على الرغم من الاتفاق الأولي بين أنقرة وتل أبيب، قبل أيام، على إعادة تبادل السفراء بين الجانبين، إلا أن إسرائيل لا تزال تضغط وتحاول بقوة ربط تطبيق هذه الخطوة بقرار تركي يتعلق بإغلاق مكاتب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في إسطنبول وطرد قيادات ونشطاء الحركة، الذين تقول إسرائيل إنهم يتواجدون على الأراضي التركية.
وقبل أيام، أعلنت إسرائيل وتركيا رسمياً استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بشكل كامل وعودة السفراء إلى البلدين، على أن تشهد الأيام المقبلة الإعلان عن أسماء السفراء والقناصل، وهي خطوة متقدمة في مسار إعادة تطبيع العلاقات المتواصل منذ أشهر طويلة وشهد مصاعب مختلفة، وقد رحب كبار المسؤولين من الجانبين بالاتفاق كما جرى اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد بهذه المناسبة.
واليوم الجمعة، أعلنت القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في تركيا أن عملية إعادة تعيين سفير لدى أنقرة “قد تتم في غضون أسابيع”، في الوقت الذي كررت فيه توقعات إسرائيل بإغلاق مكتب حماس في إسطنبول، وهو ما يشير إلى ربط إسرائيلي بين مسار تعيين السفراء وخطوات تركيا المتوقعة ضد تواجد مكاتب وقيادات حماس على الأراضي التركية.
وفي لقاء مع الصحافيين، قالت أكبر دبلوماسية إسرائيلية لدى أنقرة حاليا، إيريت ليليان، إن إعادة تعيين السفير هي مسألة “وقت وليست مسألة إثبات أو نفي”، وأضافت: “السبب الوحيد لاحتمال التأخير من جانبنا هو الانتخابات في إسرائيل، لكنني أتمنى أن تتم الخطوة في موعد ملائم وأن تنتهي العملية في غضون بضعة أسابيع”.
وشددت المسؤولة الإسرائيلية على ما اعتبرتها التحديات التي تواجه العلاقات، قائلة إن “أكبر عقبة أمام التوجه الإيجابي الذي شوهد طوال العام هو وجود مكتب لحركة حماس في إسطنبول”، مضيفةً: “هناك الكثير من التحديات، ولكن من وجهة نظرنا، فإن من بين العقبات الرئيسية مكتب حماس في إسطنبول.. حماس منظمة إرهابية وليس سرا أن اسرائيل تتوقع من تركيا إغلاق هذا المكتب وترحيل النشطاء من هنا”.
وعملياً، يوجد لحركة حماس مكاتب في مدينة إسطنبول حيث يتواجد بشكل دائم عدد من كبار قيادات الحركة، على رأسهم رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية وقيادات أخرى بارزة، إلى جانب عدد من المكاتب التي تعمل في المجال الإنساني والجمعيات وغيرها من الهيئات.
ولكن رسمياً، لا يوجد مكتب رسمي معلن تابع للحركة في تركيا، إذ تتواجد قيادات الحركة بشكل غير رسمي وتحت بند الإقامة المؤقتة أو السياحية. كما لا تمارس الحركة أي أنشطة علنية، ولا تصدر بيانات أو تطلق مؤتمرات صحافية من إسطنبول.
وخلال السنوات الأخيرة، شنت إسرائيل حملات سياسية وإعلامية واسعة اتهمت خلالها تركيا بإيواء قيادات ونشطاء حماس، والسماح للحركة بممارسة أنشطة مالية واسعة لتأمين احتياجات الحركة المالية، وصولاً لاتهام تركيا بإيواء نشطاء يقودون أنشطة عسكرية ضد إسرائيل في القدس والضفة الغربية، وهي اتهامات نفتها حماس سابقاً وتمتنع تركيا عن التعليق عليها.
وفي ظل مساعي تحسين العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، تحدثت مصادر سياسية وإعلامية إسرائيلية مراراً عن منع أنشطة حماس في تركيا كشرط للتقدم في هذا الملف الذي لم يشهد تقدماً ملموساً في السنوات الماضية، لكن جدية المساعي في الأسابيع الأخيرة، يُتوقع أن ترافقها خطوات عملية ربما تكون إحداها الحد من أنشطة حركة حماس وخاصة فيما يتعلق بتواجد قيادات الصف الأول من الحركة في تركيا.
ومؤخراً، ادعت وسائل إعلام إسرائيلية في أكثر من مناسبة أن تركيا طلبت من قيادات في حركة حماس مغادرة الأراضي التركية، وهو ما لم تؤكده أو تنفيه مصادر فلسطينية أو تركية، إلا أن مصادر في حماس تحدثت سابقاً عن أن السلطات التركية طلبت سابقاً من القيادي البارز صالح العاروري الحد من زياراته إلى تركيا حيث تتهمه إسرائيل بقيادة نشاط عسكري من هناك، بينما لم تظهر أي خطوات تركية ضد قيادات الحركة الآخرين، الذين لا زالوا يتواجدون بشكل شبه دائم في إسطنبول.
والثلاثاء، وخلال استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أكد أردوغان أن الخطوات التي تقدم عليها بلاده مع إسرائيل “لن تقلل” من دعمها للقضية الفلسطينية، وهو ما جدده وزير الخارجية مولود جاوش اوغلو، الذي قال إن أنقرة “لن تقدم تنازلات” بشأن القضية الفلسطينية، في محاولة لإرسال تطمينات إلى الفلسطينيين.
ورغم التطمينات التركية، إلا أن رغبة أنقرة في تحقيق تقدم حاسم في مسار تطبيع العلاقات مع إسرائيل في هذه المرحلة قد يدفع نحو خطوات ولو جزئية ضد تواجد نشطاء وقيادات حركة حماس في البلاد. ويتوقع أن تتخذ السلطات التركية خطوات ضد الأنشطة التي تقول إسرائيل إنها تحمل طابعا عسكريا ولو غير مباشر، بينما لا يتوقع أن تتخذ خطوات ضد التواجد السياسي أو الأنشطة الإنسانية للحركة على الأراضي التركية.
المصدر/ القدس العربي