على وقع غارات جوية لا تتوقف، وتحليق مكثف لمقاتلات حربية إسرائيلية، فتحت السلطات المصرية معبر رفح البري؛ المنفذ الوحيد لقطاع غزة على العالم الخارجي. وسُمح بمرور قافلة مساعدات إنسانية، هي الأولى منذ بدء العدوان ردا على "معركة طوفان الأقصى" في السابع من الشهر الجاري.
وأفرغت شاحنات مصرية حمولتها من المساعدات الإنسانية في الجانب الفلسطيني من المعبر، ومن ثم أعيد إغلاقه من جديد.
وأشرفت فرق من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني على دخول هذه الدفعة من المساعدات، التي تم السماح بمرورها بموجب اتفاق ثلاثي (أميركي مصري إسرائيلي).
وخلال الساعات الماضية التي سبقت دخول هذه الشاحنات، عكفت السلطات المصرية على إزالة جدران إسمنتية، وإصلاح أضرار لحقت بساحة المعبر وممراته ومرافقه، لتمكين الشاحنات من المرور نحو القطاع.
مساعدات تحت القصف
وتحركت قافلة المساعدات ترافقها من الأمام والخلف سيارات ترفع أعلام "أونروا" وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وحسب مصادر موثوقة في منظمات إنسانية دولية ومحلية تحدثت للجزيرة نت، فإن الاتفاق على دخول هذه المساعدات لا يتضمن هدنة مؤقتة أو وقفا لإطلاق النار.
وبينما كان العمال منهمكين في تفريغ الشاحنات المصرية ونقلها لنظيرتها الفلسطينية، شنّت طائرات حربية إسرائيلية غارات جوية استهدفت منزلا سكنيا ومحطة تابعة لجهاز الدفاع المدني على بعد مئات الأمتار من المعبر.
ورفض مصدر في الأونروا التعقيب على دخول قافلة المساعدات وما تحتويه من مواد طبية وإغاثية، بدعوى أن "هذه الشاحنات موجهة لأكثر من منظمة دولية وأهلية فلسطينية في غزة، ولا تفاصيل متوفرة بعد".
وحسب المعلومات المتوفرة للجزيرة نت، فإن هذه الشاحنات ستفرغ حمولتها من المساعدات في مخازن تابعة لأونروا، وجمعية الهلال الأحمر، ومنظمة الصحة العالمية، في مناطق جنوب القطاع.
غير كافية كما وكيفا
وتتكون هذه القافلة من 20 شاحنة، منها 3 محملة بالمياه الصالحة للشرب، ومثلها من الأغذية المعلبة، وباقي الشاحنات تحتوي على مساعدات طبية متنوعة، حسب إفادة رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف للجزيرة نت.
وأكد المسؤول الحكومي أن هذه القافلة "لن تستطيع تغيير الكارثة الإنسانية" في القطاع، خاصة في ما يتعلق بالحاجة الماسة لـ23 مستشفى رسميا تابعة لوزارة الصحة التي تتحمل العبء الأكبر من التعامل مع الأعداد الكبيرة والمتزايدة من ضحايا العدوان الإسرائيلي.
ونشرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني -على حسابها الرسمي على منصة "إكس"- بيانا أكدت فيه أن هذه المساعدات "نقطة في بحر احتياجات غزة" وغير كافية لمواجهة الكارثة الإنسانية.
ووفقا لآخر تحديث لوزارة الصحة، فقد استشهد منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع 4385 فلسطينيا، منهم 1756 طفلا و967 امرأة، وجُرح أكثر من 13 ألفا و500 فلسطيني، جُلّهم من النساء والأطفال أيضا.
ومنذ السابع من الشهر الجاري، تفرض إسرائيل حصارا مطبقا على القطاع، وتمنع إمدادات الكهرباء والمياه والغذاء والأدوية، وسط تحذيرات متنامية ومتكررة من منظمات دولية من أن القطاع يتجه نحو كارثة إنسانية محققة.
وناشدت وزارة الصحة "المجتمع الدولي والأشقاء في جمهورية مصر العربية العمل الفوري على إدخال الوقود والاحتياجات الصحية الطارئة قبل فقدان المزيد من الضحايا داخل المستشفيات".
وقالت في بيان تفصيلي إن "استثناء إدخال الوقود ضمن المساعدات الإنسانية سيُبقي الخطر قائما على حياة المرضى والجرحى واستمرار الخدمات المنقذة للحياة".
ووفقا لوزارة الصحة، فما دخل هو "عدد محدود من الشاحنات يشكل 3% فقط مما كان يدخل يوميا إلى قطاع غزة من الاحتياجات الصحية والإنسانية قبل العدوان، والذي كان يتجاوز 600 شاحنة يوميا"، وكانت هذه تمر عبر معبر "كرم أبو سالم" التجاري الوحيد، المغلق من الجانب الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب.
أولويات
وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي إن "المؤسسات الدولية تسلّمت قائمة بأولوية احتياجات قطاع غزة، في ظل حجم الضحايا والدمار جراء العدوان"، مضيفا أن "ما تحمله قافلة المساعدات التي دخلت اليوم غير كاف، ولن تضيف كثيرا، ونحن بحاجة إلى أضعاف هذه المساعدات، خاصة الأدوية والأجهزة والمستهلكات الطبية، والمساعدات الإغاثية المختلفة".
وحسب رأيه، فإن "هذه القافلة وعشرات مثلها لن تلبي حاجات قطاع غزة حاليا كما وكيفا، لا سيما في ضوء عدم إدخال الوقود الذي بات أولوية بالنسبة لعمل كافة القطاعات الخدماتية لشحه في بعض المناطق ونفاده في مناطق أخرى".
كما أكد معروف حاجة القطاع إلى تمكين آلاف الجرحى من السفر لتلقي العلاج اللازم بالخارج، حيث تشير تقديرات وزارة الصحة إلى أن "إشغال الأسرة في مستشفيات قطاع غزة فاق 150%؛ مما اضطرها لإقامة خيام لاستيعاب الجرحى والمرضى".
وقال إن "فتح معبر رفح بشكل دائم وتدشين الممر الآمن لإدخال الاحتياجات الحياتية، بات ضرورة ملحة وعاجلة جدا لإنقاذ الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، ولسرعة الاستجابة للأولويات التي حددتها الجهات الخدماتية في القطاع وفي مقدمتها الوقود".
المصدر : الجزيرة