: بعدما حمل وزير المالية في حكومة الاحتلال أفيغدور ليبرمان على رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، بقوله إنه يستخدم وسائل ستالين السوفييتي وغوبلز النازي، انضم له رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، رام بن براك، الذي أكد أن نتنياهو يمس بأمن إسرائيل، فيما حذر رئيس “الشاباك” من خطورة التصدعات الداخلية على إسرائيل.
وعلى خلفية تصاعد التوتر بين المعسكرين الصهيونيين المتصارعين على السلطة، يرتفع التراشق بينهما في محاولة لتغيير حالة التعادل. وهذا التراشق دفع رئيس المخابرات العامة (الشاباك) رونين بار، للقول خلال مؤتمر دراسي أكاديمي في جامعة رايخمان، إن التصدع داخل المجتمع الإسرائيلي يلقي بظلاله على أمن إسرائيل، وينطوي على تشجيع لأعدائها. ويحذّر رئيس “الشاباك” من أن تصاعد المقاومة ضد الاحتلال في الضفة الغربية، منوها إلى منع وقوع 130 عملية فلسطينية منذ بداية العام الجاري داخل الضفة الغربية.
وعقّب رام بن براك على ذلك بالقول إنه يصادق على كل كلمة قالها رونين بار، وتابع: “عندما يرى الأعداء من الخارج التفكّك الداخلي والمساس بالمناعة الاجتماعية ولحمة الإسرائيليين، فإنهم يقولون: لا حاجة لفعل الكثير والمطلوب فقط تغذية هذه الحالة قليلا وهم يقومون بالعمل نيابة عنا حتى ينهاروا من الداخل”. كما أشار رام بن براك إلى وجود شخصيات إسرائيلية رفيعة تحذّر علانية في السنوات الأخيرة من التشظي، وتؤكد أن مشكلة إسرائيل ليست إيران ولا حزب الله ولا حماس، فنحن نعرف كيف نواجه كل التهديدات المحيطة بنا بشكل جيد نسبيا، لكننا نقف مجددا أمام عجزنا عن ترتيب منظومتنا الداخلية وضمان استقرارها.
التصدع يشجع الأعداء
كذلك حمل رام بن براك على بنيامين نتنياهو، وقال إنه يتحمل مسؤولية تصدع المجتمع الإسرائيلي، مضيفا أنه حتى قبل عدة سنوات، كان هناك رجل واحد في إسرائيل وفي يديه كل أسباب القوة، لكنه تورّط قضائيا، وعندئذ قرر أن الغاية تبرّر الوسيلة. فأبدى استعداده لفعل كل شيء من أجل أن “يهرب بجلده” وينقذ نفسه. وأضاف: “شهدنا مسيرة متدرجة للمساس بالنيابة العامة وبالمحاكم. فعلا أنا مؤمن بأن نتنياهو ضرب وحدتنا ومناعتنا الوطنية”. وعن تصريحات ليبرمان ضد نتنياهو والمقارنة بينه وبين غوبلز النازي، قال رام بن براك: “هذه مقولة لا مكان لها بيننا، وهناك حاجة لوضع حدود، ويحظر علينا استخدام هذه اللغة”.
وردّا على سؤال إذاعة تل أبيب حول تصريحات رئيس الشاباك المذكورة سابقا، وعما إذا أقحم نفسه في السياسة، قال رام بن براك: “قال رئيس الشاباك بالاستناد إلى تقارير استخباراتية ومحاضر تحقيقات مع أسرى فلسطينيين، إنه قد فهم أن التصدعات الداخلية في إسرائيل تشجع الفلسطينيين الذين يستنتجون أن هناك مسيرة تدهور داخلي قد بدأت في إسرائيل وأنه عليهم دفعها نحو المزيد من التصدع”.
خمس جبهات تهدد إسرائيل
وأشار رونين بار إلى خطورة التحريض في شبكات التواصل الاجتماعي العربية، داعيا للتعاون السيبراني بين إسرائيل ودول أخرى. وزعم أن الشاباك يدير مواجهة مع تنظيم “داعش” وأنه اعتقل منذ بدء العام 71 مواطنا فلسطينيا في إسرائيل يؤيدون التنظيم، علاوة على وقوع 130 حادثة إطلاق رصاص ضد أهداف إسرائيلية في الضفة الغربية، ومنع 312 عملية عسكرية حقيقية فيها منذ بدء العام، واعتقال 2000 فلسطيني منذ ثمانية شهور. مشيرا إلى أن ذلك تعبير عن فقدان السلطة الفلسطينية السيطرة.
