2024-11-24 06:25 م

غزة.. الخذلان الكبير

كان تحرير فلسطين واسترداد الأقصى من أهم القضايا التي غُرست في وجدان الأجيال العربية ما بعد النكبة عام 1948، فهي “قضية الأمة” وأرض مقدسة لملايين العرب المسلمين والمسيحيين، ومع كل عدوان إسرائيلي على فلسطين تتجه أنظار الفلسطينيين إلى الدول العربية وشعوبها التي يُنتظر منهم أن ينتفضوا للنصرة.

وتطرح الإبادة الجماعية والمجازر الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من 4 أشهر بحقّ المدنيين في غزة سؤالًا حول ثمرة غراس الأمس، وهو السؤال المتكرر الذي يفرض نفسه مع استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي أمام مرأى العالم، ومضيّ بعض الدول العربية بالتطبيع مع مرتكبي المجازر بحقّ الفلسطينيين. 

الشعوب تتضامن بالحدّ المسموح من الحكومة 
سارع الشارع العربي إلى المشاركة في مظاهرات داعمة لفلسطين، والمطالبة بفكّ الحصار عن غزة، ما أن دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إلى النفير العام يوم الجمعة 13 أكتوبر/ تشرين الأول، بعنوان “ليتوقف العدوان على غزة، لا للتهجير أو الوطن البديل”، فلبّت غالبية الشعوب العربية هذا النداء بجمعة “طوفان الأقصى”، ونظّمت مظاهرات ضخمة شارك فيها عشرات آلاف الأشخاص.

شهد الأردن على سبيل المثال مظاهرة حاشدة في العاصمة عمّان سُمّيت بـ”مليونية غزة”، اتجه إليها الأردنيون من كافة أنحاء المملكة عبر حافلات نقل محمّلة بآلاف الشيوخ والنساء والرجال الداعمين لفلسطين.

كما خرجت مظاهرات أخرى مطالبة بوقف العدوان على غزة ومنددة بالدعم الغربي لـ”إسرائيل” في مصر ولبنان والعراق واليمن وقطر وليبيا وعُمان وتونس والمغرب، وأُلغيت عدة فعاليات غنائية ومُنعت مظاهر الاحتفال تضامنًا مع فلسطين، كاحتفالات رأس السنة في الأردن، وحفل يوم المرأة العمانية في دار الأوبرا، وتأجيل مهرجانَي الموسيقى العربية والجونة السينمائي في مصر.

وكان المشهد يبعث على التفاؤل وكأن العالم العربي كله هبَّ لأجل فلسطين، وأن المقاومة لن تكون لوحدها في التصدي للحرب الشنيعة، وسيهرع الإخوة العرب لوقف شلال الدم.

لم تكن الأمور بهذه السريالية، فالمظاهرات الحاشدة والأسبوعية تضاءلت واقتصرت على نقاط معدودة، حتى أنها في دول مثل مصر توقفت تمامًا، وكأنما العرب اعتادوا على مشاهد الموت والفقد في غزة، وأصبحت أخبار الإبادة الجماعية عنوانًا يوميًّا في الصحف والقنوات التلفزيونية، يتفادونها غالبًا خوفًا من مشاهدة مقاطع مؤلمة قد تقلب “مزاجهم الرايق”.

بيد أن تنظيم المظاهرات كان منذ البداية مشروطًا بتطبيق تعليمات الحكومات العربية، فيُمنع ترديد هتافات ضد مواقف الحكومة المطبّعة مع “إسرائيل”، أو مناقشة مواقفها الهشّة من الإبادة الجماعية التي ترتكب بحقّ الفلسطينيين في غزة، أو حتى يُحظر عليهم المطالبة بوقف العلاقات التجارية أو الاتفاقيات السابقة مع الاحتلال. 

الأردن، الدولة العربية التي تمتلك أطول حدود برّية مع فلسطين المحتلة، كانت خير مثال على الطرح السابق، فمنعت السلطات الأردنيين منذ الأسبوع الأول لـ”طوفان الأقصى” من الزحف نحو الحدود مع الأراضي المحتلة، وأطلقت على المتظاهرين القنابل المسيلة للدموع خوفًا من أي انفجار شعبي قد لا تستطيع السيطرة عليه.  

