2024-11-24 04:41 م

حكومة الكيان الإسرائيلي.. وجوه جديدة وسياسة عدوانية ثابتة

2021-06-14
ربما تكون الحكومة الإسرائيلية التي يجري تشكيلها حاليا من أقصر الحكومات عمراً في تاريخ الكيان المحتل، إذا اجتازت اختبار التصويت بالثقة بالكنيست، فقد تم الاتفاق على تشكيل هذه الحكومة الائتلافية من ثمانية أحزاب متناقضة الأفكار والرؤى والأيديولوجيات، بعد أربعة أسابيع ومخاض عسير من المفاوضات والمساومات التي استمرت حتى الساعة الأخيرة قبل منتصف ليل الخميس الماضي، أي قبل دقائق من انتهاء فترة التفويض الممنوحة لرئيس حزب /هناك مستقبل/ يائير لبيد، لتشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد أن فشل رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة على ضوء نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة التي جرت في مارس الماضي.
ولم يكن ممكنا لهذا التحالف أن يرى النور لولا دعم وموافقة حزب القائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس، وله أربعة مقاعد بالكنيست، على الانضمام لهذا الائتلاف الهجين الذي اضطرّ لبيد من أجل بنائه إلى توقيع اتفاقات منفصلة مع الأحزاب السبعة المنضوية فيه، والتنازل عن منصب رئيس الوزراء لرئيس حزب /يمينا/ اليميني نفتالي بينيت خلال أول عامين من ولاية الحكومة ومدتها أربع سنوات، وفي هذه الفترة سيكون لـ لبيد نائبًا له بمهام رئيس الوزراء ووزيراً للخارجية وذلك لمدة عامين، على أن يتولى لاحقًا بينيت وزارة الخارجية.
وعلى التحالف الجديد أن يتغلب على عقبة أخرى الأسبوع المقبل، هي اجتياز التصويت بالثقة في الكنيست دون أن ينشق أي من أعضاء هذا التحالف الهش، وقد أعلن رئيس الكنيست ياريف ليفين أنه سيحدد اليوم موعداً للتصويت على الثقة بالحكومة وفقًا للقانون، لكنه طالب زعيمي التحالف الحكومي يائير لبيد ونفتالي بينيت بعرض الاتفاقيات الائتلافية المبرمة، وقال إنه يجب إجراء نقاش عام بشأن تفاصيل الاتفاقيات ليتسنى للنواب معرفة طبيعة الحكومة قبل التصويت عليها بالثقة.
وكان لبيد قد اتهم رئيس الكنيست بالمماطلة، وطالبه بالالتزام بالقانون والإعلان عن موعد قريب يتيح له عرض الحكومة لنيل الثقة، وترجح مصادر إسرائيلية أن يؤخر لافين عرض الحكومة للثقة حتى يوم الاثنين من الأسبوع القادم، وذلك لإتاحة المجال أمام زعيم حزبه نتنياهو لمواصلة محاولاته لاصطياد منشقين من داخل أحزاب اليمين المشاركة بالتوليفة الجديدة، على أمل أن يفقدها ذلك الأغلبية البرلمانية المطلوبة، وبالتالي التوجه إلى انتخابات جديدة.
قد تكون هناك اختلافات وفروق طفيفة بين أطراف التوليفة الحكومية التي وصفت بأنها حكومة التغيير، ولكن جميع الأحزاب الإسرائيلية المنضوية تحت لوائها، مع استثناءات طفيفة في أقصى اليسار، تشترك إلى حد كبير بنفس الإيديولوجية التي تعارض قيام دولة فلسطينية وتدعم الاستيطان والمستوطنات والمستوطنين، فرؤساء خمسة من أحزاب الائتلاف الثمانية شغلوا سابقاً مناصب وزراء بحكومات نتنياهو وبعضهم أكثر تطرفا منه، ورئيس الوزراء المرتقب نفتالي بينيت هو رئيس الأركان السابق بعهد نتنياهو، وزعيم المستوطنين السابق الذي يرفض صراحة قيام الدولة الفلسطينية.

