أجرى "العربي الجديد" مقابلة خاصة مع أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، حسين الشيخ، غداة المجزرة التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي جراء استهدافه المستشفى المعمداني في قطاع غزة، والتي عاد على إثرها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى رام الله من الأردن، والتي كان من المقرّر أن يعقد فيها اجتماعاً رباعياً يضمّ ملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيسي الأميركي جو بايدن، والمصري عبد الفتاح السيسي.
في ما يلي تفاصيل المقابلة:
لماذا قررت القيادة الفلسطينية العودة أمس من الأردن والانسحاب من القمة الرباعية؟
قرار القيادة يلتصق مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للذبح والقتل يومياً، ومهمة القيادة الفلسطينية هي حماية شعبها، ووقف العدوان ومنع التهجير.
هناك قرار إبادة جماعية لقطاع غزة، كان واضحاً للعالم في مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني. وبناءً عليه، قرّر الرئيس محمود عباس والوفد المرافق له مغادرة الأردن والعودة إلى أرض الوطن، وعقد اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية التي اتخذت قراراً أنها في حالة انعقاد دائم لمتابعة كل التطورات والأحداث، واتخاذ القرارات المناسبة التي تكفل حماية شعبنا، والتي تضمن أن نخلق أفضل تكتل إقليمي دولي ضاغط باتجاه وقف العدوان على الشعب الفلسطيني.
هل قرارات سحب الاعتراف بإسرائيل أو تقديم القيادة استقالتها مطروح على الطاولة؟
هناك العديد من الإجراءات التي يمكن أن تتخذها القيادة، وهذا متروك للقيادة الفلسطينية في اجتماعاتها المفتوحة اليومية لاتخاذ القرار الذي يخدم الشعب الفلسطيني، ولا أستطيع أن أقول أي شيء الآن. القيادة الفلسطينية في اجتماعاتها هي التي تقرر.
في ظل كل ما يعيشه الشعب الفلسطيني من مذابح، كيف يُسمح للأمن الفلسطيني أن يطلق الرصاص الحي على المتظاهرين أمس في مدن الضفة؟ هناك طفلة قتلت وإصابات خطيرة في المستشفيات.
الأجهزة الأمنية لم تطلق الرصاص الحي على المتظاهرين أمس، ومن حق الشعب الفلسطيني أن يخرج ويعبّر عن رأيه الرافض للحرب المدمّرة، لكن التخريب في الشوارع وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة ليس جزءاً من صدّ العدوان. لقد تعرضت بعض مواقع السلطة لإطلاق الرصاص، لكن الأجهزة الأمنية لم تطلق الرصاص.
هناك فيديوهات وشهود عيان يؤكدون أن الأمن الفلسطيني هو من قمع وأطلق الرصاص الحي على المتظاهرين
الموضوع قيد التحقيق، وإذا كان الأمن الفلسطيني سنعلن ذلك ونتحمّل المسؤولية، وسنؤدي واجبنا تجاه أي أسرة يثبت أن الأمن الفلسطيني أطلق الرصاص على أحد أفرادها، سواء إصابة أو استشهاداً. سنتحمّل المسؤولية ونتكفل بذلك.
بعد كل هذه المجازر الإسرائيلية لم تقم بعض الدول العربية التي لديها تمثيل دبلوماسي مع إسرائيل بسحب سفيرها أو طرد السفير الإسرائيلي. هل يرتقي موقفها لمستوى الحدث؟
هناك اليوم إجماع عربي، ويجب الحفاظ عليه بموقف. نحن نحاول كل جهدنا لجعل الموقف العربي والدولي يرتقي إلى مستوى الدم الفلسطيني الذي يسفك يومياً. كل العرب يبذلون جهداً جباراً الآن في هذا الاتجاه، وحددنا هدفاً استراتيجياً ومركزياً، وهو وقف الحرب والقتل الذي تقوم به إسرائيل، ولا يمكن أن نوقف سفك هذا الدم ونحن في مكاننا نردد شعارات كبيرة، بل نعمل في كل الساحات لخلق جبهة إقليمية دولية تجبر إسرائيل على ذلك.