ونفّذت السلطات الأردنية منذ بداية “طوفان الأقصى” حملة قمع واسعة ضد الفعاليات المؤيدة لفلسطين، بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية على خلفية منشورات داعمة للفلسطينيين، أو تنتقد معاهدات السلام، أو الاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمتها السلطات مع “إسرائيل”، أو تدعو إلى إضرابات عامة واحتجاجات.

طالت حملة الاعتقالات ما لا يقلّ عن 1000 شخص من المتظاهرين خلال الاحتجاجات المؤيدة لغزة في العاصمة الأردنية عمّان خلال شهر واحد، بين أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني الماضيَين، فيما اُعتقل نحو 5 آخرين بين نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول.

أما مصر التي تسيطر على المعبر الوحيد الذي يصل غزة بالعالم، لم تسمح السلطات لوسائل الإعلام حتى بتناول الأخبار المسرّبة حول تواطئها مع الاحتلال، إذ اُعتقلت مديرة تحرير موقع “مدى مصر” لينا عطا الله، بعد تناول الموقع خبرًا عن المحادثات الجارية بين الجانب المصري والجانبَين الأمريكي والإسرائيلي، فيما يتعلق بتهجير عدد من سكان غزة وتوطينهم في سيناء، وتمّت مضايقتها وتهديدها. 

من ناحية أخرى، اعتقلت قوات الأمن عشرات المتظاهرين الداعمين لفلسطين من المنازل أو ساحات التظاهر في جمعة “دعم فلسطين”، التي شهدت وصول المتظاهرين إلى ميدان التحرير أيقونة ثورة 25 يناير، وترديد هتافات مستوحاة من الربيع العربي مثل “عيش، حرية، عدالة اجتماعية”، لكن أُخمدت هذه الأصوات ولم تعد إلى الميدان حتى اليوم.

مصر.. الجارة العربية تحاصر غزة
في عالم مثالي لا وجود فيه لعبد الفتاح السيسي وحكومته، كان يمكن لمصر أن تمسح على جراح الفلسطينيين في غزة بدلًا من رشّ الملح عليها وتركها لمصير كارثي، كان من الممكن لبوابة رفح أن تكون مخرج الطوارئ المفتوح “حقًّا” لا كذبًا وزورًا، أمام المنكوبين والجرحى الذين يفقدون أرواحهم في انتظار ورود أسمائهم في لوائح الإجلاء، التي تشمل أعدادًا أقل بكثير من الحاجة. 

بعيدًا عن التضامن بالمظاهرات والتصريحات السياسية الرنّانة، مصر الوحيدة القادرة بشكل فعليّ على نجدة أهل غزة، لكنها مصمّمة على أن يكون اسمها في مقدمة سجلّ المتخاذلين، بل المشاركين الأساسيين في مأساة أكثر من مليوني مدني أعزل. 

يتذرّع المسؤولون المصريون بأن “إسرائيل” تسيطر على معبر رفح، وتتحكم بدخول المساعدات عبره، ويؤكدون أن المعبر مفتوح ولم يغلق للحظة واحدة بينما الوقائع تنفي ذلك، إذ لدى مصر الحق السيادي الكامل للسيطرة على المعبر، وبالتالي السماح بمرور مئات من شاحنات المساعدات التي تنتظر العبور، لكن المساعدات التي تصل إلى غزة بشقّ الأنفس لا تسدّ الرمق، أو حتى لا تحتوي على الاحتياجات الأساسية كالمواد الطبية والغذائية.

ويؤكد المتحدث باسم وكالة الأونروا، كاظم أبو خلف، أنه لا يوجد حتى الآن في قطاع غزة ما يكفي من المساعدات التي تدخل، مشيرًا إلى أن عدد الشاحنات التي تدخل الآن يتراوح بين 85 و86 شاحنة، مقارنة بالعدد الذي كان يدخل قبل الحرب وهو بين 500 و600 شاحنة في اليوم الواحد. 

