2024-11-25 08:23 م

الصفقة المفخخة-مندرجات إطار التفاهم في اجتماع باريس

بحسب مجموعة من المصادر المعنية بالمفاوضات، أمكن لـ«الأخبار» جمع خلاصات تشرح الاطار العام للمداولات التي جرت قبل اقرار ورقة باريس قبل إرسالها الى فصائل المقاومة، ويمكن ترتيبها وفق الآتي:
أولاً: في الإطار العام
1- تأكيد التزام جميع الأطراف بالموافقة على مبدأ الصفقة، وعدم إقفال الباب أمام الاتصالات كما جرى سابقاً. وفي هذه النقطة، يثير الأميركيون مسألة أنه حصل في مرحلة سابقة أن أوقفت حماس الاتصالات في ضوء تطورات ميدانية.
2- ثبتت الولايات المتحدة موقفها العلني بأنها لن تلزم إسرائيل بمبدأ وقف إطلاق النار. لكنها تعرض قيامها بعمل حثيث لأجل فرض ما اصطلح على تسميته «التهدئة الطويلة» كمرحلة جديدة بعد «الهدن الطويلة» التي يفترض أن تقود الى وقف كامل للعمليات العسكرية.
3- رفض جازم من قبل العدو باعتبار هذه الصفقة أنها تشتمل على الوضع النهائي في المنطقة. وبالتالي فهي لا تعتبر نفسها ملزمة بأيّ إعادة انتشار لجيشها في غزة، إلا وفقاً لاعتباراتها الميدانية.
4- تكرار مصر موقف عام تلتزم بموجبه إدخال كل المساعدات المكدّسة في منطقة العريش، أو التي ترسلها الدول والمنظمات الإغاثية الإنسانية. وأنها تطرح على المعنيين اعتماد آلية جديدة لتفتيش شاحنات المساعدات بحيث لا تأخذ وقتاً طويلاً، وبما يسمح بإدخال عدد أكبر من الشاحنات يومياً. كما تطلب مصر من إسرائبل فتح معبر كرم أبو سالم، كون معبر رفح غير قادر على نقل كل المساعدات، علماً أن قوات الاحتلال تقول إنها تسمح باستخدام معبر كرم أبو سالم فقط للمساعدات الآتية من الأردن. كما تؤكد مصر استعدادها لتسهيل عملية نقل أكبر عدد من الجرحى من أبناء القطاع الى مصر أو إلى دول أخرى.
5- التوافق على استمرار عمل اللجان المعنية بالجانب الإنساني والتي تضمّ ممثلين عن الأمم المتحدة والأطراف المعنية، وتثبيت تكليف الصليب الأحمر الدولي بتولّي عملية التبادل للأسرى والمعتقلين.

ثانياً – في الإطار التنفيذي
1- توافق جميع الأطراف على القيام بالعملية لأجل تحقيق سلسلة من الأهداف تتمثل في إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المدنيين والعسكريين وجثامين القتلى وتسليمهم الى حكومتهم. وأن يصار في المقابل الى إطلاق عدد كبير من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. لكن إسرائيل ترفض فكرة «تبييض السجون» وتعتبرها غير قابلة للتحقق. كذلك، تهدف العملية الى توفير الأمن في كل القطاع خلال مدة تنفيذ الصفقة، وأن يصار خلالها الى السماح لجميع أبناء القطاع بالتنقل فيه من دون موانع عسكرية. وأن يتم السماح للمنظمات الدولية بالدخول الى كل مناطق القطاع لأجل القيام بعمليات مسح لتحديد الحاجات الملحّة. وأن يصار في الوقت نفسه الى ضمان توزيع المساعدات على مناطق القطاع كافةً.
2- تجزئة العملية الى ثلاث مراحل، بحيث تشمل الأولى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من كبار السنّ والنساء والاطفال الذين لم تشملهم الصفقة السابقة، ويقدّر عددهم بأقل من 40 شخصاً، على أن تطلق إسرائيل سراح جميع المعتقلين الذين أدخلوا الى سجونها بعد السابع من أكتوبر، إضافة الى المرضى من المعتقلين الفلسطينيين وبقية النساء والأطفال. ويستمر النقاش حول ما إذا كان ذلك يكون من خلال اعتماد رقم 100 أسير فلسطيني مقابل كل أسير إسرائيلي.
3- تبدأ هدنة تستمر لستة أسابيع، يجري خلالها منح فصائل المقاومة كامل الوقت لأجل إعادة تجميع الأسرى الموجودين لدى أكثر من جهة وفي أكثر من منطقة، ويصار خلالها الى ضمان الوقف الشامل لكل العمليات العسكرية، بما في ذلك عمليات الاستطلاع بالطيران الحربي أو المسيّر، علماً أن إسرائيل جددت رفضها وقف الطلعات في الأمكنة التي تنتشر فيها قواتها، وأنها لن تعرّض قواتها للخطر.
4- تشمل المرحلة الثانية إطلاق سراح النساء من اللواتي كنّ في الخدمة العسكرية خلال اعتقالهنّ، أو اللواتي تنطبق عليهنّ مواصفات الخدمة العسكرية، وتطالب إسرائيل هنا بأن تكون المرحلة الثانية شاملة أيضاً للعسكريين من المعتقلين، على أن يطلق مقابلهم عدد كبير من المعتقلين في سجون الاحتلال، مع رفع الحظر عن أيّ اسم بحجج قانونية إسرائيلية. ولم يتضح بعد ما هو المقابل في هذه المرحلة، برغم أنه تردّد أن المقاومة تطالب بـ 150 أسيراً فلسطينياً مقابل كل أسيرة إسرائيلية، ويحصل ذلك بالتزامن مع إدخال المزيد من المساعدات، وتأمين تشغيل المرافق الصحية وخدمات المياه والأفران في كل مناطق القطاع.
5- تبدأ هدنة ثانية تستمر أيضاً لستة أسابيع، يجري خلالها منح فصائل المقاومة جمع جثث القتلى من أسرى العدوّ، سواء الذين ماتوا بعد وصولهم الى القطاع جرّاء تعرّضهم لإصابات خلال مرحلة النقل، أو الذين قتلتهم قوات الاحتلال خلال العمليات العسكرية الجارية، علماً أن حركة حماس كانت قد أبلغت الوسطاء بأن الأسرى المعتقلين، الأحياء منهم والأموات، ليسوا جميعاً في قبضة حماس أو الجهاد الإسلامي فقط، وأن جميع الفصائل تبدي استعدادها للتعاون في إنجاز هذه المهمة. ويصار عندها الى الدخول في المرحلة الثالثة، لتسليم الجثث مقابل إطلاق سراح العدوّ معظم المعتقلين من سجونه، وتسليم جثث شهداء فلسطينيين سبق له أن احتجزهم في عمليات كثيرة في الضفة الغربية والقدس، وكذلك تسليم جثامين شهداء المقاومة الذين سقطوا خلال عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، وتحتجزهم قوات الاحتلال. كما يصار الى إطلاق الدفعة الأخيرة من المعتقلين الفلسطينيين. وبينما تطالب المقاومة بإطلاق سراح الجميع، فإن الولايات المتحدة وحتى مصر وقطر يعتقدون بأن ذلك قد لا يكون ممكناً، وهو ما تقوله إسرائيل أصلاً.

