كشف تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية لعام 2020 عن تجاوزات خطيرة لدى وزارة الأوقاف والشـؤون الدينية خلال مـوسـم الـحـج 2019م/1440هـ (آخر موسم قبل تعطيل كورونا)، بعضها حرم مواطنين من أداء الفريضة، وأخرى حمّلت الحجاج تكاليفًا إضافية.
وأكد التقرير، الذي تابعته وكالة "صفا"، حدوث تجاوزات في ملفات السكن والتسجيل والقرعة وبعثات الحج واختيار المؤذنين والمرشدين وطلبات الاستبدال والحالات الخاصة والإداريين، عدا عن صرف "إكراميات" لموظفين بخلاف القانون، ووجود مبالغ مستحقة للوزارة ومبالغ مستحقة عليها، وعدم وضوح أساس تحديد مبلغ خدمات الوزارة وشركات الحج والعمرة بالتسعيرة.
وبيّن التقرير وجود خلل في إدارة نظام قرعة الحج الإلكترونية، إذ تم حذف بيانات سجلات المسجلين للحج من النظام الإلكتروني بشكل غير مبرر، وإضافة بيانات مواطنين إلى نظام القرعة قبل استيفاء الرسوم منهم، وحذف سجلات الفائزين بالقرعة الإلكترونية من سجلات التهيئة.
وأوضح التقرير أنه لم يتم إدخال عدد من المسجلين ضـمـن قـرعـة الحج، في وقت تكررت بيانات مسجلين للحج بشكل غير واضح، وأُدخلت بيانات لحجاج ضـمن تصـنيف حجاج معتمدين لم يكن لهم أي سجلات عبر كشـوف انتظار قرعة 2011م.
وأشار التقرير إلى "إدخال بيـانـات لـحـجـاج خـارج فترة التسجيل الممنوحة من الوزارة وقبل إجراء القرعة بعدة أيام، وإدخال بيانات بصـفة فائز بقرعة الحج قبل تنفيذ القرعة، مما يؤثر سلباً على مصداقية نتائج القرعة".
ولفت إلى أنه "لم يتم تسجيل تاريخ منح الفائز بالقرعة وآلية الفوز بها (قرعة إلكترونية، إضـافة حجاج معتمدين، بعثة، موظف إداري) عبر نظام قرعة الحج، الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة التأكد من آلية الفوز بقرعة الحج".
وذكر التقرير أن "الأوقاف" كان لديها "ضعف في ضبط مدخلات نظام قرعة الحج، من حيث رقم الهوية، وتاريخ الميلاد، وتاريخ التسجيل، إذ لوحظ تكرار أرقام الهويات بين الحجاج، وخطأ في تاريخ الميلاد، وخطأ في تاريخ التسجيل الواردة فيه.
ومن خلال تحليل بيانات المواطنين المرشحين لحج عام 2019م، تبين وجود 1050 سجلًا غير واضحة درجـة القرابة بينهم في سجلات وزارة الداخليـة (السجل المدني).
خدمات النقل والسكن
وقال التقرير إنه: "على الرغم من أن الوزارة تمتلك الخبرة الكافية في معرفة عدد الأسرة المتوافرة في فنادق (نوازي وأثير وفندق الأرض المتميزة)، إلا أنه تبين استئجار 661 سـريرًا إضـافيًا عن عدد الحجاج الفعلي المحدد في بروتوكول الحج لسنة 1440هـ".
وأوضح أن التكلفة الإجمالية لهذه الزيادة وصلت إلى 981,585 دينارًا أردنيًا (4.86 مليون شيكل حينها)، مما أدى إلى تحميل الحجاج أعباء مالية إضافية بواقع 240 دينار لكل حاج في فنادق مكة المكرمة.
وأكد التقرير تحميل تكلفة الفندق الذي استخدم كمقر لبعثة الحج على رسـوم الـحـجـاج بـواقـع 195 ريالًا لكل حاج، لافتًا إلى أن كل حاج كان دفع 80 دينار أردنيًا ضـمـن رسـوم الحج بدل خدمات وزارة الأوقاف.
وأضاف التقرير "بالإضافة لذلك فإن ما نسبته (50%) من الأشخاص الذين تم تسكينهم في الفندق المذكور ليسوا من ضمن البعثات المرافقة للحجاج ولا يقع على عاتق الوزارة تأمين خدمات السكن لهم، مما أدى إلى تحمل الحجاج لأعباء مالية إضافية".