لم تمنع مصر المنكوبين من إمدادات الحياة فحسب، بل حرمت الفلسطينيين في غزة من حق الفرار من جحيم الحرب الإسرائيلية، وجعلت عائلاتهم المغتربة في الخارج يكتوون بنار العجز أمام مأساة أقربائهم، واستغلّت مشاعر العجز هذه لتجعل منها تجارة تتربّح من خلالها آلاف الدولارات.

إذ أكد تحقيق لصحيفة “الغارديان” البريطانية أن الفلسطينيين الراغبين بمغادرة قطاع غزة يضطرون لدفع مبالغ تصل إلى 10 آلاف دولار عن كل شخص، لسماسرة مرتبطين بجهاز المخابرات المصري لمساعدتهم في الخروج من القطاع إلى مصر عبر معبر رفح، وهذا ما أكّده فلسطينون حاولوا مغادرة القطاع. 

كما كشف تقرير لموقع “ميدل إيست آي”، عن فرض السلطات المصرية لإتاوات وأموال على كل شاحنة مساعدات تدخل قطاع غزة، مشيرًا إلى أن المؤسسات الخيرية الدولية تضطر إلى دفع 5 آلاف دولار للمخابرات المصرية للسماح بدخول شاحنة مساعدات واحدة للقطاع. 

إلى جانب ذلك، عرقلت مصر كل محاولات الناشطين لكسر الحصار عن غزة، واعتقلت 4 من الناشطين المشاركين في قافلة “ضمير العالم”، بعد أن نظّموا وقفة أمام مبنى وزارة الخارجية لاستخراج التصاريح الأمنية اللازمة والسماح للقافلة بالمرور من معبر رفح.

مصر العربية التي تسمع آهات سكان غزة على بُعد كيلومترات قليلة، عملت على تجاهُل بل حتى كتم هذه المناشدات بمنع دخول الصحفيين العرب والأجانب إلى غزة وإظهار الحقائق، بدلًا من ذلك اختارت أن تكون أداة بيد آلة الحرب الإسرائيلية، في ترويج روايتها والتستُّر على جرائم الإبادة الجماعية بحقّ المدنيين. 

لم تكن التقارير وحدها من فضحت التواطؤ المصري في نكبة غزة، إذ تفاجأت الأوساط بتصريح محامي “إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية، كريستوفر ستاكر، حول سيطرة مصر على معبر رفح، وإن كانت محاولة من الاحتلال لتبرئة نفسه أمام المحكمة من منع دخول المساعدات الإنسانية، لكن مصر لم تدفع عن نفسها هذه التهمة بصورة مقنعة، كما أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال بدوره إن “السيسي لم يرد فتح الأبواب للسماح بالمساعدات الإنسانية بالدخول”، مضيفًا أنه هو من أقنعه بفتح البوابات. 

في العودة إلى سؤال: ماذا كان يجب على مصر أن تفعله لنصرة إخوانها المنكوبين؟ فالأجوبة تكاد تكون أبعد من البديهية، لكن الحكومة المصرية تتظاهر بالعجز وتكتفي بالتصريحات العنترية، فالقاهرة لديها أوراق تستطيع عبرها الضغط على الاحتلال لإيقاف عدوانه على غزة، أبسطها فتح المعبر لدخول المساعدات واستقبال الجرحى دون تنسيق أو إذن من الاحتلال، والسماح بتنظيم مظاهرات شعبية وزحف جماهيري نحو رفح، لكن لم تستخدم مصر أي واحدة من أدوات الضغط السابقة.

لكن مع تفاقم الكارثة واقترابها من الحدود المصرية لتهدد أمنها القومي، هل ستبقى دولة لها وزن إقليمي مثل مصر مكتوفة الأيدي أمام تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باجتياح رفح؟ هل ستطرد مصر سفيرها لدى الاحتلال وتوقف اتفاقيات الغاز والتجارة؟ أم ستنفّذ تهديدها الخجول بتعليق اتفاقية كامب ديفيد -لا سمح الله-؟

إمداد قاتل الأشقاء بالبضائع 
مع بدء جماعة الحوثي في اليمن استهداف السفن التي تملكها أو تشغّلها “إسرائيل” دعمًا لقطاع غزة، وبروز هذه الاستهدافات كتهديدات “خطيرة”، انشغلت الإمارات بكيفية حماية بضائع الاحتلال من هذه الهجمات وإيصالها بأسرع ما يمكن للإسرائيليين، فخرجت بفكرة “الممر البري” وأشركت كلًّا من شقيقاتها السعودية والأردن ومصر فيها.

