2024-11-25 10:36 م

خط بارليف..خط غزة-طوفان الأقصى يشبه الفشل الإسرائيلي في حرب 73

لأول مرة منذ 50 عامًا، منذ حرب أكتوبر 1973، تعلن “إسرائيل” حالة الحرب، وأنها حرب مفاجئة وطاحنة وقاتلة كما يقول رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي ظهر بعيني مليئتين بالصدمة أما جمهوره بعد 6 ساعات من بدء المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى، صباح السبت 7 أكتوبر 2023.

المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام بدأت رشقتها الصاروخية الأولى بـ 5 آلاف صاروخ، طالت 35 مدينة في الداخل المحتل وغلاف غزة، ولأول مرة، شنت هجومها البري والبحري والجوي، وأنزلت عناصرها خلف خطوط الاحتلال في مستوطنات غلاف غزة، وفرضت منع التجول وسيطرت على عدد من المستوطنات، والاحتلال لم يستفق من صدمته بعد، كما ذكرت الصحف الإسرائيلية في عنوانها العريض مع بدء العملية.

كيف فشلت استخباراتيًا؟
خلال السنتين الأخيرتين، وبعد معركة سيف القدس 2021، التي خاضتها المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام لأجل الأقصى وحي الشيخ جراح، حاولت “إسرائيل” بشكلٍ كبير أن تستفز المقاومة للدخول في مواجهات تنقذ “إسرائيل” من أزماتها الداخلية، وتخفف عليها من تصعيد التوتر في الضفة المحتلة، لكنها فشلت في أن تجر كتائب القسام لذلك.

وفي تلك الأثناء، خاضت مواجهات عسكرية وجولات تصعيد محدودة مع سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إلا أن كتائب القسام بقيت في الخلفية تتابع الأحداث، وتساند بشكلٍ غير مباشر كتائب المقاومة الأخرى، دون أن تعلن رسميًا عن دخولها في المواجهة، ما دفع الاحتلال ومحلليه واستخباراته للقول إن حماس غير معنية بالتصعيد.
على ذات السياق، توغل الاحتلال في تصعيده واعتداءاته في الضفة المحتلة، التي أحصت 255 شهيدًا منذ بداية عام 2023، لـ “أن حماس لن تدخل أو تبدأ بالتصعيد”، ولأن جهود الوساطات المصرية من جهة أخرى تحاول أن تحفظ كفة الموازنة.

لكن أكتوبر الذي شهد حرب 1973، حمل المفاجأة الكبرى للاحتلال عام 2023، أو كما قالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية أن ما يحدث فشل ذريع على المستويات العسكرية والاستخبارية والسياسية الإسرائيلية، وكما عنونت صحيفة هآرتس: “إن حماس خططت للعملية منذ أشهر وحققت نجاحا باهرا والجيش أمام فشل لا يمكن وصفه”، وهو ما اتفقت عليه صحيفة معاريف المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: “الهجوم على إسرائيل فشل استخباراتي هائل صدم العالم”.

أما عن الفشل، فكان الكلام في الأوساط الإسرائيلية، أن “التسهيلات الاقتصادية” التي يحاول الوسطاء منحها لحماس التي تدير شؤون قطاع غزة، بدلًا عن التصعيد ضد الاحتلال بدأت تأخذ مفعولها، خاصة وأن حماس التي أطلقت مسيرات على حدود قطاع غزة بداية سبتمبر 2023، أعلنت عن إيقافها مع ضمانات بتحسينات اقتصادية، وتنفيذ وعود سابقة لم ينفذها الاحتلال من فتح المعابر وتزويد القطاع بالكهرباء.
على ما يبدو أن خطوة مسيرات الحدود، كانت جزءًا من استراتيجية كبيرة وضعت أولى خطواتها يوم بدء طوفان الأقصى، وأن الاحتلال ركن إلى تهدئة جانب حماس وجبهة غزة بتقديمه ضمانات عبر الوسطاء المصريين والقطريين بتخفيف الحصار عن غزة، حتى أن الحياة في الداخل المحتل وبين أفراد جنود الاحتلال كانت طبيعية دون التخوف أو الحذر من أي ضربة قادمة من الحدود الجنوبية، أي قطاع غزة، وأن عناصر من الجيش، كانوا قد حصلوا على إجازاتهم هذه الأيام وغادروا مواقعهم للاحتفال بعيد العرش اليهودي.

