قال الباحث الإستراتيجيّ الإسرائيليّ آدم هوفمان في مقال بموقع “زمان إسرائيل” العبريّ، إن “التقديرات الإسرائيليّة ترى أنّ خطوة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان قد تشجع الهجمات المسلحة ضد إسرائيل، ورغم أنّ صعود حكم طالبان، وهو حدث مهم في جنوب آسيا، ليس حدثًا يمثل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل، فإنّه في الوقت ذاته يُعبِّر عن الاتجاه الإسرائيليّ الأكثر إثارة للقلق ويتمثل في أنّ الانسحاب الأمريكي من كابول يُشكِّل تأكيدًا على الانخفاض المستمر للتدّخل الأمريكي في الشرق الأوسط”.
وأوضح هوفمان وهو رئيس قسم الشرق الأوسط في معهد “ويكي ستارت”، وباحث في تاريخ الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب، أنّ “القراءة الإسرائيلية في الانسحاب الأمريكي ترى أنّه رغم الخلافات الشخصية الصارخة بين مختلف الرؤساء، فإنّ الرغبة بإنهاء الحروب الدموية في الشرق الأوسط، والانسحاب منه، هي السمة المشتركة للرؤساء باراك أوباما ودونالد ترامب وجو بايدن، رغم أنّه سيؤثر، وفق التقدير الإسرائيليّ، على قدرة الولايات المتحدة على محاربة النفوذ الإيراني والقوى الأخرى، وقد يخلق “تأثير الدومينو” على دول الشرق الأوسط، ويغير ميزان القوى الإقليمي على حساب إسرائيل”.
عُلاوةً على ما جاء أعلاه، أكّد الباحث الإسرائيليّ أنّ “الموقف الأمريكيّ شكّل انهيارًا كاملاً لعقيدة الأمن السعوديّ، التي اعتمدت على الولايات المتحدة لضمان أمن المملكة، ولكن بعكس الولايات المتحدة التي يمكنها تحمل تكاليف الانفصال عن الشرق الأوسط، فإنّ إسرائيل معترف بها بالفعل من قبل عددٍ من الدول العربية “المعتدلة” باعتبارها دولة موجودة في المنطقة، كما شهدت السنوات الأخيرة إشادة منها بإسرائيل في ضوء ما تشهده المنطقة من صراعات في إيران وسوريّة والعراق وغيرها من الساحات”، كما قال.
الباحِث الإسرائيليّ أضاف أنّه: “يُمكِن للتقلبات الأمريكية أنْ تلعب لصالح إسرائيل، فقد تقترب السعودية ودول أخرى في المنطقة منها، باعتبارها حليفًا أكثر موثوقية لتأمين مصالحها الأمنية، وتحديدًا في ضوء التصريحات الصادرة في الآونة الأخيرة من نائب وزير خارجية البحرين عبد الله آل خليفة بأنّ التعاون الأمنيّ بين إسرائيل والبحرين ليس سرَّا، ومن المرجح جدًا أنّ التعاون الأمني الإسرائيلي مع الدول العربية الأخرى في المنطقة سيتعمق في الفترة التي تلي إتمام الانسحاب الأمريكي من أفغانستان”.
وأشار إلى أن التقارب المحتمل مع إسرائيل “قد لا يقتصر على الدول العربية “المعتدلة”، فقد يساهم الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وانخفاض التزام الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، بدفع حلف الناتو لتوسيع تعاونه الأمني مع إسرائيل، كل ذلك قد يشير إلى تغيير إيجابي في مكانة إسرائيل الإقليمية، بحيث قد تصبح من اللاعبين الإقليميين، في ضوء أن الولايات المتحدة تواصل تقليص مشاركتها الإقليمية، وترفض التدخل، أو الاستمرار في القتال في حروب أخرى”.
وخلُص الباحِث الإستراتيجيّ-الإسرائيليّ إلى القول إنّ “خطوة الانسحاب الأمريكيّ من أفغانستان قد تدفع المزيد والمزيد من دول الشرق الأوسط للجوء إلى إسرائيل للحصول على شريك أكثر موثوقية، حتى لو لم يؤد هذا التقارب إلى التطبيع الكامل مع السعودية، أو إلى اختراقات سياسية مفتوحة أخرى مع الدول التي تجنبت الاتصال بإسرائيل حتى الآن، لكن هذه الأيام قد تشهد ولادة فرص جديدة لإسرائيل”، على حدّ تعبيره.
رأي اليوم| زهير أندراوس