وتكلّل الاتفاق بتوقيع شركة “تراكنت” الإسرائيلية اتفاقية مع شركة “بيورترانز” الإماراتية للخدمات اللوجستية، ليبدأ تسيير الشاحنات المحمّلة بالبضائع من ميناء دبي مرورًا بالأراضي السعودية ثم الأردنية، وصولًا إلى ميناء حيفا في “إسرائيل”، على أن يوفّر الخط الجديد أكثر من 80% من تكلفة نقل البضائع عبر الطريق البحري، كما أعلنت الشركة الإسرائيلية فيما بعد عن توقيعها اتفاقًا مع شركة WWCS المصرية، ليمتدَّ مسار الجسر البري عبر الأراضي المصرية.

ولمواجهة هجمات الحوثي عسكريًّا، عززت قوات الاحتلال من قواتها في قواعدها بجزيرتَي سقطرى ببحر العرب وميون بالبحر الأحمر في اليمن، والتي تسيطر عليها قوات متحالفة مع الإمارات.  

لم تكلف الإمارات نفسها حتى بقطع العلاقات مع الاحتلال ولو بشكل مؤقت، فهي كانت واضحة منذ البداية بدعم “إسرائيل” من خلال تبنّي سرديتها بالكامل، إذ اعتبرت وزيرة الدولة للتعاون الدولي الإماراتية، ريم الهاشمي، أن “الهجمات التي شنّتها حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول هي هجمات بربرية وشنيعة، ونطالبها بالإطلاق الفوري وغير المشروط لسراح الرهائن، لحقن الدماء وتجنيب جميع المدنيين المزيد من الويلات”، بينما دافعت مندوبة الإمارات لدى الأمم المتحدة، لانا نسيبة، عن علاقات بلادها مع الاحتلال بقولها: “نريد أن نرى اندماج إسرائيل الكامل في منطقتنا كجزء من معايير حل الدولتَين”.

وبينما كانت الصواريخ الإسرائيلية والأمريكية تقتل المدنيين وتبعث بغازاتها وأدخنتها السامة في سماء وبحر غزة، وترعب بأصواتها الأطفال والكبار والشيوخ، كانت أبوظبي تحتفي برئيس الكيان الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بقمة المناخ 2023، وتوقع مذكرة تفاهم جديدة مع الاحتلال للتعاون في مجال التوصيل الكهربائي.

احتفالات على وقع الموت
“لن توقفنا المجازر والمذابح بحقكم عن حفلاتنا”.. يكاد يكون هذا العنوان الرئيسي لردة فعل المملكة العربية السعودية إزاء الحرب الإسرائيلية في غزة، فلم تمنعهم مأساة غزة من استكمال هيئة الترفيه مهرجانها السنوي الذي تصفه بأكبر حدث ترفيهي، حيث لم يمرَّ شهر على بدء العدوان على غزة حتى بدأ “موسم الرياض”، بمشاركة عدد كبير من الفنانين العرب والأجانب.

لم يكن جدول ابن سلمان متاحًا للمساهمة في مفاوضات مع الاحتلال قد توقف العدوان على غزة، فقبل أيام قليلة من افتتاح “موسم الرياض” التقى برئيس الفيفا جاني إنفانتينو، ولاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو، وأعلن عن إطلاق بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، كما أقامت الرياض بعد أسبوعَين من بدء الحرب “أسبوع الموضة”، متباهية بإنجازاتها في عالم الأزياء والموضة العالمية. 

