لم يكن ناصر القدوة لينتظر قرار اللجنة المركزية لحركة فتح بفصله من أجل بدء العمل على تشكيله الجديد الذي أعلن أنه سيخوض الانتخابات التشريعية القادمة به؛ فقد بدأ العمل به منذ إعلانه الأول عن خلافه مع توجهاتها، ما يشي بأن للرجل خطواته المحسوبة.
القدوة قال في بيان قبل أيام تعقيبًا على قرار فصله: إن "القرار الذي اتخذته الجهة المتنفذة في اللجنة المركزية والمؤرخ بتاريخ 8.3.2021 يثير للحزن والشفقة على ما آلت إليه الأمور في حركتنا، دون أي احترام للنظام الداخلي والمنطق السياسي أو التاريخ والتقاليد المتعارف عليها".
ولئن كان قرار مركزية فتح متوقعًا كأي تنظيم سياسي لا يقبل أن يبقي بين أعضائه فكيف بين قياداته رجل يعمل على تشكيل كتلة موازية ومنافسة له وخارج أطره وتوجهاته وهي الملتقى الديمقراطي؛ إلا أنه ومن الناحية التاريخية فإن الدخول والخروج من فتح أمر معتاد ومعياره القوة والنفوذ.
لذا؛ فإن التساؤل حول إدراك الرجل كيفية بقائه وعودته لحركته، وإذا ما كان يعرف كيف يكون قويًا من خلال فرض حضور كتلته في عدد المقاعد التي ستحصل عليها في الانتخابات التشريعية القادمة.
وكان القدوة أعلن منذ أيام عن التوافق على تشكيل الملتقى الوطني الديمقراطي الفلسطيني، على أن يتفق الملتقى في وقت لاحق على تشكيل قائمة لخوض الانتخابات التشريعية القادمة.
مصادر مطلعة تقول لـوكالة "صفا" إن القدوة يعمل بشكل نشط في كافة المحافظات ومنذ أسابيع، أي قبل القرار، ما يعني أنه كان ينتظر القرار بالفصل ويتوقعه، إضافة إلى أن تحركات من يناصرونه بدأت تظهر في مختلف المناطق وبتمويل منه، ما يشير إلى أنه يحظى بدعم مالي جيد.
وتشير المصادر إلى أن جزءًا ممن بدأوا بالعمل مع القدوة في بعض المناطق يعملون أيضًا مع كتل أخرى، ما يشير إلى ظاهرة "سماسرة الانتخابات" الذين يلعبون على أكثر من دف ويستغلون كل موقف من أجل مصالحهم.
ولم يلبث قرار مركزية فتح طويلاً بعد صدروه بفصل القدوة حتى بدأت الانتقادات العلنية له تظهر من قيادات وكوادر الحركة باتهامه بشق الصفوف وإضعافها قبل أهم مفصل انتخابي للحركة منذ 15عامًا، ولكن آخرين التزموا الصمت، ما يوحي إلى حالة من الانقسام بين صفوف كوادر فتح حول التعاطي مع القرار.
القدوة عقد أول اجتماع موسع له عبر تقنية "زووم" ضم أكثر من 230 من القيادات الشابة والنساء والأكاديميين، ورجال أعمال والقطاع الخاص وقيادات فتحاوية من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والخارج.
يعتبر من الشخصيات المحسوبة على التيار "العرفاتي" في حركة فتح، لكن ذلك أيضًا ليس مكتمل الأركان، فمسألة النسب ليست كافية من الناحية السياسية، إذ أن فتح تنظر لمروان البرغوثي لا لناصر القدوة كممثلٍ حقيقي لذلك التيار، فيما لا يصنف القدوة ضمن تيار البرغوثي تاريخيًا.
وتوضح المصادر لـوكالة "صفا" أن انعطافة القدوة الأخيرة باتجاه البرغوثي لم تلق اهتمامًا كافيًا من تيار مروان رغم مناشدات القدوة لأن البعض اعتبرها صحوة انتخابية كمن تذكر مروان قبل الانتخابات، فيما تيار البرغوثي مهمش منذ سنوات طويلة وتم إقصاؤه من مركزية فتح منذ المؤتمر السابع للحركة قبل سنوات.
ومع أن حظوظ القدوة ليست كبيرة في فتح؛ أي لا يُتوقع أن يحصد معه أصواتًا كثيرة منها؛ إذ ليس له الحضور القوي كما بعض أقطاب المركزية، ولا يمكن مقارنة حضوره بالبرغوثي؛ إلا أن الانطباع الأولي من الأسماء التي بدأت تبرز في كتلته الجديدة لها حضورها وعمقها الاجتماعي ما قد يفسر بعدم الاستهانة بالرجل الذي قد يلقى أيضًا حضورا لدى أطر اجتماعية ومستقلين خارج إطار فتح.
المصدر/ وكالة صفا