ثالثاً: في مقدّمات الإطار النهائي
تؤكد المصادر أن الخلاف لا يزال قائماً حول طلب المقاومة الوقف التام لإطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال من كامل القطاع. وإزاء رفض إسرائيل هذا المبدأ، واستمرار تأييد أميركا لموقف تل أبيب، درس المشاركون في الوساطة مبدأً طرحه الأميركيون، ويقول بأن استمرار وقف العمليات العسكرية لنحو 90 يوماً، واستئناف مظاهر الحياة في قطاع غزة، إضافة الى المناخ الإيجابي الذي سينتج من عملية تبادل الأسرى، سوف تمنح الوسطاء فرصة لتحويل الهدَن الطويلة الى تهدئة طويلة. لكن من دون المساس بالوضع الميداني في القطاع، وسط تقديرات بأن جيش الاحتلال سيعمد الى مغادرة جميع المناطق التي يشعر بأنها مصدر خطر على قواته. كما جرى الحديث عن انسحاب القوات من المدن في مرحلة أولى، ثم إخلاء الطرقات الأساسية بين المناطق في مرحلة ثانية. ويقول الأميركيون في معرض إقناع الآخرين برأيهم، إنه في حال نجاح الصفقة، سيكون من الصعب على إسرائيل استئناف الحرب كما كانت في الفترة السابقة، وإن إسرائيل أصلاً تدرس فكرة الانتقال الى مرحلة تتوقف فيها العمليات الكبيرة، بما فيها الغارات الجوية.
من جانب المقاومة، لا يبدو الأمر سهلاً، والموقف النهائي رهن مشاورات، تتعلق بأن المقاومة لا ترى أنها مضطرّة إلى خسارة أهمّ الأوراق التي بيدها (ورقة الأسرى) من دون الحصول على ضمانات بعدم تجدّد الحرب. وهي أبلغت الوسطاء بأن إسرائيل ستعود لممارسة وحشية أكبر بعد إطلاق سراح الأسرى، ولن يكون هناك أيّ رادع، كما ستتوقف الحملة الضاغطة داخل الكيان.
وبحسب المصادر، فإن جولة جديدة من الاتصالات تجرى الآن على خطّين، واحد تقوده الولايات المتحدة مع إسرائيل وعلى مستوى الجيش والأجهزة الأمنية، كما على المستوى السياسي، فيما ينتظر أن تعقد اجتماعات ولقاءات بين الجانبَين المصري والقطري مع فصائل المقاومة ولا سيما حركتَي حماس والجهاد الإسلامي. وقد أجرى وزير المخابرات المصري عباس كامل اتصالات بقيادات فصائل المقاومة، ودعاها الى زيارة مصر للتباحث في الأمر.
وقد أفصح وسطاء مشاركون في المحادثات عن أن الضغط الأميركي له عدة أهداف، من بينها تقليص حجم الحرَج الذي تعانيه جرّاء الضغوط العامة لوقف الحرب، وأنها تريد مساعدة حكومة إسرائيل في التخلّص من عبء الأسرى الذي يؤثر على مجريات العمليات العسكرية والسياسية، لكنْ هناك هدف أهم، يقول الوسطاء إن الأميركيين يشيرون إليه صراحة، حيث يعتقدون بأن إتمام هدنة لنحو ثلاثة أشهر في قطاع غزة من شأنه وقف التوتر في أكثر من ساحة، وأن معلومات الإدارة الأميركية تقول بأن أجنحة المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن ستتوقف عن أعمالها العسكرية الجارية، كونها تقول بأنها تقدّم الدعم والإسناد للمقاومة في غزة.


المصدر: الاخبار اللبنانية