وفي أول لقاء تلفزيوني له بعد توقيع اتفاق الائتلاف الحكومي، قال نفتالي بينيت إن حكومته لن تجمّد الاستيطان بالضفة الغربية، حتى وإن تعرضت لضغوط أمريكية، وأضاف بينيت أن حكومته ستشن ما أسماه "عملية عسكرية على غزة أو لبنان إذا اقتضت الحاجة"، مستبعداً أن يؤدي استناد حكومته المحتملة إلى القائمة العربية الموحدة للحيلولة دون ذلك، حتى وإن أدى الأمر لسقوط التحالف الحكومي والذهاب لانتخابات جديدة ستكون الخامسة خلال عامين.
ويقول مراقبون سياسيون إن الحكومة المرتقبة ولدت من قلب التناقض والشكوك، لا يجمع أطرافها سوى الرغبة بإسقاط نتنياهو، ويتفقون على وصفها بحكومة الشلل بكل الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، فضلا عن الملفات الداخلية، كما أنها حكومة معطلة في حالة حرب مع نفسها، وستكون حكومة أقلية يمزقها الانقسام الشديد والخلافات السياسية العميقة الجذور بين أطرافها وستكون أقل استقراراً من غيرها من حكومات الكيان، ولن تكون قادرة على إدخال تغييرات جوهرية على السياسات الإسرائيلية، ومن الواضح أنها ستوافق مسبقًا على ترك القضايا الصعبة جانباً، على الأقل خلال العامين الأولين.
لكن الشلل السياسي الإسرائيلي لا يعني إلا تعميق الاحتلال عمليا بما في ذلك الضم الزاحف وانتشار المستوطنات على حساب الأراضي والحقوق الفلسطينية بحيث لا يبقى ما يمكن التفاوض بشأنه وتنعدم احتمالات حل الدولتين.
وستكون الحكومة الجديدة، إذا أدت بالفعل اليمين بوقت ما خلال الأيام المقبلة، أول حكومة إسرائيلية لا يكون فيها رئيس الوزراء هو نفسه الذي حصل بالفعل على التفويض لتشكيل الحكومة، ومن المرجح أن تتولى ثماني نساء مناصب وزارية فيها، مثل المواصلات والداخلية والتربية والتعليم و الاقتصاد، وستضم وزيرا عربيا، وهو وزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج من حزب /ميرتس/، ووزيرة من أصول إثيوبية، وهي تامانو شطا، أما القائمة العربية الموحدة فليس لها وزراء بالحكومة المرتقبة، لكنها ستدعمها خلال التصويت بالكنيست.
وقد انتقدت الأوساط العربية بفلسطين المحتلة مشاركة القائمة العربية الموحدة بحكومة لا تلتزم بوقف التطهير العرقي في القدس الشرقية المحتلة والانتهاكات والاستفزازات بالمسجد الأقصى، وقالت إن هذه المشاركة خطيئة تضفي الشرعية على سياسة التنكّر لحقوق الشعب الفلسطيني.
ويضم الائتلاف الجديد 61 من أعضاء الكنيست، وهي أقل أغلبية ممكنة بالكنيست المكون من 120 مقعدا، ويمكن لمنشق واحد أن يطيح بالتحالف الجديد ويخرجه عن مساره، ليترك رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو بالسلطة.
وقالت صحيفة /جيروزاليم بوست/ الإسرائيلية إن الرابط المشترك الوحيد بين الأحزاب المشاركة بالحكومة الجديدة وهو الإطاحة بنتنياهو من رئاسة الحكومة لن يكون كافياً لبقائها قائمة، وتعتقد الصحيفة أن لدى هذا التحالف فرصة للتغيير كونه يضم مجموعة من الأحزاب من اليمين واليسار والأحزاب الدينية والعلمانية واليهودية والعربية، لكنها تحتاج أولا / حسب الصحيفة /لحزم طموحاتها وأيديولوجياتها مؤقتًا وتخزينها خارج القاعة، غير أن ذلك لن يكون ذلك سهلاً وربما يكون مستحيلا.