2024-11-27 08:33 م

لماذا يقوم ملك المغرب بنفض الغبار عن المؤسسات اليهودية بالمملكة؟

2022-08-12

يمثل اليهود المغاربة أحد أكبر الجاليات اليهودية – بالنسبة للسكان اليهود في الدول العربية – الموجودة خارج المجال الجغرافي للكيان الإسرائيلي.

وضع اليهود المغاربة بعد التطبيع
اليوم ومنذ تطبيع المملكة المغربية لعلاقاتها الدبلوماسية مع الكيان المحتل، صار لهؤلاء اليهود دورا بارزا في رسم الخطوط العريضة لمستقبلهم السياسي والمجتمعي في المملكة.

وبعد عامي 1918 ـ نهاية الحرب العالمية الأولى ـ و1945 ـ نهاية الحرب العالمية الثانية ـ سيكون عام 2022 ـ أي بعد عامين من تطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل ـ علامة فارقة للجالية اليهودية المغربية.

حيث أنه وبعد انعقاد مجلس الوزراء المغربي في 13 يوليو الماضي، تم إنشاء ثلاث هيئات مجتمعية سياسية جديدة في المملكة المغربية: هي المجلس الوطني للجالية اليهودية المغربية، ولجنة اليهود المغاربة في الخارج، والمؤسسة اليهودية المغربية.

حضر الملك محمد السادس وولي العهد الأمير مولاي حسن، خلال تقديم وزير الداخلية عبد الوافي لافتيت لهذا المشروع.

وقد أوضح هذا الأخير وهو الرجل الثاني في الحكومة، أمام الملك، دور كل منظمة على حدى.

حيث تتعلق مسؤولية الأولى بـ الإدارة والشؤون اليومية للجالية اليهودية.

في حين تُعنى الثانية بربط اليهود المغاربة في المَهجر ببلدهم الأصلي.

أما الثالثة فإن دورها يتمثل في أن تكون وصيًا على الثقافة اليهودية داخل المملكة المغربية.

قوانين تنظيم شؤون اليهود في المغرب
كان هذا التطور متوقعًا لأن قانون 7 ماي 1945، المتعلق بإعادة تنظيم لجان الجالية الإسرائيلية بدا وكأنه قد عفا عليه الزمان.

سُن ذلك القانون خلال فترة كان يعيش فيها حوالي 200000 يهودي في المغرب، في حين يوجد اليوم ما يقرب من 3000 أغلبهم في مدينة الدار البيضاء.

وصار من الضروري اليوم إنشاء “مؤسسات جديدة تتكيف مع الواقع الجديد”، حسب تقدير مريم خروز، رئيسة جمعية الذاكرة اليهودية المغربية (AJM) .

يعود تاريخ تواجد اليهود بالمغرب، وفق تقديرات، إلى أكثر من 2000 عام.

ويضم المغرب، اليوم، أكبر تجمع لليهود في شمال إفريقيا بما يتراوح بين 2000 و3000 شخص.

وقد كان هذا العدد يفوق ربع مليون في أربعينيات القرن الماضي.

ومنذ نهاية الأربعينات بدأت العائلات اليهودية بالهجرة إما صوب إسرائيل التي تضم اليوم نحو مليون يهودي مغربي، أو إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.

وعلى عكس الجماعات اليهودية التي عاشت في الشرق، فإن يهود المغرب لم تسقط عنهم الجنسية المغربية، كما تجمعهم صلات “وجدانية وثيقة” بالمملكة.

المجلس الوطني للجالية اليهودية
وهكذا، أعربت السلطات العامة عن رغبتها في الخروج من العمل غير المنضبط للجان اليهودية في المدن الرئيسية، التي لا تملك السلطة اللازمة لوضع مبادئ توجيهية لليهود المغاربة على المستوى الوطني.

هذا هو الحال، على سبيل المثال، مع قواعد تناول وجبات الكوشر، أو ما يعرف بـ مجموعة الوصفات الغذائية للديانة اليهودية.

هل ينبغي الاعتراف فقط بالأشخاص الذين تخرجوا من المؤسسات الوطنية أم ينبغي توسيع هذه الامتيازات إلى الأشخاص الذين تخرجوا في الخارج؟

سيتمكن المجلس الوطني للجالية اليهودية الآن، بالاعتماد على اللجان الإقليمية، من تسوية هذا النوع من المشاكل.

