2024-11-25 09:40 م

يشربون مياه الأمطار الملوثة.. الشتاء يفاقم بؤس الفلسطينيين النازحين في غزة والأمراض تزيد معاناتهم

في الليل، وسط الأمطار الغزيرة ودرجات الحرارة المنخفضة التي يعيشها قطاع غزة، كانت هبة وإيهاب أحمد يضمان أصغر طفلين بين أبنائهما إليهما لتدفئتهما بحرارة جسديهما وبطانية رقيقة، بينما تهب المياه والرياح من الفتحات الموجودة في خيمتهم المؤقتة.

قالت هبة أحمد التي تبلغ من 36 عاماً لصحيفة The New York Times الأمريكية في تقرير نشرته الأحد 24 ديسمبر/كانون الأول 2023: “ليس لدينا ما نتدفأ به أو نجفف به أنفسنا. نعيش ظروفاً لم أتخيل أنني سأعيشها أبداً”.

حسب الصحيفة الأمريكية فإن عائلة أحمد من بين الـ1.9 مليون من سكان قطاع غزة الذين تقول الأمم المتحدة إنهم نزحوا منذ بدأت إسرائيل قصفها المتواصل وعملياتها البرية الموسعة على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

بينما قال إيهاب أحمد إنهم جاؤوا إلى حي المواصي جنوب قطاع غزة قبل ثلاثة أسابيع، بالتزامن مع دخول فصل الشتاء. ولجأت الأسرة المكونة من سبعة أفراد إلى خيمة صغيرة واهية من صفائح النايلون وبعض الألواح الخشبية. وقال إنهم يتقاسمونها مع 16 قريباً لهم.

كما قال مازحاً: “إنها ليست حتى خيمة لائقة. من يقيمون في خيام حقيقية هم الطبقة البرجوازية في غزة”. وأضاف أحمد أنه خلال النهار يحاول هو وأكبر أبنائه العثور على الحطب وورق الكرتون لإشعال النار لاستخدامها في الطهي والتدفئة. 

فيما قال أحمد في مقابلة عبر الهاتف الأحد 24 ديسمبر/كانون الأول مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية: “أتحدث إليكم ودخان النار يعميني”. وأضاف بينما يُسمع صوت سُعال شديد في الخلفية: “الدخان يؤذي رئتينا أيضاً”.

بينما أعربت الأمم المتحدة وجماعات حقوقية أخرى في الأيام الأخيرة عن مخاوف متنامية من زيادة انتشار الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والإسهال المزمن في غزة في ظل نقص المياه النظيفة والظروف غير الصحية. 

الأطفال هم الأكثر تضررا في قطاع غزة
وفقاً لليونيسف، فالأطفال في قطاع غزة هم الأكثر تضرراً من تزايد معدلات الإصابة بالأمراض المعدية. إذ قال أحمد إن ابنته الوحيدة وأصغر أبنائه، جانا (9 سنوات)، تعاني آلاماً شديدة في معدتها منذ ما يقرب من أسبوعين، ربما بسبب الجفاف الشديد. 

كما قال إنه لم يتمكَّن من نقلها إلى مستشفى أو عيادة؛ لأن المراكز الطبية القليلة التي لا تزال نشطة مكتظة بالكامل ويصعب الوصول إليها سيراً على الأقدام. وأضاف: “تصرخ من الألم، وكل ما يمكننا فعله هو أن نسقيها بعضاً من مياه الأمطار”.

كان الطقس دافئاً حين فرَّ أحمد وزوجته وأبنائهما الخمسة من منزلهم في مدينة بيت حانون الشمالية الشرقية خلال الأيام الأولى من الحرب. وقالت زوجة أحمد، إنهم، مثل كثيرين آخرين، لم يتوقعوا أن يستمر نزوحهم لهذه الفترة الطويلة، فاكتفوا بحمل بعض الوثائق والملابس الصيفية على ظهورهم.

حيث قال أحمد: “كنت أبحث عن ملابس دافئة في أسواق الملابس المستعملة، لكنهم يبيعونها بأسعار جنونية لا أستطيع تحملها”. وأضاف: “نحاول العثور على بطانيات ومراتب منذ 23 يوماً. وننام على ملاءة رقيقة ونصنع وسائد من الرمال لرؤوسنا”.

الأسبوع الماضي، صنفت الشراكة الدولية لمنظمات الإغاثة Integrated Food Security Phase Classification سكان غزة بالكامل على أنهم في أزمة غذاء.

مثل العديد من العائلات النازحة الأخرى في قطاع غزة، تواجه عائلة أحمد، التي نزحت أربع مرات منذ بداية الحرب، صعوبة شديدة في العثور على الطعام والماء. 

كما قال أحمد إنهم يقتاتون على كل ما يصلح للأكل، ومعظمه من الخضر الورقية البرية، وقال إنه لم تصلهم أي مساعدات حتى الآن. وما زاد من صعوبة توزيع المساعدات نقص الوقود واستمرار الغارات الجوية والعديد من التحديات اللوجستية الأخرى.

على أنه ثمة جانب إيجابي للطقس الممطر، وهو أنه يمنحهم استراحة قصيرة من معاناتهم اليومية في العثور على المياه. فقد وضعوا دلواً أمام خيمتهم لتجميع مياه الأمطار، ويستخدمونها لطهي الطعام والاغتسال وغسل الملابس. وقال أحمد: “هي مياه ملوثة، ولكن لا بديل آخر لدينا. علينا أن نتكيف”.