2024-11-25 02:35 م

طوفان الأقصى.. هل اقتربت المواجهة العسكرية البرية؟

أفاق الفلسطينيون على واقع جديد، مجموعة من عناصر القسام اخترقوا الحدود البرية والجوية مع الاحتلال الإسرائيلي وأحدثوا رعبًا في صفوف جنوده الذين لاذوا بالفرار وتركوا دباباتهم العسكرية لتكون غنائم للمقاومة.

سطرت تلك المشاهد البطولية التي صاحبها اعتقال عشرات المستوطنين والجنود لمرحلة جديدة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الصراع لا حجمًا ولا استعراضًا، لما فيها من إذلال لاحتلال يتباهى دومًا بامتلاكه أعتى منظومة عسكرية وأمنية، لكن ما جرى على الهواء مباشرة أمام مرأى العالم دحض كل رواياته المزيفة، وأثبتت المقاومة في غزة أنها من تمتلك زمام الأمور وعنصر المفاجأة.

عادت الأرض المحتلة لساعات، ذاق فيها الفلسطينيون لحظات النصر والتحرير بعدما ظنوا أنها بعيدة، فتلك اللحظات أثبتت أنه لا يوجد محال طالما المقاومة تمتلك أدوات تمكنها من مواجهة المحتل، لكن كل ذلك يحتاج إلى مواجهة شديدة قد تجر المقاومة إلى مواجهة برية مع العدو.

ماذا تعني المواجهة البرية لـ”إسرائيل” مع المقاومة؟
لم يقرأ الاحتلال الإسرائيلي الواقع الذي حاول فرضه في الضفة المحتلة والقدس جيدًا، لذا أساء تقدير الموقف ولم يضع في حساباته رد المقاومة على اقتحاماته للمسجد الأقصى ومحاولة فرض سيطرته عليه، عدا عن اعتداءاته المستمرة على أهالي الضفة وسرقة أراضيهم وهدم بيوتهم، فأثبت هشاشة منظومته الأمنية التي فشلت في توقع ما ستؤول إليه الأحداث.

وكعادة المقاومة في غزة، رسمت المشهد الذي أعدته ردًا على تلك الاعتداءات، وفي ذات الوقت لم يتوقع أحد السيناريو الجديد الذي فرضته على أرض الواقع، لتكشف ضعف المنظومة العسكرية للاحتلال، فالرد الذي كان عبر اقتحام مستوطنات غلاف غزة وأسر العشرات من الجنود والمستوطنين يدفع للتساؤل: هل ستقود معركة طوفان الأقصى إلى مواجهة عسكرية برية بين الاحتلال ومقاومة غزة؟

يقول الخبير الأمني محمد أبو هربيد إن “إسرائيل” في الوقت الراهن تريد استعادة السيطرة على الأرض التي فقدتها في اجتياح عناصر كتائب القسام البري لمستوطنات غلاف غزة، وإعادة ترتيب وضعها في هذه الأماكن خشية العمليات الهجومية للقسام مرة أخرى.

وبحسب قراءته للمشهد، ذكر أبو هربيد لـ”نون بوست” أن فكرة إعادة التموضع والهجوم البري على قطاع غزة من الاحتلال لن تحدث، لا سيما أن “إسرائيل” تجري اتصالات دولية للاطمئنان على المفقودين من المستوطنين والجنود الذين سحبتهم عناصر القسام إلى قطاع غزة.

ويوضح أن الاحتلال يخشى إذا تصاعد عدوانه على قطاع غزة أن تجري عمليات تصفية لمن سقط في قبضة المقاومة، خاصة في ظل ضغط الأهالي والعائلات الكبير على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.

ويؤكد أن هناك هزةً كبيرةً في المنظومة العسكرية الإسرائيلية، فالحدث مفاجئ وبالتالي “إسرائيل” التي كانت تعاني لاسترداد ستة أسرى كانوا في قبضة المقاومة منذ عدوان 2014 اليوم أزمتها كبيرة في ظل وجود عشرات المحتجزين، لذا لا يمكنها ردع المقاومة وشن هجوم بري.

