تجري الأعمال على قدم وساق في محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، لإنشاء طريق دولي يمتد من شاطئ البحر الأبيض المتوسط مروراً بمناطق وسط سيناء، وانتهاءً بقناة السويس، على يد الأطقم الفنية التابعة للهيئة الهندسية في وزارة الدفاع المصرية. ويحاط هذا العمل الضخم بسرية تامة، إذ يُحظر على المدنيين المرور من تلك المنطقة بشكل كامل، بالإضافة إلى إقامة جدار إسمنتي محيط بالطريق، خصوصاً في المناطق التي تمر بطرق المواطنين والطريق الرابط بين معبر رفح ومدينة شمال سيناء.
ويأتي المشروع الجديد في حين لا تزال أعمال إنشاء خط سكة الحديد لربط شرق قناة بغربها تسير أيضاً بشكل متسارع، ما يشير إلى وجود خطة لرفع مستوى شبكة الطرق والمواصلات في شمال سيناء خلال الفترة المقبلة. كما يأتي ضمن سلسلة من المشاريع الضخمة التي تقوم بها وزارة الدفاع في شمال سيناء خلال الفترة الأخيرة الماضية، شملت توسيع حرم مطار وميناء العريش، وإنشاء محطات كهرباء، والبدء في رفع قدرة الطرقات الرئيسية في المدينة. ويبدو أن هذه المشاريع تلبي متطلبات مخطط لا يمكن الجزم بطبيعته حتى الآن، في ظل غياب المعلومات الرسمية، بينما تزيد الأعمال على الأرض من شكوك المواطنين حول الأهداف المرجوة منها، في ظل سياسة الإهمال المتواصلة لأبسط حقوقهم منذ عقود، والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها خلال السنوات السبع الأخيرة. ويتزامن ذلك مع دفء في العلاقات بين القاهرة وتل أبيب من جهة، وبين القاهرة وحركة "حماس" في غزة من جهة ثانية، ما يجدد الحديث عن تسوية ما تدور في الأفق.
تشهد محافظة شمال سيناء هدوءاً أمنياً غير مسبوق بالتزامن مع هذه المشاريع
وبالتزامن مع هذه المشاريع، تشهد محافظة شمال سيناء هدوءاً أمنياً غير مسبوق منذ اندلاع الصراع بين الأمن المصري وتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لـ"داعش"، ما يسمح باستمرار هذه المشاريع وتطورها. ويطرح سكان محافظة شمال سيناء ومراقبون للوضع فيها تساؤلات أيضاً حول خلفيات وأسباب هذا الهدوء، ومدى ارتباطه المباشر بوجود قرار المضي قدماً بتنفيذ هذه المشاريع والتطورات الإنشائية الكبرى، والتي لم تشهد المحافظة مثيلاً لها على مرّ التاريخ، ورغبة الدولة المصرية في إتمامها في أقرب وقت ممكن من خلال إشراكها آلاف العمال من سكان المحافظة في العمل فيها.
وفي هذا السياق، يتحدث أحد العاملين في مشروع إنشاء طريق البحر - السويس، لـ"العربي الجديد"، عن طبيعة العمل الجاري، قائلاً "إننا نقوم برصف طريق بعرض 55 متراً، وبمسافة طويلة تمتد إلى أكثر من 300 كيلومتر، مع تجهيزه بكامل المستلزمات من ناحية الإنارة والإشارات ووسائط الأمان، ليبدأ من المنطقة البحرية الفاصلة بين رفح والشيخ زويد، ويقطع الطريق الدولي الرابط بين معبر رفح ومحافظة شمال سيناء، مروراً بوسط سيناء، في اتجاه مطار العريش، جنوب مدينة العريش، وامتداداً في اتجاه قناة السويس، حيث أنفاق (تحيا مصر) المحفورة أسفل القناة". ويشرح أن المشروع "تشرف عليه الهيئة الهندسية في القوات المسلحة المصرية، وبمشاركة شركات محلية ذات خبرة في المنطقة، على أن ينتهي العمل به في نهاية عام 2022، وهو يتضمن إنشاء جدار إسمنتي عال في مناطق الكتل السكانية أو الطرق الفرعية في المحافظة، ما يشكل حاجزاً عن رؤية مستخدمي الطريق، دون معرفة أسباب ذلك".
ويشدد المصدر على أن الهيئة الهندسية تولي اهتماماً كبيراً بالمشروع، وكذلك أركان وزارة الدفاع المصرية بأكملها، إذ قام عدد من قيادات الجيش بزيارة مشروع الطريق الدولي، بينهم وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول محمد زكي، وقائد أركان الجيش المصري الفريق محمد حجازي، وكذلك عدد من المسؤولين الميدانيين". كما قاموا، بحسب المصدر، بزيارة المشاريع المجاورة، كمحطة الكهرباء الجديدة التي تعمل بالغاز، وكذلك ورشة إنشاء مدينة رفح الجديدة، وحرم مطار العريش والميناء، بالإضافة إلى تفقد البنى التحتية التي تجري إقامتها في محيط هذه المشاريع الكبرى". وأشار العامل إلى أن التعليمات تؤكد على ضرورة إنهاء العمل في أقرب وقت ممكن، وقبل الموعد المقرر للتسليم، وأن المشروع الحالي سيكون بمثابة نقلة نوعية في حركة النقل والمواصلات في شمال سيناء، إذ يربط البحر المتوسط بالمطار بقناة السويس، فيما سيكون بعيداً في غالب مساره عن المناطق السكنية وحركة المواطنين.
ولطالما أثير الحديث عن مشروع اقتصادي ضخم في سيناء يخدم مصر وقطاع غزة، كجزء لحل أزمة القطاع الفلسطيني المحاصر، من خلال توفير فرص عمل وتوسع جغرافي للقطاع المكتظ بالسكان، فيما تأتي المسارعة في المشاريع في ظل دفء العلاقات المصرية - الإسرائيلية التي أسفرت عن عقد لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت، وفي ظل تحسن لافت وغير مسبوق للعلاقات بين حركة "حماس" التي تدير قطاع غزة والاستخبارات المصرية، كان آخر فصوله لقاء جرى يوم الإثنين الماضي في القاهرة، بين وزير الاستخبارات عباس كامل ورئيس "حماس" إسماعيل هنية ووفد قيادي يجمع كافة أركان المكتب السياسي للحركة، تبعه الحديث عن وعود مصرية بتحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع خلال المرحلة المقبلة.
المصدر/ العربي الجديد