ليس هذا فحسب، بل استضافت مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وحظرت كافة أشكال التضامن مع فلسطين كارتداء الكوفية الفلسطينية، بحسب تقرير لموقع “سعودي ليكس” نُقلت فيه شهادات عن المشاركين. 

أظهرت المملكة أن التضامن مع فلسطين ذنب لا يغتفر، فعندما عبّر الفنان المصري محمد إمام عن تضامنه مع فلسطين أثناء استلامه جائزة في حفل “جوي أوردز” بالرياض، تلقّى هجومًا واسعًا من حسابات داعمة لسياسات الحكومة، وكان ثمن دعم فلسطين وقف تصوير مسلسله الجديد “كوبرا” وسحب فيلمه “أبو نسب”من الشاشات السعودية. 

وتم الحفاظ على رقابة مشددة قدر الإمكان على المواطنين السعوديين، لإبقاء حرية التعبير عن دعم فلسطين ضمن الحدود المسموح بها، فلم تشهد الساحات السعودية أي وقفات احتجاجية ضد العدوان كسائر بقاع العالم. 

وبُعث بتحذيرات غير مباشرة للشعب السعودي مع رئيس الشؤون الدينية في المسجد الحرام، عبد الرحمن السديس، عندما ضمّن في خطبة جمعة “طوفان الأقصى” رسائل تفيد بأن التعليق على ما يحدث في غزة هو من اختصاص حكّام السعودية، وعلى جميع المواطنين الخضوع لهم، كما ظهر الداعية السعودي في مقطع مصوّر انتقد فيه حركة المقاومة، قائلاً: “حماس شر.. هي الشر بعينه، وهي التي جلبت السفك والهدم على رؤوس إخواننا”، مخاطبًا: “هيّجتم اليهود، هيّجتم أعداء الله، وأنتم استعديتم اليهود علينا.. هذا طيش”.

تعاملت السعودية مع الحرب في غزة على أنها حدث سياسي، لا على اعتبارها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، وتجاهلت كونها من الدول الفاعلة القادرة على تغيير أوراق المعادلة، إذ انتقد سفير السعودية في بريطانيا، الأمير خالد بن بندر، “خذلان الإنسانية في غزة، لأن المجتمع الدولي لم يفعل ما فيه الكفاية لإنهاء القتال”، واعتبر وزير الخارجية السعودية، فيصل بن فرحان، أن المجتمع الدولي لا يرى وقف الحرب بقطاع غزة أولوية. 

ورغم التصريحات السعودية التي لا ترقى إلى وصفها بالخجولة، التي تطالب “إسرائيل” بشكل متكرر بوقف إطلاق النار في غزة، و”العمل على تهيئة الظروف لعودة الاستقرار واستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني”، إلّا أن مفاوضات التطبيع بين الرياض وتل أبيب رغم الحرب على غزة تسير في أجواء “إيجابية“، بحسب مسؤول في البيت الأبيض. 

قضية جميع العرب، ولكن..
أجمع الشارع العربي على اعتبار القضية الفلسطينية “قضية جميع العرب وليست قضية الفلسطينيين وحدهم” بنسبة 92%، وهي نسبة غير مسبوقة مقارنة بالمسجّلة نهاية عام 2022 التي يبلغ معدلها 76%، بحسب استطلاع رأي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مطلع العام الجاري، وشارك فيه أكثر من 8 آلاف مستجيب ومستجيبة. 

وأظهر الاستطلاع أن المواطنين العرب يتعاملون مع هذه الحرب على أنها تمسّهم مباشرة، إذ عبّر 97% من المستجيبين عن أنهم يشعرون بضغط نفسي بدرجات متفاوتة نتيجة للحرب على قطاع غزة، حتى أن 84% قالوا إنهم يشعرون بضغط نفسي كبير. 

لا يمكن إنكار المكانة التي تحملها القضية الفلسطينية في وجدان الشعوب العربية، وإن كان البعض في غفلة أيقظته “طوفان الأقصى” منها، لكن سيسجّل التاريخ صمتهم أمام تجويع وقتل وتهجير أهل غزة، ما لم ينتفضوا لنصرتهم ويثوروا على سياسات حكوماتهم. 

مرام موسى|نون بوست