2024-11-27 07:40 م

“الإخوان” إلى أين المفر: تركيا من أمامهم ومصر من ورائهم!

2021-04-19
يتهيأ “الاخوان المسلمون” لدخول مرحلة جديدة، في ظل بوادر مصالحة تركية مصرية ترتفع حظوظها بعد سنوات من القطيعة، وكان المبادر إليها، في أيلول/ سبتمبر الماضي، الجانب التركي الذي وجّه سلسلة رسائل دافئة إلى الجانب المصري، بلغت ذروتها مع القرار التركي القاضي بإجبار المحطات المعارضة المصرية التي تبث من أراضيها وقف أي هجوم على النظام المصري ورئيسه، وهو ما يمثل نقطة تحول في الصراع بين الدولتين، سرعان ما وجد ترجماته في التسوية الليبية التي كان المصريون والأتراك شركاء فيها على حساب الفرنسيين، كما في استبعادها مصر منطقة الجرف القاري (التي تدعي تركيا ملكيتها) من تعاقدها مع شركات التنقيب في المنطقة الاقتصادية الخالصة لها في شرق البحر المتوسط. هذا التفسير، وإن كان يحفظ ماء وجه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ولا يظهره بمظهر المهرول، إلا انه تفسير حمال للأوجه، فاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، لم تتضمن منطقة “الجرف القاري”، حيث اكتفى الطرفان بتوقيع اتفاق جزئي خاص بهما، تاركين المناطق المتنازع عليها مع الجانب التركي إلى جولات مقبلة. وعليه، فإن ما فعلته مصر لا يعدو كونه تحرك في نطاق اتفاقها المبرم مع اليونان في تشرين الأول/ أكتوبر 2020. أما التفسير الثاني، فهو أن أردوغان يسعى لاستمالة مصر لتوقيع اتفاقية ترسيم حدود بحرية معه، مثل تلك التي وقعها مع حكومة الوفاق الليبية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، وبذلك تعزز تركيا موقفها في مواجهة قبرص واليونان، بعدما جرى إقصاءها عن منتدى غاز شرق البحر المتوسط، الذي يضم كلاً من: مصر، الأردن، فلسطين، إسرائيل، اليونان، قبرص وإيطاليا. ولا يمكن للتقارب التركي المصري إلا أن يوضع في ميزان التغيير الذي حصل في الولايات المتحدة مع وصول الديموقراطيين الى البيت الابيض، ففي الوقت الذي يعاني أردوغان من ضغوط أوروبية، يأتي بايدن إلى الحكم محملاً بكل تلك النقاط السلبية لأنقرة سواء في ما يخص صفقة صواريخ اس 400 الروسية، أو معارضة تركيا لدعم التحالف الدولي لقوات سوريا الديمقراطية لمحاربة الإرهاب في شمال سوريا. والاهم من ذلك كله الموقف الذي يتخذه فريق جو بايدن من قضايا حقوق الإنسان في تركيا. انتخاب بايدن المتزامن مع تزايد وتيرة الضغوط الأوربية على أنقرة، والاقتصاد التركي المتدهور، وتردي العلاقات التركية مع العواصم العربية الفاعلة، يشي بأن أردوغان يبحث عن حلفاء جدد، شرقاً وغرباً. فهل قرر جعل جماعة “الإخوان” كبش فداء خيار التهدئة مع كل من القاهرة والرياض؟ نعم على الأرجح، فهذا الخيار يؤمن له مكاسب عدة في حال تطوره، وصولاً إلى تشكيل حلف غير معلن مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث أن الثلاثة يقفون على مسافة واحدة من إدارة بايدن. وبعدما كان دعم أنقرة لـ”الإخوان المسلمين” خلال ما يسمى “الربيع العربي” متناغماً مع إدارة أميركية ديموقراطية، كانت تسعى إلى تعميم النموذج التركي في العالم العربي السني (سوريا ومصر وتونس وليبيا)، فإن ما أصاب هذا التنظيم من ضربات وصولاً إلى إدارج تنظيمات محسوبة على “الإخوان” مطلع هذه السنة في لوائح الإرهاب الأميركية، أدى إلى إرباك التنظيم نفسه الذي بات يشعر بأن الخناق يضيق حوله أميركياً وأوروبياً وعربياً (بإستثناء قطر)، وبالتالي بات عليه أن يكون أكثر واقعية وأن يتخلى عن فكرة السلطة سواء في مصر أو في غيرها من الدول.
المصدر: بوست 180