2024-11-22 10:56 م

أزمة أوكرانيا.. أسئلة وإجابات عن التاريخ والمستقبل

2022-02-16

باتت أوكرانيا محور الاهتمام الجيوسياسي خلال الأسابيع المنصرمة، حيث أدى تعزيز روسيا لقواتها على طول الحدود إلى زيادة التوتر بين موسكو والغرب.

ورفعت الولايات المتحدة من نبرة تحذيراتها بشأن غزو روسي محتمل لأوكرانيا يمكن أن "يشن في أي وقت" كما يقول وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في حين بذل قادة العالم جهودا دبلوماسية عبر الزيارات الدولية خلال الأيام الأخيرة لمحاولة حل فتيل الأزمة.  

والسبت، حذر الرئيس الأميركي، جو بايدن، نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، من "تكاليف سريعة وباهظة" إذا تحركت روسيا ضد أوكرانيا، حيث اتخذت كل من واشنطن وموسكو إجراءات بسحب جزء من موظفي سفارتهما في البلاد.

وأبلغ بايدن، بوتين، خلال مكالمة هاتفية جمعتهما، السبت، أن هجوما ضد أوكرانيا سيقود إلى معاناة إنسانية واسعة ويقلص مكانة روسيا في العالم، وفق بيان البيت الأبيض.

وكانت دول عدة، بما فيها الولايات المتحدة، طلبت من رعاياها مغادرة أوكرانيا في أقرب وقت ممكن كما نصحتهم بتأجيل خطط السفر إلى كييف حفاظا على سلامتهم، في إشارة للغزو الروسي المحتمل.

وكان البيت الأبيض حذر في وقت سابق من هجوم يشنه أكثر من 100 ألف عسكري روسي يحتشدون قرب أوكرانيا خلال أيام وقد يكون قبل انتهاء الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين.

وتنفي موسكو نيتها باجتياح أوكرانيا.

أين تقع أوكرانيا؟
تقع أوكرانيا في أوروبا الشرقية وتتشارك مع روسيا في حدودها الشرقية، حيث تحدها من الغرب بولندا وسلوفاكيا والمجر ورومانيا ومولدوفا ومن الشمال بيلاروس. 

ويمتد البحر الأسود على طول الساحل الجنوبي لأوكرانيا التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي وأعلنت استقلالها عام 1991 في أعقاب انهيار الاتحاد الاشتراكي بعد الحرب الباردة التي بدأت عام 1945 وانتهت في 1991.

ما هي أهمية أوكرانيا بالنسبة لروسيا؟
أدى تفكك الاتحاد السوفيتي إلى ترك روسيا تواجه تعدادا سكانيا وأراضي واقتصاد متقلصين إلى حد كبير. كما قلل انهيار الاتحاد من مكانة روسيا كقوة عظمى على الساحة الدولية.

ويملك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الآن طموحات حثيثة إلى استعادة بعض أمجاد الحقبة السوفيتية الذي خسرته روسيا بعد الحرب الباردة.

ووصف بوتين تفكك الاتحاد السوفيتي بأنه كارثة سلبت روسيا مكانتها التي تستحقها بين القوى العظمى في العالم ووضعتها تحت رحمة الغرب. وأمضى بوتين 22 عاما في السلطة لإعادة بناء الجيش الروسي وإعادة تأكيد نفوذه الجيوسياسي.

وسبق لبوتين أن وصف الروس والأوكرانيين بأنهم "شعب واحد".

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن بوتين عازم على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لأكثر من 30 عاما، وإنشاء منطقة أمنية واسعة تهيمن عليها روسيا تشبه القوة التي كانت موسكو تمارسها في أيام الاتحاد السوفيتي. 

ويبلغ بوتين من العمر 69 عاما، وربما يقترب من نهاية حياته السياسية، ومن الواضح أنه يريد إعادة أوكرانيا، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة، إلى فلك روسيا، طبقا للصحيفة الأميركية.

ما هي علاقة الناتو في الأزمة؟
منذ أن حصلت البلاد على استقلالها، أقامت الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع أوكرانيا. 

وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الولايات المتحدة حريصة على رؤية أوكرانيا تزدهر كديمقراطية في مواجهة ما تصفه وزارة الخارجية الأميركية بـ "العدوان الروسي المستمر".

أوكرانيا ليست جزءا من منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) لكنها "دولة شريكة" في هذا التحالف العسكري الذي تأسس في المقام الأول لمواجهة الدولة السوفيتية.

