يشهد الشرق الأوسط تصاعدًا سريعًا نتيجة للاستمرار في الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، هل ستتجاوز الأمور السيطرة وتقود المنطقة نحو حافة الهاوية؟
في بداية عام 2024، نشرت صحيفة “The Guardian” البريطانية تقريرًا يستعرض إجابة هذا السؤال، حيث يكشف التقرير عن اقتراب الشرق الأوسط من صراع إقليمي أكبر، ويسلط الضوء على الأحداث الأخيرة التي تشير إلى انهيار سريع للحواجز التي تمنع التصعيد.
في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” التي بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قادت إسرائيل هجمات جوية وبحرية على قطاع غزة، مُعلنة هدفين رئيسيين: تدمير المقاومة وتحرير الأسرى بوسائل عسكرية.
عملية “طوفان الأقصى”، التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كانت ردًا على “الجرائم الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني”، شنّت “حماس” اجتياحًا فلسطينيًا لمستوطنات الغلاف المحاذية لقطاع غزة، في ظل غطاء جوي من الصواريخ التي أُطلقت باتجاه تل أبيب والقدس ومدن الجنوب.
وسط حالة الذعر بين الإسرائيليين وتداول مقاطع فيديو وصور لدبابات ومدرعات تحت سيطرة المقاومة الفلسطينية، أعلنت إسرائيل حالة الحرب لأول مرة منذ عام 1973.
بعد ساعات من اندلاع النزاع في غزة، بدأ حزب الله في لبنان بقصف بلدات شمال إسرائيل، وردت إسرائيل بغارات جوية، في الوقت نفسه، شنَّ الحوثيون في اليمن هجمات على السفن التابعة لإسرائيل في البحر الأحمر، دفعت الولايات المتحدة إلى إرسال تعزيزات بحرية لدعم إسرائيل.
تنبه التقارير أيضًا إلى تصاعد التوترات في سوريا والعراق بين القوات الأمريكية والجماعات المرتبطة بإيران، في الضفة الغربية، اندلعت احتجاجات على قصف المدنيين في غزة، وسعى المستوطنون اليهود المتطرفون للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية حسب موقع عربي بوست.
ووفقًا لتقرير “الغارديان”، يُظهر الوضع الراهن أن التصعيد قد يقود إسرائيل إلى مواجهة مفتوحة مع إيران، ويشارك الولايات المتحدة في ذلك، أدت غارة جوية إسرائيلية على محيط دمشق إلى مقتل شخصية بارزة في الحرس الثوري الإيراني، مما دفع إيران للتهديد بدفع “ثمن هذه الجريمة”.
في حالة استهداف سفينة حربية أمريكية، سيواجه الرئيس جو بايدن ضغوطًا كبيرة للرد بحزم، في الوقت الذي يدخل فيه عام انتخابي صعب، ويسعى الجمهوريون إلى استغلال أي نقطة ضعف.
في الساعات الأخيرة من عام 2023، أعلنت حركة الحوثي اليمنية أن “قوات العدو الأمريكي اعتدت على زوارق تابعة للقوات البحرية اليمنية”، ما أدى إلى استشهاد وفقدان عشرة أفراد، وأكدت الحركة أن هجومها استهدف سفينة حاويات كانت في طريقها إلى موانئ فلسطين المحتلة.
يوم الخميس 28 ديسمبر/كانون الأول، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت، تعليقاً في إحدى الصحف الأمريكية يعبر فيه عن وجهة نظر كثيرين في الجانب المتشدد من المؤسسات الأمنية في إسرائيل والولايات المتحدة وهي أنه مكتوب عليهم محاربة وكلاء إيران إلى أن تحدث المواجهة المباشرة مع إيران.
وقال بينيت في مقاله في صحيفة The Wall Street Journal: “لا بد من إسقاط إمبراطورية الشر الإيرانية، على الولايات المتحدة وإسرائيل أن تدركا أن هدفهما الواضح إسقاط النظام الإيراني الشرير، وهو ليس ممكناً فحسب، وإنما حيوي لسلامة وأمن الشرق الأوسط والعالم المتحضر برمته”.
