2024-11-25 11:48 م

سيناريوهات الرعب الإسرائيليّة لاحتلال حزب الله الجليل.. 

2022-09-04

المُواجهة مع حزب الله حتمية، السؤال، يُشدّد كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين الإسرائيليين هو التوقيت، أيْ متى ستندلِع الحرب بينهما، علمًا أنّ معادلة الردع التي أنتجتها وأفرزتها حرب لبنان الثانية ما زالت قائمةً منذ 16 عامًا، أيْ منذ العام 2006.
إسرائيل، التي تعتبِر نفسها دولةً عظمى من الناحية العسكريّة والتكنولوجيّة، تتلقّى الدعم غير المحدود مع الولايات المُتحدّة الأمريكيّة وتُكرّر جهارًا نهارًا أنّ جيشها هو من أقوى جيوش العالم، إسرائيل لم تجرؤ على إطلاق رصاصةٍ واحدةٍ باتجاه لبنان، وباتت تلجأ لمجلس الأمن الدوليّ ضدّ حزب الله، وهي الدولة التي لا تُقيم وزنًا لما يُسّمى بالشرعية الدوليّة، ولم تُنفّذ من إقامتها في العام 1948 أكثر من ستين قرارًا صادرًا عن مجلس الأمن الدوليّ.
ومن العّام إلى الخّاص: ماذا يدفع صُنّاع القرار في تل أبيب لإعداد سيناريوهات عن قيام حزب الله بـ”احتلال” أوْ بـ”تحرير” منطقة الجليل المتاخمة للحدود اللبنانيّة؟ هل العامل الديمغرافيّ، بالإضافة للعسكريّ يلعب دورًا في المعادلة الجديدة، إذْ أنّ قائد المنطقة الشماليّة السابِق في جيش الاحتلال، الجنرال إيال بن رؤوفين، يُحذّر من احتلال الجليل من قبل الفلسطينيين في الداخل، لأنّه وفق المعطيات الإسرائيليّة الرسميّة تصِل نسبة العرب في هذه المنطقة إلى 85 بالمائة، والأقليّة الباقية، 15 بالمائة هم من اليهود. فهل سيناريو “انضمام” عرب الجليل لحزب الله بعد عبوره الحدود هو أحد السيناريوهات التي تأخذه دولة الاحتلال على محملٍ من الجدّ؟ السؤال ما زال مفتوحًا.
وأكثر من ذلك، ما هو الهدف من إعداد خطّةٍ حكوميّةٍ إسرائيليّةٍ رسميّةٍ لإخلاءٍ مُركّزٍ لسُكّان مُستوطنات الشمال ونقلهم إلى المركز في حال اندلاع مواجهةٍ على الحدود مع حزب الله؟ وبحسب الخطة، التي أُطلق عليها اسم (ميلونيت) وكشف عنها التلفزيون العبريّ، فإنّه في حال تجدد الأعمال العدائية ضدّ إسرائيل في الشمال أوْ في الجنوب، فإنّه سيتّم إخلاء أكثر من عشرين ألف مستوطن من المجمعات الحدوديّة، وكجزءٍ من إخراج الخطة إلى حيّز التنفيذ، تابع التلفزيون الإسرائيليّ، فإنّه تمّ إيجاد بلد توأم في إسرائيل لكلّ مستوطنة سيتّم إخلاء سكانها، لكي يقطنوا هناك حتى انتهاء الحرب في الشمال أو في الجنوب، مُضيفًا أنّه في الفترة الأخيرة قام سكّان المستوطنات، التي من المفترض أنْ تُخلى، بإجراء تدريب إخلاء إلى المناطق التي تمّ تحديدها لهم من قبل وزارة الأمن.
