تُسابق سلطات الاحتلال الإسرائيلي الزمن لأجل تهويد مدينة القدس المحتلة وفرض وقائع جديدة عليها، عبر البدء فعليًا بتنفيذ مخططاتها وأطماعها، تمهيدًا لإحكام سيطرتها وإغلاق المدينة وفصلها كاملًا عن محيطها الفلسطيني، ضمن حزام استيطاني ضخم.
وأمس الثلاثاء، أعلنت سلطات الاحتلال عن توسيع مستوطنة "جيلو" جنوب غربي القدس، بعدما توصلت شركات إسرائيلية ووزارة الإسكان الإسرائيلية وما تسمى "سلطة الأراضي" إلى اتفاق مشترك يقضي ببناء 1250 وحدة استيطانية جديدة في المنحدرات الجنوبية للمستوطنة، سيُطلق عليها "منحدرات غيلا".
وبُنيت مستوطنة "جيلو" عام 1971 على أراضي بيت صفافا وشرفات والولجة جنوب القدس، وبلدة بيت جالا جنوبي الضفة، على مساحة نحو 2750 دونمًا، وتعتبر من أعلى وأهم المناطق الاستراتيجية المرتفعة في المدينة المحتلة.
ويأتي المخطط الجديد ضمن مشروع كبير يشمل تطوير الطرق والبنية التحتية والمناطق العامة، والحدائق والمناطق التجارية والتوظيفية جنوب غرب الأنفاق التي تربط القدس بالتجمع الاستيطاني "غوش عتصيون".
صراع ديمغرافي
ويشمل المخطط بناء 1250 وحدة استيطانية جديدة في الجزء السفلي من المنحدرات الجنوبية، وإقامة مباني عالية تضم 27 مبنى من 9 إلى 13 طابقًا، كما يقول الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب.
ويوضح أبو دياب في حديث لوكالة "صفا" أن المخطط سيشمل أيضًا، إقامة أربعة أبراج سكنية شاهقة تصل إلى 20 و24 طابقًا.
ويمر المشروع حاليًا بمراحل التخطيط والتنسيق مع جميع الجهات ذات العلاقة في بلدية الاحتلال بالقدس و"اللجان المحلية واللوائية"، وبلغ مرحلة متقدمة وحصل على معظم الموافقات.
ومن المتوقع أن تضيف الخطة الجديدة إلى الجزء العلوي من المجمع مخططًا يتضمن مئات الوحدات الاستيطانية في 4 أبراج ضخمة تستوعب نحو 580 وحدة استيطانية جديدة في غضون الأربع سنوات المقبلة.
ويضيف أبو دياب أن الاحتلال يسعى إلى توسيع مستوطنة "جيلو"، ومضاعفة عدد المستوطنين فيها، والذين وصل عددهم اليوم إلى 45 ألف نسمة، كما تضاعفت مساحتها حتى وصلت 10 آلاف دونم.
ويؤكد أن الاحتلال يريد تغيير التركيبة السكانية في مدينة القدس لصالح المستوطنين، وحرمان المقدسيين من التمدد عمرانيًا، ومحاصرة التجمعات السكانية وفصلها عن المناطق الجنوبية في الضفة الغربية
وتأتي توسعة المستوطنة ضمن مخطط ضخم يُسمى "القدس الكبرى"، والذي يستهدف زيادة عدد اليهود مقابل تقليص عدد الفلسطينيين في المدينة المحتلة، وإحاطتها بالمستوطنات والحواجز الأمنية، والعمل على طمس معالمها العربية الإسلامية.
ويوضح أبو دياب أن توسعة المستوطنة يعد جزءًا من إحكام السيطرة على المدينة وإغلاقها بشكل كامل، وربط هذه المستوطنة مع مستوطنات "غوش عتصيون" جنوب بيت لحم والخليل، كجزء من مخطط مستقبلي لتوسعة القدس من الناحية الجنوبية وصولًا إلى مناطق جنوبي الضفة.
ويشير إلى أن هذه المستوطنة ستكون مركزًا للوحدات الاستيطانية، وضمن خمس مستوطنات رئيسة دائرية في محيط القدس، تُستخدم لغايات أمنية واستيطانية.
وتمنع سلطات الاحتلال أهالي القدس من البناء في محيط المنطقة المستهدفة، بل تتم عمليات الهدم في بلدتي بيت صفافا والولجة، وتمنع أيضًا إعطاء تراخيص للسكان.
في عين العاصفة
ويؤكد المختص في شؤون القدس أن الاحتلال لا يتوانى للحظة عن محاولته بسط سيطرته على الأراضي الفلسطينية في القدس، وتجسيد رؤيته التلمودية عليها، وزيادة الأبنية الاستيطانية، مقابل هدم المباني المقدسية وتشريد سكانها قسريًا.
ويتابع أن" القدس الآن في عين العاصفة، وباتت مستهدفة بشكل كبير وخطير من كافة مناحي الحياة، بغية تغيير واقعها وهويتها وحضارتها وتاريخها العريق، حيث تُسخر حكومة الاحتلال كل إمكانياتها وجهودها لأجل تهويدها".
ولم تتوقف سلطات الاحتلال عن استهداف المنطقة الجنوبية بالقدس، بل ستصادق الأسبوع القادم، على بناء 700 وحدة استيطانية في حي استيطاني قرب بيت صفافا، رُغم المعارضة الأمريكية الشديدة.
وقالت القناة "13" العبرية وفق ترجمة وكالة "صفا" الثلاثاء، إن وزيرة الداخلية الإسرائيلية أييلت شكيد تضغط باتجاه المصادقة على بناء الوحدات الاستيطانية قرب بيت صفافا، حيث ستعقد اللجنة القُطرية للبناء اجتماعها الأسبوع القادم للمصادقة.
المصدر: صفا نيوز