الموقف العربي موقفٌ محترم، الأردن، ومصر، والسعودية لديها موقف مساند للشعب الفلسطيني، وتضغط على المجتمع الدولي باتجاه وقف العدوان، ويجب قياس الأمور بتأثيرها.
ما الذي يؤثر اليوم؟
تغيير الرأي العام الرسمي الدولي الذي تعاطف مع إسرائيل في الأيام الأولى، يجب أن يعرف أن إسرائيل تقوم بمذابح جماعية، ومحاولات لتهجير الشعب الفلسطيني.
هل انسحاب القيادة الفلسطينية من القمة الرباعية أدى لفشلها وعدم انعقادها؟
هذا قرار ثلاثي اتخذ بالتشاور والتنسيق الكامل بين القيادة الفلسطينية ومصر والأردن، وفحواه عودة الرئيس أبو مازن إلى أرض الوطن، وإلغاء القمة التي كان مزمعاً عقدها اليوم في عمّان.
وهذا ما جعل بايدن يلغي زيارته إلى الأردن اليوم؟
الأردن ومصر أصدرا بيانات واضحة بإلغاء هذه القمة.
ما هي أجندة القيادة الفلسطينية التي كانت ستطرحها في القمة لو عقدت؟
وقف الحرب وفتح ممرات لإغاثة للشعب الفلسطيني، هذا ما كان على أجندة القيادة الفلسطينية ومصر والأردن.
لماذا لا تقاطعون وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الذي عرّف عن نفسه بأنه يهودي ويشارك في اجتماع الكابينت الإسرائيلي للإجهاز على غزة؟
شو بخدم شعبنا إذا قطعنا علاقتنا مع أميركا، التي تُعتبر أكبر صاحبة تأثير على القرار الإسرائيلي؟ كان المفروض أن نرى بلينكن وغيره لإيصال رسالتنا بشكل علني وصريح، ومطالبنا للإدارة الأميركية بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. من الذي يستطيع أن يأمر إسرائيل غير أميركا؟ ماذا سوف نستفيد إذا قاطعنا بلينكن أو غيره؟
لكن بالأمس قاطعتم بايدن
نحن قاطعنا بايدن باتفاق مشترك مع العرب، حتى تكون هناك رسالة سياسية عنيفة، أن الموقف الفلسطيني والعربي يتناسب مع طبيعة الأحداث التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
هل ستقاطعون أي قمة تشارك فيها الولايات المتحدة إلى أن توقف إسرائيل حربها على غزة؟
لم أقل ذلك، ولن نفعل ذلك، بل سنشارك في أي منصة وفي أي محفل دولي نستطيع أن نوصل من خلاله صوتنا، ونطالب المجتمع الدولي بالضغط الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي. هذه هي المهمة الرئيسية الآن. القيادة يجب أن تكون موجودة في كل مقعد وكل محفل، وأن يكون صوتها حاضراً، لأن القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
المشاركة الفلسطينية ستكون نتيجة قرار فلسطيني وتشاور مع الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم، لا يمكن أن نترك الساحة، ويجب أن يكون الصوت الفلسطيني حاضراً ومؤثراً في كل مكان.
هل تنسقون هذه الجهود مع حركة "حماس"؟
ليش (لماذا)؟ هل تنسق قيادة "حماس" معنا أصلاً؟! في الحرب وفي ظل شلال الدم النازف لا حساب وعتاب، يجب أن تقف الحرب وبعد ذلك نقوم بتقييم كامل.
هناك قمة في 21 من الشهر الحالي في القاهرة. هل ستشاركون فيها؟
لا معلومات لدي عن هذه القمة، وأي قمة لا تشارك فيها القيادة الفلسطينية نعتبر أنه لا داعي ولا مبرر لها.
هل هناك اتفاقات حقيقية فلسطينية مع مصر والأردن حول فتح الحدود؟
إسرائيل ذاهبة إلى قرار استراتيجي، وهو تهجير شعبنا، واتفقنا مع الأردن ومصر على أن لا حدود مفتوحة للتهجير، ونثمن موقف الدولتين في منع ذلك، وهذا الموقف تم إعطاؤه للمسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، وتم تبليغه لكل العالم.