وكشف التقرير أيضًا عن استئجار 408 أسرّة إضافية عن الحاجة الفعلية للحجاج في فنادق المدينة المنورة، بتكلفة فائضـة بلغت (602,527) ريالًا سعوديًا (3 ملايين شيكل)، وبالتالي تحميل مبلغ 28 دينارًا أردنيًا إضافيًا لكل حاج.
بعثات موسم الحج
وأشار التقرير إلى عدم وجود تنسيق بين وزارتي الداخلية والأوقاف في تحديد مهام وطبيعة عمل البعثة الأمنية، "مما لا يعطي أو يظهر القيمة المضافة من مدى تواجدهم كأعضاء في بعثة موسم الحج، الأمر الذي لا يمكن من إعطاء حكم دقيق لعدد أعضاء البعثة الأمنية الواجب مشـاركتهم في موسم الحج، لعدم تحديد مهامهم في تعليمات الحج والعمرة".
ولفت إلى "ضعف التنسيق ما بين وزارة الصحة ووزارة الأوقاف بشأن البعثة الطبية، أدى إلى اختيار بعض الأعضاء ضـمن البعثة الطبية لا تتناسب مؤهلاتهم مع طبيعة الأعمال الموكلة إليهم، بالإضافة إلى عدم ربط الاحتياج الفعلي من الأطباء المطلوبين للبعثة مع عدد الأطباء الموفدين مع البعثة، لمعرفة تناسب عدد أعضاء البعثة الطبية لموسم الحج".
وذكر أن البعثة الطبية غادرت أراضـي مكة المكرمة قبل خروج الحجاج منها، "وبالتالي عدم الاستفادة من أعضاء البعثة في حال تعرض الحجاج أثناء السفر لمخاطر صحية، بالإضافة إلى عدم اعتماد توزيع أعضـاء البعثة الطبية على حافلات الحجاج، حيث تم تحديدهم في حافلة نقل واحدة، مما قد يترتب عليـه احتمالية تعرض بعض الحجاج لمخـاطر صحية دون وجود أعضاء البعثة الطبية".
وقال: "وبالرغم من وجود قرار مجلس وزراء بخصوص شراء خدمات السكن بأن يتضمن ممثلين عن وزارة السياحة والآثار ووزارة المالية لشـراء خدمة السكن فقط، إلا أن القرار الإداري الخاص باستلام سكن الحجاج في كل من المدينة المنورة ومكة المكرمة لم يتطرق إلى وجود ممثلين عن هذه الوزارات في لجنة الاستلام، حيث انحصـر أعضاء لجنة الاستلام في وزارة الأوقاف فقط".
وأضاف "كما أن وزارة الأوقاف لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء وما تلاه من قرارات إدارية بالخصـوص، حيث قامت بإيفاد ممثلي وزارتي المالية والسياحة والآثـار وعـددهم اثنان لأداء فريضة الحج تحت مسمى بعثة وزارات، مما أدى إلى تكبد الخزينة العامة للدولة لأعباء مالية نتيجة صرف بدل مهمات عمل رسمية لهم، والتأثير على حصـة الحجاج الذين تقدموا بطلب أداء فريضـة الحج، وتحميل الحجاج نفقات نقل وسكن بعض البعثات التي لا يـوجـد إطـار قـانـوني يتيح لهم المشاركة في موسم الحج.
ملف المؤذنين
وجاء في التقرير أيضًا أنه "لم يتبين ما يشير بأن قوائم المؤذنين المرفوعة للمشاركة في موسم الحج قد خضعت لمعايير الاختيار المنصوص عليها في التشريعات القانونية، حيث لم يتم إرفاق أي مذكرات توضيحية في قائمة المؤذنين المعتمدة تشير إلى آليات الاختيار وأسباب اعتمـاد ورفض قوائم المؤذنين، الأمر الذي من الممكن أن يؤثر على عدالة الاختيار وإيفاد بعض المؤذنين غير المستحقين لأداء فريضة الحج على حساب مؤذنين مستحقين لذلك.
وتابع "بالرغم من أن التعليمات المعتمدة الناظمة للحج تتيح للوزارة إيفاد عدد من المؤذنين سنوياً لأداء فريضة الحج وتغطية كافة النفقات المتعلقة بسكنهم ونقلهم فقط، إلا أن الوزارة خالفت بند (لا يتم صرف مكافآت لهم أو علاوات سـفر وإنما تتكفل الوزارة بنفقات حجهم ورسـوم معابر وأجرة نقل ونفقات السكن في مكة والمدينة والمشاعر)، حيث صرفت ما مجموعه 6,450 دينار بدل إكراميات للمؤذنين، مع العلم بأن هذه المبالغ لم يتم صرفها من موازنة الوزارة، وإنما تم صـرفها من رسوم الحج التي قام الحجاج بدفعها بدل رسوم حج، مما أدى إلى تحميل الحجاج نفقـات مـاليـة إضافية ضمن رسوم الحج يمكن تلافيها".
