التقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الأربعاء، رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد في عمان، في أول لقاء أردني مع حكومة تل أبيب المؤقتة بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة.
وأعلنت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية بترا النبأ على نحو مفاجئ ودون الخوض في التفاصيل، إذ تم نشر صورة تجمع الزائر الإسرائيلي بالملك عبد الله الثاني، وبدون تمهيدات مسبقة توحي بأن عمان كانت بصدد استقبال مسؤول إسرائيلي رفيع بالرغم من الأجواء الملبدة بملفات كثيرة منها القدس والجسور والمعابر ومسألة التهدئة.
ينطوي النص الإخباري للوكالة الرسمية على رسائل عامة لكنها واضحة الملامح في الرواية الأردنية للحدث فالملك شدد أمام لبيد على أن الفلسطيني ينبغي أن يكون جزءا مما يسمى بـ”التنمية الإقليمية” حيث القناعة راسخة في مركز القرار الأردني وفقا لما لمسته “القدس العربي” مباشرة بأن إسرائيل تحاول إبعاد السلطة الفلسطينية عن حزمة مشاريع السلام الإقليمية، التي اقترحها الرئيس بايدن مؤخرا خصوصا في مجالي الطاقة والمياه وسكك الحديد.
يريد الجانب الأردني بشغف حصة للمؤسسات الفلسطينية وللسلطة في هذه المشاريع، الأمر الذي دفع الملك شخصيا للتركيز على المسألة مرتين على الأقل لأن القناعة راسخة أيضا بأن إسرائيل تحاول إقصاء الفلسطينيين هنا حتى لا تتوفر لهم اي مساحة أمل في تأسيس دولة مستقبلا في الضفة الغربية.
الخبر الرسمي الأردني تحدث أيضا عن تلك الرباعية المألوفة حيث التشديد على حل الدولتين، واحترام الوضع القانوني والتاريخي الدائم للقدس، وتعزيز الأمن والاستقرار، ورابعا الحفاظ على التهدئة الحالية.
بقيت هذه المسائل دائما ثوابت الخطاب الأردني لكن إعادة تكرارها في خبر رسمي مرتبط باستقبال لبيد لا يجيب على السؤال الأهم: لماذا استدعي أو حضر بسرعة وفجأة إلى عمان؟ وما هي أولويات هذا اللقاء بالتفصيل؟.
في الجزئية المتعلقة بـ”حل الدولتين” يرى الأردنيون أن لبيد حصرا قادر على التمسك بهذا الشعار لكن حساباته الانتخابية المرحلية تدفعه لعدم تكراره، وعمان تسعى لتشجيعه على العكس.
الأهم ليس فقط نظرية الأردن بعد زيارة بايدن الأخيرة بعنوان التحذير من ترك المنطقة والملف الفلسطيني للفراغ والاستثمار في هذا التحذير.
ولكن تكثيف جرعات الجاهزية لتأسيس نقطة مصالح واضحة بعد سلسلة التقارير العميقة في الجانبين بين لبيد وعمان قوامها شبح عودة بنيامين نتنياهو لا بل العمل معا على سيناريو إنزال محتمل سياسيا وإعلاميا خلف خطوط نتنياهو، خصم الأردن الأول والأبرز بلا منازع.
أغلب التقدير سياسيا أن لبيد يستعين بعمان هنا. وأن عمان لديها وجهة نظر تكتيكية تدعم محاولة أخيرة برعاية مظلة أمريكية عن بعد لتقليص فرص نتنياهو، عنوانها اليتيم الآن تعزيز فرصة تحالف انتخابي يقوده في نوفمبر المقبل المعتدل المفترض يائير لبيد.
ما الذي يعنيه ذلك بصورة تفصيلية أكثر؟. عند الإجابة يتضح أن بعض الخيارات تدرس. وقد تضم تفصيلات محددة من بينها ترجيح قرار ما إذا كان الأردن ينبغي أن يخاطب المجتمع الإسرائيلي بطريقة أو بصيغة ما قريبا.
يشمل ذلك ما يسمى في عمان اليوم ضرورة ضبط إعدادات المجموعة العربية الناشطة الفاعلة في الكنيست الإسرائيلي حتى تصعد إلى مرحلة متقدمة أكثر ولو نسبيا من الدرجة الخامسة في حجم القوائم إلى الرابعة مع طموح في الوصول إلى الثالثة على أساس تمكين لبيد لاحقا من مواجهة نتنياهو.
طبعا الانطباع الإسرائيلي والأمريكي قائم على أن عمان ورام الله لديهما قدرة تأثير على قادة المجتمع العربي من قادة الكنيست لا بل ما يطلبه ويقترحه المعنيون بتقصي وإقصاء شبح نتنياهو هو أن يعمل الأردن أكثر على الاختراق في عمق جبهة المجتمع العربي في دولة كيان الاحتلال تحت عنوان رفع نسبة التصويت بين مجموعة عرب إسرائيل.
تمسك “القدس العربي ” بعض التفاصيل في خطة مطروحة ومقترحة كسيناريو عمل الآن.
لكن المهم هو أن استقبال لبيد في عمان فجأة ظهر الأربعاء له أغراض تكتيكية وعدة أهداف أبرزها على الأرجح تنسيق الخطوات لإنزال ما أو من أي نوع خلف خطوط خصم مشترك هو نتنياهو.
نسبة النجاح غير مضمونة ولا يمكن التكهن بها لكن إعلان عمان استقبال لبيد الآن يتمحور ضد محور نتنياهو. وتلك على الأرجح الرسالة المطلوبة ولا تمانعها رغم ما يمكن أن تنطوي عليه من مجازفة أوساط المطبخ الأردني.