2024-11-22 04:09 م

 عن الهدنة.. قادة إسرائيل خلف الكاميرات ليسوا كما امامها

بقلم: كمال خلف
مازالت الإبادة الجماعية مستمرة منذ شهر ونيف في غزة وإسرائيل تواصل القتل المفتوح دون قيود او حدود، والولايات المتحدة الشريكة الأساسية فيها ومعها قادة الدول الغربية بدأوا بالتفكير فيما اقترفوا من جريمة، وبدأت عملية غسل اليدين من الدم، من خلال تكثيف الحديث عن الهدنة الإنسانية والمساعدات العاجلة. الرئيس بايدن قال امس سأواصل الدفاع عن سلامة المدنيين والتخفيف من معاناة سكان غزة”.
في المسار الاستراتيجي العام نعتقد ان الأوان قد فات، فقد تمت المذبحة والابادة دخلت القاموس العالمي، وتم معها احتقار الإنسانية كلها، و القانون الدولي والإنساني، والقيم العالمية، وقوانين الحرب، والمنظمات الدولية والإنسانية. وهذا خطأ كبير وكبير جدا تم اقترافه، ولا يمكن تجاوزه، او تدارك اثاره على الدول الغربية وتحديدا الولايات المتحدة، ولا حتى يمكن تخفيف اثاره العميقة على دول وشعوب المنطقة. حتى إسرائيل الماضية في سياسية القتل الجنوني، ستدرك عاجلا ام اجلا ان هذه الأنهار من الدم ستغرقها ككيان، وستنهي مستقبلها ووجودها كدولة على الخارطة. وان ثمن هذه الأفعال سيكون باهظا مستقبلا حتى ولو بعد حين.
اليوم تتحدث الولايات المتحدة عن هدنة إنسانية في غزة، ولا يصح على الاطلاق وصفها بالانسانية، هي أولا مشروطة باطلاق سراح رهائن، وليست مبادرة من اجل مساعدة البشر لانهم داخل المحرقة، يمكن ان نسميها أي شيء الا وصفها ” بالهدنة الإنسانية”.
الحديث يدور عن اربع ساعات يوميا حسب المصادر الإسرائيلية، دون الاتفاق مع حماس بشكل مباشر حولها، ودون التنسيق مع الأمم المتحدة حسب ما صدر عنها، ودون تحديد توقيتها الدقيق خلال النهار. الولايات المتحدة تعلن عن ممرات إنسانية من شمال القطاع الى جنوبه، وعن فتح معبر رفح للمساعدات. من الواضح انها عملية خداع للعالم، اربع ساعات لا يمكن ان نسميها الا استراحة للجيش من القتل والتدمير او لتبديل الوحدات القتالية، بالأساس إسرائيل تقوم بها يوميا لهذا الهدف، ثم تواصل القتل، هي بهذا المعنى مراوغة وتلاعب بالمشهد المشين، وإعادة صياغة للتفويض الأمريكي لإسرائيل بالقتل، ولكن بشكل تعتقد الولايات المتحدة انه يجعلها بوضع افضل. هذا الامر لن يكتب له النجاح، والإدارة الامريكية تتحسب لذلك، لان الهدنة يجب ان تكون مرتبطة باجراءات القسام حول الافراج عن بعض المحتجزين، لذلك تركت باب التفاوض مع الوسطاء مفتوحا حول هدنة جدية وفعلية بعيدا عن الشعوذة الإسرائيلية.
قادة إسرائيل يسابقون الزمن، ولا وقت للهدن واطالة الحرب، فالوقت عامل بات ضاغطا جدا، والتفويض الأمريكي بدأ ينفد امام هول ما اقترفته الة الحرب الإسرائيلية من جرائم ثقيلة امام العالم، وكلام وزير الدفاع الإسرائيلي امس ” يواف غالانت ” عن الاستمرار لشهور وسنوات في الحرب، كلام فارغ من المضمون وكاذب. هم لا يملكون ترف الوقت مطلقا، وهو يخدع الجمهور الإسرائيلي، ويمنحهم جرعات زائفة من المعنويات، وحتى الشتائم والالفاظ المشينة التي استعملها غالانت في المؤتمر الصحفي امس تدل على انهم في ازمة وامام حالة عجر. الى الان وفق المعلومات والتقديرات الدقيقة، مازالت المقاومة الفلسطينية تملك القدرة والقوة والتحكم الميداني في المواجهة وايقاع خسائر فادحة، والمقاومة وفق المعلومات أيضا قادرة على الاستمرار على هذا النحو من القدرة والفعالية لعام كامل حسب مصدر في المقاومة.
يخفي قادة إسرائيل حجم الخسائر على الجمهور، لكن الى متى؟ الفضيحة ستظهر أخيرا. حتى الان وبعد اكثر من شهر لم يحقق الجيش الإسرائيلي مع الدعم الأمريكي العسكري والسياسي ومعه دول الغرب أي انجاز عسكري او سياسي، سوى عار سفك دم الأطفال، وبات العالم كله يشعر بالقرف والاشمئزاز من هذه الأفعال، ويطالب بوقفها. قادة عسكريون امريكيون طلبوا من نظرائهم بإسرائيل استخدام قنابل موجهة تزن 250 رطلا، بدل استخدام قنابل تزن 2000.
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تحدث لأول مرة عن ضرورة العمل ” لوقف اطلاق النار “، ذاك قبل أيام كان كلاما محرما، لا يجرؤ مسؤول غربي البوح به علنا.
صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن مسؤولين أمريكيين قولهم “الوقت محدود امام الجيش الإسرائيلي بغزة، قبل تصاعد الغضب في المنطقة، والإحباط في واشنطن”.
عدم تحقيق الأهداف للان، هو ما دفع وزير الخارجية الامريكية “انتوني بلينكن” من طوكيو للقول ان الجيش الإسرائيلي لن يحتل غزة، لن يقتطع أجزاء من غزة، ولن يكون هناك تهجير، لسنا بحاجة لمرحلة انتقالية بعد الحرب. هذا الكلام ليس سوى تمهيد لفشل إسرائيل.
لكم ان تتخيلوا ان قادة إسرائيل الذين اعلنوا مرارا وتكرارا ان هدف الحرب، القضاء على حماس بالكامل، وتحرير الاسرى، وتغيير وجه الشرق الأوسط، طلبوا ان يغادر السنوار ومعه بعض قادة القسام قطاع غزة الى المنفى، مقابل وقف العدوان ونهاية الحرب. اذ صحت هذه المعلومات فعلا، فانها دليل ان هؤلاء باتوا يبحثون فقط عن صورة نصر زائفة مهما كان شكلها، وان أهدافهم المعلنة ليست سوى كلام اجوف امام الكاميرات.
ويكفي القول ان ثمة بون شاسع حسبما نعلم بين ما ينقله الوسطاء الى قادة حماس، وبين العنتريات التي يتحفنا بها غالانت ونتنياهو وهاغاري يوميا امام عدسات الكاميرات.
كاتب واعلامي