ومن المُفيد التذكير بأنّه في العام 2018 أعلن وزير الأمن الإسرائيليّ آنذاك، أفيغدور ليبرمان، عن الانتهاء من تصميم خطّةٍ متعدّدّة السنوات تحت مسمى (درع الجبهة الداخليّة) بتكلفة تبلغ خمسة مليارات شيكل (دولار أمريكيّ يُعادل 3.05 شيكل إسرائيليّ)، لتعزيز إجراءات السلامة الداخليّة في مواجهة مجموعة من السيناريوهات بما فيها الزلازل والكوارث الطبيعيّة، وبطبيعة الحال اندلاع مُواجهةٍ عسكريّةٍ على الجبهة الشماليّة، مع سوريّة وحزب الله، أوْ في الجنوب، مع المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة.
ووفقًا صحيفة (هآرتس) العبريّة، فإنّ هذه الخطة التي نوقشت في المجلس الوزاريّ الأمنيّ والسياسيّ المُصغّر (الكابينت) الإسرائيليّ، بعد أنْ قدّمها ليبرمان ستستغرق 60 يومًا للإقرار النهائيّ ليتم تنفيذها في الفترة ما بين 2019-2030.
على صلةٍ بما سلف، بحسب دراسة أعدّها السكرتير العسكريّ السابق لرئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو العميد د. شمعون شابيرا، والذي أعد كتابًا بعنوان (حزب الله بين إيران ولبنان، صدر عام 2000)، فإنّ سيناريو احتلال حزب الله لمنطقة الجليل هو على الشكل التالي:
أولاً: اللواء الأول في وحدة (الرضوان) سيتولى السيطرة على مدينة نهاريا أوْ أجزاءٍ منها، بعد عبور الحدود في منطقة رأس الناقورة، ويزعم الإسرائيليون بأنّه طبقًا للمعلومات المتوفرّة لدى حزب الله، فإنّ الإجراءات الدفاعية في هذه المنطقة قليلة والمسافة قصيرة (7 كيلومترات)، ولا توجد إجراءات عسكرية أوْ تضاريس خاصّة تعيق هذا اللواء عن تحقيق أهدافه.
وفي الوقت عينه، ستصل قوة قوامها 150 مقاتلاً من اللواء الأول إلى نهاريا عبر البحر، باستخدام زوارق سريعة موجودة بالفعل في حوزة الحزب، حيثُ ستكون المهمة الموكلة لهذه القوة هي أخذ أكبر عدد ممكن من الرهائن، لمنع إسرائيل من قصف قوات الحزب في هذا القطاع.
ثانيًا: اللواء الثاني سيتولى مستوطنة شلومي، التي يبلغ عدد مستوطنيها حوالي 6500 شخص، وتقع على بعد 300 متر من الحدود مع لبنان، وسيكون الهدف من هذه العملية، قطع طرق المساعدة لجيش الاحتلال، وإجباره على نقل التعزيزات من الشرق إلى مناطق في الجليل الأعلى، حيث يتواجد عدد كبير من القوات العسكرية.
ثالثًا: يتولّى اللواء الثالث مهمة الوصول إلى مدينة كرميئيل، في مركز الجليل الغربيّ، والمُحاطة بقى عربيّةٍ، والاستيلاء على المناطق التي تقع في جنوبها، لمنع حركة المرور من مدينة عكا ​​إلى مدينة صفد، أيْ الشارع الرئيسيّ المعروف بشارع عكا-صفد.
رابعًا: اللواء الرابع سيتولى السيطرة على منطقة مستوطنات: المالكية، راموت نفتالي، وبيتاح، لمنع الجيش الإسرائيليّ من إطلاق النار من هذه المناطق باتجاه جنوب لبنان.
خامسًا: اللواء الخامس سيكون بمثابة احتياطيّ استراتيجيّ يتم تكليفه بمهام خاصة.
سادسًا: ستكون الأنفاق مخصصة لنقل قوات تصل إلى عدة مئات من المقاتلين، وليس لغرض اختطاف الجنود أو المستوطنين.
