للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان هو قرار ظالم ومرفوض وباطل جملة وتفصيلا، لأنه يتعارض صراحةً مع حرية العبادة، ونحن نحرص كثيرا على الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، وعلاقتنا بالأقصى علاقة مقدسة ولن يستطيع أحد النيل منها، والاحتلال يتحمل المسؤولية الكاملة عن إجراءات منع المصلين للمسجد الأقصى المبارك.

وهذه الخطوة التي أعلنت عنها حكومة الاحتلال لا تمس الشعور المقدسي أو الفلسطيني فقط، بل تمس مشاعر ملياري مسلم حول العالم، وهي بذلك للأسف تصب الزيت على النار، وتأخذ المنطقة كلها إلى حرب دينية، وتهيء الشرق الأوسط إلى حرب أكبر وأخطر مما هي عليه الآن.

هل العدوان الإسرائيلي الحالي يمكن وصفه بـ "الحرب الدينية"؟ وهل إسرائيل تسعى لجر ‏المنطقة إلى "حرب دينية"؟

الاعتداء على الأماكن الدينية هي منهجية الاحتلال منذ عام 1948؛ فمئات بل آلاف المساجد في المناطق المُحتلة عام 1948 دُمّرت وحُوّلت إلى أماكن أخرى غير الواقع الذي كانت عليه، وهي سياسة تتبع الآن في الضفة الغربية، وفي قطاع غزة.

وفي هذه الحرب تميز الاحتلال في اعتدائه على الأماكن الدينية، ويحاول أن يجر المنطقة بالفعل إلى نقطة غير طبيعية، وتتمثل في تصوير الحرب في هذه المرحلة على أنها حرب على الأماكن الدينية، لاستفزاز المسلمين، واستفزاز أبناء الديانات الأخرى من خلال الاعتداء على الأماكن المقدسة لديهم.

وبالفعل، هذه التصرفات من الممكن أن تجر إلى حرب دينية خطرة في المنطقة، بل وحرب دينية في العالم، وهذا ما يخشاه العالم، يخشى أن يصبح مآل هذه المرحلة إلى حرب دينية لا تُبقي ولا تذر، لذا يجب أن يكون هنالك لجمٌ لهذا الاحتلال، وألا تبقى المساجد والأماكن الدينية مواقع للاستهداف، فيقصفها، أو يعتدي عليها، أو يُحطمها، أو يُدمّرها؛ لأنها ستخلق حالة استفزاز للمسلمين في شتى بقاع الأرض.

هل فكرة "الاصطفاء الديني" و"شعب الله المختار" الموجودة داخل إسرائيل تبرر الجرائم البشعة التي ترتكبها قوات الاحتلال؟

الاحتلال الإسرائيلي، والإسرائيليون بشكل عام، يحاولون عبر تاريخهم أن يبرزوا أنفسهم على أنهم "شعب الله المختار"، وأن لهم قيمة، وأنهم الشعب الذي يجب أن يكون له كل الامتيازات والإمكانيات، وأن الله قد اصطفاهم وفضلهم على خلقه أجمعين، لذا يبررون كل تصرفاتهم من خلال هذا المنطلق، وهذا ما كان يفعله اليهود منذ الأزمنة البعيدة في التاريخ.

يقولون: "نحن شعب الله المختار"، وهذه مقولة خاطئة، لأنه لا يوجد تميز لشعب على شعب، أو لأمة على أمة إلا بالتقوى، والإيمان، والإخلاص لله سبحانه وتعالى، لكنهم قالوا: «ليس علينا في الأميين سبيل»، بمعنى: "ليس علينا حرج في أموال العرب، قد أحلّها الله لنا"؛ فاختاروا لأنفسهم  التفضيل على الآخرين، وجعلوا لأنفسهم الأحقية في الإبادة والقتل والتدمير، وإنهاء حياة الآخرين، والاعتداء عليهم، وتحطيم ممتلكاتهم وثرواتهم، وقتل نسائهم وأطفالهم، وهذه النظرة ليست صحيحة مطلقا؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- قد توعد كل مَن يخالف أمره بالعقاب الأليم، والعذاب الشديد.