والاتفاقيات القائمة بين كييف والناتو، تعني أنها يمكن أن تصبح عضوا في الحلف مستقبلا، على الرغم من أن بايدن سبق وأن قال إن عضوية أوكرانيا في الناتو غير مرجحة على المدى القريب.

وأشار بايدن إلى أن هذا القرار يعود في النهاية للحلف الذي تأسس عام 1949.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، توسع الناتو باتجاه الشرق، وضم في عضويته في النهاية معظم الدول الأوروبية التي كانت في المجال الشيوعي مثل جمهوريات البلطيق كليتوانيا، ولاتفيا، وإستونيا وغيرها من دول أوروبا الشرقية التي ضمها الناتو.

في المقابل، يصف الرئيس الروسي توسع الناتو بأنه تهديد، وأن احتمال انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي يمثل تهديدا وجوديا لبلاده. 

ونظرا لأن روسيا أصبحت أكثر حزما وأقوى عسكريا، فقد تزايدت تصريحات بوتين بشأن الناتو. لقد تذرع مرارا وتكرارا بشبح الصواريخ الباليستية الأميركية والقوات القتالية في أوكرانيا، على الرغم من إصرار المسؤولين الأميركيين والأوكرانيين وحلف شمال الأطلسي على عدم وجود أي منها.

كما أصر بوتين على أن أوكرانيا وبيلاروس هما في الأساس جزءان من روسيا، ثقافيا وتاريخيا. ويتمتع بوتين بالفعل بنفوذ كبير على مينسك التي تواصل الحديث عن شكل من أشكال إعادة التوحيد مع روسيا منذ سنوات، وفق "نيويورك تايمز".

هل تريد روسيا غزو أوكرانيا؟
نفت روسيا مرارا وجود خطط للغزو. لكن موسكو حشدت نحو 130 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية وتحرك الدبابات وعربات المشاة القتالية وقاذفات الصواريخ وغيرها من المعدات العسكرية باتجاه الغرب من قواعد في أقصى شرق روسيا.

بالإضافة إلى ذلك، تنقل روسيا قوات وأنظمة صواريخ "S-400" أرض-جو إلى بيلاروس، المجاورة لأوكرانيا وأعضاء الناتو الآخرين بولندا ولاتفيا وليتوانيا. 

والخميس، بدأت المناورات العسكرية في بيلاروس، مما أثار قلق المسؤولين الغربيين الذين يعتقدون أنها قد تفتح جبهة جديدة لمهاجمة أوكرانيا. 

ويقول الكرملين إن المناورات تجري ردا على التهديد الذي يمثله الغرب لأمن روسيا. كما نقلت روسيا عدة سفن بالقرب من شواطئ أوكرانيا في البحر الأسود وبحر آزوف.

كما تجري مناورات بحرية في المحيطين الأطلسي والهادئ وفي بحر العرب مع القوات البحرية الصينية. في 25 يناير، أعلنت موسكو عن مناورات عسكرية جديدة في شمال القوقاز.

في أواخر يناير، قال مسؤولو دفاع غربيون إن روسيا أرسلت وحدات طبية إلى الحدود، وانتقلت إلى مستوى الاستعداد الذي لم تصل إليه في التعزيزات السابقة.

ويهدف بوتين من حشد القوات بالقرب من أوكرانيا بانتزاع تنازلات من الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وإجباره على إعطاء رأي مؤيد لروسيا، وفق "وول ستريت جورنال" التي تقول إن هذا من شأنه أن يبعث برسالة إلى دول الاتحاد السوفيتي السابق الأخرى مفادها أن الغرب لا يستطيع ضمان أمنها. 

ولتصعيد الضغط، لدى بوتين مجموعة من الخيارات العسكرية التي لا ترقى إلى الاحتلال الكامل، من التوغلات الصغيرة إلى صراع محدود في منطقة دونباس الشرقية، حيث أعلن الانفصاليون المدعومون من روسيا أنهم مستقلون عن أوكرانيا.

بماذا يرد الناتو على الحشد العسكري الروسي؟
يعمل حلفاء الناتو بتعزيز الجناح الشرقي للحلف، الذي يقع على حدود أوكرانيا، وينشرون طائرات مقاتلة وسفنا في المنطقة ردا على ذلك. 

وضع الاتحاد الأوروبي خططا لتقديم قروض ومنح لأوكرانيا تبلغ قيمتها أكثر من 1.3 مليار دولار. وأمر البنتاغون آلاف الجنود بالاستعداد لانتشار محتمل.

