"كالمجانين كنت أبحث عن جرة اكسجين لوالدتي عندما يحدث انقطاع أو نقص فيه"، " أن ترى والدتك غير قادرة على التنفس في حين انه لا يمكنك أن تفعل شيئا لها، آنذاك تتمنى أنك لو لم تخلق ولم تشاهد عيناك كل هذا الوجع".
بهذه الكلمات وغيرها عبّر شادي أبو خليل، عن اللحظات الصعبة التي عاشتها والدته أثناء انقطاع الاكسجين عنها في مجمع فلسطين الطبي، حيث ترقد فيه للعلاج من فيروس كورونا، الذي أفقدها القدرة على التنفس.
يقول أبو خليل لبرنامج "شد حيلك يا وطن"، الذي تقدمه ريم العمري: أرافق والدتي منذ 20 يوما، ومهما حاولت أن أعبر بالكلمات عن حالة الرعب التي كنت أعيشها جراء توقف الأكسجين أو نقصه خلال هذا الفترة، فلن أستطيع.
أبو خليل رد على وزيرة الصحة وغيرها من المسؤولين الذين نفوا قطعا حدوث أي توقف في محطات الاكسجين او انقطاع عن المرضى، قائلا: من يقول إن الأكسجين لم ينقطع عن المرضى غير صادق، لأن الأكسجين انقطع مرة ومرتين وثلاثة وأربعة، وكنا نحن والطواقم الطبية نجول المشفى ركضا ونحن نحاول البحث عن جرات أكسجين تزود المرضى به أثناء فترة انقطاعه.
واكد أبو خليل أيضا حدوث مضاعفات لدى عدد من المرضى، جراء انقطاع الاكسجين المتكرر، يقول: بعض الحالات توقف قلبها نتيجة انقطاع الاكسجين وسارع الطاقم الطبي إلى إنعاشها، وإحدى المريضات كانت بحالة صحية جيدة وكانت تتحدث مع أولادها بالفيديو وعندما انقطع عنها الاكسجين دخلت في حالة غيبوبة ولا تزال فيها.
وقال: كنا نراجع الطاقم الطبي ونسألهم عن أسباب انقطاع الاكسجين فيقولوا تحدثنا مع الصيانة وحين نراجع الصيانة كان يردون بكل برودة أعصاب أن هذا ضغط على محاطات التوليد والمحطات ترتاح لفترات ثم تعود للعمل.
وأضاف: ولكن اللحظة التي يرتاح فيها الجهاز يحدث مضاعفات كبيرة لدى المرضى، الذين هم بالأساس يعانون من التهابات رئوية حادة، بالتالي الأكسجين لا يصل الى جميع جسمهم، فكيف إذا كان هناك أيضا عامل خارجي يمنع عنهم الاكسجين؟
وأشار أيضا إلى أن الكهرباء انقطعت عن قسم كامل في العناية المكثفة، ولكن لحسن الحظ أن والدته كانت على جهاز يعمل على البطارية، بالتالي لم يتوقف.
وتساءل كيف يريد المستشفى أن يفتح مستشفى ميداني ويضيف خمسين سريرا، في حين الاكسجين الموجود غير كافي للمرضى الحاليين!
وقال: أخلاقيا كل مسؤول عليه أن يعترف بخطئه، لا أن يدافع عنه، مشيرا إلى أن والدته في العناية المكثفة حاليا، بالتالي لو انقطع الأكسجين عنها لا يستطيع معرفة ذلك، كونه ممنوعا من التواجد بقربها.
من جهته قال المواطن محمد الحلو، والذي توفيت والدته قبل ثلاثة أيام بفيروس كورونا أن هناك إهمالا كبيرا بحق مرضى كورونا في مجمع فلسطين الطبي، ومن يراقب وضع المرضى ويتابعه هم متدربون غير مؤهلين للتعامل مع مثل هذا الوضع الخطر.
من جهتها، قالت لينيت قاصد، والتي ترقد والدتها حاليا في العناية المكثفة بمجمع فلسطين الطبي، إن والدتها كان وضعها طبيعيا، وكانت قد أخذت دواءها، قبل أن ينقطع الاكسجين عنها الساعة التاسعة مساء يوم الأربعاء الماضي، فتدخل بغيبوبة جراء ذلك.
وأضافت: الأطباء عملوا ما بوسعهم لمنع دخولها الغيبوبة، وبدأوا فورا بالبحث عن أنبوبة أكسجين في القسم ولم يجدوا، فذهبوا وأحضروا واحدة من قسم الطوارئ ولكن حتى استطاعوا تأمين اسطوانة الأكسجين كانت الوالدة قد دخلت الغيبوبة، مقدرةً ان زمن انقطاع الأكسجين عن والدتها قد وصل الى 40 دقيقة.
وتضيف: تم نقل والدتي إثر ذلك لغرفة العناية المكثفة، ولا تزال فيها حتى اليوم، مشيرة إلى أن والدتها كانت قد دخلت المشفى نتيجة مضاعفات كورونا يوم الأحد الماضي.
من جهته عقب مدير مجمع فلسطين الطبي د. أحمد البيتاوي على شكاوى المواطنين لـ"وطن"، وعلى كل ما يثار على مواقع التواصل الاجتماعي حول هذا الموضوع، بالنفي القطعي لتوقف الأكسجين لدى المرضى.
وقال: قد يحدث انخفاض أو نقص في كمية الأكسجين، ولكن من المستحيل أن يتوقف نهائيا، مبينا أن مجمع فلسطين الطبي فيه 5 محطات توليد أكسجين، ولكن نتيجة الضغط على هذه المحطات جراء ارتفاع عدد المرضى المصابين بكوفيد 19، يوّلد عليها الضغط، ويضعف عملها.
وأضاف: إلى جانب ذلك هناك الكثير من المواطنين لديهم أسطوانات أكسجين ويحضرون إلينا ويقومون بتعبئتها، وهذا أيضا يشكل ضغطا على المحطات نتيجة السحب الكبير.
وأكد البيتاوي أن إدارة المشفى حلّت هذه المشكلة من خلال إحضار خزان أكسجين مضغوط يتم ربطه مباشرة مع الأجهزة، عند الحاجة لذلك.
وقال: هذه التقنية السائلة وضعناها عندما زاد الضغط على المحطة، وبالتالي لا يمكن أن ينقطع الأكسجين لدينا بتاتا، وفي حال حدوث عطل في إحدى المحطات يتم تزويد المرضى به من خلال المحطات الأخرى، وفي حال تعطلّت جميع المحطات، يتم تزويدهم بالأكسجين من خلال الخزان.
ودعا البيتاوي الخبراء والمهندسين للحضور إلى المشفى والاطلاع على محطات الأكسجين، مشددا على أن الأكسجين لا يمكن أن ينقطع لديهم على البتة، ولكنه قد ينخفض نتيجة الضغط.
وحول انقطاع الكهرباء، عقّب البيتاوي بالقول إن المشفى فيه 3 مولدات كهرباء، بالتالي لو حدث قطع في الكهرباء يتم التحويل مباشرة إلى المولدات، مشيرا إلى أن جميع أجهزة الأكسجين تظل تعمل لساعتين حتى في حالة انقطاع الكهرباء.
المصدر/ وطن|وفاء عاروري