2024-11-25 10:45 م

«السعودية - ليكس»: وثائق التحالف الاستراتيجي الخليجي - الاميركي

2021-05-09
ابراهيم الأمين| دعاء سويدان| ملاك حمود

لم يوفّر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، أيّ وسيلة لتحقيق ما يرى أنه مفيد لاستراتيجيته «أميركا أوّلاً». منذ زيارته الأولى للرياض، كانت تَعِنّ له فكرة إغراء «الحلفاء» بتشكيل جبهة تحاكي مخاوفهم من «العدو الإيراني»، وتَصلح في الوقت نفسه للتخفّف من أعباء تحدّيات بات على هؤلاء التعامل معها بدرجة أكبر من الاعتماد على النفس، توازياً مع استمرار «حلبهم». رؤية لم يتأخّر ترامب في بدء ترجمتها؛ إذ لم تكد تمرّ أشهر على زيارته، حتى انطلق فصل جديد من «الاستعراض» الأميركي تحت شعار «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» أو «الناتو العربي».
حصل ذلك في خضمّ حملة «الضغوط القصوى» على إيران، والتي جاء إعلان نيّة تشكيل التحالف المذكور ليضيف عامل تهويل متعدّد الأبعاد إليها. بدت السعودية، آنذاك، الأكثر حماسة لمشروع من هذا النوع، هي التي «آمنت» باستراتيجية ترامب، ووضعت كلّ بيضها في سلّته. لكن وقائع من الاجتماعات المكّوكية التي رافقت خروج الحديث عن «الناتو العربي» إلى العلن، والتي تنشر «الأخبار» تفاصيلها في ما يلي، تُظهر كم أن الرياض «كبّرت» آمالها بما يخالف الواقع، فيما يتبيّن عمق الخلافات بين الأطراف الذين أريد تكوين جبهة موحّدة للدفاع عنهم. في التفاصيل، يتأكّد أن أحد الأهداف الرئيسيّة لـ«ميسا» كان تعديل منظومة «الحماية» لأمن الخليج على قاعدة ترامب الشهيرة: «يجب أن يدفعوا»، فضلاً عن تحصيل المزيد من صفقات الأسلحة من تلك الدول، وهو ما تتمّ الإشارة إليه بصراحة في المقترح الآتي من البيت الأبيض، والمُفصّل في وثيقة سعودية سرّية بتاريخ 4 تموز 2019، حيث يرد أن على الأطراف كافة «تعجيل صفقات التسليح مع الولايات المتحدة، والالتزام بإبرام صفقة عسكرية لنظام إقليمي مشترك للإنذار المبكر ضدّ الصواريخ الباليستية». كما يرد أن الاتفاقية المتوقّعة «لا تُلزمنا (أي الولايات المتحدة) باتّخاذ أيّ إجراء عسكري في حال حصول اعتداءات». من هنا، رأى الجانب السعودي أن «هذا التصوّر يحقّق فوائد مهمّة للولايات المتحدة دون أن يفرض عليها أيّ أعباء تُذكر، في الوقت الذي يحقّق فيه فوائد محدودة للغاية للدول الأخرى، ومنها المملكة». اللافت، أيضاً، إلحاح السعوديين، ومعهم الإماراتيون والبحرينيون، غير مرّة، على ضرورة جعل مواجهة إيران و«أذرعها» المحور الرئيسيّ لعمل التحالف المنشود، وكأنهم كانوا متشكّكين في نيّات الأميركيين من وراء «الناتو العربي». تشكّكٌ تنبئ به أيضاً مطالبتهم بـ«ضمان عدم تأثير هذا الحلف على تنويع مصادر منظومات الدفاع أو على الاتفاقيات الثنائية القائمة العالية السرية مع الدول الأخرى»، وذلك في إطار سياسة «التحوّط الاستراتيجي» التي يتّبعونها منذ زمن.
أمّا على ضفة دول الخليج الأخرى، فقد ظهر موقف كلّ من عُمان والكويت أقرب إلى المسايرة منه إلى الانخراط الجدّي، مثلما يوحي قول رئيس وفد عمان: «نعم نحن مع الشق الاقتصادي وليس العسكري»، أو طلبه «تغيير كلمة التحالف إلى تجمّع أو منتدى أو اتحاد أو مبادرة»، وكذلك حديث الجانب الكويتي عن أن «لدينا إجراءات دستورية ملزمة». وبالنسبة إلى الجانب القطري، يَظهر، كما العادة، حريصاً على مناكفة السعوديين، ولا سيما بتأكيده أن استمرار الأزمة الخليجية يُعدّ واحداً من التهديدات التي تعترض تشكيل المشروع. الأكثر بروزاً هو موقف مصر، التي لم تَدم مشاركتها في الاجتماعات التأسيسية طويلاً، إذ سرعان ما انسحبت منها بعدما دعت إلى «التركيز على الجانب السياسي أكثر»، مشدّدة على ضرورة أن «نفرّق بين الجماعات المسلّحة والجماعات الإرهابية». وفي ما يتّصل بالموقف الأردني، يمكن القول إنه جاء متّسقاً مع وضع المملكة المسكونة دائماً بهاجس انقطاع «المساعدات» عنها؛ إذ ظلّ التشديد على أهمية الركيزة الاقتصادية ــــ خلافاً للموقف السعودي ــــ محوراً رئيسيّاً لرسائل عمّان طوال فترة الاجتماعات.
كلّ تلك التباينات كانت كفيلة بتطيير المشروع الذي لم يُعمّر طويلاً، شأنه شأن عرّابه ترامب، الذي سرعان ما غادر البيت الأبيض، ليَخلُفه جو بايدن، وتنفتح صفحة جديدة في المنطقة، لم تجد السعودية بدّاً، أخيراً، من التعامل معها، وفق ما تنبئ به التحوّلات المستمرّة في سياسات المملكة.
التحولات الظاهرة الآن في سياسات الرياض لا تعني تخلياً عن «الأهداف الوجودية» التي ظهرت في أوراق المقترحات السعودية ومواقف ممثليها الى جانب الإمارات والبحرين. هذا البناء الذي بدأ العمل به فعلياً قبل وصول ترامب الى الحكم في أميركا، لن يكون خارج اهتمامات أي إدارة أميركية جديدة، لكن قد لا يحتل مكانة متقدمة في أولويات أميركا، وهو ما ينزله حكماً درجات في سلّم أولويات دول المنطقة، وعلى رأسها السعودية التي دخلت الآن في مرحلة «تصفير التوتر»!


