2024-11-24 08:44 م

قانون "لمّ الشمل" يُفرّق شمل اليمين.. ويُصدّع الائتلاف الحكومي

2021-07-06
بعد دراما متواصلة لنحو 15 ساعة، سبقتها أسابيع من المفاوضات والسجالات، أخفقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة نفتالي بينت في تمرير القانون المعروف بقانون "لمّ الشمل"، والمُقر في عام 2003، ويهدف إلى منع عائلات فلسطينية من طرفَي "الخط الأخضر" من لمّ شملها والعيش معاً في "إسرائيل"، في ظروف حياة طبيعية وحقوق أساسية.

وشكّل هذا التصويت مؤشِّراً على هشاشة الائتلاف الحكومي الحالي، والهوّة السحيقة التي تفصل بين مكوناته، بحيث أخفق في تمديد القانون ستةَ أشهر، وفقاً لتسوية طُبخت في اللحظات الأخيرة، بسبب امتناع عضوين من القائمة العربية الموحدة على التصويت، وتصويت أحد أعضاء حزب يميناً ضد الائتلاف.

ولأن هدف المعارضة برئاسة بنيامين نتنياهو هو إسقاط الحكومة بأي ثمن، لم تصوّت أحزاب المعارضة اليمينية لمصلحة تمديد القانون، على الرغم من أنه ينسجم مع توجهاتها السياسية والأيديولوجية، الأمر الذي أدّى إلى حدوث تعادل في التصويت على التسوية، وهو ما تسبّب بسقوطها. 

وبينما يصف المعارضون للقانون بأنه عنصري وغير أخلاقي، ويتنافى مع القوانين الدولية، يتذرّع المؤيدون له بأمرين: "إعاقته تمَسّ أمن الدولة، وتُخِلّ بهوية الدولة اليهودية". 

ووصف معلّقون سقوط القانون بالضربة القاسية للحكومة، التي فشلت في اختبارها الموضوعي الأول، وبأنه يمثّل صفعة لكتلة "يمينا" التي فقدت عملياً مقعدها السابع.

 قانون "لمّ الشمل"
يُعرَف هذا القانون في الأدبيات الإسرائيلية بقانون "المُواطَنة"، وهو عبارة عن قانون موقّت (قانون طوارئ) يحرم العائلات الفلسطينية، التي أحد الوالدين فيها من الضفة الغربية وقطاع غزة، أو من دول عربية تُعتبر "عدوة"، من "لم الشمل" والعيش معاً في "إسرائيل"، مع حقوق أساسية. وهو القانون الذي سنّه الكنيست للمرة الأولى في عام 2003، كقانون موقّت لعام واحد. ومنذ ذلك العام، يجري تمديده سنوياً لعام إضافي. ولم يكن هناك مشكلة في تمديد القانون، لأن اليمين - قبل أن ينقسم - كان يمتلك أغلبية فورية مطلقة، في كل واحدة من ولايات الكنيست، وفي ظل كلّ الحكومات في السنوات الـ18 الأخيرة.

يُشار إلى أنه على الرغم من سقوط التسوية، فإن هذا لن يغيّر واقع الحال شيئاً، وسيستمرّ حرمان العائلات الفلسطينية من لمّ الشمل، لأن كل طلب على حدة يحتاج إلى موافقة وزير الداخلية. وحالياً، وزيرة الداخلية هي أييلت شاكيد، من حزب "يمينا" المتطرّف.

وبحسب تقارير إسرائيلية، جرى تمرير القانون في البداية بعد دخول نحو 130 ألف فلسطيني "إسرائيل" (داخل الخط الأخضر) عن طريق لم شمل العائلات بين عامي 1993 و2003، بما في ذلك خلال الانتفاضة الثانية.

وتوضح التقارير أن مصدر القلق الرئيسي المُعلَن، في ذلك الوقت، كان الخطر الأمني الذي يشكّله انخراط بعض الفلسطينيين المُجنَّسين في عمليات داخل الخط الأخضر. لكن، كان هناك أيضاً هدف ديمغرافي، وهو هدف أساسي: وفقاً لتقييمات المؤسسة الأمنية، فإن نحو 200 ألف فلسطيني كانوا سيحصلون على "الجنسية الإسرائيلية" أو الإقامة، كل عقد، لولا هذا القانون.

