تواصل إسرائيل تنفيذ أخطر مُخططاتها داخل مدينة القدس المحتلة، بهدف قتل وتهجير أكثر عدد من المقدسيين لتتسيد الصراع “الديموغرافي” مع الفلسطينيين داخل المدينة المقدسة، التي طالما كانت ولا تزال شوكة قاسية في حلق الاحتلال بصمود سكانها وتمسكهم بالمقاومة حتى الرمق الأخير.
حكومة الاحتلال لم تكتفي بممارسات القمع والاضطهاد والفصل العنصري والقتل بدم بارد ومحاربة المقدسيين في لقمة عيشهم، وإعدام كافة مظاهر الحياة الكريمة للفلسطينيين داخل المدينة التي تتبعها منذ سنوات طويلة، بل بدأت تفكر في تنفيذ مخططات أخرى أكثر خطورة من ذلك عنوانها “اقتل.. فلن يُحاسبك أحد”.
ولعل آخر إصدارات إسرائيل من كتب وروايات الإجرام بحق الفلسطينيين، تشكيل “مليشيا مسلحة” من المستوطنين المتطرفين المهرة، للقيام بنفس المهام التي يقوم بها الجيش والمستوطنين في استهداف المقدسيين وممتلكاتهم، ولكن هذه المرة بعيدًا عن المسائلة، وبضوء أخضر رسمي من الحكومة الإٍسرائيلية.
وكشفت وزارة الحرب الإسرائيلية، وجمعيات استيطانية، وبلدية الاحتلال، عن تشكيل ميليشيا مسلحة من المستوطنين للقيام بمهام وصفت “بالأمنية” على حد قولها للتدخل عند وقوع أي عمليات في المستوطنات أو في القدس المحتلة.
وبحسب الخطة التي حملت عنوان مشروع “ماجن”، سيتم تشكيل فرق “احتياطية” من عناصر مهرة للتدخل إلى حين وصول الجيش أو الشرطة لأماكن الأحداث، إضافة إلى نصب 3 آلاف كاميرات مراقبة جديدة في جميع أنحاء مدينة القدس المحتلة.
وكجزء من هذا المشروع الذي سيبدأ في الأيام المقبلة، سيتم إطلاق نموذج تجريبي، حيث سيحصل المستوطنون الذين سيتطوعون ضمن هذه الميليشيا على موافقة سريعة للحصول على الأسلحة وتلقي برامج تدريب، وسيحصلون على شهادة من الشرطة ومعدات عسكرية.
حركة المقاومة الإسلامية “حماس” شددت على أن تشكيل مليشيات مسلحة من المستوطنين، سيشجعهم على ارتكاب أبشع الجرائم بحق شعبنا الفلسطيني، وبغطاء كامل من المنظومة الأمنية والسياسية لدى الكيان الصهيوني.
وحمّلت “حماس” الاحتلال المسؤولية الكاملة عن نتائج إعلانه تشكيل مليشيات للمستوطنين، والتي سيواجهها شعبنا الفلسطيني، ولن يقف مكتوف الأيدي أمامها.
كما قالت حركة الجهاد الإسلامي على لسان المتحدث باسمها في الضفة المحتلة طارق عز الدين، “إن تشكيل خلايا مسلحة من المستوطنين خطوة خطيرة لاستهداف أبناء شعبنا داخل أحياء القدس المحتلة”.
وأكد عز الدين، أن هذه الخطوة تعد ضوءاً أخضر من وزارة حرب الاحتلال لقتل الفلسطينيين الذين سيصبحون تحت أوامر خاضعة لحقد المستوطنين بغطاء رسمي من قادة الاحتلال.
وحذر من الإقدام على هذه الخطوة التي تستوجب وقفة جدية من الكل الفلسطيني بمكوناته كافة لحماية شعبنا في القدس المحتلة، داعياً إلى العمل على تشكيل لجان شعبية لحماية أبناء شعبنا في أحياء مدينة القدس والتصدي لمثل هذه الخطوة الكبيرة التي سيكون لها تبعات خطيرة جداً.
من جانبه، يقول المختص في الشؤون المقدسية فخري أبو دياب: “لا شك أن تشكيل المليشيات يأتي ضمن سياسة الاحتلال للتهرب من الملاحقات الدولية والإحراج أمام العالم لمقاضاته بسبب اعتداءاته على الفلسطينيين، لذا يريد قتل أكبر عدد من المقدسيين دون أن يعاقبه أحد”، مضيفا: يسعى الاحتلال لوضع المليشيات في الواجهة كون يد عناصرها سهلة على الزناد ولا يمكن محاسبتها.
ووفق رؤية أبو دياب، فإن المتطرفين من المستوطنين يتعطشون لإيذاء المقدسيين في الشوارع.
ولفت إلى نقطة خطيرة؛ وهي أن تلك المليشيات من غلاة المستوطنين ستقتحم البيوت المقدسية للاستيلاء عليها دون الحاجة لإذن محكمة أو الرجوع للمؤسسة الأمنية الرسمية وذلك باستخدام السلاح والمعدات المتوفرة بين أيديهم، مشيرا إلى أن هذا الأمر سيعمل على نشر الفوضى في الشارع المقدسي لتحقيق هدف إفقاد أهل القدس للأمان ودفعهم للرحيل وترك المستوطنين يعيثون فسادا في الأحياء المقدسية.
وأضاف أبو دياب أن الكاميرات توضع على أسطح المنازل وقرب النوافذ مما يفقد السكان خصوصيتهم، فهي سلاح مسلط عليهم، ويأتي ضمن سياسة العقاب الجماعي.
وفي السياق ذاته، يقول ناصر هدمي المختص في شؤون القدس إن تشكيل مليشيا مخصصة للقدس يؤكد بوليسية الكيان الذي قام عليه الاحتلال، لمراقبة حركات الفلسطينيين.
واعتبر أن تشكيل المليشيا وتركيب الكاميرات سيشكل مزيدا من الانهيار في المجتمع (الإسرائيلي) الذي بدأ يتفكك ويفقد هويته في الفترة الأخيرة، حيث ارتفاع حالات الانتحار في صفوف جنوده، بينما بالنسبة للفلسطيني الذي اعتاد على مضايقات الاحتلال سيواصل مقاومته.
وبالعودة إلى الوراء قليلاً نجد أن هناك أصوات إسرائيلية، أبرزها عضو الكنيست المتطرف عن حزب الليكود ورئيس بلدية الاحتلال السابق في القدس (نير بركات)، تدعو المستوطنين في القدس إلى حمل السلاح وقتل الفلسطينيين، كما إنهم طالبوا بزيادة نسبة التسلح بين المستوطنين، بزعم حماية أنفسهم من ضربات المقاومة.
المصدر: رأي اليوم