يبدو ان عملية التنسيق الأمني التي تشارك فيها المنظومة الأمنية الاردنية ونظيرتها المصرية جزء من السياق العام المرتبط الآن بخطة أمريكية حملها معهما كل من رئيس الإستخبارات الأمريكي وليام بيرنز ووزير الخارجية أنتوني بلينكن الى المنطقة مؤخرا .
وهي خطة لاحظ جميع المراقبين الخبراء انها لم تتضمن اكثر من إظهار التضامن اللفظي فقط وتكرار مسألة حل الدولتين وبدون وضع خطة من اي صنف باسم الادارة الامريكية للعودة الى حل وخيار الدولتين والذي يظهر له الاردن كمعيار اساس اصلا في العودة لعملية السلام و إستعادة الاستقرار والهدوء.
و لاحظ الجميع ان مدراء المخابرات في كل من مصر والاردن يجتمعان بعد مستشارين أمنيين أمريكيين في رام الله مع مسؤولين امنيين فلسطينيين الامر الذي يوحي بان لدي مصر كما قيل في بعض وسائل الاعلام خطة مفصلة و محكمة لتثبيت الهدنة العامة في الاراضي الفلسطينية المحتلة وللحفاظ على التهدئة العامة .
وخلافا للحديث لفظيا و على شكل ترديد أغنية فقط عن حل الدولتين موسميا تجنب المسئولان الأمريكيان البارزان بلينكين وبيرنز اي حديث مباشر خارج سياق الحرص على برنامج التهدئة الذي يتحمس له الرئيس الأمريكي جو بايدن بالاضافة الى رتوش الحديث المكرر عن تحسين مستوى معيشة اهل الضفة الغربية والفلسطينيين.
وبانتظار ما ستسفر عنه جولات وزيارات يقال انها ظرفية مهمة للملك عبد الله الثاني في الولايات المتحدة الأمريكية يمكن القول ان الأردن بات في حالة الاشتباك ضمن مسارات التكيف و بأكبر قدر من المرونة على أمل تقليل المخاسر والمشاركة بفعالية في برنامج التهدئة والذي تعتبره عمان هدفا موحدا لها و للإدارة الأمريكية والحكومة المصرية تجنبا لخيار الغرق مجددا في إنتفاضة فلسطينية ثالثة ستعم الفوضى بعدها بتقدير المطبخ الأمني والسياسي الاردني و ستكون على الارجح مسلحة هذه المرة بسبب تأثيرات أطراف اقليمية تمكنت من ايجاد موطيء قدم لها مؤخرا في عمق المعادلة الفلسطينية الفصائلية.
والحديث هنا بطبيعة الحال عن حزب الله اللبناني و عن الجزء الايراني المتنامي من النفوذ والحضور في العمق الفلسطيني عبر تمويل الكثير من الفصائل والنشاطات.
وايضا عن بروز قوة الجهاد الاسلامي كفصيل مسلح تمكن من تحقيق وتسجيل إختراقات في مدن الضفة الغربية المحتلة مؤخرا بسبب غياب الأفق السياسي وبسبب الدعم الإيراني مما دفع المنظومة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية الى مواجهة تحديات أساسية يحاول اليوم كل من بيرنز وبلينكن مواجهتها بمعنى تدعيم أسس الهدنة واستعادة الهدوء.
وما يسميه بلينكين إستعادة الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين عبر وضع برنامج خاص وانقاذ ما تبقى من هيبة وحضور المؤسسات والمنظمات الأمنية الفلسطينية بعد ما تأثرت هياكلها بصورة سلبية اثر عمليات الاعدام الميداني في الشارع والهجومات المتكررة للجيش الاسرائيلي على المدن والمخيمات والمناطق الفلسطينية وبدون أدنى تنسيق مع أجهزة السلطة الامنية الفلسطينية.
بكل حال تحديات المنظومة الأمنية يبدو انها تطلبت مغادرة الجنرالان المسئولان عن المخابرات في الاردن ومصر الى رام الله ،الامر الذي يحيي الآمال بإستئناف الاتصالات ذات الطابع الرباعي او الخماسي باشراف المنظومة الأمنية الأمريكية هذه المرةز
والهدف المعلن والسري بنفس الوقت هو إستعادة الهدوء لكن ما علقت به تلك الاتصالات المرتبطة بمنطوق ومفهوم الامن السياسي وكيفية ضبط جماح الحكومة الاسرائيلية اليمينية وطاقمها الوزاري المتشدد اذا ما وضعت خطة اصلا توافق عليها السلطة الفلسطينية تحت عنوان إستعادة التهدئة وتدعمها دول في الاقليم مثل مصر والأردن والامارات.
الحلقة الوحيدة المفقودة والضائعة حتى الان هي الصيغة التي يمكن اقناع الطاقم الوزاري الاسرائيلي بالعمل معها بعنوان إستعادة الهدوء بعيدا عن الاجندات المعلنة للطاقم الوزاري وعلى البروتوكولات التي وقعها مع الشركاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
المصدر: رأي اليوم