لو تحدثنا عن استعداد وزارة الأوقاف الفلسطينية لشهر رمضان المبارك الذي لم يتبق عليه ‏سوى أيام قليلة؟

وزارة الأوقاف الفلسطينية تحاول أن تهيء كل الأمور والإمكانيات لاستقبال شهر رمضان المبارك، من خلال تهيئة المساجد، والإيعاز للأئمة والعاملين في المساجد بالحديث عن شهر رمضان باعتباره شهر خير وبركة، وشهر تجمع المسلمين، والدعوة لحث المسلمين على أن يكونوا إخوة، وأن يتعاونوا فيما بينهم، وأن يساند بعضهم بعضا، وأن يقف الأغنياء مع الفقراء، وأن يكون الشعب الفلسطيني يدا واحدة، ولُحمة واحدة، والحث على الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام الذي حل بشعبنا الفلسطيني، وأن تكون الوحدة الفلسطينية هي الرائدة، والقائدة لشعبنا في المرحلة المقبلة؛ لأننا ندرك كوزارة للأوقاف أن في الاتحاد قوة، وأنه كلما كان الشعب الفلسطيني متمكنا من وحدته، كانت هناك منهجية، وسهُل الطريق نحو الانعتاق من هذا الاحتلال.

كيف تقرأ موقف العلماء المسلمين من العدوان الإسرائيلي، وماذا عن رؤيتكم لموقف منظمة المؤتمر الإسلامي بشكل خاص؟

ما يتعلق بموقف علماء المسلمين، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، فنقول بكل صراحة: يجب أن يكون للمنظمة موقف أقوى ومُساند بشكل أكبر، واتباع منهجية ذات رؤية واضحة في التعامل مع دعم القدس والمسجد الأقصى المبارك والأماكن المقدسة، لأن منظمة المؤتمر الإسلامي كان سبب إيجادها ووجودها هو الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك عام 1967، فهي من مخرجات الاعتداءات على المدينة المقدسة، والمسجد الأقصى المبارك.

كما يجب أن يكون دورها فاعلا ومؤثرا ونشطا في التعبير عن رؤيتها وعن أهدافها وقراراتها، وذلك من خلال الدعم، أو الإسناد للمسجد الأقصى المبارك، لكن ما نراه في هذه المرحلة لا يليق بحجم الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك، ولا على المدينة المقدسة، ولا على فلسطين.

لذا يجب أن يكون لها دور كبير ومؤثر، وأن تتبنى الدفاع عن القائمين على حماية القدس والمقدسات والمسجد الأقصى والأماكن الدينية في مدينة القدس، كما نأمل أن يتغير الموقف وأن تصبح إدارتها، وإرادتها تجاه القدس واضحة وملموسة، وأن يكون لها تأثير في الدفاع عن المدينة المقدسة.

ما تقييمكم لمواقف الدول الإسلامية من العدوان الإسرائيلي؟

من الواجب أن تكون الأمة العربية، والأمة الإسلامية متوحدة في عملية لجم هذا الاحتلال، ووضع حد لحربه المفتوحة على الشعب الفلسطيني، وخاصة على غزة وعلى مساجدها، وأماكن العبادة في كل المواقع الفلسطينية، فلا بد أن يكون هناك لجم لهذه الاعتداءات، ولهذه الحرب الشرسة التي تُشنّ على الأماكن الدينية في فلسطين.

من الواجب على العالم أن يقف مع الشعب الفلسطيني في لجم هذا الاحتلال، وإيقاف الحرب على الأماكن المقدسة وعلى غزة؛ فالحرب التي شنها الاحتلال قد أتت على أماكن كبيرة، وكثير من المساجد ودور العبادة، بالإضافة إلى قتل واستشهاد عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في هذه الحرب، وإصابة عدد كبير أيضا، بالإضافة إلى الهدم المتكرر لبيوت الشعب الفلسطيني، نتمنى أن يُلزم الاحتلال بوقف هذه الحرب؛ حتى يتمكن الفلسطينيون من العيش كبقية الشعوب، بعيدا عن هذا الاحتلال وإجراءاته.