إذًا كيف سيكون رد الاحتلال هذه المرة خاصة في ظل العملية التي لم يتوقعها أبدًا؟ يرى أبو هربيد أنه سيستخدم السلاح الجوي لاستهداف بيوت قادة المقاومة وسيدمر مواقع عسكرية للقسام كما اعتاد.

مضيفًا “الاحتلال يدرك جيدًا أنه إذا شن هجومًا عسكريًا بريًا ستكون خسارته مضاعفة، حيث المزيد من جنوده الأسرى لدى المقاومة”، مؤكدًا أن الاحتلال يدرك أن مقاومة غزة لديها الجرأة والقوة والجهوزية العالية والأسلحة التي تفتك بآلياته المحصنة، لذا يرى في السلاح الجوي أملًا في تحقيق النصر أمام شعبه.

كيف كسرت “إسرائيل” الخطوط الحمراء مع المقاومة؟
رغم تباين الآراء بين المراقبين للمشهد العسكري الذي فرضته مقاومة غزة، لا يمكن استبعاد أن يصل الانتقام الإسرائيلي من هذه العملية الكبيرة بمحاولة احتلال قطاع غزة من جديد والدخول في مرحلة سياسة وعسكرية جديدة وخطيرة.

بدوره يرى المختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة أن هناك عدة كوابح تمنع الاجتياح البري لقطاع غزة أولها العدد الكبير للإسرائيليين الذين وقعوا في قبضة المقاومة، بالإضافة إلى أن المواجهة العسكرية البرية صعبة خاصة أن “إسرائيل أكلت الضربة الأولى بداية معركة طوفان الأقصى وتحاول التعافي منها”.

يوضح هلسة لـ”نون بوست” أن “إسرائيل” غير مستعدة للدخول في مواجهة برية، فهي تحاول إنهاء المواجهة بصورة انتصار عبر الهجمات الجوية وليس البرية التي تدرك أنها ستخسرها بفعل ما أظهرته مقاومة غزة من استبسال ومهارات عالية.

وفي ذات الوقت لم يستبعد المواجهة البرية خاصة أن هذه المعركة عنوانها المفاجأة، لكن قد تكون في أراضٍ مفتوحة قرب الحدود دون الدخول وسط مدن القطاع. 

ولفت إلى أن العين الإسرائيلية على شمال فلسطين، فهي تخشى من ارتدادات المواجهة مع حزب الله، لذلك يضع الاحتلال في عين الاعتبار ما جرى بداية معركة طوفان الأقصى، فهو في موضع “لا يحسد عليه”.

ويرجع بداية معركة طوفان الأقصى أنها جاءت بسبب حالة الاستعلاء والغطرسة التي تعيشها “إسرائيل” واتكائها على نظام فلسطيني رسمي مختل لا جديد لديه فيما يخص إدارته للشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى اتكائها على أنظمة عربية مطبعة، ما جعلها تقع في مربع الاطمئنان.

وأوضح المختص في الشأن الإسرائيلي أن دولة الاحتلال لم تقرأ المشهد جيدًا التي كانت نتائجه سلبية حيث حالة الاحتقان في الساحة الفلسطينية بسبب موجة اقتحامات المسجد الأقصى وسرقة أراضي الضفة وتشديد الحصار على قطاع غزة ومحاولة تنفيسه بالقليل من أموال الممولين دون أن تكترث لجملة انتهاكاتها التي كسرت عبرها كل الخطوط الحمراء مع المقاومة وعمليات التطبيع.

ويصف أنه في يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 انهارت كل خطوط الدفاع العسكرية الأولى للاحتلال مع قطاع غزة، خاصة بعدما أثبت أن المنظومة الأمنية لم تمتلك أي خيط معلوماتي عما سيفعله المقاوم الفلسطيني كردة فعل على غطرسة الاحتلال.

في النهاية الوضع الأمني معقد في “إسرائيل” كونها فقدت عنصر المفاجأة وانجرت إلى مواجهة هي فيها الطرف الخاسر والمهزوم إعلاميًا، فالاجتياح البري قد يكون أحد السيناريوهات الواردة لديها، لكن الأمر معقد وخيارات نتنياهو صعبة، فهو يحاول الآن استعادة صورة جيشه.


المصدر: نون بوست