1 - المقترح الأمريكي

هنا الخطوط العريضة للمقترح الأمريكي المتعلق بتأسيس التحالف، كما ظهر في وثيقة سعودية سرية بتاريخ الخميس 1 ذو القعدة 1440 هـ/ 4 يوليو 2019م.

الهدف الرئيس:
«بناء المؤسسات لخلق قوة ضد العدوان الإيراني، والإرهاب والتطرف، وتعزيز النمو والتنوع الاقتصادي»

الأهداف الفرعية للتحالف:
• أن يصبح الشرق الأوسط حصناً منيعاً أمام أي قوى معادية.
• أن يصبح الشرق الأوسط بيئة لا تمكن الإرهابيين الجهاديين من العيش فيها.
• أن تسيطر الاقتصادات القوية المترابطة والحكومات المستقرة على المنطقة.
• إنشاء سوق قوية للقطاع الخاص في دول التحالف.
• تعزيز استقرار أسواق الطاقة العالمية.
• رفع القدرات العسكرية والتكامل العسكري بين القوى الإقليمية، وقوى الأمن الداخلي،
وأجهزة الاستخبارات.
• الدفع نحو تكامل اقتصادي أقوى.
• تزويد الدول الأعضاء في التحالف بأحدث المنظومات الدفاعية الأمريكية.
• توفير التدريب والتسليح للدول الأعضاء بطرق فريدة.

مسار تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي (ميسا MESA) لمكافحة الإرهاب:
يسعى تحالف ميسا الدولي لتحقيق النتائج النهائية التالية:
• ردع أو منع الدول الراعية للإرهاب والداعمة لجماعات إرهابية من استخدام العنف وتقويض قدرتها ورغبتها في إستعمال الإرهاب لزعزعة استقرار الشرق الأوسط.
• القضاء على التهديد الناتج من الجماعات الإرهابية غير الدولية.
• تقليص وصول الإرهابيين للمواد والموارد المالية ومنع قدرتهم على عبور حدود دول تحالف (م