يُمكن القول بأن الاعتقاد العام على مستوى الخبراء والمراقبين يؤشّر اليوم على أن حركة حماس وفي ورقتها السياسية بعد المعركة الأخيرة التي شنّها العدوان الإسرائيلي على بعض مفاصل البنية التحتية لحركة الجهاد الإسلامي كسبت جولة في المربع السياسي.
حماس امتنعت أو لم تكن طرفا مباشرا في تلك المواجهة بين الإسرائيليين وحركة الجهاد الإسلامي وهو واقع تنظمي وقتالي وتموقع سياسي جديد ترى أوساط في الحركة أنه أربك الإسرائيلي في الكثير من التفاصيل لا بل أنتج برأي مصادر وأوساط أردنية على الأقل متابعة واقع سياسي جديد قوامه فكرة أن حماس قادرة على ضبط النفس وأن حماس لا تسعى لافتعال معركة لا بل حماس تتقصّد التأسيس لمسافة بينها وبين البعد الإيراني في حركة الجهاد الإسلامي وتقول بصورة غير مباشرة أن جناحها العسكري ليس في حُضن الإيرانيين، الأمر الذي أعجب حسب مصادر في الحركة الأجهزة المصرية والأردنية ثم سفارات واشنطن ودول أوروبية في المنطقة وشكّل “إطلالة “جديدة”.
وتلك برأي الكثير من أبناء الحركة مكاسب يمكن الاعتداد بها سياسيا في هذه المرحلة.
لكن الأهم أن هذا النمط من المكاسب لا يثير إشكالية من أي صنف مع حركة الجهاد الإسلامي بعد الاتفاق معها على كيفية إدارة المواجهة والتوقيت الذي يمكن أن تدخل فيه حركة حماس باشتباك مباشر مع الإسرائيليين في المعركة المؤذية التي استمرّت إلى ثلاثة أيام فقط.
وبالتالي تؤسس الأوساط المتابعة والمختصة إلى القناعة بان حركة الجهاد الاسلامي كانت بصورة تنسيق حقيقي ليس ميدانيا فقط ولكن في المستوى السياسي والمستوى الاستخباري والعملياتي مع حركة حماس عبر غرفة الفصائل المشتركة.
ويعني ذلك أن الجهاد الاسلامي حظي بتجربة مباشرة في مناجزة الإسرائيليين ومواجهتهم وإحتواء عملياتهم عبر إمكانية إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل أو فلسطين المحتلة بطريقة حرة وبعيدا عن اشتباك حركة حماس الذي يعني أن المعركة لو حصل مفتوحة تماما وغير قابلة للنهاية لا بل معطياتها ستختلف بكل تأكيد عن معطيات المواجهة الاشتباكية المحدودة التي خاضها الجهاد الإسلامي.
أوساط في الجهاد الإسلامي تشير بوضوح إلى أنها تتفهم الاعتبارات الاحترازية التي قادت حركة حماس لموقفها الأخير بتجنّب الاشتباك في المعركة فقد وجه العدو ضربات محدودة لبعض الأطر التنظيمية في في حركه الجهاد الإسلامي وكانت حماس قد تركت بملء ارادتها الضفة الغربية كساحة لعمليات منسقة ومشتركة عملياتيا بين الجهاد الإسلامي وكتائب الاقصى.
ومنها ثمّة من يتصوّر في حركة الجهاد الاسلامي بأن ابإاد حركة حماس وبنيتها العسكرية عن المواجهة الاخيرة التي صمدت فيها حركة الجهاد الإسلامي بالاعتبارات العسكرية الفنية وحيدة إلى حد كبير خدم الحركة وسط الجماهير الفلسطينية.
كما قدّم خدمة لحركة حماس وبُنيتها العسكرية لا تعارضها حركة الجهاد الاسلامي وهو الأمر الذي حرص عليه الأمين العام لحركة الجهاد زياد نخالة في مؤتمره الصحفي بعد اتفاق الهدنة مع الأخذ بالاعتبار أن تلك كانت الهدنة الاولى واليتيمة حتى الآن مباشرة عبر الوسيط المصري وغيره بين الإسرائيليين وحركة الجهاد الاسلامي وهذا وضع تنظيمي على الأرض يرفع من ظهور حركة الجهاد الإسلامي على الطاولة وحماس طبعا لا تمانع ذلك.
وكل تلك المعطيات وفقا لما يرشح من معلومات تؤشر على أن حركتا حماس والجهاد الاسلامي متوافقتان على نتائج المعركة فقد امتنعت حركة حماس عن المشاركة فيها بقرار استراتيجي داخلي له ابعاد سياسية.
ونتج عن ذلك أن الجهات الأمريكية والأوروبية متعددة حاولت التواصل مع قادة حماس سياسيين وثمّة من يرى داخل بنية حركة حماس في ذلك مكسب سياسي كبير كانت تستحقه الجملة التكتيكية التي اتبعتها الحركة في التعاطي مع المواجهة الاخيرة.
وهو مكسب تقبلته حركة الجهاد الإسلامي عمليا واعتبرته اضافة في رصيدها سواء لجهة زيادة مستوى التنسيق والعلاقات الجذرية مع حركة حماس وغيرها من فصائل المقاومة او لجهة عمقها الجماهيري وسط الضفة الغربية والشارع الفلسطيني.
وبالتالي حركتا حماس والجهاد الإسلامي “حبايب” بالمعنى التنظيمي وفقا لتعبير استعمله قيادي حمساوي تحدّث لرأي اليوم.
ولا يوجد خلافا لما تشيعه الكثير من أوساط وتقارير الصحافة العبرية إشكالية بين الحركتين ولا يوجد حتى عتاب لأن الخطوات كانت منسقة ولأن من قال من الاسرائيليين بان حركة حماس كانت موجودة في غرفة التنسيق الاستخبارية والعمليات مع حركة الجهاد أثناء العدوان الاخير يبدو أن لديه معلومات حقيقية فحتي أوساط الحركة كانت تقول إنها بالمعنى الاستخباري لم تكن بعيدة عن المجال الحيوي التكتيكي للمواجهة ولنظرية الاحتواء.
المصدر: رأي اليوم
كيف كسبت “حماس” جولةً في الورقة السياسية؟
2022-08-15