تعادل في التصويت يمنع تمديد القانون
بعد الإخفاق في حشد أغلبية مؤيِّدة لتمديد سريان قانون "لمّ الشمل" سنةً إضافية، كما هي الحال في كل عام منذ 18 عاماً، سقطت التسوية التي "طبخها" الائتلاف الحكومي في اللحظة الأخيرة، وذلك بعد أن امتنع عضوا كنيست من القائمة العربية الموحدة عن المشاركة في التصويت، وصوّت عضو كنيست من حزب "يمينا" ضدّ القانون، الأمر الذي أدّى إلى حدوث تعادل بين المؤيدين والمعارضين للتسوية القاضية بتمديد سريان القانون ستةَ أشهر فقط، بحيث أيّد التسوية 59 صوتاً وعارضها 59، الأمر الذي يعنى سقوطها، على الرغم من عدم حاجتها إلى أغلبية 61 صوتاً. 

وحيال تمرير تمديد سريان القانون، الذي من المُفترض أنّه يحظى بإجماع صهيوني، اصطدم ائتلاف بينت – لبيد بعقبتين: الأولى المعارضة من اليمين الاستيطاني، بقيادة "الليكود"، الذي اختار أن يجعل القانون ورقة سجال داخلية؛ ثانياً معارضة حزبين من داخل الائتلاف الحاكم، هما "ميرتس" و"القائمة العربية الموحَّدة". 

ما تقدَّمَ جعل الساعات القليلة الماضية حافلة بالضغوط الائتلافية التي تركّزت على كتلتي "القائمة العربيّة الموحّدة"، و"ميرتس"، وهما رفضا تمديد سريان القانون، كلٌّ لأسبابه. وفي النتيجة، انقسم تصويت النواب العرب داخل الائتلاف، سواء في كتلة "القائمة العربية الموحدة"، أو الأحزاب الصهيونية الأخرى، بين مؤيّد وممتنع عن التصويت. في المقابل، صوّت عضو الكنيست، عميحاي شيكلي، من حزب "يمينا" ضدّ توجهات الائتلاف و ضدّ توجّهات حزبه، الأمر الذي طرح أسئلة بشان مصير بقائه في الائتلاف. 

وخلال الأيام الماضية، أعلن عدد من أعضاء الكنيست، من كتلة "ميرتس"، رفضهم تمديدَ القانون، إلى أن صدر موقف رسمي من رئيس الحزب، نيتسان هوروفيتش، معلناً رفض كتلته تمديد قانون الحرمان من لم الشمل، كرد على قرار رئيس حكومته تثبيت البؤرة الاستيطانية "أفيتار"، في جبل صبيح وسط الضفة الغربية. 

المعارضة: إسقاط الحكومة أولوية عُليا
ما يسترعي الانتباه في كل هذه الدراما، هو موقف المُعارضة برئاسة بنيامين نتنياهو، التي آثرت أن تستغل هذه الورقة "لفركّ أُذن" رئيس الحكومة بينت، وإحراجه تمهيداً لإسقاطه. وعلى الرغم من أن من الطبيعي أن يؤيّد حزب "الليكود" وسائر أحزاب المُعارضة تمديدَ القانون، انسجاماً مع توجهاتهم الأيديولوجية، والسوابق التاريخية، فإن كتل المُعارضة أعلنت أنها لن تصوّت لمصلحة تمديد القانون، ولن تؤمّن شبكة أمان للائتلاف، على الرغم من كل الديباجات التي وضعتها فيما مضى بشأن القانون، من قبيل أنه يمنع "حق عودة غير مباشِر للفلسطينيين"، وأن عدم إقراره "يشكل خطرا على يهودية إسرائيل".

وبينما طلب رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت أن يشكّل التصويت منح ثقة للحكومة، طلب رئيس حزب "شاس"، أرييه درعي، أن يشكل التصويت حجب ثقة عنها، ومطالبتها بسن "قانون الهجرة" الجديد، الذي يطرحه "الليكود"، والذي من شأنه أن يفجّر خلافات داخل الائتلاف الحاكم، إلاّ أن الحكومة لم تسقط لأن حجب الثقة عنها يحتاج إلى أغلبية 61 عضو كنيست.

وفي إطار مناوراته الداخلية، طرح "الليكود" سابقاً شرطاً على الحكومة مفاده أنه مستعد لتمرير القانون عاماً إضافياً، شرط أن توافق على مشروع قانون "الليكود": "قانون أساس الهجرة". وهو قانون يستهدف المهاجرين بصورة مخالفة لقوانين الاحتلال الإسرائيلي، من أفريقيا ودول أخرى. وهم، بحسب التسمية الإسرائيلية، "متسللون". ويلقى هذا القانون معارضة مبدئية من كتلتي "العمل" و"ميرتس" المشاركتين في الائتلاف. يشار إلى أن أطراف الحكومة اتَّفقت فيما بينها على تأجيل كل القوانين الخلافية إلى ما بعد مرور عام كامل على تشكيل الحكومة.
(الميادين)