ويوم الجمعة 29 ديسمبر/كانون الأول، انعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمناقشة العنف في الضفة الغربية، لكن الجلسة انجرفت سريعاً إلى مناقشة حرب إقليمية.
واعتبر المبعوث الإسرائيلي جلعاد أردان قضية عنف المستوطنين في الضفة الغربية محاولة إلهاء عن التهديد الذي يشكله حزب الله في لبنان، وقال أردان: “الوضع في شمال إسرائيل في طريقه إلى نقطة اللاعودة”، مؤكداً على تحذير متكرر من المسؤولين الإسرائيليين بأن بلادهم ستتولى الأمور بنفسها، ربما بإقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان.
قال المبعوث الإسرائيلي: “إذا استمرت هذه الهجمات، أؤكد أن الوضع سيتصاعد وقد يؤدي إلى حرب شاملة، لا بد من محاسبة لبنان على العدوان الذي ينفَّذ من أراضيه”.
بينما قال محمد خالد الخياري، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، لأعضاء مجلس الأمن إن الجزء الأكبر من تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله كان حول الحدود، إلا أن بعض الضربات كانت تتعمق في أراضي الطرف الآخر، وهذا “يثير شبح حدوث صراع لا يمكن احتواؤه وله عواقب مدمرة على شعبي البلدين”، وأضاف الخياري أن “خطر سوء التقدير وتزايد التصعيد يتفاقم مع استمرار الصراع في غزة”.
أعربت لانا نسيبة، مبعوثة دولة الإمارات، عن قلق العالم العربي من أنه في غياب “قرارات جريئة وربما غير مريحة” لوقف الانجراف نحو صراع إقليمي، فما قد يحدث “أن يمتد جحيم غزة إلى الضفة الغربية وإسرائيل ولبنان وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط”.
منذ عملية طوفان الأقصى العسكرية يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 304 فلسطينيين قتلوا في الضفة الغربية، من بينهم 79 طفلاً، إلى جانب أربعة إسرائيليين، ثلاثة منهم جنود، وقُتل أربعة إسرائيليين آخرين في القدس الغربية في هجوم شنه مسلحون فلسطينيون في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، وأصيب أحد القتلى برصاص جندي إسرائيلي بالخطأ.
قال خالد الجندي، الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن العدد غير المتناسب من القتلى الفلسطينيين يشير إلى أن القوات الإسرائيلية تفرط في القتل لردع أي انتفاضة قد تشهدها الضفة الغربية تضامناً مع غزة، وأضاف الجندي: “يتصور الإسرائيليون أنهم يمنعون انتفاضة ثالثة، لكنني أظن أن الطريقة التي يعملون بها هي ما قد تتسبب في حدوثها”.
وأشار أيضاً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يزيد من قابلية الوضع للاشتعال في المنطقة، ونتنياهو، الذي يحمّله الإسرائيليون بأغلبية ساحقة مسؤولية الثغرات الأمنية التي سمحت بوقوع هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مهدد بخسارة منصبه السياسي، ولكن حين ينتهي القتال، أو على الأقل حين تقل حدته، ومن ناحية أخرى، فالتصعيد قد يبقيه في منصبه.
وقال الجندي: “نتنياهو، بصراحة، هو من يملي الشروط على جميع الجبهات – في غزة، وعلى حدود لبنان، وفي المنطقة برمتها- لأسبابه هو، فهذه حربه، وأعتقد أنه في كل يوم يستمر فيه هذا الوضع، فإننا نقترب من اكتساح هذه الفوضى للمنطقة برمتها”.
وما يزيد الأوضاع خطورة هو أنه لا يبدو أن هناك خيارات جيدة بالنسبة لمستقبل عدوان إسرائيل على غزة، بحسب تقرير يرصد التداعيات المحتملة لأي مسار تختاره حكومة بنيامين نتنياهو، عنوانه “نظرة مستقبلية على الحرب الإسرائيلية لتدمير حماس” ونشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية.
المصدر: عربي بوست