وأشار التقرير إلى أنه "من خلال مراجعة قائمة المؤذنين المعتمدة لموسم الحج، تبين لنا بأن الوزارة التزمت فقط بالسقف العددي المسموح قانوناً للوزارة ابتعاثه سـنوياً من المؤذنين لأداء فريضة الحج، ولم تمتثل للشـروط الأخرى الناظمة لعملية الاختيار (اختيار بما لا يزيد عن 50 موظف من المؤذنين والعاملين في المساجد وحراس المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي لمرة واحدة فقط خلال خدمتهم)".
وأكدت "وجود بعض الأسماء ضمن قائمة المؤذنين المعتمدة من خارج فئة المؤذنين المنصوص عليها في القوانين والأنظمة والتعليمات".
ملف المرشدين
وأشار التقرير إلى موافقة لجنة الحج والعمرة على بعض طلبات المرشدين لأداء فريضة الحج، دون إبداء الأسباب الداعية لقبولهم في خانة توصيات وقرار اللجنة، كما لوحظ رفض العديد من استمارات المرشدين المقدمة من لجنة الحج والعمرة دون إبداء أسباب الرفض بشكل مكتوب وموثق يبرر ذلك، "مما قد يؤدي إلى الإخلال بمبدأ حسـن الاختيار، ولا يعطي تأكيداً على صـحـة إجراءات الاختيار والرفض بشكل عام".
وأكد التقرير أنه "لم يتوفر قناعة تامة بحسن اختيار المرشدين، حيث لوحظ قيام اللجنة باختيار مرشـدين أدوا فريضة الحج أكثر من مرة ورفض بعض المرشدين مع أنهم لم يؤدوا فريضة الحج نهائيا، بالرغم من انطباق كافة الشروط عليهم، مع التأكيد بأنه حسب تعليمات الحج والعمرة تعطى الأولوية بالاختيار لمن لم يسبق له الخروج مع البعثة الإدارية".
حالات الاستبدال
وذكر التقرير أن "لجنة الحج والعمرة اعتمدت سـتـة معايير بحالات الاستبدال، حيث نص المعيار السـادس على "الموافقة على حالات الاستبدال، وفقا لاحتياجات وضــرورات العمل التي تراها الإدارة العامة للحج والعمرة ضرورية"، وبالتالي فإن من شأن إدراج هذا المعيار كمبرر لعملية الاستبدال أن يمنح السلطة الكاملة للجنة الحج والعمرة باعتماد طلبـات استبدال دون التقيد بضوابط ومسارات محددة، مما نتج عنه اعتماد طلبات استبدال لا تنطبق عليها معايير الاستبدال المعمول بها".
الحالات الخاصة
وقال التقرير إنه: "على الرغم من تبني الوزارة لمعايير اعتماد الحالات الخاصة، إلا أنه ومن واقع محاضر اجتماعات لجنة الحج والعمرة لم يتم إسقاط تلك المعايير على قوائم الحالات الخاصـة والتي تم تزويدنا بها (418 شخصًا)، حيث تم الاكتفاء بإيفاد الأشخاص الموجودين في قوائم الحج والعمرة لتأدية فريضـة الحج، دون أي تدخل من الوزارة بشـأن تلك القوائم، مما يعطي تأكيداً على عدم صـحـة الإجراءات التي رافقت اعتماد تلك القوائم".
ملف الإداريين
وأكد أنه "تم إيفاد إداريي الوزارة بموجـب تكليفات خطيـة صادرة عن الوزير المختص، حيث تم تقسيم الإداريين لعدة مجموعات وفق مهام عمل محددة في تلك التكليفات، دون قيام الوزارة بربط تلك المهام بخطة عمل مكتوبة، كما لا يوجد أسـاس واضح لدى الوزارة يتم الاعتماد عليه في تحـديـد نـسـبـة الإداريين لـعـدد الحجاج، تبرر أن ذلك العدد هو الأنسب لتنفيذ المهام المطلوبة في موسم الحج من الإداريين، مما قد يؤثر على سير أعمـال الإداريين، وبالتـالي ضـعف التخطيط والتنظيم والتنفيذ".
الشؤون المالية
وكشف التقرير عن صرف وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بدل إکرام