وبالتالي، يهدف الإصلاح إلى وضع حد للإجراءات غير المنسقة، ولكن أيضًا لوضع حد لتمثيل مؤسسي مشكوك فيه.

في حين أن التعليمات الملكية الصادرة في أبريل 2019، أمرت وزارة الداخلية بإعادة الإجتماع بالتزامن مع انتخابات الهيئات التمثيلية لإسرائيل.

ماذا فعل ملك المغرب “حتى ترضى عنه اليهود”؟.. مسؤولون إسرائيليون شهدوا له و”بصموا بالعشرة”
وغالبًا ما يتم تعيين قادة لجان المدن الرئيسية عن طريق الاستقطاب والبنوة وبدون انتخاب عملية، مما أثار انتقادات للعملية المبهمة لتعيين ممثلين عن الجالية اليهودية.

منذ الستينيات وهجرة العديد من اليهود المغاربة، سمح عدم اهتمام اليهود في الشتات بالقضية ببعض التراخي.

يتضمن إصلاح 13 يوليو تطوراً رئيسياً آخر: فهو يفتح المجال لليهود من أصل مغربي في الخارج ليكون لهم هيئة تمثيلية في المملكة.

وصرح مصدر مطلع على الأمر للصحيفة، بأن “الضغط على اليهود المنحدرين من أصل مغربي من أجل مؤسسة تمثلهم كان له أثره”.

اليهود المغاربة في الخارج
من الآن فصاعدًا، ضمن لجنة اليهود المغاربة في الخارج، سيكون لما يقرب من مليون يهودي من أصول مغربية – الموجودين أساسًا في إسرائيل – رأي في الشؤون الداخلية للمجتمع.

والفكرة هي أيضا جعلهم يترحلون في الخارج من أجل المصالح المغربية.

ومع تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الذي بدأ في ديسمبر 2020، لم يعد من النادر أن تصادف السياح الإسرائيليين في ساحة جامع الفنا في مراكش.

وبالنسبة لعام 2022، يأمل المكتب الوطني المغربي للسياحة أن يرى ما يقرب من 200 ألف إسرائيلي يستقرون في المغرب.

ولكن كيف تنظم واردات طعام الكوشر للسماح للقادمين الجدد بتناول الطعام؟

كيف يتم تنظيم ترميم المعابد والمقابر؟

كيف تتكيف مناطق الاستقبال مع هذا التدفق الجديد للسياح؟

هذه هي الأسئلة التي سيتعين على المجلس الوطني للجالية اليهودية المغربية حلها.

“إنها قضية وطنية وتحدي يجب على كل من السلطات الحكومية والمجتمع المدني مواجهته”، كما صرح القاضي أوندريه كوميل نائب رئيس جمعية الذاكرة اليهودية المغربية.

سيخضع تنظيم الجالية اليهودية في المغرب من الآن فصاعدا، لمؤسسات مغربية على المستوى الوطني، ولكل منها مجال اختصاص محدد.

يقول أوندريه كوميل: “إن الوجود غير المؤسسي لجالية يهودية كبيرة قد يؤدي أحيانًا إلى ظهور مبادرات غير مناسبة في كل من الأراضي الوطنية وفي الخارج”.

سواء كان الأمر يتعلق بتجديد أماكن الحج أو الامتثال للتشريعات الخاصة باستيراد منتجات الكوشر، يجب أن يؤدي الإصلاح إلى توضيح أفضل للقواعد التي تحكم شؤون المجتمع.

وبحسب “أوندريه كوميل” فإن سبب تعلق اليهود المغاربة بما يصفه “الوطن الأم” تتقاطع فيه عوامل تاريخية ودينية ووجدانية.

وهو ما يفسر بحسب المتحدث، كيف يحافظ المغاربة اليهود في إسرائيل، خاصة، وفي جميع أنحاء العالم، على التراث اليهودي المغربي. المتمثل أساسا في نمط عيش يتماهى مع مجموعة من التفاصيل المستمدة من الهوية والثقافة المغربيتين.

كالتحدث بالدارجة المغربية والطبخ والأزياء والموسيقى وحفلات الزفاف إضافة إلى نمط الهندسة المعمارية.


شيراز ماضي/ وطن سرب