2024-11-25 03:49 م

حرب غزة تذكي سعار الاستيطان في الضفة الغربية

في ظل الاهتمام العالمي بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يستغل المستوطنون الوضع لفرض سيطرتهم على الضفة الغربية عبر تعزيز الاستيطان والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وطرد سكانها وشق الطرق الاستيطانية.

ووصفت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية تسارع النشاط الاستيطاني منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بـ"الطفرة غير المسبوقة".

ويأتي ذلك الارتفاع في وتيرة الاستيطان مدعوماً بحكومة تعتبر "الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل" وتجمع بين القومية والديانة اليهوديتين، وعدد من وزرائها مستوطنون في الضفة الغربية.

بؤر وحواجز وأسوار

ويشمل النشاط الاستيطاني إقامة بؤر استيطانية تمهيداً لتحويلها إلى مستوطنات دائمة، وشق الطرق الموصلة إليها، إضافة إلى إنشاء أسوار حول أراضي الفلسطينيين ونصب حواجز على شوارعهم.

وأقام المستوطنون منذ اندلاع الحرب أو أعادوا إنشاء أكثر من 10 بؤر استيطانية تم إخلاء بعضها في الماضي ثم أعيد بناؤها، وفق منظمة "السلام الآن" التي رصدت شق المستوطنين خلال فترة الحرب أكثر من 18 شارعاً جديداً، مشيرة إلى أن تلك الشوارع "تتيح استيلاءهم على مناطق جديدة واسعة النطاق على طول مسار الطريق".

وخلال عام 2023 أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن مخططات لإقامة شوارع استيطانية على مساحة نحو 13 ألف دونم من أراضي الفلسطينيين (13 مليون متر مربع).

ومنذ سيطرتها على الضفة الغربية عام 1967 شقت إسرائيل نحو 938 كيلومتراً من الشوارع فيها بعد مصادرة مئات آلاف الدونمات من الأراضي معظمها زراعية.

ويعيش في الضفة، أكثر من نصف مليون مستوطن إسرائيلي في 132 مستوطنة و146 بؤرة استيطانية. كما يقيم نحو 230 ألف مستوطن في 14 مستوطنة إسرائيلية مقامة على أراضي القدس الشرقية التي تعتبر جزءاً من الضفة.

واعتبر الباحث في شؤون الاستيطان خليل تفكجي أن المستوطنين قاموا خلال الحرب بتهجير 50 تجمعاً بدوياً فلسطينياً من المناطق المصنفة (ج) في الضفة الغربية، وأنشأوا محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية على مساحات شاسعة من الأغوار.

وأوضح أن المستوطنين يستغلون الحرب "لتسريع تنفيذ مخططات استيطانية تنتظر الظروف الملائمة لتجسيدها على الأرض".

ووفق تفكجي فإن إسرائيل تعمل على مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية بأوامر عسكرية لشق الطرق للمستوطنين.

 ومع أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يتولى المسؤولية عن
"الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية"، فإن أحد أعضاء حزبه "الصهيونية الدينية" تسفي سوكوت أصبح رئيساً لـ"لجنة يهودا والسامرة" (الضفة الغربية) المتفرعة عن لجنة الخارجية والأمن في الكنيست.

وتتولى تلك اللجنة الإشراف على الحياة المدنية والأمنية داخل المنطقة (ج) في الضفة الغربية، وتحقيق المساواة بين المستوطنين والإسرائيليين داخل إسرائيل.

واعتبر الباحث في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد أن تشكيل لجنة ورئاستها من أحد دعاة تهجير الفلسطينيين والسيطرة على الضفة الغربية بمثابة "خطوة أساسية في استكمال سيطرة التيارات الأكثر تطرفاً في الصهيونية الدينية على الضفة الغربية ومستقبلها السياسي".

تحت ستار الحرب

ووفق شديد فإن تلك اللجنة "تعد الأولى من نوعها منذ احتلال تل أبيب الضفة الغربية، ويشير تشكيلها إلى أن الضفة أصبحت مضمونة لإسرائيل"، مضيفاً أن الحرب على غزة "خلقت واقعاً جديداً للمستوطنين وفرصة سانحة لهم لتسريع مشروعهم في الضفة الغربية".

وأشار إلى أن ذلك يأتي في ظل "صمت مطبق من السلطة الفلسطينية التي باتت عاجزة تماماً، ولا تملك سوى تكرار بيانات الاستنكار"، موضحاً أن المستوطنين خلقوا واقعاً جديداً يصعب تغييره في المستقبل، وعناصر في الجيش الإسرائيلي قد يرفضون أوامر إخلاء المستوطنين من المستوطنات في المستقبل بسب زيادة العناصر المتطرفة في الجيش.

ووفق شديد فإن "الموقفين الأميركي والأردني أفشلا خطة للمستوطنين بدعم من وزراء إسرائيليين لتنفيذ مجازر لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية، مستغلين انشغال العالم بالحرب على غزة".

ومنذ بداية الحرب هجّر المستوطنون على مرأى الجيش الإسرائيلي أكثر من ألف فلسطيني من بيوتهم في المنطقة (ج). كما منع المستوطنون المزراعين الفلسطينيين من قطف ثمار الزيتون، فيما قطف المستوطنون ثمارهم في بعض الأراضي القريبة من المستوطنات.

وكانت تل أبيب أقرّت تحويل مبالغ مالية إضافية من الموازنة التكميلية التي اعتمدتها إسرائيل لدعم تمويل الحرب في قطاع غزة.

خليل موسى/اندبندنت عربي