2024-11-25 07:44 ص

المنطقة على فوهة بركان-تحذيرات مصرية من خطر استمرار حرب غزة في رمضان

كشفت مصادر مصرية، وأخرى دبلوماسية غربية في القاهرة، عن تفاصيل جديدة بشأن التحركات الرامية للتوصل إلى اتفاق تبادل أسرى بين حكومة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، وعن تحذيرات مصرية لأميركا وإسرائيل من خطورة المساعي الإسرائيلية لمواصلة حرب غزة خلال شهر رمضان (10 مارس/آذار المقبل) وسط تشكيك أوروبي بنوايا رئيس الحكومة الإسرائيلية بشأن وقف حرب غزة. 

وقال مصدر مصري مطلع على ملف العدوان على غزة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المشاورات متواصلة على أكثر من مستوى من أجل التوصل إلى اتفاق قبل حلول شهر رمضان".

وكشف عن "اتصالات رفيعة المستوى جرت، خلال الأيام الأخيرة الماضية، بين مسؤولين مصريين وآخرين إسرائيليين وأميركيين، حذرت مصر خلالها من خطورة المساعي الإسرائيلية الرامية لشن عملية عسكرية في رفح قبيل شهر رمضان".

استمرار حرب غزة سيضع المنطقة على فوهة بركان
وأضاف المصدر أن "المسؤولين المصريين أكدوا، خلال تلك الاتصالات، أن استمرار العمليات العسكرية بشكل عام، وشن عملية واسعة في رفح خلال رمضان، سيضع المنطقة برمتها على فوهة بركان، وأن خطورة ذلك لن تكون على إسرائيل فقط، ولكن على جميع دول المنطقة".

وحذر المسؤولون المصريون، بحسب المصدر، من أن هذا الأمر "سيضع المصالح الأميركية والإسرائيلية في دول المنطقة تحت خطورة داهمة، نظراً لطبيعة الشهر، والتجمعات الكبيرة اليومية التي تحصل خلاله، وهو ما يعد فرصة كبيرة لخروج تظاهرات ضخمة، وكذلك إمكانية تحولها لمهاجمة المصالح المرتبطة بالدول الداعمة لتل أبيب".

وأشار إلى أن "المسؤولين المصريين أكدوا أن الجميع سيكون في مأزق مع دخول شهر رمضان، وسط استمرار الأزمة بشكلها الراهن". وقالت "حماس"، في بيان أمس الجمعة، إن وفد الحركة برئاسة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية اختتم زيارة استمرت عدة أيام إلى مصر، أجرى خلالها لقاءات مع رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، وعدد من المسؤولين.

وبحسب بيان للحركة، فإن المباحثات تناولت "الأوضاع في قطاع غزة ووقف حرب غزة وعودة النازحين إلى أماكن سكنهم والإغاثة والإيواء، خاصة في شمال القطاع، وسبل تحقيق ذلك". وأشار إلى أنه "جرى التطرق إلى ملف تبادل الأسرى، وكذلك ما يخطط له الاحتلال في المسجد الأقصى في ظل قرار حكومة الاحتلال منع أهل الضفة والداخل المحتل من الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان".

تحركات أوروبية لدعم موقف الوسطاء المصريين والقطريين
في غضون ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، عن "تحركات أوروبية واسعة لدعم موقف الوسطاء المصريين والقطريين، في ظل دفع الإدارة الأميركية للتوصل إلى اتفاق يقضي بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، ويوقف إطلاق النار قبل حلول شهر رمضان". وقال دبلوماسي غربي، تنخرط بلاده في محادثات خاصة بجهود الوساطة، إن "الأزمة تتمثل في وجود حالة من عدم الثقة بموقف رئيس الحكومة الإسرائيلية (بنيامين نتنياهو) بشأن الإرادة المتعلقة بوقف إطلاق النار".

وأضاف أن "جهود وقف إطلاق النار تُبذل وسط قلق بالغ بشأن إمكانية تنفيذ الاتفاق حال التوصل إليه، وعدم خرقه"، مشيراً إلى أن "الأجواء في المشهد السياسي الإسرائيلي تشي بأمور مقلقة".

