2024-11-24 03:59 م

تجديد شكلي أم ترتيب جذري؟!-"الاصلاح الداخلي" في الساحة الفلسطينية.. الدوافع والمقاييس!!

القدس/المنـار/ السابع من اكتوبر فرض معادلات جديدة وعديدة، وتحديدا في الساحة الفلسطينية.. معادلات يحاول البعض تجاهلها وتغييبها وعدم ادراكها، ولكنها تبقى ساطعة امام العاجزين والمرتعشين تفرض نفسها بقوة، ويترتب عليها تغييرات وتداعيات لا يمكن حصارها أو تجاوزها.

هذه المقدمة تفتح الباب واسعا، أمام تساؤلات ونقاشات تأخرت كثيرا، وحوصرت في متاهات وادعاءات تحيط بها تبريرات من النفاق والمراوغة والاستغفال والاستهبال احيانا. الاصلاح الداخلي في البيت الفلسطيني مطلب ليس وليد الساعة، بل هو مطروح على امتداد سنوات طويلة، وجاء السابع من اكتوبر ليرفع الصوت المطالب بالاصلاح والتغيير، فهو مطلب شعبي يوصل الى انتخابات شاملة، مطلب لم يعد يحتمل تفاهات التبريرات وكذب الاعذار، يستدعي تنفيذه والقيام به، درءا للاخطار ومنعا للانفجار ونشوب الحرائق.

هذا الاصلاح ان لم يكن جذريا فلا طائل تحته، بعيدا عن الاستغفال الداخلي والخارجي، وان لم يكن هناك محاسبة ومساءلة فلن يكون حقيقيا بل ذر للرماد في العيون.

وهنا، يطرح تساؤل: لماذا انتظرنا طويلا للقيام بهذه المهمة المقدسة الضرورية، حتى نمتثل لتعليمات واوامر جهات خارجية.. ألم يكن من الاجدر والاسلم ان نسلك طريق الاصلاح الحقيقي امتثالا لمطالب الشعب المرفوعة والمطروحة منذ سنوات طويلة، بعد أن بلغ السيلُ الزُّبَى!!

الآن، ونحن "تحركا اصلاحيا" بطيئا ما زال في دائرة الانتظار "لعل وعسى" ان تهدأ الامواج، وتتبدد الغيوم، يطرح تساؤل آخر.. كيف سيكون عليه هذا الاصلاح، وما هي مقاييسه، وفي اي اتجاه، هل هو جذري، أم شكلي.. هل هو شامل، أم سطحي يخدم "الواجهات" المطلوب دحرها ومحاسبتها!!

كثيرة هي الجهات التي طالما تحدثت عن الفساد باقنعته واشكاله وامتداداته.. ولم يتحرك ساكنا.. لكن، مع بروز معادلات جديدة، تعزز المطلب الشعبي، يفترض بل ويجب أن تتجه لاحداث اصلاح حقيقي، في كل المؤسسات والوزارات والهيئات، وازاحة وجوه باتت عارية، واقنعتها سقطت منذ زمن طويل، ومسلكياتها وثراؤها غير الشرعي مفضوح على امتداد الساحة في بلد صغير مقدس لا يخفى على احد!!

هناك في الدوائر على اختلاف مجالاتها مظالم لا تعد ولا تحصى.. لم يلتفت اليها احد وتراكمت وتحولت الهيئات ودوائر الحكومة الى اقطاعيات ومزارع تملأ أروقتها الاهانات والظلم والاحقاد الشخصية.

الاصلاح بحاجة الى مقاييس سليمة مدروسة، ولجان نزيهة توقف هذا العطب، وتنهي المظالم، وتوقف النهش باشكاله والسرقة بانواعها، وسوء المعاملة وهضم الحقوق.

مقاييس عادلة، تزيل وتطيح اولا بأباطرة النهب والرجس وتبعدهم عن مراكز المسؤولية، حيث فشلوا في حملها، خدمة لمصالحهم الشخصية، ودعما لاحقادعم الدفينة وجهلهم، وبعدهم عن الكفاءة المطلوبة.

اصلاح جدي عميق، ليس شكليا ارضاء لهذا النظام او تلك الجهة، أو تدوير مفضوح، يبقي على الفساد والقهر وطرق الاثراء غير المشروع وتكديس لما هو منهوب، اصلاح ينصف المظلومين، ويزيح عن كاهلهم المتحكمين بمقاليد الامور في المؤسسات والدوائر والهيئات التي باتت معطوبة لا تؤدي الادوار المطلوبة منها.

الاصلاح في أحد أركانه يستدعي البعد والتوقف عن أساليب الزبائنية والمصالح الشخصية والمحسوبية في التوظيف والتعيين والترفيع، البعد عن الاحقاد الشخصية، والنظرة الفوقية كالاسياد وغيرهم عبيد.. مطلوب تغيير وجوه لا تدويرها ولا ابقائها وتعزيز سيطرتها وتحكمها.

الاصلاح يستدعي الاخذ بنبض الشارع المتألم لما يتعرض له، بفعل تجاهل الاصلاح الحقيقي الجذري، الاصلاح ليس احتكارا او تخليدا، الاصلاح ليس تحكما في مؤسسة أو دائرة تتحول الى مزرعة شخصية ينتشر فيها الظلم والاهانة والعاملون في المؤسسات ليسوا قطيعا، والاصلاح هو أن تتدفق دماء شابة، أصحاب أياد نظيفة لتولي المسؤولية.

الاصلاح مطلوب منذ زمن طويل، لا أن ننتظر حتى يملى علينا من الخارج، الجهات الخارجية تريد اصلاحا يخدمها، وأدوات طيعة لها تواصل النهش واداء ادوار لصالح هذه الجهات، المطلوب اصلاح يخدم هذا الشعب ويحافظ على مصالحه,

الاصلاح الذي يسعى اليه الشعب ويطالب به، هو التغيير الشامل والسليم والحقيقي، الذي يتناسب وتطلعات شعب نادى طويلا بالاصلاح ويدخل في هذا الاطار قيادة طوارىء تضم الجميع تكون مرجعية على قاعدة الشراكة الكاملة تتولى السياسة واعادة الاعمار والاغاثة وقبل كل شيء الاعداد للانتخابات مع ضرورة احترام نتائجها، ثم الحديث عن افق سياسي بعيدا عن الحضن الامريكي والغرف الابراهيمية.

الاصلاح الجدي العميق والشامل هو الذي يبعد عن الساحة الانفجار والحرائق، والتيه في صحراء التآمر والخيانة، فهل نحن على مقربة من هذا الاصلاح الذي يطيح باباطرة الفساد وتجار السياسة، ورواد الاختراق من كل جانب، فالانطلاق اولا واخيرا من البستان الفلسطيني.

وما عدا ذلك وغيره، يكون مجرد استغفال وتمويه ونفاق وخداع يبقي على الحال المؤلم الذي يعيشه شعبنا، هذا ما نطرحه بصراحة وصدق وبدون مواربة.