ليفني في طريق العودة الى الليكود
أعلنت تسيفي ليفني بعد التوقيع على الاتفاق مع نتنياهو على المشاركة في الائتلاف انها تربت في حزب الليكود، وهناك مواقف متشابهة ايديولوجيا بينها وبين نتنياهو.. وهذا يرى فيه المراقبون أنه بداية عودة ليفني الى البيت "الليكود" فلقد تعرضت لصدمات كثيرة، من بينها، أنها لم تستطع تشكيل حكومة عندما حصلت على الاكثرية في الانتخابات الماضية عندما تزعمت حزب كاديما، كذلك، لم تفز في الانتخابات على رئاسة الحزب المذكور، وهذه الصدمات دفعتها الى تغيير طريقة تفكيرها حسب نصائح المقربين منها، اذا ما ارادت أن تبقى في معترك الحياة السياسية عليها عدم التمسك بموقف واحد لا يتغير، وهي أدركت أنها لن تستطيع تطوير نفسها من خارج دائرة صنع القرار، فقد سلطت الاضواء عليها عندما تسلمت مواقع حكومية في زمن شارون، الذي سمح لها بشق طريقها بسهولة ، وأدركت أنها لا تتلاءم مع الاجواء في الجانب الاخر، خاصة بعد أن اثبتت لها نتائح الانتخابات الاخيرة الحجم الحقيقي لقوتها.
ونتنياهو اختار ليفني ومنحها اعلاميا، مهمة ادارة المفاوضات مع الفلسطينيين حتى يستطيع في اللحظة المناسبة له أن تخرج بما خرج به ايهود باراك في اعقاب كامب ديفيد واقنع به العالم وبشكل خاص الولايات المتحدة، وبقيت تأثيرات ذلك حتى رحيل ياسر عرفات، وهو عدم وجود الشريك، فاذا ما استبقنا الزمن وتوقعنا سيناريوهات المستقبل في ظل ما نراه من عدم وجود استعداد للتوصل الى تسوية يقبل بها الفلسطينيون وتكون مقبولة على اسرائيل فان اية اتصالات ومفاوضات بين الطرفين لن توصل الى اتفاق حقيقي ينهي الصراع يؤمن حياة مستقرة للاجيال القادمة. أما اذا كانت الرغبة الامريكية حقيقية في اطلاق المفاوضات وتوصل الى حلول فعلية وحقيقية مهما كان شكلها والاسم الذي سيطلق عليها، فان هذه المفاوضات التي قد تديرها ليفني مع الطرف الفلسطيني ستكون نتائجها محددة مسبقا بعيدا عن قاعة المفاوضات مع الفلسطينيين، أي بين الولايات المتحدة واسرائيل، أما في حال كانت الرعاية الامريكية رعاية عادلة وتجمع معها الرغبة الحقيقية للتوصل الى حلول فاننا قد نشهد مفاوضات حثيثة تبذل من جانب الاطراف ذات العلاقة، وفي حال الفشل فلن يكون هناك أفضل من ليفني لتلاوة الموقف الاسرائيلي من هذا الفشل وتحميل المسؤولية ستكون معروفة، أي أننا سنعود الى نفس السيناريو وهو التشكيل بوجود قيادة فلسطينية مستعدة للتوصل الى تسوية حقيقية، وهذا يعني أن ليفني تشكل مكسبا لنتنياهو ومدافعا عن حكومته المستقبلية من أية انتقادات دولية.
صاحب البيت .. هو نتنياهو
وليفني التي وصلت مرحلة متقدمة في الاتصالات والمفاوضات مع أبو علاء، لن تواجه صعوبة في تكرار ما قامت به، لكن، هذه المرة تدرك جيدا أن صاحب البيت هو نتنياهو وليس اولمرت الهارب من قضايا جنائية، وانما نتنياهو الذي في أعماقه مبادىء يواجه صعوبة وصراعا نفسيا في قدرته على التخلي عنها، كما أن الابواب بعد تشكيل الحكومة ستفتح من جديد لعودة ليفني الى الليكود، وقد نشهد صراعا قويا داخل الحركة التي تترأسها وتدفعها الى اتخاذ هذه الخطوة، ونتنياهو يرحب بعودة عناصر ضعيفة الى الليكود، خاصة تلك العناصر المعتدلة التي تخلق توازنا بين اجنحته.
ويبدو أن ليفني باتت تدرك أن أول مهمة لتحقيق السلام هو اعلان نوايا بينها وبين نتنياهو، وباب الليكود لن يغلق بانتظار الراحة الابدية لشاؤول موفاز، ويرحب زعيم الليكود بعودة امثال هؤلاء لمحاصرة العناصر التي اضطرته الى التحالف مع ليبرمان.
اعادة تشكل الخارطة الحزبية
وعلى الرغم من موسم شظايا الاحزاب الذي شهدته الحلبة الحزبية في اسرائيل على مدار السنوات الماضية وبالتحديد منذ صدمة انسحاب شارون من الليكود وتشكيله لحزب كاديما، فالحالة التي نشهدها اليوم هي حالة اعادة التكوين والتشكل، وهي انعكاس لحالة التغيير والتبدل في الاراء داخل الساحة الاسرائيلية، والذي ينعكس وبشكل طبيعي على الاحزاب التي اخذت مكانا لها في الكنيست، لكن، اصحاب النظرة البعيدة يعتقدون أن المرحلة القادمة سنكون مرحلة العودة الى "البيوت" لأن المستقبل هو فقط للاحزاب الكبيرة، أما أحزاب "الطفرة" فهي مجرد ظواهر سرعان ما تتلاشى، وهذا ما حدث مع كاديما، وحزب طومي لبيد.
حزب العمل والبقاء في المعارضة
أما حزب العمل في حال بقي في المعارضة، فان قوته ستزداد وسيمهد الطريق للعودة بقوة الى الحزب الكبير، أي ليس من المستبعد أن نشهد مرحلة من الاصطفاف الجديد داخل الحزبين الكبيرين.
وبالنسبة للبيد وبينت فلن يصمدا طويلا في المحافظة على حجمهما في اية انتخابات قادمة، فالكثيرون ممن انتخبوا البيت اليهودي هم في الاساس من الليكود، وهم يشهدون حاليا الصعوبة الكبيرة التي يواجهها نتنياهو في تشكيل الائتلاف ، أي أن الحزب كلما كان كبيرا كلما كان قادرا على تشكيل الحكومة بشكل أسهل.
أما لبيد فمعظم ناخبي حزبه جاءوا من والوسط واليسار أملا في تحقيق انجازات اجتماعية يتمنونها وغضبا من الاحزاب الاخرى وعلى رأسها حزب العمل.