دخلت المعركة الانتخابية في إسرائيل طوراً جديداً، مع اختلاف في الحسابات الانتخابية لكل طرف، بعد أن تم نهائياً تقديم اللوائح الانتخابية للأحزاب المشاركة في الانتخابات منتصف ليل الخميس-الجمعة.
فقد تقدّمت 40 لائحة للمشاركة في الانتخابات المقرر إجراؤها في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ويُنتظر ألا تنجح عشرين قائمة منها على الأقل في اجتياز نسبة الحسم المحددة بـ3.25 في المائة من الأصوات الصحيحة، وهي الحد الأدنى المطلوب لكل حزب كي يدخل الكنيست، ويحصل على 4 مقاعد على الأقل.
تفكك "القائمة المشتركة"
وشهدت ليلة تقديم اللوائح في الساعة الأخيرة منها دراما تفكك "القائمة المشتركة" المكوّنة من ثلاثة أحزاب، هي "التجمع الوطني الديمقراطي" بقيادة سامي أبو شحادة، و"الجبهة الديمقراطية" و"الحزب الشيوعي" الإسرائيلي بقيادة أيمن عودة، و"العربية للتغيير" بقيادة أحمد طيبي.
وسبّبت "الدراما" التي روّج لها أيضاً الإعلام الإسرائيلي انطباعاً مغلوطاً، وكأن الصوت العربي الفلسطيني في الداخل وحجم التمثيل العربي في الكنيست هو الذي سيحسم المعركة الانتخابية، أو أن تفكك "القائمة المشتركة" سيتيح أخيراً قبول الأحزاب الصهيونية ببناء ائتلافها بمشاركة أحزاب عربية أو الاعتماد عليها، على الرغم من تصريحات واضحة من حزب الجنرال بني غانتس بأنه لن يكون شريكاً في ائتلاف يعتمد على دعم من "القائمة المشتركة".
تراجع فرص لبيد للحصول على 61 صوتاً
وفيما أبدى "الليكود"، كجزء من حربه الدعائية، فرحاً بتفكك "القائمة المشتركة" إلى قائمتين، للتأثير المتوقع لهذا التفكك على خفض نسبة التصويت لدى الفلسطينيين في الداخل، فإن كافة المؤشرات تشير إلى أن فرص يئير لبيد بالحصول على توصية من 61 من أعضاء الكنيست لتشكيل حكومة جديدة تتراجع باستمرار.
وزاد على ذلك اتجاه حزب غانتس إلى تعميم ضعف هذه الفرص في اليومين الماضيين. فقد أعلن الوزير في الحكومة، زئيف إلكين، من حزب "المعسكر العام" الذي يقوده بني غانتس وجدعون ساعر وغادي أيزنكوط، في مقابلة مع "يسرائيل هيوم" قبل يومين، أن لبيد لن يتمكن بأي حال من الوصول إلى ائتلاف حكومي من دون توصية "المشتركة" (إضافة إلى الدعم الحالي المتوفر له من حزب "القائمة الإسلامية" بقيادة منصور عباس)، وأنه في مثل هذه الحالة فإن حزب "المعسكر العام" لن يكون شريكاً في ائتلاف كهذا، ما يعني فقدان لبيد أي أغلبية أو أفضلية قد توفرها له الأحزاب العربية، ما يعيده إلى ما دون 61 عضواً.
وتزيد في ضعف فرص لبيد حقيقة الحرب الداخلية والتنافس بين مجمل الأحزاب المحسوبة على معسكره، والتنافس الداخلي على الأصوات نفسها تقريباً، من دون أي قدرة على جلب أصوات من المعسكر المناصر لنتنياهو. بل إن هذا المعسكر قد يربح 4 مقاعد على الأقل في حال تمكن حزب "البيت اليهودي"، بقيادة أيليت شاكيد، من اجتياز نسبة الحسم.
شاكيد مستعدة للتحالف مع معسكر نتنياهو
فقد أعلنت شاكيد أنها تفضّل حكومة يمين واسعة، لكن لمنع انتخابات معادة فإنها ستكون مستعدة هذه المرة للتحالف مع معسكر نتنياهو لتشكيل حكومة يمين ضيقة مستقرة، معتبرة أن تجربة حكومة نفتالي بينت كانت خاطئة.
أما في حال فشلت شاكيد في اجتياز نسبة الحسم، فإن معسكر نتنياهو قد يربح مقعدين من جمهور مصوتي حزب "يمينا" الذي كان يقوده رئيس الحكومة السابق نفتالي بينت، والذي تفكك عملياً، وانتقل اثنان من أعضائه، وهما أفيحاي شيكلي وعيديت سيلمان، ليصبحا مرشحين على لائحة "الليكود"، وهما يتمتعان بقاعدة انتخابية في جمهور الصهيونية الدينية.
كما يملك معسكر نتنياهو أيضاً فرصاً في رفع نسبة المشاركة لدى جمهور اليمين التقليدي، وجمهور مصوّتي "الليكود" الذين لم يشاركوا في الانتخابات الماضية، مقابل خطر تضرر المعسكر المناهض لنتنياهو من تراجع نسبة التصويت، ليس فقط عند فلسطينيي الداخل وإنما أيضاً في أوساط اليسار الإسرائيلي.
ويسهم التشرذم والتنافس الداخلي في معسكر الأحزاب المناهضة لنتنياهو، على الأصوات نفسها تقريباً، مثل تنافس حزبي العمل وميرتس على أصوات اليسار الصهيوني، والتنافس الشديد بين حزب غانتس وحزب لبيد على أصوات الوسط ويمين الوسط، إذا جاز التعبير، ومع بروز حزب جديد يدّعي تمثيل الجمهور الروسي الأصل ومنافسته لحزب أفيغدور ليبرمان، في بث حالة تشاؤم وعدم القدرة على تحقيق هدف إبعاد نتنياهو من الحكم، وبالتالي خفض نسبة المصوّتين، مما يصب كله في نهاية المطاف في صالح أحزاب معسكر نتنياهو.
وتبدو الصورة الأولى للمعركة الانتخابية الإسرائيلية هذه المرة تقترب أكثر من أي وقت مضى من عودة نتنياهو للحكم، منذ قرر بمبادرته في ديسمبر/ كانون الأول 2018 حل حكومته، والذهاب إلى انتخابات في إبريل/ نيسان 2019، سعياً للهرب من تقديم لوائح اتهام ضده.
وفيما تمكّن نتنياهو طيلة هذه المدة من الحفاظ على معسكر موحّد خلفه ومعه، على الرغم من لوائح الاتهام ضده، فإن حكومة نفتالي بينت واعتمادها على "القائمة الموحدة الإسلامية"، تحت شعار "إلا نتنياهو"، أثبتت فشلاً في تأمين الاستقرار السياسي الداخلي، ما ضرب وأضعف الالتفاف تحت شعار "إلا نتنياهو" حتى في أوساط مناهضة لحزب الليكود وزعيمه نتنياهو.
نضال وتد/ العربي الجديد