2024-11-27 05:31 م

مخاوف اسرائيل من انهيار صورتها في الداخل الامريكي بدأت تتحقق

2022-02-05


اهتمت صحيفة "الغارديان" البريطانية، بتأثير التقارير الحقوقية الدولية مثل منظمة العفو الدولية "أمنستي"، على صورة إسرائيل في الداخل الأمريكي، بعد الحديث عن الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

ولفتت في التقرير، إلى أن "تشبيه معاملة إسرائيل للفلسطينيين بجنوب أفريقيا تحت حكم الأقلية البيضاء، آخذ في الانتشار وسط التيار العام داخل الولايات المتحدة".

وشدد كاتب التقرير كريس ماغريل، على أن مخاوف إسرائيل من الصورة التي تتشكل لها داخل الولايات المتحدة بدأت تتحقق بالفعل، لا سيما بعد التقارير الحقوقية التي تدفع بنقاشات حول التمييز الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
وتاليا النص الكامل للتقرير:

في مطلع العام، وقف وزير خارجية إسرائيل يائير لابيد يتفكر في التحديات الدبلوماسية التي تواجه بلاده في 2022.

قال لابيد مخاطبا الصحفيين: "نعتقد أن العام القادم سوف يشهد نقاشا غير مسبوق في درجة سميته، وفي مدى إشعاعيته حول عبارة إسرائيل دولة أبارتيد. سوف يشكل ذلك في عام 2022 تهديدا ملموسا".

وأشار لابيد إلى تحقيقين للأمم المتحدة قال؛ إن من المحتمل أن يخلصا إلى أن حكم إسرائيل للمنطقة الفلسطينية المحتلة يرقى إلى جريمة الأبارتيد بموجب القانون الدولي.

وصلت إلى تلك القناعة بالضبط العديد من منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والعالمية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية من خلال تقريرها الذي نشرته هذا الأسبوع تحت عنوان "الأبارتيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظام هيمنة متوحش وجريمة ضد الإنسانية".

كما تواجه إسرائيل تحقيقا تجريه المحكمة الجنائية الدولية في الأعمال التي تمارس داخل المناطق المحتلة، مثل مصادرة الأراضي الفلسطينية لبناء المستوطنات اليهودية، التي تقول منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات؛ إنها ممارسة تنتهك القوانين الدولية التي تحرم الأبارتيد.

ولكن إسرائيل قلقة أيضا من أن خرق ما ظل لزمن طويل من المحرمات داخل الولايات المتحدة، وتحديدا مقارنة حكمها فوق الفلسطينيين بالقمع العنصري الذي كان يمارس في جنوب أفريقيا ضد السكان السود، لهو دليل على التهديد الزاحف ببطء، حاملا في ثناياه خطرا أكبر، يتمثل في تصدع الدعم الصلب والثابت الذي تتمتع به إسرائيل داخل حليفها الأهم على الإطلاق.   

أما مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، ألون أوشبيز، فوضع حماية الدعم المستمر منذ زمن طويل للدولة اليهودية من قبل كلا الحزبين في الولايات المتحدة على رأس قائمة أولويات إسرائيل الدبلوماسية هذا العام، في وقت تشير فيه استطلاعات الرأي إلى تآكل الدعم وسط الديمقراطيين، وهو تآكل مدفوع جزئيا بتبدل السرديات حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ظلت استطلاعات الرأي تشير لسنين طويلة إلى أن الديمقراطيين يتعاطفون مع الإسرائيليين بمعدل يصل إلى ضعف تعاطفهم مع الفلسطينيين. ولكن منذ الهجوم الإسرائيلي على غزة في 2014 تراجع الدعم الذي تحظى به الدولة اليهودية، حتى بات الدعم في أوساط الحزب للطرفين متكافئا تقريبا.

يتركز ذلك التغيير في أوساط جيل الشباب من الأمريكيين، بحيث إن البالغين الأمريكيين ممن هم دون سن الخامسة والثلاثين، باتوا أقل تعاطفا مع إسرائيل من الجيل الذي يكبرهم في السن.

وبحسب نتائج استطلاع أجري في شهر حزيران/ يونيو الماضي، فإن نصف الديمقراطيين يريدون من واشنطن تغيير سياستها بحيث تصبح أكثر دعما للفلسطينيين.

بل لقد تراجع الدعم الذي تحظى به سياسات الحكومة الإسرائيلية في أوساط الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، حيث أظهر استطلاع أجري في العام الماضي بأن 25 بالمئة من اليهود يتفقون مع عبارة "إسرائيل دولة أبارتيد".