د. شابيرا، من كبار الباحثين الإسرائيليين المُختصّين بحزب الله، والذي يتابعه من أربعين عامًا، قال لصحيفة (هآرتس) مؤخرًا في الذكرى الأربعين لانطلاقة الحزب: “نصر الله يقول إنّ إيران نشرت في لبنان مائة ألف جندي، وهذا الرقم مبالغ فيه، ولكن هذا العدد هو بمثابة إشارة للكوادر الكبيرة التي بإمكان حزب الله أنْ يقوم بتجنيدها”، مُشدّدًا في ذات الوقت على أنّ “إسرائيل ستُواجِه في الحرب القادمة أيضًا أفراد فيلق الغرباء أوْ الأجانب الشيعيّ الذي أقامه قاسم سلمياني في سوريّة، بما في ذلك مقاتلين من أفغانستان وباكستان”، على حدّ قوله.
إلى ذلك، رأى د. عومير دوستري، من المركز الأورشليمي للإستراتيجيّة والأمن أنّ جهود حزب الله لإقامة الأنفاق على الحدود مع إسرائيل، هي خطوةً أخرى في تخطيط الحزب لاحتلال الجليل، لافتًا في ذات الوقت إلى أنّ الأمين العام للحزب كان قد أعلن عن خطّة احتلال الجليل في العام 2012، لافتًا في ذات الوقت إلى أنّه يتعيَّن على إسرائيل اعتبار الأنفاق كجزءٍ من تحسين قدرات حزب الله العسكريّة، وفي مقدمتها مشروع الصواريخ الدقيقة.
أمّا المُستشرِق آفي إيسخاروف فقد كشف النقاب في مقالٍ نشره بموقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، كشف النقاب عن أنّه حتى دون الأنفاق، فإنّ عناصر الكوماندوز التابعين لحزب الله، سيُحاولون وبشكلٍ سريٍّ اقتحام الحدود ومداهمة عددٍ من المواقع والمُستوطنات في شمال إسرائيل، وعلى الرغم من علم الحزب بأنّ الثمن الذي سيدفعه سيكون جسيمًا، إلّا أنّ الإنجاز الإدراكيّ أوْ على صعيد الوعيْ سيكون حاسمًا وبالغ الأهمية، على حدّ تعبيره.
وفي الخلاصة يُشار إلى أنّ دراسة نُشِرت في المجلّة العسكريّة الإسرائيليّة (معراخوت) أوصت جيش الاحتلال بأنْ يأخذ في حساباته احتمال محاولة حزب الله تقصير مدة أيّ حربٍ، من خلال إثبات الحقائق على الأرض، وكذلك الاستعداد لاحتمال أنْ يختار الحزب فتح الصراع بهجومٍ مفاجئٍ، قد يكون محاولة لإنهاء الحرب قبل أنْ تبدأ عمليًا، بحسب المجلّة الإسرائيليّة.
د. شابيرا لخصّ خطة حزب الله لاحتلال الجليل بالكلمات التالية، كما نشرها في صحيفة (يسرائيل هايوم): “الخطّة الأصليّة وضعها عماد مغنية بهدف تغيير أهداف الحرب، والأنفاق التي تمّ حفرها هي نموذج مأخوذ من كوريا الشماليّة، وتمّت عملية إقامتها بإرشادٍ من مهندسين إيرانيين”، ما قال.
وأضاف: “الخطّة العملياتيّة لحزب الله تشمل بناء قدرة لإطلاق الصواريخ بشكلٍ مكثّفٍ باتجاه المراكز والمناطق المأهولة ومنشآتٍ إستراتجيّةٍ في منطقة حيفا والشمال، تل أبيب والمركز وحتى ديمونا في الجنوب. وبحسب تصوّر حزب الله فإنّ هذا الوضع سيؤدّي إلى تركيز كامل الاهتمام العسكريّ الإسرائيليّ، وفي هذا الوقت بالذات، سينتهز ويستغّل حزب الله الفرصة لإخراج (خطّة احتلال الجليل) إلى حيّز التنفيذ”، على حدّ تعبيره.

المصدر: رأي اليوم