2024-11-27 02:30 ص

لماذا تفضّل "تل أبيب" القاهرة وسيطاً في مفاوضات الأسرى؟

كشفت تصريحات الوزير "الإسرائيلي"، الليكودي آفي ديختر، أمس الاثنين، والتي أكد خلالها أن "مصلحة إسرائيل تتمثل في وجوب احتكار مصر دور الريادة في جهود الوساطة، التي يمكن أن تؤدي إلى التوصل لصفقة تبادل مع حماس"، عن وجود رغبة داخل حكومة الاحتلال، في أن تلعب مصر الدور الأكبر في مسألة الوساطة، بعيداً عن الأطراف الأخرى المتداخلة في هذا الملف.

وقال ديختر، عضو المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن: "كلنا يعلم أنه لا يمكن التوصل للصفقة بدون أن تقوم مصر بدور ريادي في جهود الوساطة التي تقود إليها".

وأردف ديختر، الذي كان رئيساً لجهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" في مقابلة أجرتها معه أمس إذاعة جيش الاحتلال: "تجربتنا مع حماس سيئة جداً جداً، إنهم يقدمون على كل المناورات بهدف الحصول على أرباح".

اتصالات بين القاهرة وتل أبيب بشأن صفقة الأسرى

وفي السياق، كشفت مصادر مصرية مطلعة على تحركات القاهرة بشأن وقف العدوان "الإسرائيلي" على غزة، لـ"العربي الجديد"، عن "اتصالات جديدة جرت بين المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية، ومسؤولين أمنيين في حكومة الاحتلال، تناولت تطورات الأوضاع الميدانية، وصفقة تبادل الأسرى المتعثرة مع فصائل المقاومة".

وقال مصدر مصري، إن "المسؤولين في القاهرة، أكدوا لنظرائهم في حكومة الاحتلال، أن انخراط مصر بشكل أوسع في مفاوضات الأسرى بالشكل الذي تتمناه تل أبيب، يتطلب مساحات تحرك أوسع، وحصول مصر على امتيازات مرتبطة بالحركة عبر معبر رفح، وإدخال المساعدات، وإخراج المصابين من القطاع".

وبحسب المصدر فإن "المسؤولين في القاهرة أكدوا أن السياسات "الإسرائيلية" في حربها الحالية على القطاع، سلبت من مصر أوراقاً كانت تستخدمها في مفاوضات الوساطة التي كانت تقوم بها في السابق بين حكومة الاحتلال، والفصائل في غزة". وأضاف أن "الاتصالات بين قيادة حماس ومصر، لا تزال محصورة في أمور إجرائية بشأن المساعدات والمعبر فقط"، مشدداً على أن "الجوانب التفصيلية واللوجستية الخاصة بصفقة تبادل الأسرى، تتم بشكل مباشر بين قطر والولايات المتحدة".

وكشف المصدر أن مصر "بصدد توجيه الدعوة مجدداً لقيادة حماس لزيارة القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة، لبحث بعض الأمور العالقة بشأن الصفقة المعطلة"، مشيراً إلى أنه "من الممكن أن تؤدي مصر دوراً في خروج الأسرى من جانبها عبر معبر رفح كما حدث مع آخر أسيرتين تم إطلاق سراحهما". وأوضح أن "القاهرة لها خبرة واسعة في هذا النوع من الوساطات"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن "الأجواء الحالية لا تشير إلى صفقة في القريب العاجل".

وقال المصدر إن "تقديرات القاهرة تشير إلى عدم رغبة من جانب حكومة بنيامين نتنياهو لعقد الصفقة في القريب العاجل، وأنها تماطل لكسب مزيد من الوقت قبل أي إجراء، على أمل الوصول إلى معلومات قد تؤدي لكشف موقع الأسرى، ومن ثم تحريرهم بعملية عسكرية، تعيد هيبة الجيش "الإسرائيلي"، وترمم صورة أجهزة معلومات حكومة الاحتلال".

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، قد نقلت أمس الاثنين، عن مصدر مصري قوله إن "الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم من السجون في "إسرائيل"، ضمن صفقة إطلاق سراح المختطفين، لن يكونوا على صلة بحركة حماس".

تنفيذ صفقة الأسرى على مراحل

وبحسب الصحيفة، "تطالب حماس بتنفيذ الصفقة على مراحل، حيث تقوم "إسرائيل" في المرحلة الأولى بإطلاق سراح الأطفال من السجون، مقابل 50 امرأة وطفلاً سيتم إطلاق سراحهم من قطاع غزة. وفي المرحلة الثانية سيكون هناك وقف لإطلاق النار لمدة خمسة أيام. كما طالبت حماس بزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ووقف الطيران الاستخباراتي في أجوائها خلال فترة وقف إطلاق النار".

وفي السياق، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية في القاهرة سعيد صادق، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "العلاقات الأمنية المصرية "الإسرائيلية"، قوية جداً، وتسمح بوجود تفاهمات واسعة النطاق بين الطرفين".

وأشار إلى أن "تلك التفاهمات المبنية على العلاقات، سمحت في الماضي بدخول القوات والأسلحة المصرية إلى سيناء بالمخالفة لمعاهدة السلام، كما أنها سمحت بتجاوز كل الأزمات التي وقعت بين الطرفين، ومنها أزمة المجند المصري محمد صلاح الذي قتل 3 "إسرائيليين" على الحدود مع مصر (أوائل يونيو/حزيران الماضي)، وغيرها".

وتابع صادق: "المقصود أن هناك علاقات وثيقة بين مصر و"إسرائيل" وخصوصاً بين الأجهزة الأمنية في (الجانبين)، تسمح بالتعامل السريع مع أي أزمات أمنية طارئة، ومن بينها مسألة إدخال المساعدات، وتبادل الأسرى، ومحاولة وقف النار، وعدم حدوث هجوم بري على غزة".

وفي ملف الاتصالات مع "حماس"، والدور الذي تلعبه كل من مصر وقطر في هذا المجال، قال صادق إن "استضافة الدوحة لقادة حركة حماس، تظهر الدور القطري الكبير في التفاهم معهم، لكن يبقى أن مصر تمتلك المنفذ الوحيد في رفع مع القطاع، ولذلك لا بد من التنسيق بين القاهرة والدوحة وتل أبيب".

من جهته، قال الباحث في العلوم السياسية بجامعة إسطنبول أيدن، عمار فايد، لـ"العربي الجديد"، إن "أي اتفاق يشمل دخول المساعدات والوقود، واستلام رهائن، وأي ضمانات... لا يمكن تجاوز مصر فيه، ولا توجد رغبة أصلا لدى "إسرائيل" أو أميركا أو حماس لتجاوز مصر".

وشدد على أن حماس "لديها تقدير استراتيجي حول ضرورة الاحتفاظ بتفاهمات مع مصر وعدم الدخول في توتر معها، لكنها في الوقت ذاته حريصة على تعدد الوسطاء كي لا تتحكم فيهم القاهرة كما فعلت في حرب 2014، ولذلك هي حريصة على إبقاء قطر كوسيط مباشر ورئيسي".