وتابع الدبلوماسي الغربي بأن نتنياهو "لا يفصح عن كل الأمور التي يفكر فيها، سواء لحلفائه في الداخل أو حتى لداعمي إسرائيل في الخارج، وهو ما دفع بعض الدول التي كانت تتبنى موقفاً مطلقاً داعماً لأداء الحكومة الإسرائيلية في بداية حرب غزة إلى تعديل مواقفها". وكشف أن "وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت نقل لمسؤولين أوروبيين أخيراً استياءه من إدارة نتنياهو، التي يتعمد خلالها إخفاء كثير من التفاصيل عن الجيش على سبيل المثال".

عوامل كثيرة تتداخل في الصراع
وحول تأخر الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار رغم ضغوط الوسطاء، قال السفير المصري السابق في تل أبيب عاطف سالم، لـ"العربي الجديد"، إن "الصراع في مجمله معقد، وتتداخل فيه عوامل كثيرة، وهناك بعد إقليمي وآخر أمني، بالإضافة إلى بعد ديني، إلى جانب التدخلات الدولية، وقد صدرت عدة قرارات من الأمم المتحدة تدعو إلى الحل".

وأوضح أن "هناك بعض الملاحظات التي تعرقل الوصول إلى اتفاق، منها مسائل داخلية إسرائيلية، أهمها تاريخياً أن بعض الحكومات الإسرائيلية سقطت بسبب مشاركتها في مؤتمرات السلام، وأن الحكومة الإسرائيلية الحالية رقم 37، هي أكثر الحكومات، منذ العام 1948، التي تعارض الحلول الداعية إلى إقامة دولة فلسطينية".

وأضاف سالم: "هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل خططت مشاريعها على أنها لن تعود إلى حدود عام 1967، من واقع استمراريتها في إقامة المستوطنات في الضفة الغربية، والفصل المتعمد بين الضفة وغزة"، مؤكداً أن "إسرائيل تتنصل من مسؤولياتها كقوة احتلال".

وقال سالم إنه "بالرغم من ذلك، فإنه من المتوقع أن يُتوصل إلى وقف إطلاق نار في الفترة القليلة المقبلة، نظراً إلى ضغوط عائلات الرهائن الموجودين لدى المقاومة في غزة، وكذلك الضغوط الخارجية على إسرائيل، والتوازنات بين ما هو أمني وسياسي داخل حكومة الاحتلال".

وكان دبلوماسي غربي أكد، في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، أن "هناك أملاً يلوح في الأفق في التوصل إلى اتفاق خلال الأسبوع المقبل، في ظل ضغوط تمارس على الأطراف ذات الصلة، لتقريب وجهات النظر، والفجوات الخاصة بعملية التفاوض".

وأوضح الدبلوماسي الغربي أن "الاتفاق الذي يجرى الحديث بشأنه يتعلق بوقف إطلاق نار فوري لمدة 45 يوماً، يتخللها إطلاق سراح عدد من الأسرى الإسرائيليين، مع العمل خلال تلك الفترة على استكمال المفاوضات، من أجل مد الاتفاق لفترة زمنية تُحدّد خلال المفاوضات".

وأشار إلى أنه "رغم تصاعد التصريحات الإسرائيلية بشأن العملية العسكرية في رفح، فإن الدوائر الأوروبية تلمس رغبة كبيرة لدى أطراف فاعلة في المشهد الإسرائيلي بعدم الانجرار لاجتياح رفح خلال شهر رمضان، نظراً لاستشعار خطورة الموقف، خاصة في ظل الإجراءات التي يدفع نحوها اليمين المتطرف في القدس والمسجد الأقصى، والتي قد تصب بمزيد من الزيت على النار المشتعلة".

في سياق ذلك، قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية عمار فايد، لـ"العربي الجديد"، إن "أحداً لا يمكنه الجزم بأن المفاوضات ستسفر عن شيء، أو عن وقف مؤقت لإطلاق النار قبل رمضان"، مضيفاً: "لا يزال هذا الاحتمال وارداً، لكنّه ليس مرجحاً بالضرورة".
المصدر: العربي الجديد