لا يوجد ما يثبت أن دعم واشنطن لإسرائيل، بما في ذلك المساعدات الأضخم (وهي في جلها عسكرية) التي تقدمها الولايات المتحدة لأي بلد على الإطلاق، عرضة لتهديد مباشر. ومع ذلك، فإن الجماعات المناصرة لإسرائيل تشعر بقلق متزايد إزاء تراجع فعالية مساعيها لتصوير الدولة اليهودية على أنها تتوق للسلام، لولا أنها تواجه الإرهاب الفلسطيني.

يتعرض هذا الزعم لتفنيد متزايد بفضل ما يمكن للأمريكيين الآن مشاهدته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة من خلال مقاطع الفيديو التي تظهر الهجمات الإسرائيلية وسوء المعاملة التي يتلقاها الفلسطينيون.

ولقد ساعد هجوم إسرائيل على غزة في عام 2014 في تعزيز مشهد الدولة المدججة بكل أنواع القوة، التي تستخدمها في إلحاق الدمار بتجمع سكاني لا يملك من وسائل الدفاع عن النفس إلا النزر اليسير. ويذكر أن هجوم 2014 تسبب في مقتل 1500 مدني فلسطيني تقريبا وما يزيد عن 600 مقاتل ونجم عنه تدمير المدارس والمنازل، بينما تسببت صواريخ حماس في مقتل ستة مدنيين في إسرائيل، كما نجم عن الحرب مقتل 67 جنديا إسرائيليا.

كما غذى صعود حركة "حياة السود تهم" الزخم الذي يدفع باتجاه اعتبار القضية الفلسطينية مسألة حقوق مدنية ومقاومة ضد الهيمنة الإسرائيلية.

تقول ساره ليا ويتسون، المديرة السابقة لقسم الشرق الأوسط في منظمة هيومان رايتس واتش، التي عملت في إعداد تقرير المنظمة الذي صدر تحت عنوان "تخطي العتبة – السلطات الإسرائيلية وجرائم الأبارتيد والتنكيل": "بإمكان الناس اليوم، وبطرق لم تكن متيسرة من قبل، أن يروا بأنفسهم ما الذي يحدث".

وتضيف: "زاد ذلك، بشكل خاص في الولايات المتحدة، من صعوبة الأمر على المدافعين عاطفيا عن إسرائيل، الذين كانوا ينسجون الأساطير حول إسرائيل وحياة الكيبوتز وزراعة الأرض، وما إلى ذلك من أوهام حول الشكل الذي عليه إسرائيل، حيث راحوا يواجهون بواقع ماثل أمامهم ويشاهدونه بأم أعينهم".

ثم ما لبثت إسرائيل أن قوضت بما تمارسه من أعمال وتتخذه من إجراءات مساعيها هي للدفاع عن نفسها في مواجهة السرديات المتغيرة، ومن تلك الإجراءات سن قانون "الدولة القومية" في عام 2018 الذي يكرس فكرة التفوق اليهودي على المواطنين العرب داخل البلد. من المعروف أن رئيس الوزراء نفتالي بينيت وأعضاء حكومته لم يزالوا منذ زمن طويل يعارضون قيام دولة فلسطينية.

مازال بإمكان إسرائيل التعويل على دعم صلب في قمة هرم السلطة في الولايات المتحدة، إلا أن التعاطف وسط الديمقراطيين بشكل عام لم يعززه رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، الذي كان يعرب صراحة عن عدائه للرئيس باراك أوباما وعن تحالفه مع زعامة الحزب الجمهوري داخل الكونغرس.

كما أن ترحيبه بخطة السلام التي تقدم بها الرئيس دونالد ترامب قبل عامين عمق الفجوة بينه وبين بعض الديمقراطيين الذين نددوا بالخطة، واعتبروها مجرد غطاء لمساعي إسرائيل ضم الأراضي داخل الضفة الغربية، الأمر الذي من شأنه أن يفضي إلى خلق جيوب فلسطينية تذكر بالبانتوستان، موطن السود في جنوب أفريقيا.

توجه دانيال سيدمان، المحامي الإسرائيلي الذي أمضى عقودا في فضح استيلاء إسرائيل على الأراضي، وما تمارسه من سياسة استيطانية في القدس الشرقية المحتلة، مؤخرا إلى واشنطن لسبر غور السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل.

يقول سيدمان: "ثمة تغير في الولايات المتحدة، داخل الكونغرس، وفي الرأي العام، وحتى في أوساط الجالية اليهودية الأمريكية، والحديث عن الأبارتيد جزء من ذلك. هناك مركز، ولكن المركز لن يصمد طويلا".

ويضيف: "بدأ المزيد من الناس في الخارج يرون في إسرائيل دولة أبارتيد ودولة منبوذة، والإسرائيليون يخشون من ذلك بشكل متزايد".

عربي 21