2024-11-24 01:29 م

هل تخطط الصين لإنقاذ أفريقيا؟

2022-01-25

د. أحمد القديدي
عندما نطالع أدبيات الدبلوماسية الفرنسية والبريطانية في هذه المرحلة من سنوات 2010-2022 نتأكد من أن الهاجس الأكبر لدى الإمبراطوريتين الآفلتين هو إفلات القارة الإفريقية من بين أيديهما بعد تاريخ استعماري طويل لا يشرفهما من حيث اعتماده على الإخضاع بالقوة لأمم مختلفة عنهم استضعفوها ونهبوا خيراتها واستعبدوا مواطنيها بدعاوى عنصرية تتمثل في نظرية خاطئة وهي الإقرار بأن العرق الأبيض هو الأعلى والأرقى ولكنه في الواقع هو العرق الذي مارس الإبادات وقتل الهويات واستعمر العقول قبل الأرض منذ أن بررعلماؤهم وأدباؤهم فرض الاستعمار على أمم قالوا عنها "بربرية ومتوحشة" لمجرد أنها تختلف عنهم!.
اليوم تعتني روسيا أيضا بالتغلغل الصيني الزاحف كالتنين على كل شعوب إفريقيا من ذلك أن صحيفة "سفابودنايا براسا" الروسية نشرت الأسبوع الماضي تقريرا تحدثت فيه عن نجاح منتدى التعاون الصيني الأفريقي المنعقد في العاصمة السنغالية داكار والذي وثق وعكس مدى تنامي النفوذ الجيوسياسي للصين.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إن نتائج الشراكة الاقتصادية بين دول أفريقيا والصين مثيرة للدهشة وحسب الأستاذ في جامعة ساوث كارولينا (شيه تيان) فإن هذه الشراكة مرت بمرحلتين: قامت المرحلة الأولى على استثمار الصين في عهد (جيانغ زيمين) بشكل كبير في تنمية البنية التحتية في أفريقيا من خلال بناء الموانئ والطرق والقواعد الجوية أما المرحلة الثانية فبدأت في عهد الرئيس الحالي (شي جين بينغ) وتمثلت في رهان الصين في القارة الأفريقية على الرقمنة من خلال إنشاء مراكز معالجة البيانات وتطوير مبادرة المدينة الذكية. في عهد (جيانغ زيمين) ركزت الصين على الاستثمار في كل من نيجيريا وأنغولا وإثيوبيا وكينيا وزامبيا وجنوب أفريقيا والكونغو والكاميرون وموزمبيق. ومقابل تطوير مشاريع البنية التحتية وأخرى متصلة بالموارد الطبيعية أقرضت السلطات الصينية الدول الأفريقية مبالغ مهمة (غانا 5.5 مليار دولار، نيجيريا 5.4 مليار دولار، غينيا الاستوائية 2.6 مليار دولار، أثيوبيا وجنوب أفريقيا 2.2 مليار دولار). ويستثمر الصينيون حاليا في بلدان الساحل وجنوب الصحراء وتعتبر شركات التكنولوجيا مثل شركة (هواوي) محرك الاستثمارات "الرقمية" في الصين. وذكرت الصحيفة أنه على مدى السنوات العشرين الماضية زاد حجم التجارة الخارجية بين الصين والدول الأفريقية من حوالي 20 مليار دولار إلى 200 مليار دولار. وتشمل واردات الصين من إفريقيا المعادن والمواد الأولية الأخرى من بينها النفط والبوتاسيوم والنحاس وخامات الحديد والأخشاب. وبعد وصول (شي جين بينغ) إلى السلطة ارتفع حجم الصادرات الصينية إلى أفريقيا مقابل انخفاض حجم الواردات الصينية من هذه الدول ثم توقفت الصين عن التعامل مع أفريقيا كمصدر للمواد الخام وبدأت في مساعدتها على تطوير إنتاجها بما في ذلك إنتاج السلع ذات القيمة المضافة العالية. وأشارت الصحيفة إلى أن تعزيز النفوذ الصيني في أفريقيا أثار غضب الدول الغربية ولعل ذلك ما دفع وزير الخارجية الأمريكي (أنتوني بلينكن) إلى القيام بزيارة غير متوقعة إلى كينيا ونيجيريا والسنغال عشية القمة الصينية الأفريقية واعدا بإنشاء مشاريع من شأنها تعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة. ولم تخف الصحيفة الروسية موقفها الذي قيم سياسات الاتحاد الأوروبي فقالت أن "بروكسل تدشن عصر "الاستعمار الثاني" لأفريقيا". وأضاف كاتب التحليل: "من أجل المساعدة في مكافحة الوباء أرسلت الصين 500 طبيب وخبير في الصحة العامة إلى أفريقيا. ونظرا للانتشار السريع للمتحور الجديد من فيروس كورونا "أوميكرون" في الدول الأفريقية ستعمل الصين على توفير مليار جرعة من اللقاحات للبلدان الأفريقية 600 مليون جرعة منها مجانا وسيتم إنتاج الكمية المتبقية باستخدام التقنيات الصينية في أفريقيا. كما قدمت الصين حتى الآن 136 مليون جرعة من اللقاحات إلى أفريقيا ومن جهتها تعهدت الولايات المتحدة بتقديم ما يزيد عن 17 مليون جرعة من لقاح جونسون آند جونسون إلى الاتحاد الأفريقي. وبناء على ذلك زاد الحديث في أفريقيا عن محاولة الغرب اتباع سياسة "الاستعمار الجديد" من خلال استنزاف الموارد وتبدو مبادرة الاتحاد الأوروبي تحت اسم "البوابة العالمية"، التي يُزعم أنها تهدف إلى تعزيز البنية التحتية في البلدان النامية أشبه بمخطط استعماري فضلا عن كونها محاكاة للمشروع الصيني "طريق الحرير الجديد".

المصدر/ الشرق