وقال أيضا إن إسرائيل تنشط في خمس جبهات في نفس الوقت، مثلما أنها مضطرة للمناورة بين عدة أقطاب في العالم بعدما كان مكونا من قطبين كبيرين فقط، ومن قطب واحد في ربع القرن الأخير. ويضيف: “هناك مصالح مختلفة داخل الشرق الأوسط للدول العظمى أمريكا وروسيا والصين، ورغم أن عدد القوات الأمريكية في المنطقة لم يتغير جوهريا، فإن صورة انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان توفّر دعما معنويا للإرهاب”. كذلك قال إنه كلما زاد التحريض حول موضوع الأقصى يرتفع الاحتمال بالانفجار مجددا داخل المدن المختلطة في البلاد مثل يافا واللد والرملة وعكا وحيفا.
وبالنسبة لقطاع غزة، قال بار إنه على يحيى السنوار قائد “حماس” أن يختار الطريق وأن يدرك أن تقسيم العالم بين دار السلام ودار الحرب لم يعد تقسيما ذا صلة. وتابع ضمن محاضرته المحتوية على مضامين دعائية موجهة لغزة أيضا: “في المقابل فإن الجمهور في غزة الذي خرج للعمل في إسرائيل، تلقى فرصة للتعرف عليها وعلى الإسرائيليين، وعليه أن يدفع السنوار لاتخاذ قرار صحيح”. زاعما أن فلسطينيي الداخل في معظمهم يميلون للاندماج في إسرائيل عدا من يقيمون في النقب، فهم مختلفون قليلا. فهناك ما زالت تنتشر ظاهرة تعدد الزوجات ومنظمات الإجرام وغيرها من المشاكل، وهنا أيضا تلعب شبكات التواصل الاجتماعي دورا محفزا، وهذا تحد اجتماعي يتحول بسرعة إلى تحد أمني على خلفية التحريض، وفق تعبيره. ويتابع: “هناك احتمال وارد لانفجار جديد عنيف داخل المدن المختلطة بين العرب واليهود، وهذا يتصاعد كلما زاد التحريض حول الأقصى”.
إبرة تحفيز
لكن بنظر رئيس “الشاباك”، فإن التحدي التالي هو الأكثر تعقيدا والمتمثل بالتصدعات المتزايدة داخل المجتمع الإسرائيلي حول صورة إسرائيل وصبغتها. وتابع: “نستنتج من التحقيق مع (مخربين) ومن معرفة طويلة الأمد مع أعدائنا، ويمكن القول بشكل قاطع إن عدم الاستقرار السياسي والانقسامات الداخلية وتحطيم القواسم المشتركة التاريخية علاوة على لغة التخاطب المتطرف، كل ذلك يشكل “إبرة تشجيع” لـ”دول محور الشرّ” ولـ”الإرهاب”.أعداؤنا يشعرون أن امتيازنا النسبي التاريخي الذي امتلكناه طيلة آلاف السنوات وهو المناعة الوطنية، يتبخر. هذه الخلاصة ينبغي أن تقلقنا أكثر من أي تهديد آخر، وفي هذا المضمار يستطيع “الشاباك” أن ينذر ويحذّر فقط ولا يستطيع تقديم معالجة فهذه مهمة كل واحد منا”.
مصر قلقة من الأوضاع في الضفة الغربية
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة “هآرتس” عن مسؤولين مصريين، تحذيرهم لإسرائيل من أن الوضع في الضفة الغربية المحتلة، قد يخرج عن نطاق السيطرة؛ كما وجّهوا انتقادا لجيش الاحتلال بسبب تزايد اقتحاماته ومداهماته للضفة.
وقبل ذلك، أشارت “هآرتس” إلى أن إسرائيل تحاول دفع أجهزة الأمن الفلسطينية إلى تنفيذ حملات اعتقال ضد ناشطين ومسلحين فلسطينيين وخاصة في منطقتي جنين ونابلس، بادعاء منع تصعيد خطير داخل الضفة الغربية. وترى سلطات الاحتلال كما جاء على لسان وزير الدفاع بيني غانتس، أن قرارا في هذا الاتجاه، ينبغي أن يصدر عن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ولذلك توجهت إسرائيل إلى دول عربية بينها مصر وقطر، إضافة إلى الولايات المتحدة، من أجل الضغط في هذا الاتجاه على عباس.
ونقلت الإذاعة العبرية عن مصادر مصرية انتقاداتها لحكومة الاحتلال بسبب “سلوك الجيش”، وأشاروا إلى أنهم يرون أن الزيادة في اقتحاماته وعملياته داخل الضفة الغربية المحتلة “تحرِج السلطة الفلسطينية وتضعِف موقفها أكثر”. وبحسب الإذاعة العبرية، فقد حذّر المسؤولون المصريون من أنه إذا استمر الوضع في الضفة على ما هو عليه، فإن إسرائيل “ستواجه انفجارا وفوضى سياسية في الضفة مع اقتراب اليوم الذي يلي الرئيس عباس”.
المصدر: القدس العربي