وأقام حلفاء الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي جسرا جويا ينقل المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا في محاولة لمساندة كييف في مواجهة غزو روسي محتمل.

ماذا حدث في 2014؟
يسعى بوتين لتأكيد نفوذ روسيا في المنطقة وإبعاد حلف الناتو عن دول أوروبا الشرقية. بينما نشر الناتو حوالى 5000 جندي في بولندا ودول البلطيق بعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2014.

في 2014، اجتاحت روسيا أوكرانيا وضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية الوقعة على البحر الأسود، مما أثار حربا استمرت ثماني سنوات في شرق البلاد بين الانفصاليين وكييف.

وتتصل شبه جزيرة القرم بالبر من خلال شريط ضيق لجهة الشمال، ومن جهتها الشرقية شريط أرضي يكاد يتصل بالأراضي الروسية. 

إلى ذلك، تصرّ موسكو على أن تتفاوض كييف بشكل مباشر مع الانفصاليين المدعومين من روسيا الذين يقاتلون الجيش الأوكراني منذ العام 2014 شرق البلاد، في صراع أودى حتى الآن بأكثر من 14 ألف شخص.

وترفض أوكرانيا ذلك بشكل قاطع قائلة إن موسكو هي المحاور الوحيد الذي لديه صلة وثيقة بالانفصاليين.

ماذا سيحدث لو غزت روسيا أوكرانيا؟
قال بايدن إنه إذا تحركت جميع القوات على الحدود الأوكرانية، فسيكون ذلك بمثابة أكبر غزو منذ الحرب العالمية الثانية. 

وحشدت روسيا قوة قتالية كافية للاستيلاء على مدن ومساحات كبيرة من الأراضي في أوكرانيا، وفقا للبنتاغون.

وإذا استمرت روسيا في زيادة قواتها ثم شن هجوم شامل لمحاولة السيطرة على الدولة بأكملها، فسيقتل أو يُجرح ما بين 25000 إلى 50000 مدني، وفقا لتقييمات المخابرات الأميركية. ويعتمد حجم الخسائر على حجم القتال في المناطق السكانية.

ويواجه ما بين 3000 و10 آلاف جندي روسي وما بين 5000 و25 ألف جندي أوكراني القتل والإصابات، وفقا للتقديرات، التي أضافت أنه سيتم تشريد ما بين مليون وخمسة ملايين أوكراني.

في حالة غزو أوكرانيا، قالت الولايات المتحدة إنها ستطلق سيلا من العقوبات الاقتصادية الجديدة ضد روسيا، مما يلحق الضرر بالبنوك الكبرى والشركات الحكومية والواردات الرئيسية.

وقال بايدن أيضا إن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي سينظران في تعزيز وجودهما في أوروبا الشرقية.

يقول الخبراء إنه على الرغم من الجهود التي تبذلها موسكو لفرض عقوبات على اقتصادها منذ فرض العقوبات بعد أن ضمت شبه جزيرة القرم، فإن الإجراءات الأكثر قسوة قد تتسبب في معاناة اقتصادية كبيرة للبلاد.

ما هو دور نورد ستريم 2 في الأزمة؟
نورد ستريم 2 هو خط أنابيب للغاز الطبيعي يمتد من روسيا إلى ألمانيا، العضو البارز في حلف الناتو، لكن الخط لا يزال بانتظار موافقة المنظمين الألمان.

يشعر المشرعون الأميركيون وبعض المسؤولين بالقلق من أن خط الأنابيب البالغ طوله 764 ميلا سيعزز قبضة روسيا على سوق الطاقة الأوروبية ويضعف أوكرانيا في الوقت الذي تحاول فيه مقاومة العدوان الروسي. 

ألمانيا هي أكبر مشترٍ للغاز الروسي في العالم، حيث تستمد أكثر من نصف إمداداتها من روسيا وسوف يضاعف نورد ستريم 2 قدرة صادرات الغاز الروسي إلى البلاد التي يتم توجيهها حاليا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 الموازي.

قال الرئيس بايدن في 7 فبراير إن خط الأنابيب الذي بنته روسيا سيتوقف إذا غزت روسيا أوكرانيا، وقدم المستشار الألماني، أولاف شولتز، الدعم لهذا الاتجاه لكن دون أن يقول صراحة إن المشروع سيتوقف. 

الحرة - دبي