خط بارليف – خط غزة
بعد الصدمة الكبيرة، قال مراسل “يديعوت أحرنوت” العبرية”: “إن الفشل اليوم، أكبر من فشل حرب 73، حيث لم يعرف أحد اليوم عن الهجوم الجنوني هذا، لقد انهارت الاستخبارات”، ويرى المتابع للإعلام العبري أن الخبراء العسكريين لدى الاحتلال يرون طوفان الأقصى شبيهًا لـ “حرب أكتوبر” 1973 من حيث التوقيت وعنصر المفاجأة، ونجاح الجيش المصري في تدمير واجتياح ما كان يسمى بـ”خط بارليف” الحصين على امتداد قناة السويس.

خلال طوفان الأقصى المستمر، أعادت مقاومة غزة الذكرى الـ50 لانتصار أكتوبر/تشرين الأول 1973 و ما صاحبها من مشاهد الفخر والعزة عبر التخطيط المحكم والمباغت لها، وتضليل المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية عبر اختيار التوقيت المناسب، والتنوع في استخدام أساليب القوة، برًا وبحرًا وجوًا.

في العودة إلى السادس من أكتوبر 1973، فاجأت القوات المصرية “إسرائيل” باقتحام التحصينات في سيناء وتحطيم خط بارليف، وكانت مفاجأة أذهلت الجيش والاستخبارات الإسرائيلية، إذ كانت خارج حسابات المراقبين والمحللين السياسيين، الذين ظنوا مصر – كما ظنوا غزة اليوم- أرهقت من جولات تصعيد وحروب استنزاف على جبهة القناة وكانت “إسرائيل” تعتقد أن مصر لن تحارب خصوصًا في ظل أوضاع اقتصادية سيئة وبعد ان قطعت مصر علاقاتها العسكرية مع الاتحاد السوفييتي وانفتحت على واشنطن والغرب.

تحت وطأة عنصر المفاجأة، بدأ الجيشان المصري والسوري عمليتين مباغتين استهدفت أماكن تواجد الجيش الإسرائيلي في منطقتي سيناء وهضبة الجولان التي كانت تحت سيطرة “إسرائيل”، وما حدث من تمكن الجيش المصري حينها من عبور قناة السويس بنجاح، وتحطيم حصون خط بارليف، في حين نجح الجيش السوري في التوغل إلى عمق هضبة الجولان، قبل أن تتمكن “إسرائيل” من استعادة السيطرة عليها.

حتى إن وكالة أمريكية تنقل في شهاداتٍ عن جنود الاحتلال الذين أقاموا وراء “خط بارليف” أنهم يقولون: “إنهم يشعرون باطمئنان تام وأنهم آمنون وراء حصن لا يمكن اقتحامه والآن أصبح هذا الحصن في أيدي المصريين، وكان الخط مكونا من عدد كبير من الدشم التي تحتوي على ملاعب طائرة وحمامات سباحة وغرف للنوم ومطابخ ليتساءل رجل الشارع الإسرائيلي الآن هل حقا أصبح المصريون يقيمون حيث كان يقيم الجندي الإسرائيلي ويأكلون الأطعمة الساخنة ويستمتعون بالماء البارد ويشاهدون الأفلام ويلعبون الكرة الطائرة؟”.

وبينما سقط “خط بارليف” خلال ساعات معدودة قبل 50 عامًا، وسقط معه 15 موقعًا حصينًا، بالإضافة إلى حصار المتبقي، تكرر المشهد مرة أخرى من قطاع غزة، حيث اقتحم آلاف المقاومين مستوطنات غلاف غزة، بالتزامن مع صواريخ أطلقتها المقاومة، واشتباك مع القوات على الحدود، وشراعيين عبر الجو، وضفادع بحرية عبر البحر، ومشاة كسروا الحدود والسياج.


المصدر: نون بوست